إعلانات المنتدى


شرح الشاطبية لابن شامة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(232)
لِقَالُونَ وَالْبَصْرِي وَتُهْمَزُ وَاوُهُ لِقَالُونَ حَالَ النَّقْلِ بَدْءًا وَمَوْصِلاَ
أي أن قالون يهمز واو لولى إذا بدأ بالنقل وفي الوصل مطلقا أي حيث قلنا لقالون بالنقل سواء ابتدأ الأولى أو وصلها بعادا فواو لولى مهموز بهمزة ساكنة وإن قلنا يبتدئ بالأصل فلا همز لئلا يجتمع همزتان فهذا معنى قوله حال النقل ووجه الهمز ضمة اللام قبلها فهمزت لمجاورة الضم كما همزت إذا كانت مضمومة في أجوه وأدور وهي لغة لبعض العرب كقوله أحب المؤقدين إلى موسى وهذا توجيه أبي علي في الحجة وقيل الأصل في الواو الهمز وأبدل لسكونه بعد همز مضموم واوا كأولى فلما حذفت الهمزة الأولى بعد نقل حركتها إلى لام الأولى زال اجتماع الهمزتين فرجعت تلك الهمزة ذكر ذلك مكي وغيره ، والله أعلم ، ومادة هذه الكلمة مختلف فيها وهي من المشكلات وسنتكلم عليها في شرح النظم إن شاء الله تعالى كلاما شافيا وبالله التوفيق ، وقوله بدءا وموصلا مصدران في موضع الحال أي بادءاً وواصلاً ، ثم ذكر كيفية البدء في حال النقل فقال
(233)
وَتَبْدَأْ بِهَمْزِ الْوَصْلِ في النَّقْلِ كُلِّهِ وَإِنْ كُنْتَ مُعْتَدًّا بِعَارِضِهِ فَلاَ
أبدل من همز وتبدأ ألفا بعد إسكانها ضرورة ، وقوله بهمز الوصل يعني همزة الوصل التي تصحب لام التعريف تقول إذا ابتدأت كلمة دخل فيها لام التعريف على ما أوله همزة قطع نحو-الأرض-و-الآخرة-والإنسان-و-الإحسان-فنقلت حركة الهمزة إلى اللام ثم أردت الابتداء بتلك الكلمة بدأت بهمزة الوصل كما تبتدئ بها في صورة عدم النقل لأجل سكون اللام فاللام بعد النقل إليها كأنها بعد ساكنة لأن حركة النقل عارضة فتبقى همزة الوصل على حالها لا تسقط إلا في الدرج ، وهذا هو الوجه المختار لغة وقراءة على ما سيأتي تقريره ثم ذكر وجها آخر وهو أن لا يحتاج إلى همزة لوصل لأنها إنما اجتلبت لأجل سكون اللام وقد زال سكونها بحركة النقل العارضة فاستغنى عنها فهذا معنى قوله وإن كنت معتدا بعارضه أي منزلا لحركة النقل منزلة الحركة الأصلية فلا تبدأ بهمز الوصل إذ لا حاجة إليه فتقول على الوجه الأول-ألرض-ألنسان-وعلى الثاني-لرض-لنسان-وعادة أهل النحو يمثلون في هذه المسألة بالأحمر فتقول على الوجه الأول الحمر وعلى الثاني لحمر ، وقوله في النقل كله ليشمل جميع ما ينقل إليه ورش من لام المعرفة ويدخل في ذلك الأولى من-عادا لولى-فيكون الوجهان لورش في جميع القرآن ويكونان لأبي عمرو وقالون في هذا الموضع إن قلنا إنهما يبدآن بالنقل كما في الوصل وإن قلنا يبدآن بالأصل من غير نقل فلا بد من همزة الوصل فقد صار لكل واحد منهما ثلاثة أوجه في صوره الإبتدا بقوله تعالى-الأولى-من عادا لولى ولورش وجها ، كما له في سائر القرآن على ما ذكرنا هكذا ذكر صاحب التيسير وغيره من المصنفين في القراءات وتبعهم الشيخ الشاطبي رحمه الله في نظمه هذا وفيه إشكال وهو أن النحاة ذكروا وجهين في أن حركة النقل يعتد بها أولا وأجروا على كل وجه ما يقتضي من الأحكام لم يخصوا بذلك دخول همزة الوصل وعدم دخولها بل قالوا إن اعتددنا بالعارض فلا حاجة إلى تحريك النون في من لأن بل تبقى على سكونها إذ لم يلتق ساكنان وإن لم نعتد بالعارض أبقينا فتحة النون على حالها قبل النقل فإذا اتضح ذلك وجب النظر في مواضع النقل في القرآن فما رأينا فيه أمارة الاعتداد بالعارض حذفنا همزة الوصل في الابتداء به وما رأينا فيه أمارة عدم الاعتداد بالعارض أبقينا همزة الوصل فيه وما لا أمارة فيه على واحد منهما ففيه الوجهان وهذا تحقيق البحث في ذلك إن شاء الله تعالى فنقول ، في مسألة-عادا لولى-ظهرت أمارة الاعتداد بالعارض في قراءة أبي عمرو ونافع معا وذلك أنهما أدغما في الوصل التنوين في اللام فهذه أمارة الاعتداد بحركة اللام فإذا ابتدأ القارئ لهما بالنقل لم يحتج إلى همزة الوصل لأنا قد علمنا أن الحركة معتد بها عندهما وصلا فابتنى الابتداء عليه وقد نص أبو محمد مكي في كتاب الكشف على أن ورشا لا يمد-الأولى-وإن كان من مذهبه مد حرف المد بعد الهمز المغير لأن هذا وإن كان همزا مغيرا إلا أنه قد اعتد بحركة اللام فكان لا همز في الكلمة فلا مد ، قلت هكذا ينبغي في القياس أن لا تعود همزة الوصل في الابتداء ، والله أعلم ، ونقول في جميع ما نقل فيه ورش الحركة إلى لام المعرفة في جميع القرآن غير-عادا لولى-هو على قسمين ، أحدهما ما ظهرت فيه أمارة عدم الاعتداد بالعارض كقوله تعالى (إنا جعلنا ما على الأرض)-(وما الحياة الدنيا في الآخرة)-(ويدع الإنسان)-(قالوا الآن)-(أزفت الآزفة) ، ونحو ذلك ألا ترى أنه بعد نقل الحركة في هذه المواضع لم ترد حروف المد التي حذفت لأجل سكون اللام ولم تسكن تاء التأنيث التي كسرت لسكون -الآزفة-فعلمنا أنه ما اعتد بالحركة في مثل هذه المواضع فينبغي إذا ابتدأ القارئ له فيها أن يأتي بهمزة الوصل لأن اللام وإن تحركت فكأنها بعد ساكنة ، القسم الثاني ما لم تظهر فيه أمارة نحو (وقال الإنسان ما لها) ، فإذا ابتدأ القارئ لورش هنا اتجه الوجهان المذكوران والله أعلم
(234)
وَنقْلُ رِدًا عَنْ نَافِعٍ وَكِتَابِيهْ بِالإِسْكانِ عَنْ وَرْشٍ أَصَحُّ تَقَبَّلاَ
لو أتى بهذا البيت قبل مسألة-عادا لولى-لكان أحسن ليتصل مذهب نافع بكماله يتلو بعضه بعضا وليفرغ مما روي عن ورش الانفراد بنقله ثم يذكر من وافقه في شيء من مواضع النقل كما هي عادته غالبا في باقي الأبواب وإنما أخر هذا البيت لأن النقل في كتابيه ضعيف والنقل في ردا على خلاف أصل ورش لأنه لا ينقل في كلمة وأراد قوله تعالى (فأرسله معي ردءا) ، أي معينا قراءة نافع بغير همز كما يقف عليه حمزة بنقل حركة الهمزة إلى الدال الساكنة وقيل هو من أردى على كذا أي زاد فلا همز فيه أي أرسله معي زيادة وأما قوله تعالى في الحاقة (كتابيه إني ظننت) ، فروي عن ورش نقل حركة همزة إني إلى هاء كتابيه لأنه ساكن آخر صحيح فدخل في الضابط المذكور أول الباب وروى ترك النقل وهو الصحيح في العربية لأن هذه الهاء هاء سكت وحكمها السكون لا تحرك إلا في ضرورة الشعر على قبح وأيضا فإنها لا تثبت إلا في الوقف فإذا خولف الأصل فأثبتت في الوصل إجراء له مجرى الوقف لأجل ثباتها في خط المصحف فلا ينبغي أن يخالف الأصل من وجه آخر وهو تحريكها فتجتمع في حرف واحد مخالفتان وهذه المسألة من الزيادات لم يذكرها الداني رحمه الله في التيسير وذكرها في غيره ، قال مكي أخذ قوم بنقل الحركة في هذا وتركه أحسن وأقوى ، قلت فلهذا قال الناظم أصح تقبلا-أي وكتابيه-بالإسكان أصح تقبلا منه بالتحريك وذلك أن التحريك تقبله قوم وتقبل الإسكان قوم فالإسكان أصح تقبلا من حيث الدليل على ما سبق ونصبه على التمييز وبالإسكان حال أي وكتابيه ساكنا أصح تقبلا منه متحركا فهو مثل قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

باب وقف حمزة و هشام على الهمز
(235)
وَحَمْزَةُ عِنْدَ الْوَقْفِ سَهَّلَ هَمْزَهُ إِذَا كَانَ وَسْطًا أَوْ تَطَرَّفَ مَنْزِلاَ
سبق الكلام في مذهبه في الهمزة المبتدأة في شرح قوله في الباب السابق وعن حمزة في الوقف خلف والكلام في هذا الباب في الهمزة المتوسطة والمتطرفة التي في آخر الكلمة ويأتي فيهما إن شاء الله تعالى جميع أنواع تخفيف الهمز وهي إبداله وحذفه بعد إلقاء حركته على ساكن قبله وجعله بين بين ، ولفظ التسهيل يشمل الجميع وقد يخص القراء لفظ التسهيل بين بين كما سبق وهذه الأنواع هي التي نقلها أهل العربية في ذلك وعند القراء نوع آخر وهو تخفيف الهمز باعتبار خط المصحف وسيأتي الكلام عليه وعلى تفاريع هذه الأنواع على ما تقتضيه أصول العربية والقراءات والهاء في همزه تعود إلى حمزة أو إلى الوقف لملابسة كل واحد منهما هذا بفعله فيه وهذا بأنه محل الفعل والشيء يضاف إلى الشيء بأدنى ملابسة بينهما ووسطا ظرف وكان تامة أي إذا وقع في وسط الكلمة أي بين حروفها كما تقول جلست وسط القوم وبجوز أن يكون خبر كان الناقصة لأن وسطا مصدر من قولهم وسطت القوم أوسطهم وسطا وسطة أي توسطتهم ذكره الجوهري فالمعنى ذا وسط أي إذا كان متوسطا أو تطرف آخرها ومنزلا تمييز أي تطرف منزله أي موضعه وإنما اختص تسهيل حمزة للهمزة بالوقف لأنه محل استراحة القارئ والمتكلم مطلقا ولذلك حذفت فيه الحركات والتنوين وأبدل فيه تنوين المنصوب ألفا قال ابن مهران وقال بعضهم هذا مذهب مشهور ولغة معروفة يحذف الهمز في السكت كما يحذف الإعراب فرقا بين الوصل والوقف وهو مذهب حسن ، قال وقال بعضهم لغة أكثر العرب الذين هم أهل الجزالة والفصاحة ترك الهمزة الساكنة في الدرج والمتحركة عند السكت ، قلت وفيه أيضا تآخي رءوس الآي في مثل (كل يوم هو في شأن) ، والخاطئة-في الحاقة-وخاطئة-في سورة إقرأ وأنا أستحب ترك الهمز في هذه المواضع في الوقف لذلك ، وأما الحديث الذي رواه موسى بن عبيدة عن نافع عن ابن عمر قال ما همز رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء وإنما الهمز بدعة ابتدعها من بعدهم فهو حديث لا يحتج بمثله لضعف إسناده فإن موسى بن عبيدة هو الزيدي وهو عند أئمة الحديث ضعيف ، ثم شرع الناظم في بيان ما يفعل حمزة بالهمز المتوسط والمتطرف فقال
(236)
فَأَبْدِلْهُ عَنْهُ حَرْفَ مَدِّ مُسَكَّنًا وَمِنْ قَبْلِهِ تَحْرِيكُهُ قَدْ تَنَزَّلاَ
أي فأبدل الهمز عن حمزة حرف مد من جنس حركة ما قبله بشرطين أحدهما أن يكون الهمز ساكنا والثاني أن يتحرك ما قبله سواء توسط أو تطرف نحو-يؤمنون-وإن يشأ-وقال الملأ والهمزة في الملأ متحركة ولكن لما وقف عليها سكنت وهذا قياس تخفيف الهمزات السواكن إذ لا حركة لها فتجعل بين بين أو تنقل ، وقال مسكنا بالكسر وهو حال من الضمير المرفوع في فأبدله ولم يقل مسكنا بالفتح ولو قاله لكان حالا من الهاء في فأبدله وهي عائدة على الهمز لئلا يوهم أنه نعت لقوله حرف مد فعدل إلى ما لا إيهام فيه وحصل به تقييد الهمز بالسكون ولأنه أفاد أن القارئ وإن سكن الهمز المتحرك في الوقف فحكمه هكذا أي أبدل الهمز في حال كونك مسكنا له سواء كان ساكنا قبل نطقك به أو سكنته أنت للوقف ، والواو في قوله ومن قبله تحريكه للحال والجملة حال من الهمز أي فأبدله مسكنا محركا ما قبله فتكون الحال الأولى من الفاعل والثانية من المفعول نحو لقيته مصعدا ومنحدرا واشتراط تحرك ما قبل الهمز إنما يحتاج إليه في المتحرك الذي سكنه القارئ في الوقف نحو (قال الملأ) ، ليحترز به من نحو (يشاء-و-قروء-و-هنيئا-و-شيء-و-سوء) ، وسيأتي أحكام ذلك كله ، وأما الهمزة الساكنة قبل الوقف فلا يكون ما قبلها إلا متحركا وفي هذا القسم الذي تسكنه للوقف وتبدله حرف مد من جنس حركة ما قبله وجهان آخران سنذكرهما ، أحدهما تسهيله على اعتبار مرسوم الخط والآخر تسهيله بالروم ، فإن قلت لم كانت الهمزة الساكنة تبدل حرفا من جنس حركة ما قبلها ولم تكن من جنس حركة ما بعدها ، قلت لأن ما قبلها حركة بناء لازمة وما بعدها يجوز أن تكون حركة إعراب وحركة الإعراب تنتقل وتتغير من ضم إلى فتح إلى كسر فأي حركة منها تعتبر ولا ترجيح لإحداهن على الأخريين فينظر إلى ما لا يتغير وهو حركة ما قبلها ، فإن قلت كان من الممكن أن تعتبر كل حركة في موضعها ، قلت يلزم من ذلك أن ينقلب الهمز مع الضم واوا ومع الفتح ألفا ومع الكسر ياء فتختل بنية الكلمة نحو رأس يصير عين الكلمة في الرفع واوا وفي النصب ألفا وفي الجر ياء وفي ذلك اختلال الألفاظ واختلاط الأبنية وأيضا فاعتبار الحرف بما قبله أقرب إلى قياس اللغة من اعتباره بما بعده ألا تراهم التزموا فتح ما قبل الألف دون ما بعدها نحو قالوا وقائل ولأن اعتبار الأول أخف ومما ينبه عليه في هذا الموضع أن كل همزة ساكنة للجزم أو للوقف إذا أبدلت حرف مد بقي ذلك الحرف بحاله لا يؤثر فيه الجازم نحو (ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)-(ونبئهم عن ضيف إبراهيم) ، ونقل صاحب الروضة شيئا غريبا فقال وتقف على (نبئ عبادي) ، بغير همز فإن طرحت الهمزة وأثرها ، قلت نبا وإن طرحتها وأبقيت أثرها قلت نبي والله أعلم
