رد: اكتب لنا فائدة استفدتها من يومكـ
فائدة استفدّتها من أحد إخواني البارحة
تمثّل سورة اللهب تصوّراً كبيراً لقاعدة "الجزاء من جنس العمل"
قد ثبت في سبب النزول أن النبيّ صلى الله عليه و سلم خطب في أهل مكّة و جمعهم ليصدع بما يؤمر, فلما قال لهم بأبي هو و أمي (ص) :" إني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ أليم" قال له أبو لهب "تبّاً لك سائر اليوم" و جاء في طريقٍ أخرى أنه -عليه لعائن الله- "نفض يديه و قال تباً لك سائر اليوم"
فجاء في الآية "تبّت يدا أبي لهبٍ و تبّ"
و قد كان يقول أنه أوفر مالاً من الذين آمنوا, فقال :" إني لأغنى أهل البطحاء و إني لأمنعهم "
فقال تعالى :" ما أغنى عنه ماله و ما كسب"
و قد كان أبو لهب يكنّى أبو الحكم فعدل الله تعالى عن تلك الكنية لوجود خيرٍ نسبيٍّ فيها -و لا خير فيه إطلاقاً- إلى أخرى فيها معرّةٌ له و لها مناسبةٌ بمآله و هي أبو لهب و مآله إلى اللهب
"سيصلى ناراً ذات لهب"
و قد كانت أمه تكنى أم جميل و سمّاها ابن الجوزيّ رحمه الله تعالى بأم العوراء فكان يقول "من لأبي لهب كأم عوراء"
فلم يكنّها الله تعالى بكنيتها إمعاناً في إذلالها
و قد كانت تؤذي رسول الله (ص) بحمل الحطب إلى عتبة بيته و وضع القاذورات في طريقه صلوات ربي و سلامه عليه
فكان عذابها في الآخرة بجنس عملها إذ تحمل الحطب فيكون وقوداً لعذابها و عذاباً لزوجها
" و امرأته حمّالة الحطب"
و قد رُويَ أنها كانت لها قلادةٌ فاخرة و كانت تقول أنها ستبيعها و تنفقها في إيذاء خليل الله تعالى على أفضل الصلاة و أزكى التسليم
فكانت تلك القلادة وبالاً عليها في الدنيا -سنذكر ذلك بعد قليل- و في الآخرة بأن جعلها الله حبلاً غليظاً في رقبتها تُعذّبُ به
"في جيدها حبلٌ من مسد"
و مما يُستأنس به أيضاً
أن أبا لهبٍ كان له ثلاث أولادٍ, أسلم منهم اثنان و بقي ثالث و كان الخائب هذا مؤذياً لرسول الله تعالى إلى أن وصل به الكفر أن بصق في وجه رسولنا الشريف عليه الصلاة و السلام, فدعى عليه بقوله "اللهم سلط عليه كلباً من كلابكـ"
فمنذ ذلك اليوم و أبو لهبٍ يحاذر عليه من أي كلبٍ يمرّ به لعلمه أن دعاء رسول الله مستجاب
فلما كانوا مرّةً في سفرٍ في أطراف الشام وضعوا خيمتهم, فأمر أبو لهبٍ أن يجعلوا ابنه الكافر في وسطهم و أن يجعلوه عالياً لا تصله الكلاب, فلما نام الجميع ولج كلبٌ إلى الخيمة فراح يشمّ و يتحسس فلما وصل إلى وجه ابن أبي لهب ولغ في وجهه ثم عضّه عضّةً كانت نهايته فيها إلى لعنة الله و حرّ سقر
فكما بصق في وجه رسول الله الشريف ولغ الكلب في وجهه ثم عضّه فيه إلى هلاكه
و مما يُستأنس به أيضاً
ما ذكرهُ أهل السير في وفاة حمّالة الحطب زوج أبي لهب, إذ كانت تجمع الحطب لإيذاء رسول الله صلى الله عليه و سلم و في عنقها تلك القلادة المشؤومة, فلما تعبت و جلست على صخرةٍ لتستريح أتاها مَلَكٌ من خلفها و جبذها -أو جذبها لغتين صحيحتين- من قلادتها فانخنقت و هلكت
هذا ملخّص ما ذكره لي فجزاه عني خيراً, و رحم الله علماءنا الذين استخرجوا -و لا زالوا- عجائب و درر هذا الكتاب الكريم كلام ربّ العالمين