- 5 سبتمبر 2007
- 83
- 1
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
(بسم الل) :: فكثيرا ما تثار نقاشات ، ومناظرات ، قد تؤدي إلى الولاء والبراء وعداوات بين الإخوان ، في مسائل لا تصل إلى أن تكون قادحة في العقيدة أو في أصل من أصول الشريع ،،، ومن ذلك مسألة ما يسمى بالأناشيد الإسلامية ، فأحببت أن أضع بين يدي إخواني تأصيلا علميا لهذه القضية ، قام به أحد طلبة العلم الموفقين بحول الله ،،،،،
مع الإشارة إلى قول العلامة بن باز ـــ رحمه الله ــ إلى أن البت في مسألة الإنشاد مطلقا ليس بسديد ، وهو رحمه الله يعني طبعا تلك الأناشيد الخالية من المحاذير والمخالفات الشرعية ،،،،
وقبل قراءةالموضوع ، لا تجعل أخي الكريم أي شيء يشغلك عن وردك من القرآن ،،’،،،،،،،
حمداً لك ربي على جميل إنعامك ، وصلاةً و سلاماً على سيِّد أنبيائك ، و رضىً و رحمة على أصحاب نبيك و سائر أوليائك . أما بعد : فإن الناظر في أحوال كثير من الناس اليومَ يرى كلاماً ذا طُوْلٍ و عرضٍ في مسألة ( النشيد الإسلامي ) ، و قولاً بالمنع منه تارةً ، و أخرى بالتجويز لسماعه . و حيث أن المسألة لم تُعْطَ حقها من التأصيل الشرعي لها ، و إنما كان الكلام فيها على إحدى جهتين : الأولى : فتاوٍ على أسئلة مطروحة . الثانية : تأليف مُفْرَدٍ لها ، مُعْتَمَدُ المؤلفين على تلك الفتاوي . و كما يُلْحَظُ فيهما أنه لم تكن عن بحث _ غالباً _ و تفتيش و بذلٍ للجهد في تأصيل المسألة . لذا كانت هذه الأكتوبة _ النافعة _ إن شاء الله _ في هذه المسألة ، مراعياً تقريراً كافياً ، راغباً تحريراً شافياً . فأقول مُسْتَمدَّاً العون من ربي الجميل ، سالكاً أقوم السبيل : الكلام في المسألة من نواحٍ ثلاث : الأولى : في الأصل في المسألة . من المُتقرِّر عند الأصوليين أن الأصل في الأشياء الإباحة ، و لا يُذهب إلى التحريم و الإيجاب و الندب و الكُره إلا بدليل . من هذه ( الأناشيد الإسلامية ) فإن الأصل فيها الإباحة ، و لهذا دلالات : الأولى : الأصلُ العام في الأشياء، و سبق . الثانية : عدم ورود الدليل المانع منها . الثالثة : ورود ذلك في السنة كما في قصة ابن الأكوع ، و كما في إقرار النبي ( صلى الله عليه و سلم ) من أنشد له حين قدومه من غزوة تبوك ( طلع البدرعلينا ... ) ، قال ابن القيم _ في تَعداد فوائد تلك الغزوة ) : ومنها جواز إنشاد الشعر للقادم فرحا وسرروا به ما لم يكن معه محرم من لهو كمزمار وشبابة وعود ولم يكن غناء يتضمن رقية الفواحش وما حرم الله فهذا لا يحرمه أحد . أهـ [ زاد المعاد 3/572-573 ] . و بعد هذا نقول : إن المباح _ كما هو مقرر عند الأصوليين _ يأخذ حكم ما أدى إليه من الوجوب و التحريم و ما إليه ، و النشيد من هذا القبيل فيأخذ حكم غيره من إحدى جهات ثلاث : الأولى : جهة المضمون . فما كان الشعر المُلَحَّن يحمل أبياتاً ذات معانٍ رفيعة ، و آداباً حِساناً