(237)
وَحَرِّكْ بِهِ مَا قَبْلَهُ مَتَسَكِّنًا وَأَسْقِطْهُ حَتّى يَرْجِعَ اللَّفْظُ أَسْهَلاَ
به أي بالهمز يعني بحركته على حذف مضاف يعني إذا كان متحركا وقبله ساكن فألق حركته على الذي استقر قبله متسكنا وأسقط الهمز كما تقدم في باب نقل الحركة حتى يرجع اللفظ أسهل مما كان أو سهلا وذلك نحو-موئلا-ودفء-تلقى الحركة إلى الواو والفاء ويسقط الهمز ثم تسكن الفاء من دفء للوقف ولك فيها الروم والإشمام كما يأتي ، فإن قلت لم كان نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ولم ينقل إلى الساكن بعدها في نحو (قد أفلح) ، قلت لو نقل إلى الساكن بعدها لالتبست الأبنية فإنه كان يقال قد فلح فيظن أنه فعل ثلاثي وإذا نقل إلى الساكن قبله بقي في اللفظ ما يدل على بناء أصل الكلمة وهو السكون بعد الهمزة وكذا في أشياء وأزواج ونحوهما ثم استثنى من هذا أن يكون الساكن قبل الهمزة ألفا فقال
(238)
سِوَى أَنَّهُ مِنْ بَعْدِ أَلِفٍ جَرى يُسَهِّلُهُ مَهْمَا تَوَسَّطَ مَدْخلاَ
أي سوى أن حمزة يسهل الهمز المتحرك الجاري من بعد ألف مهما توسط وما زائدة ومدخلا تمييز ومن بعد متعلق بيسهله أو بتوسط أي يسهله من بعد ألف أو مهما توسط من بعد ألف وقوله جرى حشو لا فائدة فيها على هذا التقدير فإنه لو حذف لم يختل المعنى المقصود وحيث قد أتى به فأقرب ما تقدره به أن يكون حالا ويتعلق به من بعد ما ألف وقد مقدرة قبله كما قيل ذلك في قوله تعالى (أو جاءوكم حصرت صدورهم) ، والتقدير يسهله جاريا من بعد ألف أي في هذه الحالة أو مهما توسط جاريا من بعد ألف ومراده بالتسهيل هنا بين بين وذلك لأن نقل الحركة إلى الألف متعذر لأنها لا تتحرك لأنها بما فيها من المد كأنها حرف متحرك فيسهل الهمز بعدها بين بين كما سنذكره في الهمز المتحرك بعد متحرك فإذا سهله بعد الألف هل يمكن مد الألف الذي كان لأجل الهمز أو يقصر فيه تردد سبق لأنها حرف مد قبل همز مغير وذلك نحو (دعاؤكم)-(ونداء) ، لأن بعد الهمزة في نداء ألف التنوين وهي لازمة فصارت الهمزة متوسطة ، قال صاحب التيسير في هذا النوع إن شئت مكنت الألف قبلها وإن شئت قصرتها والتمكين أقيس ثم ذكر حكم المتطرفة بعد ألف فقال
(239)
وَيُبْدِلُهُ مَهْمَا تَطَرَّفَ مِثْلُهُ وَيَقْصُرُ أَوْ يَمْضِي عَلَى الْمَدِّ أَطْوَلاَ
مثله أي حرفا مثله يريد مثل ما قبله يعني ألفا وذلك لأن الهمزة المتطرفة سكنت للوقف وقبلها ألف وقبل الألف فتحة فلم تعد الألف حاجزا فقلبت الهمزة ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها فاجتمع ألفان فإما أن يحذف إحداهما فيقصر ولا يمد أو يبقيهما لأن الوقف يحتمل اجتماع ساكنين فيمد مدا طويلا ويجوز أن يكون متوسطا لقوله في باب المد والقصر وعند سكون الوقف وجهان أصلا وهذا من ذلك ويجوز أن يمد على تقدير حذف الثانية لأن حرف المد موجود والهمزة منوية فهو حرف مد قبل همز مغير وإن قدر حذف الألف الأولى فلا مد وذلك نحو (صفراء)-(والسماء) ، والمد هو الأوجه وبه ورد النص عن حمزة من طريق خلف وغيره وهذا مبني على الوقف بالسكون فإن وقف بالروم كما سيأتي في آخر الباب فله حكم آخر وإن وقف على اتباع الرسم أسقط الهمزة فيقف على الألف التي قبلها فلا مد أصلا والله أعلم وأطول حال من المد على معنى زائدا طوله فهذه فائدة مجيئه على وزن أفعل والله أعلم
(240)
وَيُدْغِمُ فِيهِ الْوَاوَ وَالْيَاءَ مُبْدِلاَ إِذَا زِيدَتَا مِنْ قَبْلُ حَتَّى يُفَصَّلاَ
فيه أي في الهمز بعد إبداله يعني إذا وقع قبله واو أو ياء زائدتان فأبدله حرفا مثله ثم أدغم ذلك الحرف فيه كما تقدم لورش في (النسيء) وذلك نحو (خطيئة-و-قروء) ، وقوله حتى يفصلا أي حتى يفصل بين الزائد والأصل فإن الواو والياء الأصليتين ينقل إليهما الحركة لأن لهما أصلا في التحريك بخلاف الزائدة والزائد ما ليس بقاء الكلمة ولا عينها ولا لامها بل يقع ذلك وفي هذه الكلمات وقع بين العين واللام لأن النسيء فعيل والخطيئة فعيلة وقروء فعول والأصلي بخلافه نحو هيئة وشيء لأن وزنهما فعلة وفعل فهذا النوع تنقل إليه الحركة كما فعل في (موئلا-و-دفء) ، وبعضهم روى إجراء الأصلي مجرى الزائد في الإبدال والإدغام وسيأتي ذلك في قوله وما واو أصلي تسكن قبله أو الياء وهذا كان موضعه وإنما أخره لمعنى سنذكره ولو قال بعد هذا البيت ، (وإن كانتا أصلين أدغم بعضهم كشيء وسوء وهو بالنقل فضلا) ، لكان أظهر وأولى والله أعلم ، وفرغ الكلام في الهمزة المتحركة الساكن ما قبلها ثم شرع في ذكر المتحركة المتحرك ما قبلها فقال
(241)
وَيُسْمِعُ بَعْدَ الْكَسْرِ وَالضَّمِّ هَمْزُهُ لَدى فَتْحِهِ يَاءًا وَوَاوًا مُحَوَّلاَ
أي ويسمع حمزة همزة المفتوح بعد كسر ياء وبعد ضم واوا مبدلا من الهمزة فقوله محولا نعت للواو وحذف نعت ياء لدلالة الثاني عليه وأراد ياء محولا واوا محولا ولو كسر الواو من محولا لكان جائزا ويكون حالا من حمزة أي محولا للهمزة ياء وواوا ، وقوله همزة ثاني مفعولي يسمع والأول محذوف أي يسمع الناس همزه الموصوف إذا قرأه ياء وواوا أي يسمعهم إياه على هذه الصفة وبعضهم جعل يسمع متعديا إلى ثلاثة مفعوله الثالث قوله محولا ياء وواوا ، وهذا البيت فصيح النظم حيث لف الكلام فجمع بين الكسر والضم ثم رد إليهما قوله ياء وواوا فردت الفطنة الياء إلى الكسر والواو إلى الضم فهو من باب قوله تعالى (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) ، وقول امرئ القيس ، (كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والخشف البالي) ، واعلم أن قياس العربية في كل همزة متحركة متحرك ما قبلها إذا خففت أن تجعل بين بين إلا المفتوحة بعد كسر أو ضم فإنها تقلب ياء وواوا قالوا لأنها لو جعلت بين بين لقربت من ألف والألف لا يكون قبلها إلا فتح ومثال ذلك-فئة-ولئلا ومؤجلا-ويؤده-ونحو ذلك
(242)
وَفي غَيْرِ هذَا بَيْنَ بَيْنَ وَمِثْلُهُ يَقُولُ هِشَامٌ مَا تَطَرَّفَ مُسْهِلاَ
أي ويسمع همزه في غير ما تقدم ذكره بلفظ بين بين وهذا الغير الذي أشار إليه هو ما بقى من أقسام الهمز المتحرك بعد متحرك ومجموعهما تسعة لأن الحركات ثلاث كل واحدة قبلها ثلاث حركات فثلاثة في ثلاثة تسعة ، ذكر في البيت السابق منها قسمين مفتوحة بعد كسر مفتوحة بعد ضم وحكمهما الإبدال كما سبق فبقي لبين بين سبعة أقسام ، مفتوحة بعد مفتوح نحو-سأل-مآرب- ، مكسورة بعد فتح وكسر وضم نحو-بئس-وخاسئين وسئلوا ، مضمومة بعد فتح وكسر وضم نحو (رءوف-فمالئون-برءوسكم) ، وقد عرفت أن معنى قولهم بين بين أن تجعل الهمزة بين لفظها وبين لفظ الحرف الذي منه حركتها أي بين هذا وبين هذا ثم حذفت الواو والمضاف إليه منهما وبنيت الكلمتان على الفتح فهذه أصول مذهب حمزة في تخفيف الهمز على ما اقتضته لغة العرب ، ثم يذكر بعد ذلك فروعا على ما تقدم وقع فيها اختلاف ووجوها أخر من التخفيف غير ما سبق ذكره ، ثم قال ومثله أي ومثل مذهب حمزة مذهب هشام فيما تطرف من الهمز أي كل ما ذكرناه لحمزة في المتطرفة فمثله لهشام ولم يوافقه في المتوسطة لأن المتطرفة أحرى بالتخفيف لأنها آخر لفظ القارئ وموضع استراحته وانقطاع نفسه ويقع في النسخ ومثله بضم اللام ونصبها أجود لأنه نعت مصدر محذوف أي ويقول هشام في تسهيل ما تطرف من الهمز قولا مثل قول حمزة وما في قوله ما تطرف ظرفية كقوله (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) ، أي مهما تطرف الهمز فهشام موافق لحمزة في تخفيفه أو تكو ما مفعول يقول لأن يقول هنا بمعنى يقرأ أي يقرأ ما تطرف كقراءة حمزة له ومسهلا حال من هشام أي راكبا للسهل وأجاز الشيخ أن يكون حالا من الهاء في مثله العائدة على حمزة ثم ذكر الناظم فروعا للقواعد المتقدمة فقال
(
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(243)
وَرِءْيَا عَلَى إِظْهَارِهِ وَإِدْغَامِهِ وَبَعْضٌ بِكَسْرِ الْها لِيَاءِ تَحَوَّلاَ
أي-ورءيا-مقروء أو مروي أو مستقر على إظهاره وإدغامه -أو-ورءيا-على إظهاره وإدغامه جماعة أي اختار قوم الإظهار وآخرون الإدغام يريد قوله تعالى في مريم (هم أحسن أثاثا ورءيا) ، وقد روي عن حمزة أنه استثناها فهمزها كما استثناها أبو عمرو فيما تقدم ذكره ثم قياس تخفيف همزها أن يبدل ياء لأنه ساكن بعد كسر فإذا فعل ذلك اجتمع ياءان فروى الإدغام لاجتماع ياءين وروى الإظهار نظرا إلى أصل الياء المدغمة وهو الهمز وكذلك الخلاف في-تؤوى-وتؤويه-لاجتماع واوين فكأن الناظم أراد ورءيا وما كان في معناه وكان يمكنه أن يقول ورءيا وتؤوى أظهرن أدغمن معا ، قال صاحب التيسير اختلف أصحابنا في إدغام الحرف المبدل من الهمز وفي إظهاره في قوله ورئيا وتؤوى وتؤويه فمنهم من يدغم إتباعا للخط ومنهم من يظهر لكون البدل عارضا والوجهان جائزان ثم ذكر أن بعضهم يكسر هاء الضمير المضمومة لأجل ياء قبلها تحولت تلك الياء عن همزة ويكون الضمير في تحولا للياء وذكر ضميره لأن حروف الهجاء كما ذكرنا فيها وجهان التذكير والتأنيث ويجوز أن يكون فاعل تحولا ضمير الهمز أي تحول الهمز إلى تلك الياء ثم مثل ذلك فقال
(244)
كَقَوْلِكَ أَنْبِئْهُمْ وَنَبِّئْهُمْ وَقَدْ رَوَوْا أَنَّهُ بِالخَطِّ كانَ مُسَهَّلاَ
يعني (أنبئهم) في البقرة (ونبئهم)في الحجر والقمر ، قال صاحب التيسير اختلف أهل الأداء في تغيير حركة الهاء مع إبدال الهمز ياء قبلها في قوله أنبئهم ونبئهم فكان بعضهم يرى كسرها من أجل الياء وكان آخرون يبقونها على ضمتها لأن الياء عارضة قال وهما صحيحان يعني الوجهين ووجه قلب الهمزة في هاتين الكلمتين ياء أنها ساكنة بعد كسر فهو قياس تخفيفها فوجه كسر الهاء وجود الياء قبلها فصار نحو فيهم ويهديهم وهو اختيار ابن مجاهد وأبي الطيب بن غلبون وقال ابنه أبو الحسن كلا الوجهين حسن قال ابن مهران سمعت أبا بكر بن مقسم يقول ذهب ابن مجاهد إلى أبي أيوب الضبي فقال له كيف يقف حمزة على قوله تعالى (يا آدم أنبئهم) ، فقال أنبيهم خفف الهمزة وضم الهاء فقال له ابن مجاهد أخطأت وذكر تمام الحكاية ، ووجه ضم الهاء أن الياء عارضة لأن الهمزة لم تترك أصلا وإنما خففت وهي مرادة وهو اختيار مكي وابن مهران وهو الأشبه بمذهب حمزة ألا تراه ضم هاء-عليهم -وإليهم-و-لديهم-لأن الياء قبلها مبدلة من ألف وهاتان المسألتان (رءيا-وأنبئهم) ، فرعان لقوله فأبدله عنه حرف مد مسكنا ثم ذكر قاعدة أخرى مستقلة فقال وقد رووا أنه بالخط كان مسهلا أي أن حمزة كان يعتبر تسهيل الهمز بخط المصحف الكريم على ما كتب في زمن الصحابة رضي الله عنهم وذلك يعرف من مصنفات موضوعة له ، روى سليم عن حمزة أنه كان يتبع في الوقف على الهمز خط المصحف الكريم ، قال صاحب التيسير واعلم أن جميع ما يسهله حمزة فإنما يراعى فيه خط المصحف الكريم دون القياس ، قلت وضابط ذلك أن ينظر في القواعد المتقدم ذكرها فكل موضع أمكن إجراؤها فيه من غير مخالفة للرسم لم يتعد إلى غيره نحو جعل (بارئكم) ، بين الهمزة والياء وإبدال همز-أبرئ ياء وهمز-ملجأ-ألفا وإن لزم فيها مخالفة الرسم فسهل على موافقة الرسم فاجعل(تفتؤا) ، بين الهمزة والواو (من نبأ) ، بين الهمزة والياء ولا تبدلهما ألفا وكان القياس على ما مضى ذلك لأنهما يسكنان للوقف وقبلهما فتح فيبدلان ألفا وهذا الوجه يأتي تحقيقه في قوله فالبعض بالروم سهلا ومثله في المتوسطة (أنبئكم) ، تجعل من بين الهمزة والياء أو تبدل ياء على خلاف يأتي وحكى ابن مهران خلافا في نحو (تائبات-سائحات) ، بين بين وإبدال الياء المحضة وكذا في نحو (رؤوف-تؤزهم) ، بين بين وإبدال الواو المحضة اتباعا للرسم ، قال غيره وقد تأتي مواضع يتعذر فيها اتباع الرسم فيرجع فيها إلى الأصول المتقدمة وما روي عن حمزة رحمه الله تعالى يحمل على ما يسوغ فيه ذلك والله أعلم
