- 16 يناير 2008
- 603
- 5
- 0
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
بعض أساليب الجدل والاستدلال في سورتي غافر وفصلت
اشتمل القرءان الكريم في جدله على براهين وأدلة ساقها لهداية الخلق
ولإلزام المعاندين في جميع ما هدف إليه من المقاصد التي أراد تحقيقها
وترسيخها في أذهان الناس في جميع أصول الشريعة وفروعها
والجدل القرءاني وإن كان فيه معنى الإلزام والإفحام
إلا أنه اشتمل كذلك على التوجيه والإرشاد إلى طريق الحق والصواب .
ورد الجدل في القرءان على عدة أوجه منها :
ما رد الله تعالى به على الخصوم من الحجج والبراهين .
قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ
وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }الحج/73
وما ساقه من الأدلة لتثبيت العقائد وتقرير قواعد الملة مما جاء على ألسنة رسله وأنبيائه .
قال تعالى:
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ
فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }إبراهيم/4
ومما ألهم به عباده الصالحين من قول بالحق ودفع للباطل .
ما ورد بطريق الحوار ، والقصد منه الاسترشاد وحب الاستطلاع
والنظر للعظة والاعتبار ، أو الترجي والدعاء .
ومن هذا القبيل طلب إبراهيم عليه السلام المعاينة لمعجزة الإحياء بعد الفناء
قال تعالى :
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً
ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة/260
ومنه استفسار الملائكة عن حكمة الله تعالى في استخلاف الإنسان في الأرض
قال تعالى :
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً
قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ
قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة/30
ومن ذلك جدال خولة بنت ثعلبة التي ورد في سورة المجادلة
قال تعالى :
{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ
وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }المجادلة/1
وما يأتي على ألسنة الكفار من الاعتراضات والشبه والدعاوى الباطلة
التي وردت في القرءان وبين بطلانها وما تنطوي عليه من مفاسد
قال تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ
وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }غافر/5
وعلى هذا فإن المنهج الذي سنسير عليه هو اعتبار كل محاورة فكرية تحدث عنها القرءان
داخلة في موضوع : " الجدل والاستدلال "
لأنها وإن كانت بغير لفظ الجدل فهي بمعناه الواسع
وذلك من خلا ل استخراج بعض أساليب الجدل والاستدلال في السورتين الكريمتين المكيتين :
( حم غافر ) و( حم فصلت )
وسأقسم هذه الأساليب إلى موضوعات ، ومن الله تعالى نستمد العون والتوفيق .
" يتبع "