فإنه لا شيء فيه و داخل ضمن ( حسنِ الشعر ) . و أما إذا كان غير ذلك و بعكسه فإنه مُحرَّمٌ قولاً و إنشاداً و تلحيناً ، و التحريم ليس لذاته بل لما تضمنه من عكس الفضيلة ، و خلاف الأدب . الثانية : من جهة ما صاحبَه . الشعر إذا صاحبه من قائله _ أو غيره _ ألة لهو ، و أداة عَزْفٍ حَرُمَ ، و التحريم هنا من أجل ذاك المُصَاحِبُ . الثالثة : من جهة ما يؤدي إليه و يُفضي . يختلف الشعراء في تضمين أشعارهم ؛ فمنهم من يُضمنها معانٍ ذات سموٍّ و رفعة ، و منهم من يُضمنها معانٍ ذات دنوٍّ و سفول . و بهاتيك المضامين يكون نتاج الشعر بعد سماعه . فإذا كان النشيد مؤدياً إلى درب كمال الخلق ، و سلوك طريق الأدب فأنعم به قيلاً و سماعاً و تلحيناً . و إن كان خلاف ذلك فلا . الناحية الثانية : المصالح و المفاسد في ( الأناشيد الإسلامية ) . حين النظر في هذه المسألة من حيث قاعدةُ المصالح و المفاسد نرى أن لها حظاً كبيراً و نصيباً وافراً . فمصالح ( الأناشيد الإسلامية ) كثيرةٌ تَرْجَحُ على ما يُظَنُّ و يُزْعَمُ أنها مفاسد . و غلطاً صنيع بعض المشتغلين بالعلم تغليبُ الأقل ( المفاسد ) على الأكثر ( المصالح ) . فمن جملة الفوائد و المصالح : 1- أن سماعها ترويحٌ عن النفس . 2- أن فيها غَنَاءٌ عن سماع الغِنَاء و الخنا . 3- ما تتضمنه من أبيات رفيعة اللفظ ، غزيرة المعنى كافٍ في سماعها و انتقائها . 4- أنه مِعْوَلٌ لهدم الشريط الغنائي الساقط . 5- أنها تربيةٌ للنفس بما تضمنته من آداب و أخلاق . و من مفاسد ( الأناشيد الإسلامية ) _ و هي ليست بشيء ، و ذكرُها من باب ذكر القسيم _ : 1- أن الإكثارَ من سماعها مما يجعلها ملهاةً عن أمور أهم . 2- لحنٌ مَشِيْنٍ في بعضها _ و هو نادر _ . الناحية الثالثة : في المفارقة بين ( القصائد الصوفية ) و ( الأناشيد الإسلامية ). مما علَّل به بعضُ من منع سماع ( الأناشيد الإسلامية ) كونها تُشابه ( القصائد الصوفية ) و ( السماع الصوفي ) . و في هذه التعليل نظر بيِّن واضحٌ ، بل بينهما من المفارقة ما يقتضي عدم المقارنة و المشابهة . نعم بين السماعين تشابه في أمرين : الأول : كونهما شعرٌ مُقفَّى موزون . الثاني : اللحن الموجود في كلٍّ . و المفارقة بينهما من جهتين : الأولى : من جهة المضمون . فـ ( قصائد الصوفية ) غالباً ما تكون مُتضمِّنَةً لأمرين كفيلين في بيان المفارقة ، و هما : الأول : الشرك و البدعة في قصائدهم ، و لا أدل على ذلك من ( البردة ) للبوصيري . الثاني : الفسق و الخنا كالغزل و التشبيب . و أما ( الأناشيد الإسلامية ) فهي في خلاءٍ من ذلك _ و لله الحمد _ ، بل تتضمن المعاني الرفيعة و الأخلاق السامية و الآداب الكاملة . الثانية : جهة الأداء . يتفق الحال بين ( القصائد الصوفية ) و ( الأناشيد الإسلامية ) في كونهما شعراً ملحوناً . لكن ( القصائد الصوفية ) تفارق ( الأناشيد الإسلامية ) من جهة البكاء و العويل . و للمانعين عللٌ أُخرى ضربت عنها صفحاً على أمل أن يكون هناك توسع في تحرير المسألة و تفصيل . و الله أعلم ، و صلى الله و سلم على نبينا محمد . كتبه ذو المعالي الرياض 22/4/1423هـt7 محبكم أبو أنس