(245)
فَفِي الْيَا يَلِي والْوَاوِ وَالحَذْفِ رَسْمَهُ وَالاَخْفَشُ بَعْدَ الْكَسْرِ والضَّمِّ أَبْدَلاَ
بين بهذا مذهبه في اتباع الخط عند التسهيل ومعنى بلى يتبع ورسمه مفعول به أي يتبع رسم الخط في الياء والواو والحذف أي أن الهمز تارة تكتب صورته ياء وتارة واوا وتارة يحذف أي لا تكتب له صورة ، وإنما ذكر هذه الأقسام الثلاثة ولم يذكر الألف وإن كانت الهمزة تصور بها كثيرا لأن تخفيف كل همزة صورت ألفا على القواعد المتقدمة لا يلزم منه مخالفة الرسم لأنها إما أن تجعل بين بين نحو (سأل) ، أي بين الهمزة والألف أو تبدل ألفا في نحو (ملجأ) ، فهو موافق للرسم وإنما تجيء المخالفة في رسمها بالياء والواو وفي عدم رسمها وقد بينا المخالفة في الياء والواو في كلمتي (تفتؤا-ومن نبأ) ، وقد رسم الهمز في كلمة واحدة رسمين مرة ألفا ومرة واوا نحو (الملأ) ، رسم بالألف إلا في أربعة مواضع ثلاثة في النمل وواحد في أول المؤمنون فسهل في كل موضع باعتبار رسمه وأما الحذف ففي كل همزة بعدها واو جمع نحو (فمالئون-يطئون-مستهزءون) ، فكل هذا لو خفف همزه باعتبار ما تقدم من القواعد لجعل الجميع بين بين باعتبار حركته في نفسه فإذا أريد تخفيفه باعتبار خط المصحف حذف الهمز حذفا حتى أنهم نصوا أنه يقول في-الموءودة المودة بوزن الموزة وفي نحو(برءاء) ، كتبت الأولى بالواو والثانية بالألف فلزم من اتباع الرسم أن تبدل الأولى واوا مفتوحة إذ لم يمكن تسهيلها بين الهمزة والواو لأن الهمزة مفتوحة وإنما تسهل على قياس ما تقدم بين الهمزة والألف والثانية تبدل ألفا على القاعدتين معا وهما اتباع الرسم والقياس لأنها سكنت للوقف وقبلها فتحة فأبدلت ألفا واتفق أن كان الرسم كذلك فلا وجه غيره وعلى اتباع الخط تكون الهمزة في (تراءى الجمعان)وفي(رءا القمر) ، متطرفة فلها حكم المتطرفة لأنه لم يرسم بعد الهمز فيهما شيء بل كتبا على لفظ الوصل ، ثم بين الناظم رحمه الله تعالى مذهب الأخفش النحوي وهو أبو الحسن سعيد بن مسعدة وهو الذي يأتي ذكره في سورة الأنعام وغير الذي ذكره في سورة النحل ، ووجه اتصاله بما تقدم من وجهين ، أحدهما أنه ذكره استئناسا لمذهب حمزة في إبدال الهمزة المتحرك المتحرك ما قبله حرف مد إتباعا للخط حيث يلزم من تسهيله على القياس المقدم مخالفة الرسم فذكر أن من أئمة العربية الأكابر من رأى بعض ذلك في هذا الموضع بشرطه ، وقد ذكره صاحب التيسير فقال نحو (أنبئكم)-(وسنقرئك) ، يبدلها ياء مضمومة اتباعا لمذهب حمزة في اتباع الخط عند الوقف على الهمز وهو قول الأخفش أعني التسهيل في ذلك بالبدل ، الوجه الثاني أن يكون في المعنى متصلا بقوله وفي غير هذا بين بين كأنه قال إلا في موضعين فإن الأخفش أبدل فيهما فتصير مواضع الإبدال على قوله أربعة من تسعة هذا نوعان ونوعان وافق فيهما سيبويه وهما المذكوران في قوله ويسمع بعد الكسر والضم وقوله ذا الضم مفعول أبدلا أي أبدل الهمز المضموم بعد الكسر بياء وتمم بيان مذهب الأخفش فقال
(246)
بِيَاءِ وَعَنْهُ الْوَاوُ في عَكْسِهِ وَمَنْ حَكَى فِيهِمَا كَالْيَا وَكَالْوَاوِ أَعْضَلاَ
أي وعن الأخفش إبدال الواو في عكس ذلك وهو أن تكون الهمزة مكسورة بعد ضم نحو-سئل-والأول نحو (تنبئهم بما) ، فأبدل المضمومة ياء والمكسورة واوا أبدلهما حرفين من جنس حركة ما قبلها فتارة يوافق مذهبه الرسم في نحو (تنبئهم) ، ومذهب سيبويه ما تقدم وهو جعل كل واحدة منها بين بين قال من قرر مذهب الأخفش لو جعلت هنا بين بين لقربت من الساكن فيؤدي إلى واو ساكنة قبلها كسرة وياء ساكنة قبلها ضمة ولا مثل لذلك في العربية كما أن المفتوحة بعد كسر أبدلت ياء وبعد ضم واوا كذلك ، وأجيب بأنه يلزمه أيضا في مذهبه أن تكون ياء مضمومة بعد كسرة وواو مكسورة بعد ضمة وذلك مطرح الاستعمال حقيقة وما اختاره سيبويه يشبه ما اطرح استعماله فما ذكره أفظع وأما إلزامه المفتوحة فلأن إبدالها لا يؤدي إلى ما اطرح استعماله بخلاف ما ذكره ، ثم قال ومن حكى فيهما أي في المضمومة بعد كسر والمكسورة بعد ضم أن تجعل المضمومة كالياء والمكسورة كالواو أي تسهل كل واحدة منها بينها وبين حرف من جنس حركة ما قبلها لا من جنس حركتها ليسلم من الاعتراضين الواردين على مذهب سيبويه والأخفش فمن حكى ذلك أعضل قال الشيخ أي أتى بعضلة وهي الأمر الشاق لأنه جعل همزة بين بين مخففة بينها وبين الحرف الذي منه حركة ما قبلها ، قلت وهذا الوجه مذكور في كتاب الكشف لأبي محمد مكي بن أبي طالب وغيره عن الأخفش ويقوى في مواضع توافق خط المصحف الكريم كالوقف على (لؤلؤ) ، المخفوض بروم الحركة لأنه يجعلها بين الهمزة والواو وذلك موافق للخط وعلى رأي سيبويه تصير بين الهمزة والياء فتخالف الخط فيوقفه بلا روم ليجد قبلها واوا فيوافق الرسم نص عليه مكي وقد تقدم مثل هذين الوجهين المحكيين عن الأخفش في مذهب الفراء في نحو (يشاء إلى) ، أكثرهم أبدل الثانية واوا وبعضهم جعلها بين الهمزة المكسورة والواو وقد غلط بعض الجهال لسوء فهمه فظن أن من سهل الهمزة بينها وبين الحرف الذي من جنس حركة ما قبلها قدر أن الحركة تكون على الهمزة من جنس حركة الحرف قبلها ففي (تنبئهم)-(ويستهزءون) ، تسهل بين الهمزة المكسورة والياء الساكنة وفي نحو (سئل-و-يشاء إلى) ، تسهل بين الهمزة المضمومة والواو الساكنة وهذا جهل مفرط وغلط بين ولولا أني سمعته من قائله لما صدقت أن أحدا يقوله فإن الهمزة محركة والحاجة داعية إلى تسهيلها وذلك ممكن مع بقائها على حركتها فأي حاجة إلى تغير حركتها ونختل في وزنها ولفظها وإنما لما احتيج إلى الحرف الذي يسهل إليه قال أهل المذهب الصحيح يكون الحرف من جنس حركتها فهو أقرب إليها وقال قوم يجعل الحرف من جنس حركة ما قبلها كما لو كانت الهمزة ساكنة والفرق أن الساكنة لما لم تكن لها حركة اضطررنا إلى إبدالها حرفا من جنس حركة ما قبلها إذ لم يكن اعتبارها بنفسها وفيما ذكرناه لها حركة فاعتبارها بها أولى وهذا واضح لمن تأمله والله أعلم ، ويقال قد أعضل الأمر أي اشتد وغلظ واستغلق وأمر معضل لا يهتدي لوجهه والله أعلم
(247)
وَمْسْتَهْزِءُونَ الْحَذْفُ فِيهِ وَنَحْوِهِ وَضَمٌّ وَكَسْرٌ قِبْلُ قِيلَ وَأُخْمِلاً
هذا مفرع على القول بالوقف على مرسوم الخط فتحذف الهمزة منه لأنها لم تكتب لها في صورة وكذلك فيما أشبهه فيما فيه همزة مضمومة بعد كسر وبعدها واو ساكنة نحو (فمالئون)-(ليطفئوا)-(ويستنبئونك)-(ومتكئون) ، وهذا قد عرف مما تقدم وإنما عرضه بهذا البيت بيان الحركة لما قبل الواو بعد حذف الهمز وهذه مسألة ليست في التيسير ، وقال الشيخ في شرحه منهم من وقف (مستهزون -ومتكون) ، فضم ما قبل الواو ومنهم من كسر ما قبلها ولم يمد ثم قال وأخملا يعني المذهبين المذكورين وإنما أخملا لأن حركة الهمزة ألقيت على متحرك ، وفي الوجه الآخر واو ساكنة قبلها كسرة وليس ذلك في العربية ، قلت هذا الذي ذكره الشيخ فيه نظر وإن كان قد تبعه فيه جميع من رأيت له كلاما على شرح هذا البيت سوى الشيخ أبي عمرو رحمهما الله تعالى ، والصواب أن يقال ضم ما قبل الواو وجه جيد وليس نقلا لحركة الهمزة إليه وإنما بنى الكلمة على فعلها ، قال الفراء من العرب من يبدل الهمز يعني في الفعل فيقول استهزيت مثل استقضيت فمن وقف على (مستهزون) ، فعلى ذلك مثل مستقضون وقد ذكر الشيخ ذلك في شرحه وقال ابن مهران حكى عن الكسائي أنه قال من وقف بغير همز قال (مستهزون) ، فرفع الزاي ومثله متكون وليطفوا وأشباه ذلك قال وقال الزجاج أما ، (مستهزون) ، فعلى لغة من يبدل من الهمز ياء في الأصل فيقول في استهزئ استهزيت فيجب على استهزيت يستهزون ، قلت وقد قرئ ، (لا يأكله إلا الخاطون) ، بضم الطاء وترك الهمز رويت عن نافع كما قرأ (والصابون) ، فلا وجه لإخمال هذا الوجه أما كسر ما قبل الواو الساكنة فحقيق بالإخمال لأنه لا يوجد في العربية نظيره وهو الذي أراده الناظم رحمه الله تعالى إن شاء الله ، وتقدير البيت الحذف فيه وضم يعني في الحرف الذي قبل الهمز لأنه صار قبل الواو الساكنة فضم كما في قاضون ونحو ثم قال وكسر قبل قيل يعني قيل بالكسر قبل الواو وأخمل هذا القول لأنه على خلاف اللغة العربية ولو أراد الناظم المعنى الأول لقال قيلا بالألف والوزن مؤات له على ذلك فلما عدل عنه إلى قيل دل على أنه ما أراد إلا وجها واحدا فيصرف إلى ما قام الدليل على ضعفه وهو الكسر ولا معنى لصرفه إلى الضم مع كونه سائغا في اللغة والألف في أخملا للإطلاق لا للتثنية والخامل الساقط الذي لا نباهة له وقد خمل يخمل خمولا وأخملته أنا والله أعلم
(248)
وَمَا فِيهِ يُلْقى وَاسِطاً بِزَوَائِدٍ دَخَلْنَ عَلَيْهِ فِيهِ وَجْهَانِ أُعْمِلاَ
أي واللفظ الذي فيه يوجد الهمز متوسطا بسبب حروف زوائد دخلن عليه واتصلن به خطا أو لفظا ولم يأته التوسط من انتظام حروف الكلمة فيه وجهان أعملا أي استعملا مأخذ الوجهين أنه هل يعطي ذلك الهمز حكم المتوسط فيسهل تسهيل مثله على ما سبق تفصيله أو حكم المبتدأ فيحقق وأصل ذلك الاعتداد بالزائد العارض وعدم الاعتداد به ، قال في التيسير والمذهبان جيدان وبهما ورد نص الرواة ، قلت ولا ينبغي أن يكون الوجهان إلا تفريعا على قول من لا يرى تخفيف الهمز المبتدإ لحمزة في الوقف خلف أما من يرى ذلك فتسهيله لهذا أولى لأنه متوسط صورة وقد سبق التنبيه عليه وقوله يلفي أي يوجد ومنه قوله تعالى (ما ألفينا عليه آباءنا) ، أي ما وجدنا كما قال تعالى ذلك في سورة لقمان ، وقوله واسطاً هو اسم فاعل من وسطت القوم وقد سبق ذكره ثم مثل ذلك فقال
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(249)
كَمَا هَاوَيَا وَالَّلامِ وَالْبَا وَنَحْوِهَا وَلاَمَاتِ تَعْرِيفٍ لِمَنْ قَدْ تَأَمَّلاَ
ما في قوله كما زائدة أي الزائد مثل لفظ هاويا أماها ففي نحو (هأنتم هؤلاء) ، لأن الكلمة التي للإشارة إلى الجماعة أولاء دخل عليها حرف التنبيه وهو هاويا حرف النداء نحو (ياءيها-يا ءدم-يا ءولي)-(يا ءخت هارون) ، وإنما عد الهمز في هذين الموضعين متوسطا وإن كان الزائد الداخل عليه كلمة مستقلة بنفسها من جهة الاتصال خطا لأن ألف ها و يا محذوفة في رسم المصحف الكريم واتصلت الهاء والياء بالهمزة بعدهما والألف المتصلة بالياء في نحو (يأيها) ، هي صورة الهمزة وليست ألف يا والدليل على ذلك أنه إذا لم تكن بعد يا همزة لم يكتبوا ألفا أصلا نحو (يقوم)-(وينوح) واللام نحو (لأنتم أشد-ولأبويه) والباء مثل (بأنهم) ، ونحو هذه الزوائد (فأمنوا-وأمر-كأنهم-ءأنذرتهم-أفأنت-فبأي-لبإمام-سأريكم) ونحو ذلك ، ولامات التعريف نحو (الآخرة-والأرض) ، فالهمز في كل ذلك متوسط باعتبار أن ما دخل عليه متصل به خطا أو لفظا لا يمكن انفصاله منه والزائد ما أمكن فصله من الكلمة ولا تختل بنيتها فحروف المضارعة لا تعطي حكم الزوائد والهمز بعدها متوسط بلا خلاف نحو (يؤمن-يأكل) وكذا (وأمر-فأووا-وألحق به بعضهم-يا صالح ائتنا)-(وإلى الهدى ائتنا) ، والاختيار التحقيق لتأتي الوقف على ما قبل الهمزة فإن وقف بتخفيف (الهدى ائتنا) لم يمل الألف لأنها بدل الهمزة وليست ألف الهدى وهو اختيار أبي عمرو الداني وقيل بل هي ألف الهدى وحذفت المبدلة من الهمزة ويحتمل أن ترجع ألف الهدى ويجمع بين الألفين بزيادة المد فعلى هذا تسوغ الإمالة في ألف الهدى لمن مذهبه الإمالة وقد سبق ذكر الوجهين والله أعلم ، وقوله تعالى (هاؤم) ، في الحاقة ليس لها حكم هأنتم لأن همزة هاؤم متوسطة لأنها من تتمة كلمة ها بمعنى خذ ثم اتصل بها ضمير الجماعة المتصل وها أنتم الهاء فيه للتنبيه دخل على أنتم وتسهل همزة هاؤم بلا خلاف بين بين ويوقف هاؤم ومنع مكي من الوقف عليها ظنا منه أن الأصل هاؤموا بواو وإنما كتبت على لفظ الوصل فحذفت فقال لا يحسن الوقف عليها لأنك إن وقفت على الأصل بالواو خالفت الخط وإن وقفت بغير وخالفت الأصل وذكر الشيخ معنى ذلك وشرحه وهو سهو فإن الميم في هاؤم مثل الميم في أنتم الأصل فيها الصلة بالواو على ما سبق في بيان قراءة ابن كثير ورسم المصحف الكريم في جميع هذا الباب بحذف الواو فيما ليس بعده ساكن فما الظن بما بعده ساكن فالوقف على الميم لجميع القراء وإذا كان ابن كثير الذي يصل ميم الجمع بواو في الوصل لا يقف بالواو على الأصل فما الظن بغيره فإن قلت هلا جرى الوجهان في نحو (دعاؤكم-و-هاؤم) ، لأن الهمز فيها متوسط بزائد دخل عليه بعده كما لو كان الزائد قبله قلت لأن الهمز هنا دائر بين أن يكون متوسطا أو متطرفا وأياما كان فحمزة يسهله بخلاف ما إذا كان الزائد متقدما فإن الهمز يصير مبتدأ والمبتدأ فيه الخلاف كما سبق ولم تكن له حاجة إلى ذكر لام التعريف لأنه قد فهم له الخلاف فيه مما سبق في مذهب ورش ولكنه أراد إعلام أنه من هذا النوع والنقل فيه أولى من غيره والله أعلم
(250)
وَاشْمِمْ وَرُمُ فِيمَا سِوى مُتَبَدِّلٍ بِهَا حَرْفَ مَدٍّ وَاعْرِفِ الْبَابَ مَحْفِلاً
هذا عطف على كلام مقدر دل عليه ما تقدم أي افعل ما ذكرت لك من تخفيف الهمزة وأشمم ورم في مواضع ذلك بشرطه أي أن تخفيف الهمز المتطرف ليس بمانع من جريان الروم والإشمام فقطع بهذا الكلام وهم من توهم ذلك والروم والإشمام من خصائص الأطراف يجريان في المضموم دون المفتوح عند القراء ويجري الروم وحده في المكسور فمعنى البيت أنهما جائزان في كل ما تقدم بشروطهما إلا في موضع يبدل طرفه بالهمزة حرف مد أي ألفا أو واوا أو ياء سواكن وقبلهن حركات من جنسهن أو ألف فلا روم ولا إشمام حينئذ لأن هذه حروف سواكن لا أصل لهن هنا في الحركة فصرن مثلهن في يخشى ويدعوا ويرمي وذلك نحو-الملأ-ولؤلؤ-والباريء-ويشأ-وضابطه كل همز طرف قبله متحرك أو ألف وقد سبق ذكر النوعين في قوله فأبدله عنه حرف مد مسكنا ويبدله مهما تطرف مثله فأما ما قبله ساكن غير الألف فيصح رومه وإشمامه وهو نوعان أحدهما ما ألقي فيه حركة الهمز على الساكن نحو دفء والثاني ما أبدل فيه الهمز حرفا وأدغم فيه ما قبله نحو (قروء-وشيء) ، فكل واحد من هذين النوعين قد أعطي حركة فترام تلك الحركة ، أما ما ألقى عليه حركة الهمز فظاهر وأما نحو-قروء-فقد أدغم في الحرف المبدل من الهمز ما قبله ولا يدغم إلا في متحرك وضابطه كل همز طرف قبله ساكن غير الألف وهذا معنى قول صاحب التيسير والروم والإشمام جائزان في الحرف المتحرك بحركة الهمزة وفي المبدل منها غير الألف ، ومحفل القوم مجتمعهم أي هذا الباب موضع اجتماع أنواع تخفيف الهمز فاعرفه ونصبه على الحال
(251)
وَمَا وَاوٌ أَصْلِيٌّ تَسَكَّنَ قَبْلَهُ أوِ الْيَا فَعَنْ بَعْضٍ بِالإِدْغَامِ حُمِّلاَ
أي والهمز الذي تسكن قبله واو أصلي يعني إذا وقعت واو أصلية ليست بزائدة وهي ساكنة قبل الهمز نحو (سوء-والسوأى) أو ياء كذلك نحو (شيء)-(واستيأس) ، فقد ذكر أن مثل هذا تنقل إليه الحركة وتقدم أنهما لو كانا زائدين أبدل الهمز مثلهما وأدغما فيه فروى بعضهم عنه إجراء الأصلي مجرى الزائد في الإبدال والإدغام وحكى جواز ذلك عن العرب يونس وسيبويه وكان الأحسن أن يذكر هذا البيت عقيب قوله ويدغم فيه الواو والياء مبدلا إذا زيدتا البيت ويقول عقيبه وإن ولو أصلى بلفظ حرف إن الشرطية فهي أحسن هنا من لفظ ما وأقوم بالمعنى المراد ولو فعل ذلك لاتصل الكلام في الإدغام واتصل هنا كلامه في الروم والإشمام فإن هذا البيت الآتي متعلق بقوله وأشمم ورم على ما سنبينه فوقع هذا البيت فاصلا في غير موضعه من وجهين وبعضهم صوب ما فعله الناظم وقال قصد أولا أن يلخص من أحكام التسهيل حكما واحدا اشتهر ثم يذكر بعد ذلك أحكاما أخر كما فعل في (مستهزؤن) وغيره والله أعلم
(252)
وَمَا قَبْلَهُ التَحْرِيكُ أَوْ أَلِفٌ مُحَرَّكاً طَرَفاً فَالْبَعْضُ بالرَّوْمِ سَهَّلاَ
المذكور في هذا البيت هو ما امتنع رومه وإشمامه لأجل البدل على ما تقدم بيانه حكى فيه وجه آخر عن حمزة أنه كان يجعل الهمز في ذلك بين بين كأنه لما كان البدل يفضي إلى تعطيل جريان الروم المختار لجميع القراء على ما سيأتي في بابه لم يبدل وخفف الهمز بالتسهيل كما لو كان الهمز متوسطا إلا أن الوقف لا يكون على متحرك بل على ساكن أو مروم فالوقف بالسكون لا تسهيل معه إلا بالبدل والوقف بالروم يتأتى التسهيل معه بلفظ بين بين فنزل النطق ببعض الحركة وهو الروم منزلة النطق بجميعها وكل ذلك حركة الهمزة فسهلها بين بين فهذا معنى قوله بالروم سهلا أي في حال الروم أي وقع التسهيل بحالة الروم ، وخفي هذا المعنى على قوم فقالوا لا معنى لبين بين إلا روم الحركة فعبر عن الروم بكونه يجعلها بين بين وهذا التأويل ليس بشيء فإن النطق بالروم غير النطق بالتسهيل برهانه أن الروم عبارة عن النطق ببعض حركة الحرف فلا يلزم من ذلك تغيير ذلك الحرف كما إذا رام الدال من زيد والتسهيل بين بين بغير لفظ النطق بالهمزة والروم نطق ببعض حركة الهمزة أو حركة ما جعل بدلا عنها وهو كونها بين بين وهذا أوضح ولله الحمد ، فحاصل ما في هذا البيت أن ما دخل في الضابط الذي ذكره وسنبينه فلحمزة فيه وجهان ، أحدهما أن يقف بالسكون فيلزم إبدال الهمز حرف مد فلا روم إذا ولا إشمام كما سبق ذكره وهذا الذي تقدم استثناؤه له ، والثاني أنه يروم حركة الهمزة ويجعلها بين بين ثم إذ قلنا بهذا الوجه فهل يجري في المفتوح جريانه في المضموم والمكسور أو لا يجري فيه إذ لا روم فيه عند القراء فيه اختلاف ، وقد ذكر هذا الوجه مكي في الكشف وجعله المختار فيما يؤدي فيه الوقف بالسكون إلى مخالفة الخط نحو (تفتأ) ، واختار الوقف بالسكون فيما يوافق الخط نحو (يبديء) ، وقوله محركا طرفا حالان من الهمز المعبر عنه بما في قوله وما قبله التحريك أو ألف أي والهمز المحرك الذي هو طرف إذا وقع قبله تحريك نحو (قال الملأ) أو ألف نحو (يشاء) ، فالبعض وقف بالروم وسهل ويجوز أن يكون طرفا حالا من الضمير المستكن في محركا ويجوز أن يكون محركا حالا من مفعول سهل المحذوف تقديره فالبعض بالروم سهلة محركا طرفا وفيه ضعف لتقدمه على فاء الجزاء ولا يستقيم أن يكون طرفا تمييزا على معنى محركا طرفه لأن المراد بالمحرك هو الطرف وهو الهمز ولو كان المراد بالمحرك اللفظ لاستقام ذلك لكن لا يمكن أن يكون المراد به اللفظ لقوله وما قبله التحريك أو ألف لأن المراد أن الحركة أو الألف قبل الهمزة لا قبل اللفظ ولا يكون في هذا النوع إشمام لأن حالة الروم لا حاجة إلى الإشمام وأن يبدل الهمز حرف مد فلا إشمام أيضا ولا روم على ما سبق فلو كان هذا البيت جاء عقيب قوله وأشمم ورم لكان أوضح للمقصود وأبين ، وقلت أنا بيتين قربا معنى بيتيه على ما شرحناهما به ، (وأشمم ورم في كل ما قبل ساكن سوى ألف وامنعهما المد مبدلا) ، أي في كل همزة قبلها ساكن غير الألف وهما نوعان النقل والإدغام كما سبق أو يقول ، (وأشمم ورم تحريك نقل ومدغم كشيء دف وامنعهما المد مبدلا) ، أي وامنع المد أي في حرف المد المبدل من الهمز من الروم والإشمام ، ثم بين ذلك الذي يمنعه منهما فقال ، (وذلك فيما قبله ألف أو الذي حركوا والبعض بالروم سهلا) ، فانضبط في هذين البيتين على التفصيل كل ما يدخله الروم والإشمام وما يدخلانه والله أعلم
(253)
وَمَنْ لَمْ يَرُمْ وَاعَتدَّ مَحْضاً سُكُونَهُ وَألْحقَ مَفْتُوحاً فَقَدْ شَذَّ مُوغِلاَ
أي ومن الناس من لم يرم لحمزة في شيء من هذا الباب أي ترك الروم في الموضع الذي ذكرنا أن الروم يدخله وهو كل ما قبله ساكن غير الألف فنفى الروم فيه وألحق المضموم والمكسور بالمفتوح في أن لا روم فيه فلم يرم ، (لكم فيها دفء)-كما لم يرم-(يخرج الخبء) ، فقال الناظم هذا قد شذ مذهبه موغلا في الشذوذ لأنه قد استقر واشتهر أن مذهب حمزة الروم في الوقف إلا فيما ثبت استثناؤه ويجوز أن يكون هذا القائل بنى مذهبه في ترك الروم على أن حمزة وقف على الرسم فاسقط الهمزة إذ لا صورة لها في نحو (سوء-وشيء-ودفء-وقروء) ، فما قبل الهمز في ذلك كله حرف ساكن لا حظ له في الحركة فلا روم وهذا مأخذ حسن والله الحمد ، ويجوز أن يكون نظر إلى أن حركة النقل والمدغم من جنس الحركة العارضة وتلك لا يدخلها روم ولا إشمام فقاس هذه عليها ، ويقال في نظم هذا ، (ومن لم يرمه أو يشم وقاسه بعارض شكل كان في الرأي محملا) ، ولو أتى بهذا البيت بعد قوله وأشمم ورم كان أحسن لأنه متعلق به وليس هو من توابع قوله فالبعض بالروم سهلا والهاء في سكونه عائدة على من في قوله ومن لم يرم أو على الحرف الذي لا يرام لأن سياق الكلام دال عليه ولا تعود على صاحب القراءة لأنهما اثنان حمزة وهشام إلا أن يريد حمزة وحده أو القارئ من حيث هو قارئ ويقطع النظر عن تعدده ، فإن قلت لم لم تعد على ما في قوله وما قبله التحريك والتقدير فالبعض سهله بالروم ومن لم يرمه واعتد محضا سكونه فقد شذ ويكون هذا البيت من تبع البيت الذي قبله لا من أتباع قوله وأشمم ورم أي ومن لم يرم في هذا المتحرك الطرف الذي قبله متحرك أو ألف ولم ير الوقوف عليه إلا بالسكون فقد شذ ، قلت يمنع من ذلك أنه قد منع الروم والإشمام في موضع يبدل فيه الهمز حرف مد والموضع الذي يبدل فيه الهمز حرف مد هو المحرك الطرف الذي قبله محرك أو ألف فإذا كان هذا مختارا فيه ترك الروم كيف يعود يقول ومن لم يرم فقد شذ وإنما أشار بهذا إلى الموضع الذي نص على جواز رومه ، فإن قلت إن كان هذا هو المراد فهل لا قال ومن لم يرم ولم يشم ولم اقتصر على ذكر الروم دون الإشمام قلت يجوز أن يكون هذا الفريق الذي نفى الروم جوز الإشمام ولم ينفه لأنه إشارة بالعضو لا نطق معه فهو أخف من الروم والباب باب تخفيف فناسب ذلك ذلك ويجوز أن يكون أيضا نفى الإشمام واقتصر الناظم على ذكر الروم اجتزاء به عن الإشمام لأن الكلام فيه من القوة والوضوح ما يدل على ذلك فهو من باب قوله تعالى (سرابيل تقيكم الحر) ، ولم يقل تعالى والبرد لأنه معلوم والله أعلم ، على أن من الناس من جعل هذا البيت متعلقا بما قبله وقال من الناس من أنكر الروم في هذا النوع فتعذر التسهيل وأخذ في ذلك بالبدل لا غير فهذا قد أتى بقول شاذ لكونه أنكر هذا الوجه وهو مروي عن حمزة قال ومنهم من أجرى التسهيل بالروم بالمفتوح أيضا وهذا أتى أيضا بقول شاذ مخالف لما عليه اختيار القراء فأشار الناظم في هذا البيت إلى إبطال هذين القولين أي ومن لم يأخذ بالتسهيل في ذلك وأخذ به في الحركات كلها فقد شذ وإنما ينبغي الأخذ به في المضموم والمكسور لأنهما محل الروم عند القراء ، وقوله محضا أي ليس فيه للتحريك شائبة ما لأن الروم بخلاف ذلك وهو منصوب على أنه مفعول ثان لقوله اعتد لأنه بمعنى حسب وظن واعتقد ونحو ذلك ومفتوحا ثاني مفعولي ألحق على حذف حرف الجر والمفعول الأول محذوف أي ألحق مضموم هذا البيت ومكسوره بالمفتوح الذي أجمعوا على ترك رومه والإيغال السير السريع والإمعان فيه