مع الإشارة إلى قول العلامة بن باز ـــ رحمه الله ــ إلى أن البت في مسألة الإنشاد مطلقا ليس بسديد ، وهو رحمه الله يعني طبعا تلك الأناشيد الخالية من المحاذير والمخالفات الشرعية ،،،،
وقبل قراءةالموضوع ، لا تجعل أخي الكريم أي شيء يشغلك عن وردك من القرآن ،،’،،،،،،،
حمداً لك ربي على جميل إنعامك ، وصلاةً و سلاماً على سيِّد أنبيائك ، و رضىً و رحمة على أصحاب نبيك و سائر أوليائك . أما بعد : فإن الناظر في أحوال كثير من الناس اليومَ يرى كلاماً ذا طُوْلٍ و عرضٍ في مسألة ( النشيد الإسلامي ) ، و قولاً بالمنع منه تارةً ، و أخرى بالتجويز لسماعه . و حيث أن المسألة لم تُعْطَ حقها من التأصيل الشرعي لها ، و إنما كان الكلام فيها على إحدى جهتين : الأولى : فتاوٍ على أسئلة مطروحة . الثانية : تأليف مُفْرَدٍ لها ، مُعْتَمَدُ المؤلفين على تلك الفتاوي . و كما يُلْحَظُ فيهما أنه لم تكن عن بحث _ غالباً _ و تفتيش و بذلٍ للجهد في تأصيل المسألة . لذا كانت هذه الأكتوبة _ النافعة _ إن شاء الله _ في هذه المسألة ، مراعياً تقريراً كافياً ، راغباً تحريراً شافياً . فأقول مُسْتَمدَّاً العون من ربي الجميل ، سالكاً أقوم السبيل : الكلام في المسألة من نواحٍ ثلاث : الأولى : في الأصل في المسألة . من المُتقرِّر عند الأصوليين أن الأصل في الأشياء الإباحة ، و لا يُذهب إلى التحريم و الإيجاب و الندب و الكُره إلا بدليل . من هذه ( الأناشيد الإسلامية ) فإن الأصل فيها الإباحة ، و لهذا دلالات : الأولى : الأصلُ العام في الأشياء، و سبق . الثانية : عدم ورود الدليل المانع منها . الثالثة : ورود ذلك في السنة كما في قصة ابن الأكوع ، و كما في إقرار النبي ( صلى الله عليه و سلم ) من أنشد له حين قدومه من غزوة تبوك ( طلع البدرعلينا ... ) ، قال ابن القيم _ في تَعداد فوائد تلك الغزوة ) : ومنها جواز إنشاد الشعر للقادم فرحا وسرروا به ما لم يكن معه محرم من لهو كمزمار وشبابة وعود ولم يكن غناء يتضمن رقية الفواحش وما حرم الله فهذا لا يحرمه أحد . أهـ [ زاد المعاد 3/572-573 ] . و بعد هذا نقول : إن المباح _ كما هو مقرر عند الأصوليين _ يأخذ حكم ما أدى إليه من الوجوب و التحريم و ما إليه ، و النشيد من هذا القبيل فيأخذ حكم غيره من إحدى جهات ثلاث : الأولى : جهة المضمون . فما كان الشعر المُلَحَّن يحمل أبياتاً ذات معانٍ رفيعة ، و آداباً حِساناً فإنه لا شيء فيه و داخل ضمن ( حسنِ الشعر ) . و أما إذا كان غير ذلك و بعكسه فإنه مُحرَّمٌ قولاً و إنشاداً و تلحيناً ، و التحريم ليس لذاته بل لما تضمنه من عكس الفضيلة ، و خلاف الأدب . الثانية : من جهة