(254)
وَفِي الْهَمْزِ أَنْحَاءٌ وَعِنْدَ نُحَاتِهِ يُضِيءُ سَنَاهُ كُلَّمَا اسْوَدَّ أَلْيَلاَ
أي وروى في تخفيف الهمز وجوه كثيرة وطرائق متعددة اشتمل عليها كتب القراآت الكبار والانحاء المقاصد والطرائق واحدها نحو وهو القصد والطريقة وقد ذكر الناظم رحمه الله تعالى من تلك الطرائق أشهرها وأقواها لغة ونقلا وذكر شيئا من الأوجه الضعيفة ونبه على كثرة ذلك في كتب غيره والهاء في نحاته وسناه للهمز أي يضيء ضوءه عند النحاة لمعرفتهم به وقيامهم بشرحه كلما أسود عند غيرهم لأن الشيء الذي يجهل كالمظلم عند جاهله والنحويون هم المتصدون لكشف ما أشكل من هذا ونحوه مما يتعلق باللسان العربي ، هذا إن كان كلما مفعولا ليضيء وتكون ما نكرة موصوفة أي كل شيء أسود ويجوز أن يكون ظرفا لازما لأن ما يجوز أن تكون ظرفية ولفظ كل إذا أضيف إلى الظرف صار ظرفا كقوله تعالى (كل يوم هو في شأن) ، فمعناه على هذا كلما أسود الهمز عند غير النحاة أضاء عندهم سناه أي كثر ضوؤه فيكون يضيء بلا مفعول لأن أضاء يستعمل لازما ومتعديا ، قال الله تعالى (كلما أضاء لهم مشوا فيه) ، وقال فلما أضاءت ما حوله فعبر الناظم بالإضاءة عن وضوحه عند العلماء به وبالسواد عن إشكاله عند الجاهلين له وأليلا حال أي مشبها ليلا أليل في شدة سواده يقال ليل أليل ولائل أي شديد الظلمة كقولهم شعر شاعر للتأكيد والمبالغة والله تعالى أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

باب الإظهار و الإدغام
(255)
سأَذْكُرُ أَلْفَاظًا تَلِيهَا حُرُوفُهَا بالإظْهَارِ وَالإدْغَامِ تُرْوىَ وَتُجْتَلاَ
أراد بالألفاظ كلمات تدغم أواخرها السواكن وهي لفظ إذ وقد وبل وهل ونفس تاء التأنيث وقوله تليها حروفها أي يتبع كل لفظ منها ذكر الحروف التي تدغم أواخر هذه الألفاظ فيها وتظهر على اختلاف القراء في ذلك وإنما يذكر تلك الحروف في أوائل كلمات على حد ما مضى في شفا لم تضق وللدال كلم ترب سهل ونحو ذلك والله أعلم
(256)
فَدُونَكَ إِذْ فِي بَيْتهَا وَحُرُوفُهَا وَمَا بَعْدُ بالتَقْييدِ قُدْهُ مُذَلَّلاَ
إذ منصوب المحل على الإغراء كقوله ودونك الإدغام أي خذ من تلك الألفاظ كلمة إذ فهي السابقة في الذكر في بيتها أي تفرد لذكرها بيت مستقل تذكر فيه هي والحروف التي تدغم الذال منها فيها فقوله وحروفها بالنصب عطف على إذ وما بعد معطوف أيضا أي وخذ ما أذكره بعد ذلك وسنبينه في البيت الآتي ويجوز أن يكون مبتدأ وما بعده خبره أي وما يأتي بعد ذلك قده مذللا أي خذه سهلا بسبب التقييد الذي أبينه به أي لا أدع فيه إلباسا وهو من قولهم بعير مذلل إذا كان سهل القياد وهو الذي خزم أنفه ليطاوع قائده ثم بين ذلك فقال
(257)
سَأُسْمِي وَبَعْدَ الْوَاوِ تَسْمُو حُرُوفُ مَنْ تَسمَّى عَلَى سِيمَا تَرُوقُ مُقَبَّلاَ
يعني أسمى القراء إما بأسمائهم أو بالرمز الدال عليهم ثم آتي بواو فاصلة بعد الرمز وآتي بعد الواو الفاصلة بحروف من سميت من القراء يعني الذي يظهر ذلك القارئ ذال إذ عندها أو يدغم وهذا في غير القراء الذين اطرد أصلهم في إظهار واحدة من الألفاظ المذكورة عند جميع حروفها وإدغامها فإنه يقول في هذا أظهرها فلان وأدغمها فلان ثم يذكر من انقسم مذهبه إلى إظهار وإدغام فيقول وأظهر فلان كذا وأدغم فلان كذا ، وحكمة الواو الفاصلة أن لا تختلط الحروف الدالة على القراء بالحروف المدغم فيها ولهذا إذا صرح باسم القارئ لا يأتي بالواو كقوله وأدغم ورش ضر-ظمآن-وأدغم ورش ظافرا وإن رمز أتى بالواو كقوله وأظهر-ريا-قوله واصف جلا فالواو في واصف فاصلة بين رمز القراء والحرف المدغم فيه ولولا الواو لم تعرف كلمة رمز القراء من كلمة رمز الحروف ومثله وأدغم مرو واكف ضير وأدغم كهف وافر سيب لولا الواو لكانت الضاد من ضير والسين من سيب محتملة أن تكون رمز القارئ ورمز الحرف المدغم فيه وإذا صرح بالاسم لم يكن إلباس لأنه قد تمهد من معرفة اصطلاحه أنه لا يجمع بين رمز ومصرح باسمه والسمو الارتفاع والعلو كنى به عن ذكر الحروف على وجه ظاهر لا إلباس فيه بسبب أنه قد فصل بالواو بينها وبين رمز القارئ ، والسيما العلامة وراق الشي صفا أي أذكر ذلك على طريقة واضحة مستحسنة والمقبل التقبيل أو نفس الثغر وهو منصوب على التمييز أو عبر به عن نفس الفم لأن الفم منه يخرج الكلام فأشار إلى ما يحصل بالإثبات من العلم كأنها خاطبتك به فيحصل منها ما يشفيك ويروقك أي يقوم بما تريده منها وكل هذه الألفاظ استعارات حسنة المعنى متجانسة الألفاظ نبه بها على حسن ذكره لاختلاف القراء في هذا الباب لأنه احتاج فيه إلى زيادة لم يكن محتاجها في غيره ثم ذكر أن هذا الصنيع يصنعه أيضا في غير إذ من باقي الألفاظ فقال
(258)
وَفِي دَالِ قَدْ أَيْضًا وَتَاءٍ مُؤَنَثِ وَفِي هَلْ وَبَلْ فَاحْتَلْ بِذِهْنِكَ أَحْيَلاَ
أي أذكر ذلك أيضا في باقي الألفاظ ، وقوله احتل من الحوالة أو من الحيلة وأحيلا من الحيلة يقال هو أحيل منك وأحول منك أي أكبر حيلة وهو منصوب على الحال والذهن الفطنة والحفظ أي احتل بذهنك على ما وعدتك به أو احتل في استخراجه ، وهذه الأبيات الأربعة غير وافية بالتعريف بما صنعه في هذه الأبواب على ما ستراه وتهيأ لي مكانها أربعة أبيات لعلها تفي بأكثر الغرض فقلت سأذكر ألفاظا أخيرا حروفها البيت أي الحرف الأخير من كل لفظ منها هو الذي يروى بالإظهار والإدغام فهو أولى من نسبة ذلك إلى اللفظ بكماله ثم ذكرت الألفاظ فقلت ، (فدونك إذ قد بل وهل تا مؤنث لدي أحرف من قبل واو تحصلا) ، أي أذكر كل واحد منها وحروفها التي عندها يختلف في إظهارها وإدغامها فإذا تمت الحروف جاءت كلمة أولها واو دليلا على انفصالها ، (وقراءها المستوعبين وبعدهم أسمى الذي في أحرف اللفظ فصلا) ، أي ودونك القراء الذين استوعبوا الإظهار عند الحروف والإدغام أي أول ما أبدأ أن أقول أظهر هذا الحرف عند جميع الحروف أو أدغم فلان وفلان وبعد ذلك أذكر من فصل فأدغم في بعض وأظهر في بعض فإذا فرغ ذكر من فصل علمت أن باقي القراء استوعبوا الإدغام في الجميع إن كان الأولون أظهروا والإظهار إن كان المستوعبون الأولون أدغموا ثم ذكرت كيفية نظمه لمن استوعب أو فصل من القراء فقلت ، (ويرمز مع واو وبعد حروفه أوائل كلم بعدها الواو فيصلا) ، أي بعد الفراغ من الرمز للقراء تأتي الواو الفاصلة فهي بعد المستوعبين فاصلة بين المسائل على ما جرت به العادة في سائل المسائل ففصل بها هنا بين المستوعبين والمفصلين كقوله فإظهارها أجرى دوام نسيمها وأظهر قالوا وفي أظهر مثال ما ذكرناه والواو الآتية بعد رمز المفصلين فاصلة بين القراء وحروفهم التي أدغموا عندها أو أظهروا فإذا تمت حروف ذلك الرمز جاءت واو أخرى فاصلة بين المسائل وهي التي تجري في سائر المواضع ، فحاصل الأمر أنه احتاج في هذا الباب إذا ذكر القارئ المفصل بالرمز إلى واوين فاصلتين ، الأولى بين القارئ والحروف والثانية بين المسائل ، وتأتي أمثلة ذلك في استعماله وقوله أوائل كلم بيان لكيفية ذكر الحروف ثم ذكر ذال إذ فقال
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

ذكر ذال إذ
(259)
نعم (إ)ذ (تـ)مشت (ز)ينب (صـ)ـال (د)لُّهَا (سـ)مِيَّ (جـ)مال واصلا من توصلا
كأنه قدر أن مستدعيا طلب منه الوفاء بما وعد في قوله سأذكر فقال مجيبا نعم وهو على عادته في تضمين الكلمات المأخوذ حروف أوائلها إما تغزل كما تقدم في شفا لم تضق وإما بثناء على صالح كقوله ترب سهل وحيث تغزل عني واحدة من نساء أهل الجنة على ما هو لائق بحاله رضي الله عنه ، وصال بمعنى استطال ووثب والدل الدلال وسمي جمال وإصلاحا لأن من الدل والسمي الرفيع ومعنى واصلا من توصلا أي يصل من توصلا إليه أي الحروف التي تدغم فيها ذال إذ هي هذه الستة من التاء إلى الجيم وواو واصلا فاصلة وأمثلة ذلك (إذ تبرأ الذين)-(وإذ زين)-(وإذا صرفنا)-(إذ دخلوا عليه)-(لولا إذ سمعتموه)-(إذ جاءكم من فوقكم) ، ثم ذكر من أظهرها في الكل فقال
(260)
فإِظْهَارُهَا (أ)جْرى (د)وَامَ (نُـ)سَيمِهَا وَأَظْهَرَ (رُ)يَا (قـ)وْلِهِ وَاصِفٌ جَلاَ
أي أظهر ذال إذ عند جميع حروفها الستة نافع وابن كثير وعاصم وتابعهم الكسائي وخلاد عند الجيم فقط وأدغما عند البواقي والإظهار في جميع هذه الأبواب هو الأصل ووجه الإدغام التخفيف لقرب المخارج ومن فرق جمع بين اللغتين وقيل ليست الجيم كالبواقي في القرب من الذال والواو في وأظهر وفي واصف للفصل ، والنسيم الريح الطيبة والريا بالقصر الرائحة الطيبة والهاء في قوله لواصف وريا مفعول أظهر أي أظهر واصفها طيب رائحة قوله أي لما وصفها واصف وجلا وصفها أي كشفه ، أظهر بقوله ثناء عطرا وما أظهرته من الجمال والزينة أجرى دوام نسيمها ثم ذكر باقي المفصلين الذين أدغموا في بعض وأظهروا في بعض فقال
(261)
وَادْغَمَ (ضَـ)ـنْكاً وَاصِلٌ تُومَ (دُ)رّه وَادْغَمْ (مُـ)ـوْلَى وُجْدُهُ (د)ائمٌ وَلاَ
أي أدغم خلف عند التاء والدال وأظهر عند الأربعة الباقية وأدغم ابن ذكوان عند الدال وحدها وأظهر عند الخمسة الباقية وباقي القراء وهم أبو عمرو وهشام فقط على الإدغام عند الستة والواو في وأدغم في الموضعين وفي ولا للفصل بين المسائل والواو في واصل وفي وجده للفصل بين الرمز والحرف والضنك الضيف والتوم جمع تومة وهي الحبة تعمل من الفضة كالدر أي أدغم الضيق رجل وصل توم دره والمولى هنا هو الولي المحب والوجد بضم الواو الغني ومولى فاعل أدغم ، وقوله وجده دائم جملة إبتدائية في موضع الصفة لمولى أي غناه بها دائم ستر أمره وكتم ضره والولا بالكسر المتابعة ويكون صفة لمولى أيضا على تقدير ذو ولا أو يكون محله نصبا على التمييز أي متابعة دائمة ولو كان ولا بالفتح بمعنى الموالاة لكان حسنا وكان مفعول أدغم الثاني أي أدغم المولى ولاه ومحبته ويكون موافقا لأدغم الأول فإن ضنكا مفعوله والله أعلم
ذكر دال قد
(262)
وَقَدْ (سَـ)ـحَبَتْ (ذ)يْلاً (ضَـ)ـفَا (ظ)ـلَّ (زَ)رْنَبٌ (جـ)ـلَتْهُ (صـ)ـبَاهُ (شـ)ـاَئِقاً وَمُعَلِّلاَ
أي والحروف التي تدغم فيها دال قد وتظهر في هذه الثمانية من السين إلى الشين أمثلتها (قد سمع الله)-(ولقد ذرأنا)-(قد ضلوا)-(فقد ظلم نفسه)-(ولقد زينا)-(ولقد جاءهم)-(ولقد صرفنا)-(وقد شغفها حبا) ، والواو في ومعللا فاصلة والضمير في سحبت لزينب المقدم ذكرها وضفا طال والزرنب ضرب من النبات طيب الرائحة جلته صباه أي كشفته ريحه وشائقا خبر ظل أي يشوق من وجد ريحه ومعللا عطف عليه أي مرويا لظمائه إليه مرة بعد مرة أو ملهيا له عن كل شيء يقال علله بالشيء أي ألهاه به والهاء في جلته لزرنب وفي صباه للذيل يعني أن طيب ريح ذيلها كشف عن طيب الزرنب وأبان محله كأنه إذا شم الزرنب تذكر به ريح ذيلها فيظل الزرنب شائقا ومعللا ، وللشعراء في هذا المعنى وما يقاربه نظوم كثيرة والله أعلم
(263)
فَاظْهَرَهَا (نـَ)ـجَمٌ (بـ)ـدَا (دَ)ـلَّ وَاضِحاً وَأَدْغَمَ وَرْشٌ (ضَـ)ـرَّ (ظ)ـمْآنَ وَامْتَلاَ
أي فأظهر دال قد عند جميع حروفها عاصم وقالون وابن كثير وأدغمها ورش عند الضاد والظاء فقط وأظهرها عند باقي الحروف فهو في هذا الباب والذي بعده مفصل وكان من المستوعبين الإظهار في ذال إذ والواو في واضحا وامتلأ للفصل وقد تكررت في الموضعين بواو وأدغم بعدهما ، والنجم يكنى به عن العالم
(264)
وَادْغَمَ (مُـ)ـرُوٍ وَاكِفٌ (ضـ)يْرَ (ذ)ابِلٍ (ز)وى (ظ)ـلَّهُ وَغْرٌ تَسَدَّاهُ كَلْكلاَ
أي وفصل ابن ذكوان أيضا فأدغم عند الضاد والذال والزاي والظاء وأظهر عند الأربعة الباقية ، والواو في واكف وفي وغر فاصلة ومرو واسم فاعل من أروى يروي ويقال وكف البيت أي قطر والضير الضر والذابل الذاوي وزوى من زويت الشيء أي جمعته ومنه زوى فلان المال عن ورثته والوغر جمع وغرة وهي شدة توقد الحر وتسداه أي علاه وكلكلا بدل من الهاء في تسداه بدل البعض من الكل على حذف الضمير أي كلكله والكلكل الصدر أي لم يبق الوغر له ظلا لنحافته وضره
(265)
وَفِي حَرْفِ زَيَّنَا خِلاَفٌ وَمُظْهِرٌ هِشَامٌ بِص حَرْفَهُ مُتَحمِّلاَ
أي اختلف عن ابن ذكوان في (ولقد زينا) ، فروى له فيه الإظهار والإدغام ، قال صاحب التيسير روى النقاش عن الأخفش الإظهار عند الزاي وأظهر هشام (لقد ظلمك) ، في ص فقط ولم تجيء دال قد عند الزاي إلا في (ولقد زينا) ، الذي فيه الخلاف لابن ذكوان فلهذا لم يضره تخصيص لفظ زينا وأما دال قد عند الظاء فجاءت في غير حرف ص فلهذا قيد بص وليس فيها غير هذا الموضع فتعين ، فقد صار ابن عامر بكماله مفصلا أدغم بعضا وأظهر بعضا وورش كذلك والباقون وهم أبو عمرو وحمزة والكسائي أدغموها في الجميع وهشام مبتدأ ومظهر خبره مقدم عليه وحرفه مفعول بالخبر ومتحملا حال أي تحمل هشام ذلك ونقله والهاء في حرفه تعود على هشام لأنه لم يظهر غير هذا الموضع فهو حرفه الذي اشتهر بإظهاره ولو عاد على ص لقال حرفها والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

ذكر تاء التأنيث
(266)
وَأَبْدَتْ (سَـ)ـنَا (ثَـ)غْرٍ (صـ)ـفَتْ (ز)رْقُ (ظَ)لمِهِ (جـ)ـمَعْنَ وُرُوداً بَارِداً عَطِر الطِّلاَ
أي تاء التأنيث الساكنة المتصلة بالأفعال في أي كلمة وقعت اختلفوا في إظهارها وإدغامها عند هذه الحروف الستة من السين إلى الجيم وتجمع أمثلتها بهذا البيت ، (مضت كذبت لهدمت كلما خبت ومع نضجت كانت لذلك مثلا) ، أي هذا المذكور مثل ذلك وإنما نظمتها لأن أمثلتها تصعب لأنها ليست بلفظ واحد فيستذكر به ما بعده بخلاف إذ وقد ، وقد أتيت بالأمثلة على ترتيب الحروف المذكورة في البيت إلا أن الجيم قد تقدمت على الظاء وهي (مضت سنت الأولين)-(كذبت ثمود)-(لهدمت صوامع)-(كلما خبت زدناهم)-(نضجت جلودهم)-(كانت ظالمة) ، والواو في ورودا فاصلة ثم تمم البيت بما يلائم معناه المقصود بظاهر اللفظ ، والضمير في أبدت لزينب والسنا الضوء والثغر ما تقدم من الأسنان وزرق جمع أزرق بوصف الماء لكثرة صفائه بذلك ويقولون نطفة زرقاء أي صافية وقال زهير ، (فلما وردن الماء زرقا حمامه وضعن عصى الحاضر المتخيم) ، والظلم ماء الأسنان وبريقها هو كالسواد داخل عظم السن من شدة البياض كفر ند السيف وقال الشاعر ، (إلى شنباء مشربة الثنايا بماء الظلم طيبة الرضاب) ، الشنباء ذات الشنب وهو حدة في الأسنان حين تطلع يراد حداثتها وقيل هو بردها وعذوبتها ، والرضاب الريق ، وقوله جمعن يعني الرزق ورودا أي ذا ورود يعني الريق والورود الحضور ثم وصفه بأنه بارد عطر والطلاء بالمد ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه ويسمى به الخمر أيضا والعطر الطيب الرائحة ومن عادة الشعراء تشبيه الريق بالخمر لجلالتها عند الجاهلية وتبعهم في ذلك من بعدهم من الشعراء ، قال الشيخ أو يكون الطلا بمعنى الشفا من طلا الإبل قلت وقصره في الوقف على ما مضى في أجذم العلا والله أعلم
(267)
فإِظْهَارُهَا (دُ)رٌّ (نَـ)مَتْهُ (بُـ)ـدُورُهُ وَأَدْغَمَ وَرْشٌ (ظَ)ـافِراً وَمُخَوِّلاَ
أي أظهرها عند جميع حروفها الستة ابن كثير وعاصم وقالون وهم الذين أظهروا دال قد عند حروفها الثمانية وإنما غاير بين ألفاظ الرمز في الموضعين كما غاير في عبارة الإظهار بين اللفظين فقال في دال قد فأظهرها نجم بجملة فعلية وقال هنا بجملة إسمية حذرا من تكرار الألفاظ واشتراكها ومعنى نمته رفعته وأدغم ورش عند الظاء فقط كما فعل في دال قد إلا أنه ليس هنا ضاد معجمة وأظهرها عند الباقي والمخول الملك وكما اتحد في البابين أسماء المستوعبين للإظهار اتحد أيضا المستوعبون للإدغام فهم أبو عمرو وحمزة والكسائي واتحد أيضا من فصل وهو ابن عامر وورش وقد تمم ذلك بقوله
(268)
وَأَظْهَرَ (كـ)ـهْفٌ وَافِرٌ (سـ)ـيْبُ (جُـ)ودِهِ (زَ)كيٌّ وَفيٌّ عُصْرَةً وَمُحَلَّلاَ
أي وأظهر ابن عامر عند ثلاثة السين والجيم والزاي والواو في وافر وفي قوله وفي فاصلة والعصرة الملجأ والمحلل المكان الذي يحل فيه وهما حالان من فاعل وأظهر أي الذي أظهر كان بهذه الصفات تشد إليه الرحال ويقتبس من فوائده والسيب العطا وقد تقدم أي عطاؤه وافر وصف الكهف بثلاث صفات وهي أنه وافر العطا وأنه زكي وفي ثم نصب عنه حالين لأجل القافية وإلا كانتا صفتين والله أعلم
(269)
وَاظْهَرَ رَاويهِ هِشَامٌ لَهُدِّمَتْ وَفِي وَجَبَتْ خُلْفُ ابْنِ ذَكْوانَ يُفْتَلاَ
أي راوي مدلول كهف أي أظهر هشام راوي ابن عامر (لهدمت صوامع) ، زيادة على ما مضى دون باقي مواضع الصاد نحو (حصرت صدورهم) وفي (وجبت جنوبها) ، خلاف لابن ذكوان دون قوله تعالى (نضجت جلودهم) ، فإنه يظهره على أصله ، وقوله يفتلى أي يتدبر ويبحث عنه من فليت الشعر إذا تدبرته واستخرجت معانيه وكذلك فليت شعر الرأس وفليته شدد للتكثير وإنما قال ذلك لأن الإظهار هو المشهور عن ابن ذكوان وعليه أكثر الأئمة ولم يذكر في التيسير غيره وذكر الإدغام في غير التيسير في قراءته على فارس ابن أحمد لابن ذكوان وهشام معا وذكر أبو الفتح في كتابه عن هشام الإدغام فيه وعن ابن ذكوان الإظهار عند الجيم حيث وقع فقد صار الخلاف في (وجبت جنوبها) عن ابن عامر بكماله والأولى الإظهار على ما أطلقه في البيت الأول
ذكر لام هل و بل
(270)
ألا بَلْ وَهَلْ (تَـ)ـرْوِي (ثَـ)ـنَا (ظ)عْنِ (زَ)يْنَبٍ (سـ)مِيرَ (فَ)ـوَاهَا (طِ)ـلْحَ (ضُ)ـرٍ وَمُبْتَلاَ
أي لام هاتين الكلمتين لها هذه الحروف الثمانية من التاء إلى الضاد اختلف في إدغامها وإظهارها عندها وكذا أطلق غيره هذه العبارة وهي موهمة أن كل واحدة من الكلمتين تلتقي مع هذه الثمانية في القرآن العزيز وليس كذلك وإنما تختص كل واحدة منها ببعض هذه الحروف وتشتركان في بعض فمجموع ما لها ثمانية أحرف واحد يختص بهل وهو الثاء نحو-هل ثوب- ، وخمسة تختص ببل وهي السين والظاء والضاد والزاي والطاء نحو-بل سولت-بل ظننتم-بل ضلوا-بل زين-بل طبع الله ، واثنان لهما معا وهما التاء والنون نحو-هل ترى-بل تأتيهم ، (هل ننبئكم) بل نحن ، فلو أن الناظم قال ، (ألا بل وهل تروى نوى هل ثوى وبل سرى ظل ضر زائد طال وابتلا) ، لزال ذلك الإيهام أي لام هل وبل لهما التاء والنون وهل وحدها الثاء وليل الخمسة الباقية والأحرف تنبيه يستفتح به الكلام ثم قال بل فأضرب عن الأول وهو الإخبار ثم استفهم فقال هل تروي أي هل تروي هذا الكلام الذي أقوله وهو ثنا ظعن زينب إلى آخره كأنه يستدعي منه أن يسمعه ذلك ومعنى ثنا كف وصرف والظن السير والسمير والمسامر هو المحدث ليلا وأضافه إلى نواها لمخالطته إياه كأنه يسامره أي سير زينب صرف محبها عن حاجته والطلح بكسر الطاء الغبي وأضافه إلى الضر لأنه منه نشا وهو منصوب على الحال من سمير نواها ومبتلا عطف عليه أي صرفته في هذه الحال ويجوز أن يكون ضمن ثنى معنى صير فيكون طلح ضر مفعولا ثانيا والله أعلم بالصواب
(271)
فَأَدْغَمَهَا (رَ)اوٍ وَأَدْغَمَ فَاضِلٌ وَقُورٌ (ثـ)ـنَاهُ (سَـ)ـرّ (تـ)ـيْماً وَقَدْ حَلاَ
أي فأدغم لامهما الكسائي عند جميع الحروف والباقون على إظهارها عند الجميع إلا حمزة وأبا عمرو وهشاما فإنهم فصلوا فأدغموا في بعض وأظهروا في بعض ، أما حمزة فأدغم في ثلاثة أحرف الثاء والسين والتاء وأظهر عند البواقي والواو في وقور وفي وقد حلا فاصلة والوقور ذو الحلم والرزانة وتيم اسم قبيلة مستقلة من غير قريش وينسب حمزة إليها بالولاء أو بالنسب فقد وافق التضمين معنى لائقا بالقارئ أي ثناؤه سر قومه ومواليه والثناء ممدود وإنما قصره في قوله ثناء والله أعلم بالصواب
(272)
وَبَلْ فِي النِّسَا خَلاَّدُهُمْ بِخِلاَفِهِ وَفِي هَلْ تَرَى الْإدْغَامُ حُبَّ وَحُمِّلاَ
، أي أن خلادا له خلاف في قوله تعالى (بل طبع الله عليها) ، في سورة النساء وأدغم أبو عمرو-هل ترى-وهو في موضعين (هل ترى من فطور)-(فهل ترى لهم من باقية) ، وأظهر باقي جميع هذا الباب
(273)
وَاظْهِرْ لَدى وَاعٍ (نَـ)ـبِيلٍ (ضَـ)ـماَتُهُ وَفِي الرَّعْدِ هَلْ وَاسْتَوْفِ لاَ زَاجِراً هَلاُ
أي أظهر هشام عند النون والضاد مطلقا وعند التاء في الرعد في قوله تعالى (أم هل تستوي الظلمات) ، وأدغم الباقي ولم يدغم أحد الذي في الرعد لأن حمزة والكسائي يقرآن (يستوي) ، بالياء وهما أهل الإدغام أو هشام استثناه لأنه يقرؤه بالتاء وباقي القراء أهل الإظهار والواو في واع واستوف فاصلة أي واستوف جميع هذا الباب غير زاجر بهلا وهي كلمة يزجر بها الخيل فحذف الخافض والتقدير لا قائلا هلا لأن الزجر قول فعداه تعديته والمعنى خذه بغير كلفة ولا تعب لأني قد أوضحته وقربته إلى فهم من أراده والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

باب اتفاقهم في إدغام إذ و قد و تاء التأنيث و هل و بل
(274)
وَلاَ خُلفَ فِي الإِدْغَامِ إِذْ (ذَ)لَّ (ظ)ـاَلِمٌ وَقَدْ (ت)ـيَّمَتْ (دَ)عْدٌ وَسِيماً تَبَتَّلاَ
أي أدغموا ذال إذ في مثلها نحو (إذ ذهب) ، وفي الظاء لأنها من مخرجها نحو (إذ ظلمتم) ، وأدغموا دال قد في مثلها نحو (وقد دخلوا بالكفر) ، وفي التاء لأنها من مخرجها نحو (وقد تعلمون أني) ، ولم يقع في القرآن إذ عند الثاء المثلثة ولا عند الطاء المهملة وإلا لوجب الإدغام للموافقة في المخرج والوسيم الحسن الوجه وتبتل أي انقطع وكذلك لا خلاف في إظهار ذال إذ ودال قد عند خمسة أحرف يجمعها بل نفر
(275)
وَقَامَتْ (تُـ)ـرِيِه (دُ)مُيْةٌ (ط)ـيبَ وَصْفِهَا وَقُلْ بَلْ وَهَلْ (ر)اهَا (لـَ)ـبَيبٌ وَيَعْقِلاَ
أي ولا خلاف في إدغام تاء التأنيث في مثلها وفي الحرفين اللذين من مخرج التاء وهما الدال والطاء المهملتان نحو (ربحت تجارتهم)-(وإذا غربت تقرضهم)-(فلما أثقلت دعوا الله)-(أجيبت دعوتكما)-(فآمنت طائفة من بني إسراءيل وكفرت طائفة)-(إذ همت طائفتان) ، والواو في وصفها فاصلة وقد تكررت والدمية الصورة من العاج ونحوه وتشبه بها المرأة وجمعها دمى ثم ذكر أن اللام من هل وبل واجبة الإدغام في مثلها نحو (بل لا تكرمون-فهل لنا من شفعاء) ، وفي الراء لقربها منها نحو (بل ران-هل رأيتم) ، واللام من-قل-مثلهما في ذلك نحو (قل لئن اجتمعت-قل ربي أعلم) ، فيجوز أن يكون قصد ذلك في قوله-وقل-بل-وهل-أي لام هذه الكلمات الثلاث تدغم في مثلها وفي الراء ويجوز أن يكون لم يقصد ذلك وإنما وقع منه كلمة-وقل-تتميما للنظم كما وقع مثل ذلك في كلم عديدة من هذه القصيدة وهذا الوجه هو الظاهر لأن الباب معقود فيما اتفق عليه من إدغام ما سبق الخلاف فيه والذي سبق ذكره من اللامات المختلف فيها هو لام بل وهل ولم يجمع هذا الباب ذكر جميع ما اتفق عليه ولهذا لم يذكر-قل-في ترجمة الباب ، فإن قلت لم أدغم-هل ترى-بل تأتيهم ولم يدغم-قل تعالوا-قلت لأن قل فعل قد أعل بحذف عينه فلم يجمع إلى ذلك حذف لامه بالإدغام من غير ضرورة وبل وهل كلمتان لم يحذف منهما شيء فأدغم لامهما ، فإن قلت فقد أجمعوا على إدغام-قل ربي-قلت لشدة القرب بين اللام والراء وبعد اللام من التاء والله أعلم ، وقوله راها بألف بعد الراء أراد راءها بهمزة بعد الألف مقلوب رآها بألف بعد الهمزة وكلاهما لغة كقوله ويلمه لو راءه مروان فقصر الناظم الممدود من هذه اللغة ونصب قوله ويعقلا على جواب الاستفهام بالواو والله أعلم