ما صاحبَه . الشعر إذا صاحبه من قائله _ أو غيره _ ألة لهو ، و أداة عَزْفٍ حَرُمَ ، و التحريم هنا من أجل ذاك المُصَاحِبُ . الثالثة : من جهة ما يؤدي إليه و يُفضي . يختلف الشعراء في تضمين أشعارهم ؛ فمنهم من يُضمنها معانٍ ذات سموٍّ و رفعة ، و منهم من يُضمنها معانٍ ذات دنوٍّ و سفول . و بهاتيك المضامين يكون نتاج الشعر بعد سماعه . فإذا كان النشيد مؤدياً إلى درب كمال الخلق ، و سلوك طريق الأدب فأنعم به قيلاً و سماعاً و تلحيناً . و إن كان خلاف ذلك فلا . الناحية الثانية : المصالح و المفاسد في ( الأناشيد الإسلامية ) . حين النظر في هذه المسألة من حيث قاعدةُ المصالح و المفاسد نرى أن لها حظاً كبيراً و نصيباً وافراً . فمصالح ( الأناشيد الإسلامية ) كثيرةٌ تَرْجَحُ على ما يُظَنُّ و يُزْعَمُ أنها مفاسد . و غلطاً صنيع بعض المشتغلين بالعلم تغليبُ الأقل ( المفاسد ) على الأكثر ( المصالح ) . فمن جملة الفوائد و المصالح : 1- أن سماعها ترويحٌ عن النفس . 2- أن فيها غَنَاءٌ عن سماع الغِنَاء و الخنا . 3- ما تتضمنه من أبيات رفيعة اللفظ ، غزيرة المعنى كافٍ في سماعها و انتقائها . 4- أنه مِعْوَلٌ لهدم الشريط الغنائي الساقط . 5- أنها تربيةٌ للنفس بما تضمنته من آداب و أخلاق . و من مفاسد ( الأناشيد الإسلامية ) _ و هي ليست بشيء ، و ذكرُها من باب ذكر القسيم _ : 1- أن الإكثارَ من سماعها مما يجعلها ملهاةً عن أمور أهم . 2- لحنٌ مَشِيْنٍ في بعضها _ و هو نادر _ . الناحية الثالثة : في المفارقة بين ( القصائد الصوفية ) و ( الأناشيد الإسلامية ). مما علَّل به بعضُ من منع سماع ( الأناشيد الإسلامية ) كونها تُشابه ( القصائد الصوفية ) و ( السماع الصوفي ) . و في هذه التعليل نظر بيِّن واضحٌ ، بل بينهما من المفارقة ما يقتضي عدم المقارنة و المشابهة . نعم بين السماعين تشابه في أمرين : الأول : كونهما شعرٌ مُقفَّى موزون . الثاني : اللحن الموجود في كلٍّ . و المفارقة بينهما من جهتين : الأولى : من جهة المضمون . فـ ( قصائد الصوفية ) غالباً ما تكون مُتضمِّنَةً لأمرين كفيلين في بيان المفارقة ، و هما : الأول : الشرك و البدعة في قصائدهم ، و لا أدل على ذلك من ( البردة ) للبوصيري . الثاني : الفسق و الخنا كالغزل و التشبيب . و أما ( الأناشيد الإسلامية ) فهي في خلاءٍ من ذلك _ و لله الحمد _ ، بل تتضمن المعاني الرفيعة و الأخلاق السامية و الآداب الكاملة . الثانية : جهة الأداء . يتفق الحال بين ( القصائد الصوفية ) و ( الأناشيد الإسلامية ) في كونهما شعراً ملحوناً . لكن ( القصائد الصوفية ) تفارق ( الأناشيد الإسلامية ) من جهة البكاء و العويل . و للمانعين عللٌ أُخرى ضربت عنها صفحاً على أمل أن يكون هناك توسع في تحرير المسألة و تفصيل . و الله أعلم ، و صلى الله و سلم على نبينا محمد . كتبه ذو المعالي الرياض 22/4/1423هـt7 محبكم أبو أنس