(276)
وَمَا أَوْلُ الْمِثْلَينِ فِيهِ مُسَكَّنٌ فَلاَ بُدَّ مِنْ إِدْغَامِهِ مُتَمَثِّلاَ
لما ذكر أن الذال من إذ والدال من قد وتاء التأنيث واللام من بل وهل تدغم كل واحدة في مثلها خاف أن يظن أن ذلك مختص بهذه الكلمات فتدارك ذلك بأن عمم الحكم وقال كل مثلين التقيا وأولهما ساكن فواجب إدغامه في الثاني لغة وقراءة وسواء كان ذلك في كلمة نحو يدرككم الموت أو في كلمتين نحو-ما تقدم- ، ولا يخرج من هذا العموم إلا حرف المد نحو (وأقبلوا)-(في يومين) ، فإنه يمد عند القراء ولا يدغم وقرأت في حاشية نسخة قرئت على المصنف رحمه الله قوله متمثلا يريد متشخصا لا هوائيا واحترز بهذا عن الياء والواو إذا كانتا حرفي مد ، قلت وهذا احتراز فيه بعد من جهة أن متمثلا غير مشعر بذلك إذا أطلق والله أعلم (وفي ماليه هلك عني سلطانيه) ، خلاف والمختار الوقف على ماليه فإن وصل لم يتأت الوصل إلا بالإدغام أو تحريك الساكن وقال مكي في التبصرة يلزم من ألقى الحركة في (كتابيه إني-أن يدغم-ماليه هلك) ، لأنه قد أجراها مجرى الأصلي حين ألقى الحركة وقدر ثبوتها في الوصل ، قال وبالإظهار قرأت وعليه العمل وهو الصواب إن شاء الله تعالى ، قلت يعني بالإظهار أن يقف على-ماليه-وقفة لطيفة وأما إن وصل فلا يمكن غير الإدغام أو التحريك وإن خلا اللفظ من أحدهما كان القارئ واقفا وهو لا يدري بسرعة الوصل وإن كان الحرفان في كلمة واحدة مختلفتين إلا أنهما من مخرج واحد نحو (حصدتم-و-وعدتم-و-ألم نخلقكم-و-إن طردتهم) ، فالإدغام لكونهما من مخرج واحد في كلمة واحدة ذكره الشيخ في شرحه وهذا مما يدل على أن الساكن من المثلين والمتقاربين أثقل من المتحرك حيث أجمع على إدغام الساكن واختلف في إدغام المتحرك ونظير هذا ما تقدم من اجتماع الهمزتين والثانية ساكنة فإنهم أوجبوا إبدالها وإن كانت متحركة جوزوا تسهيلها ولم يوجبوه وما ذكرناه من أن حرف المد لا يدغم قد ادعى فيه أبو علي الأهوازي الإجماع فقال في كتابه الكبير المسمى بالإيضاح المثلان إذا اجتمعا وكانا واوين قبل الأولى منهما ضمة أو ياءين قبل الأولى منهما كسرة فإنهم أجمعوا على أنهما يمدان قليلا ويظهران بلا تشديد ولا إفراط في التلبين بل بالتجويد والتبيين مثل (آمنوا وكانوا) في يوسف (في يتامى النساء) ، قال وعلى هذا وجدت أئمة القراءة في كل الأمصار ولا يجوز غير ذلك فمن خالف هذا فقد غلط في الرواية وأخطأ في الدراية ، قال فأما الواو إذا انفتح ما قبلها وأتى بعدها واو من كلمة أخرى فإن إدغامها حينئذ إجماع مثل (عفوا وقالوا-عصوا وكانوا-آووا ونصروا-واتقوا وآمنوا) ، ونحو ذلك وذكر أن بعض شيوخه خالف في هذا والله سبحانه أعلم
باب حروف قربت مخارجها
(277)
وَإِدْغَامُ باءِ الْجَزْمِ فِي الْفَاءٍ (قَـ)ـدْ (ر)سَا (حَـ)مِيداً وَخَيِّرْ فِي يَتُبْ (قـ)ـاَصِداً وَلاَ
أضاف الباء إلى الجزم الداخل عليها أراد الباء المجزومة وهي في خمسة مواضع أما ثلاثة منها فالباء فيها مجزومة بلا خلاف عند النحويين (أو يغلب فسوف)-(وإن تعجب فعجب قولهم)-(ومن لم يتب فأؤلئك) ، والموضعان الآخران الباء فيهما مجزومة عند الكوفيين دون البصريين وهما (قال اذهب-فمن-اذهب فإن لك) ، فلأجل الاختصار سمي الكل جزما واختار قول الكوفيين والبصريون يسمون نحو هذا وقفا فلو عبر عن الكل بالوقف لكان خطأ لأن أحدا لم يقل في الثلاثة الأول إنها موقوفة والاختصار منعه أن ينص على كل ضرب باسمه وصفته أي ادغم الباء الموصوفة في الفاء خلاد والكسائي وأبو عمرو ولخلاد خلاف في قوله تعالى في الحجرات (ومن لم يتب فأؤلئك) ، وعبر عن الخلاف بلفظ التخيير إذ لا مزية لأحد الوجهين على الآخر فأنت فيها مخير لأن الكل صحيح ومثله ما تقدم في سورة الفاتحة وقالون بتخييره جلا وهذه عبارة صاحب التيسير هنا فإنه قال وخير خلاد في (ومن لم يتب فأؤلئك) ، وأظهر ذلك الباقون وأثنى على الإدغام بأنه قد رسا حميدا أي ثبت محمودا خلافا لمن ضعفه هنا وقاصدا حال والولاء بالفتح النصر أي قاصدا بالتخيير نصر الوجهين المخير فيهما ، فإن قلت لم قال وإدغام باء الجزم ، قلت لأن الباء غير مجزومة لم تدغم إلا في رواية شاذة عن أبي عمرو في الإدغام الكبير لأنه إدغام متحرك لا ريب فيه (ولله المشرق والمغرب فأينما-من المغرب فبهت)
(278)
وَمَعْ جَزْمِهِ يَفْعَلْ بِذلِكَ (سَـ)ـلَّمُوا وَنَخْسِفْ بِهِمْ (رَ)اعَوْا وَشَذَّا تَثَقُلاً
الهاء في جزمه ليفعل لأنه مؤخر في المعنى نحو في بيته يؤتي الحكم أي وإدغام لفظ يفعل مع جزمه أي حال كونه مجزوما وحرف العطف كما يجوز دخوله على الجملة يدخل أيضا على ما يتعلق بها نحو قوله تعالى (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله) ، أي وترى يوم ومعناه أدغم أبو الحارث عن الكسائي اللام المجزومة من يفعل ذال ذلك وهو ، (ومن يفعل ذلك) ، في ستة مواضع في القرآن في البقرة وآل عمران وفي النساء موضعان وفي سورة المنافقين والفرقان فإن لم يكن يفعل مجزوما لم يدغم نحو (فما جزاء من يفعل ذلك منكم) ، وقوله سلموا أي سلموه من الطعن بما احتجوا له به ، (ويخسف بهم) ، في سورة سبأ راعوا إدغامه أي راقبوه فقرءوا به ولم يلتفتوا إلى من رده أي أدغم الفاء المجزومة في الباء الكسائي وحده فإن تحركت لم تدغم نحو (بل نقذف بالحق) ، والألف في قوله وشذا ضمير يفعل ويخسف أي شذ إدغام هذين الحرفين عند أهل النحو فهم يضعفونه وتثقلا أي إدغاما وهو تمييز أي وشذ إدغامهما أو حال على تقدير ذوي تثقل
(279)
وَعُذْتُ عَلَى إِدْغَامِهِ وَنَبَذْتُهاَ شَوَاهِدُ (حَـ)ـمَّادٍ وَأَورِثْتُوُا (حـَ)ـلاَ

(280)
(لَـ)ـهُ (شَـ)ـرْعُهُ وَالرَّاءُ جَزْماً يِلاَمِهاَ كَوَاصِبرْ لِحُكْمِ (طـ)َـالَ بُالْخُلْفُ (يَـ)ذْبُلاَ
أي أدغم حمزة والكسائي وأبو عمرو الذال في التاء في كلمتين وهما (وإني عذت) ، في غافر الذنب والدخان وفي طه (فنبذتها) ، وأدغم الثاء في التاء في (أورثتموها) ، في الأعراف والزخرف هؤلاء مع هشام ونبذتها عطف على الهاء في إدغامه أي على إدغام عذت وإدغام نبذتها شواهد حماد أو التقدير ونبذتها كذلك والضمير في له لحماد أي شواهد قارئ كثير الحمد وشواهد حماد وحلا له شرعه كلام حسن ظاهرا وباطنا ومعنى شرعه طريقه والراء جزما أي مجزومة أي ذات جزم ونصبه على الحال أي أدغمت في حال جزمها بلامها أي في اللام المعهود إدغامها فيها كما سبق في الإدغام الكبير نحو (واصبر لحكم ربك)-(أن اشكر لي)-(يغفر لكم من ذنوبكم) ، أدغمها السوسي لأنه يدغمها متحركة فساكنة أولى وعن الدوري خلاف لأن الساكن يدغم منه ما لا يدغم من المحرك على ما سبق في الياء واللام والفاء ولم يذكر صاحب التيسير هذا التفصيل بل ذكر الإدغام عن أبي عمرو نفسه وقال بخلاف بين أهل العراق في ذلك ويذبل اسم جبل أي طال الإدغام في شهرته عن أبي عمرو يذبل أي علاء خلافا لما قاله النحاء ، وإلى هنا ثم كلام الناظم في الإدغام فيأخذ للباقين الإظهار في جميع ذلك ثم عبر في المواضع الباقية من هذا الباب بالإظهار فيأخذ للمسكوت عنه الإدغام فقال
(281)
وَيس اظْهِرْ (عـَ)ـنْ (فَـ)ـتى (حَـ)ـقُهُ (بَـ)ـدَا وَن وَفيهِ الْخِلْفُ عَنْ وَرْشِهمْ خَلاَ
حرك النون من هيجاء ياسين ون بالفتح وحقها أن ينطق بها ساكنة على الحكاية وإنما فعل ذلك لضرورة الشعر إذا الساكنان لا يلتقيان في حشو النظم وكذا نون من (طس) ، كما يأتي ودال صاد مريم واختار حركة الفتح على حد قوله في أول آل عمران (ألم الله) ، فإنه لما وجب تحريك الميم للساكن بعدها فتحت فكذا في هذه المواضع ولا يجوز أن يكون إعرابها ففتحها لأنه مفعول به كما تعرب المبنيات من الحروف عند قصد الألفاظ كما يأتي في شرح قوله وكم لو وليت لأنه لو قصد ذلك لنون إذ لا مانع من الصرف على هذا التقدير لأنه لم يرد اسم السورة وإنما أراد هذا اللفظ والوزن مستقيم له في-يس-و-ن-فيقول وياسينا أظهر بنقل حركة همزة أظهر إلى التنوين ثم يقول ونونا ثم هو على حذف مضاف أي ونون ياسين أظهر وكذا نون نون ودال صاد ونون طس وكان ينبغي أن يذكر النون من هذه الحروف في باب أحكام النون الساكنة والتنوين لأنه منه وفرع من فروعه وإنما ذكره هنا لأجل صاد مريم لئلا يتفرق عليه ذكر هذه الحروف ولم يذكرها صاحب التيسير إلا في مواضعها من السور أي أظهر النون من (يس و-ن) ، حفص وحمزة وابن كثير وأبو عمرو وقالون وأدغم الباقون وعن ورش وجهان في نون (ن والقلم) خاصة ، ومعنى خلا مضى أي سبق ذكر المتقدمين له ووجه الإدغام في ذلك ظاهر قياسا على كل نون ساكنة قبل واو على ما يأتي في الباب الآتي ووجه الإظهار أن حروف الهجاء في فواتح السور وغيرها حقها أن يوقف عليها مبينا لفظها لأنها ألفاظ مقطعة غير منتظمة ولا مركبة ولذلك بنيت ولم تعرب
(282)
وَ(حِرْمِيُّ) (نَـ)ـصْرِ صَادَ مَرْيَمَ مَنْ يُرِدْ ثَوَابَ لَبِثْتَ الْفَرْدَ وَالجَمْعُ وَصَّلاَ
أي أظهر نافع وابن كثير وعاصم جميع ما في هذا البيت وهو ثلاثة أحرف الدال من هجاء صاد في ، (كهيعص ذكر) ، ولا خلاف في إظهارها من (والقرآن) ، فلهذا ميزها منها بقوله صاد مريم وأظهروا الدال عند الثاء المثلثة من قوله (ومن يرد ثواب) ، حيث وقع وأظهروا الثاء عند التاء من-لبثت-كيفما وقع فردا وجمعا فالفرد-لبثت-بضم التاء وفتحها نحو (قال كم لبثت قال لبثت) والجمع نحو قال (إن لبثتم إلا قليلا) دون قوله (لبثنا يوما) ، فهو وإن كان جمعا إلا أنه ليس فيه تاء والمدغم إنما هو الثاء عند التاء لأن المثال الذي ذكره كذلك وهو لبثت ثم قال الفرد والجمع يعني من هذا اللفظ دون غيره وقوله صاد مريم مفعول وصل في آخر البيت وكذا ما بعده ولهذا نصب نعت لبثت وهو الفرد والجمع أي وصل هذا المجموع ويجوز أن يكون ذلك مفعول فعل مضمر أي أظهر صاد مريم وما بعده لأن الكلام في الإظهار ويقع في بعض النسخ للفرد والجمع بالضم ، قال الشيخ رحمه الله هو مثل (وكل وعد الله) ، في قراءة ابن عامر ولا حاجة إلى العدول عن النصب عطفا على صاد مريم لأن حكم الكل واحد فلا معنى لقطع بعضه عن بعض والله أعلم ، ثم قال وصل أي وصل هذه الجملة إلينا بالإظهار والضمير في وصل عائد على لفظة حرمي نصر لأنه مفرد دال على مثنى كما سبق تقريره في الرموز فهو كقوله في موضع آخر حرميه كلا ولا تكون الألف في وصلا ضمير تثنية لأن القارئ ثلاثة لا إثنان فلم يبق إلا أن تكون الألف للإطلاق
(283)
وَطس عِنْدَ الْمِيم (فَـ)ـازَا اتَخَذْتُمْ أَخَذْتُمْ وَفِي الإِفْرَادِ (عـَ)ـاشَرَ (دَ)غْفَلاَ
أي ونون-طس-فاز بالإظهار عند الميم يعني-طسم-في أول الشعراء والقصص احترازا من الذي في أول النمل فإن نونه مظهرة بلا خلاف والفاء رمز حمزة وأظهر حفص وابن كثير الذال من نحو (اتخذتم آيات الله)-(وأخذتم على ذلكم إصري) ، فهذا ضمير الجمع ثم قال وفي الإفراد يعني نحو (فأخذتهم فكيف كان عقاب)-(لئن اتخذت إلها غيري)-(لتخذت عليه أجرا)-(ثم أخذتها وإلي المصير) ، وتقدير الكلام إظهار اتخذتم في الجميع وفي الإفراد عاشر دغفلا ويقال عيش دغفل أي واسع وعام دغفل أي مخصب يشير إلى ظهور الإظهار وسعة الاحتجاج له ولا مانع من توهم أن إظهار اتخذتم وأخذتم لفاز ثم قال وفي الإفراد حفص وابن كثير والواو فصل
(284)
وَفِي ارْكَب (هُـ)ـدى (بَـ)ـرٍ (قَـ)ـرِيبٍ بِخُلْفِهِمْ (كَـ)ـمَا (ضـ)ـاَعَ (جـ)ـاَ يَلْهَثْ (لَـ)ـهُ (دَ)ارِ (جُـ)ـهَّلاَ
أي والإظهار في اركب هدى قارئ ذي بر متواضع يعني قوله تعالى في سورة هود (اركب معنا) ، أظهر الباء البزي وقالون وخلاد بخلف عنهم وأظهرها ابن عامر وخلف وورش بلا خلاف وأظهر الثاء من (يلهث ذلك) ، هشام وابن كثير وورش ويلهث موضعان في الأعراف الخلاف في الثاني منهما والأول لا خلاف في إظهار ثائه فكان ينبغي أن يقيده كما قيد صاد مريم ، فإن قلت الثاء لا تدغم في الهمزة فلهذا اغتفر أمرها قلت والدال لا تدغم في الواو فهلا اغتفر أمرها والبر بفتح الباء ذو البر وضاع أي انتشر واشتهر من ضاع الطيب إذا فاحت رائحته ودار فعل أمر من دارى يداري وجهلا جمع جاهل وما أطبع اقتران هذه الكلمة في الظاهر كما ضاع جا يلهث
(285)
وَقَالُونُ ذُو خُلْفٍ وَفِي الْبَقَرَهْ فَقُلْ يُعَذِّبْ (دَ)نَا بالْخُلْفِ (جـَ)ـوْداً وَمُوبِلاَ
قد تقدم في شرح الخطبة أنه إنما سمى قالون هنا بعد الرمز لأنه يذكر الخلف له كأنه مستأنف مسألة أخرى كقوله وبصروهم أدري ولهذا قال ذو خلف بالرفع لأنه خبر وقالون الذي هو مبتدأ ولو عطف قالون على ما قبله لقال ذا خلف نصبا على الحال يعني لقالون خلاف في الثاء من يلهث وأما (يعذب من يشاء) ، في آخر البقرة فابن عامر وعاصم يضمان الباء كما سيأتي في موضعه والباقون من القراء يسكنونها ثم ثم انقسموا فمنهم من أظهرها وهو ورش وعن ابن كثير خلاف وأدغم الباقون وأسكن الناظم الهاء من البقرة ضرورة وكذا ما يأتي مثله وهو جائز للشاعر في الضرورة قال الراجز ، (لما رأى أن لا دعه ولا شبع ) ، والجود المطر الغزير ونصبه على الحال أي ذا جود وموبلا عطف عليه وهو اسم فاعل من أوبلا وقد استعمل فعله في سورة الأنعام فقال (حمى صوبه بالخلف در وأوبلا) ، والمعروف وبلت السماء فهي وابلة والوابل المطر الغزير فيجوز أن يكون أوبلا مثل أغدوا جرب أي صار ذا وبل وقيل الموبل الذي أتى بالوبل وهو المطر والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

باب أحكام النون الساكنة و التنوين
(286)
وَكُلُّهُمُ التَّنْوينَ وَالنُّونَ ادْغَمُوا بِلاَ غُنَّةٍ فِي الّلاَمِ وَالرَّا لِيَجْمُلاَ
أي كل القراء أدغموهما في اللام والراء للقلب وأسقطوا غنة التنوين والنون منهما لتنزلهما من اللام والراء منزلة المثل لشدة القرب والضمير في ليجملا للام والراء أو التنوين والنون ولم يقيد النون في نظمه بالسكون اجتزاء بذكر ذلك في ترجمة الباب ولو قال وقد أدغموا التنوين والنون ساكنا لحصل التقييد ولم يضر إسقاط لفظ كل لأن الضمير في أدغموا يغني عنه
(287)
وَكُلٌّ بِيَنْمُو أَدْغَمُوا مَعَ غُنَّةٍ وَفِي الْوَاوِ وَالْيَا دُونَهَا خَلَفٌ تَلاَ
جرت عادة المصنفين أن يقولوا النون الساكنة تدغم في حروف كلمة يرملون فلما قدم الناظم في البيت السابق ذكر اللام والراء جمع الباقي من حروف يرملون في كلمة ينمو أي كل القراء أدغموا النون الساكنة والتنوين في حروف ينمو وهي أربعة الياء والنون والميم والواو ولم يذهبوا غنتهما معها لأن حروف ينمو ليست في القرب إليها كقرب اللام والراء ، قال الشيخ رحمه الله اعلم أن حقيقة ذلك في الواو والياء إخفاء لا إدغام وإنما يقولون له إدغام مجازا وهو في الحقيقة إخفاء على مذهب من يبين الغنة لأن ظهور الغنة يمنع تمحض الإدغام لأنه لا بد من تشديد يسير فيهما وهو قول الأكابر قالوا الإخفاء ما بقيت معه الغنة وأما عند النون والميم فهو إدغام محض لأن في كل واحد من المدغم والمدغم فيه غنة وإذا ذهبت إحداهما بالإدغام بقيت الأخرى وخلف أدغمهما عند الواو والياء بلا غنة كما يفعل عند اللام والراء فهو إدغام محض على قراءته وقوله دونها أي دون الغنة وفي اللغة حذف الغنة وإبقاؤها جائز عند الحروف الستة ويستثنى مما نسبه في هذا البيت إلى الكل وإلى خلف ما سبق ذكره من نوني يس ون والقلم
(288)
وَعِنْدَهُمَا لِلكُلِ أَظْهِرْ بِكِلْمَةٍ مَخَافَةَ إِشْبَاهِ الْمُضَاعَفِ أَثْقَلاَ
أي وعند الواو والياء أظهر النون الساكنة إذا جاءت قبلهما في كلمة واحدة نحو صنوان وقنوان والدنيا وبنيانه لأنك لو أدغمت لأشبه ما أصله التضعيف وهذا كاستثناء السوسي همزة (رءيا) ، يبدلها خوفا من أن يشبه لفظه لفظ الري كما تقدم ولم تلتق النون الساكنة في كلمة بلام ولا راء ولا ميم في القرآن العزيز فلهذا لم يذكر من حروف يرملون غير الواو والياء وأما النون إذا لقيها فيجب الإدغام للمثلية وأما التنوين فلا مدخل له في وسط الكلمة ولا في أولها وأثقلا حال من فاعل إشباه وهو الذي فيه الكلام وإشباه مصدر أشبه كإكرام مصدر أكرم وأضيف إلى المفعول وهو المضاعف أي مخافة إشباه هذا الذي ذكرناه وهو صنوان ونحوه في حال كونه ثقيلا أي مدغما المضاعف فالمضاعف هو المفعول أضيف إليه المصدر نحو عجبت من إكرام زيد أي من إكرام عمرو له والمضاعف هو الذي في جميع تصرفاته يكون أحد حروفه الأصول مكررا نحو حيان وحتان ورمان والله أعلم
(289)
وَعِنْدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ لِلكُلِ أُظْهِرَا (أَ)لاَ (هـ)ـاَجَ (حُـ)ـكْمٌ (عَـ)ـمَّ (خـ)ـاَليهِ (غُـ)ـفَّلاَ
يعني أظهر التنوين والنون الساكنة لكل القراء إذا كان بعدهما أحد حروف الحلق لبعدهما منها سواء كان ذلك في كلمة أو كلمتين ثم بين حروف الحلق بأوائل هذه الكلمات من ألا إلى آخر البيت وحروف الحلق سبعة ذكر منها ستة وبقي واحد وهو الألف وإنما لم يذكرها لأنها لا تأتي أول كلمة ولا بعد ساكن أصلا ، لأنها لا تكون إلا ساكنة فمثالهما عند الهمزة (كل آمن-وينأون-من أسلم) ، ولا توجد نون ساكنة قبل همزة في القرآن في كلمة غير ينأون ومثالهما عند الهاء (جرف هار-منها-من هاجر إليهم) ، ومثالهما عند الحاء (نار حامية-وانحر-من حاد الله) ، وعند العين (حقيق على)-(أنعمت عليهم) ، من عمل-وعند الخاء-يومئذ خاشعة-والمنخنقة-و-من خاف ، و-إن خفتم-و-من خزي-وعند الغين (من ماء غير آسن-فسينغضون-من غل) ، وقوله خاليه أي ماضيه وغفلا جمع غافل وكأنه أشار بهذا الكلام إلى الموت أو إلى البعث ومجازاة كل بعمله فهذا حكم عظيم عم الغافلين عنه كقوله ، (قل هو نبؤ عظيم أنتم عنه معرضون) ، وفي مواعظ الحسن البصري رحمه الله أيها الناس إن هذا الموت قد فضح الدنيا فلم يبق لذي لب فرحا ، وما أحسن قول بعضهم ، (يا غفلة شاملة للقوم كأنما يرونها في النوم ميت غد يحمل ميت اليوم) ، وقوله ألا استفتاح كلام وهاج بمعنى هيج الغافل هذا الحكم أي حركه فلم يدع له قرارا ولا هناء بعيش أيقظنا الله تعالى بفضله من هذه الغفلة
(290)
وَقَلْبُهُمَا مِيماً لَدَى الْيَا وَأَخْفِيا عَلَى غُنَّةٍ عِنْدَ الْبَوَاقِي لِيَكْمُلاَ
أي الموضع الذي تقلبان فيه ميما هو عند الباء يعني إذا التقت النون الساكنة مع الباء في كلمة نحو (أنبئهم-أو في كلمتين نحو-أن بورك) ، وإذا التقى التنوين مع الباء ولا يكون ذلك إلا في كلمتين نحو (سميع بصير) ، قلبا ميما ليخف النطق بهما لأن الميم من مخرج الباء وفيها غنة كغنة النون فتوسطت بينهما ولم يقع في القرآن ولا فيما دون من كلام العرب ميم ساكنة قبل ياء في كلمة واحدة فلم يخف إلباس في مثل عنبر ومنبر وعند باقي الحروف غير هذه الثلاثة عشر وغير الألف أخفى التنوين والنون مع بقاء غنتهما لأنها لم يستحكم فيها البعد ولا القرب منهما فلما توسطت أعطيت حكما وسطا بين الإظهار والإدغام وهو الإخفاء وسواء في ذلك ما كان في كلمة وما كان في كلمتين نحو (أنتم-أنذر الناس-أنشأكم-أنفسكم-إن تتوبا-من جاء بالحسنة-إن كنتم-أن قالوا بخلق جديد-غفور شكور-على كل شيء قدير-أزواجا ثلاثة) ، وقوله ليكملا أي ليكملا بوجوههما وهي لام العاقبة أي لتؤل عاقبتهما إلى كمال أحكامهما لأن هذه الوجوه هي التي لهما في اللغة وهي الإدغام في حروف يرملون الستة والإظهار في حروف الحلق الستة أيضا والقلب عند الباء والإخفاء في البواقي ثم الإدغام بغنة وبغير غنة فكمل ذكرها في النظم من هذه الوجوه والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

باب الفتح و الإمالة وبين اللفظين
(291)
وَحَمْزَةُ مِنْهُمْ وَالْكِسَائِيُّ بَعْدَهُ أَمَالاَ ذَوَاتِ الْياَءِ حَيْثُ تأَصَّلاَ
منهم أي من القراء كقولهم أنت منهم الفارس الشجاع أي من بينهم والكسائي بعده لأنه أخذ عنه أمالا ذوات الياء يعني الألفات التي انقلبت عن الياء احترازا عن ذوات الواو وهي الألفات التي انقلبت عن الواو فاجتزأ بالصفة لشهرتها عن الموصوف والإمالة تقع في الألف والهاء والراء وهذا الباب جميعه في إمالة الألف والذي بعده في إمالة الهاء والثالث في إمالة الراء على ما سيأتي بيانه ثم الألف تكون أصلية ومنقلبة وتارة زائدة واعلم أن كل ألف منقلبة عن ياء فجائز إمالتها وهي أن تكون عينا أو لاما فالعين نحو باع وسار لأنهما من البيع والسير وهذا النوع جائز الإمالة لغة مطلقا وقراءة في بعض المواضع الآتية نحو (جاء-و-شاء) واللام نحو (هدى) و(رمى) ، فهذا هو الذي يمال مطلقا عند القراء لمن مذهبه الإمالة وأطلق الناظم ذوات الياء وهو لفظ ذوات الياء وهو لفظ يقع على الضربين ومراده الضرب الثاني ولم يبين في نظمه الحرف الذي تقع فيه الإمالة ولو أنه قال ، (أمال الكسائي بعد حمزة إن تطرفت ألفات حيث ياء تأصلا) ، لذكر الحرف الممال وشرطيه وهما كونه عن ياء وكونه طرفا أي تكون لام الفعل وإنما خص القراء الإمالة بذلك لأنه طرف والأطراف محل التغيير غالبا والإمالة تغيير فإنها إزالة الألف عن استقامتها وتحريف لها عن مخرجها إلى نحو مخرج الياء ولفظها وأخذ لها هذا الاسم من أملت الرمح ونحوه إذا عوجته عن استقامته أي أما لا ألفات الياء إن تطرفت احترازا من المتوسطة فقوله تعالى (وسار بأهله) يمال وكذا (فأثابهم الله) ، لتوسط الألف فيها والألف في أثاب عن واو في الأصل وإنما يجوز إمالتها لغة لأن الفعل قد زادت حروفه فرجع إلى ذوات الياء على ما سيأتي في شرح قوله وكل ثلاثي يزيد فإنه ممال وقوله حيث تأصلا قال الشيخ أي حيث كان الياء أصلا وهو أحد أسباب الإمالة وأكثر أنواعها استعمالا وإنما أميلت الألف لتدل على الأصل ، قلت فكأن قوله حيث تأصلا خرج مخرج التعليل فإن حيث من ظروف المكان وإذ من ظروف الزمان تأتي كل واحدة منهما وفيها معنى التعليل نحو قولك حيث جاء زيد فلا بد من إكرامه وإذ خرج فلا بد من التزامه أي لأجل أن الياء أصلها أميلت ولم يخرج ذلك مخرج الاشتراط فإن هذا شرط مستغنى عنه بقوله ذوات الياء كما قال صاحب التيسير كان حمزة والكسائي يميلان كل ما كان من الأسماء والأفعال من ذوات الياء ولم يرد على ذلك لكنه ما أراد بذوات الياء إلا كل ألف تنقلب ياء في تثنية أو جمع أو عند رد الفعل إلى المتكلم أو غيره فيدخل في ذلك ما الياء فيه أصل وما ليست بأصل ولهذا مثل (موسى-و-عيسى-و-إحدى-و-يتامى) ، ونحوه ما ألفه للتأنيث ثم قال وكذلك ، (الهدى-و-العمى) ، ونحوه مما الألف فيه منقلبة عن ياء فجمع بين النوعين فعبر عنهما بذوات الياء فيجوز أن يكون الناظم سلك هذا المسلك وقسم ذوات الياء إلى ما الألف فيه أصل وإلى ما الألف فيه للتأنيث وسيأتي كل ذلك ويجوز أن يكون المراد تأكيد ما تقدم أي أن الإمالة لا تقع في قراءتهما إلا حيث كانت الياء التي انقلبت عنها الألف أصلا وهذا وإن كان معلوما من قوله ذوات الياء فإن ذلك لا يقال إلا لما كانت الياء فيه أصلا فإنه غير معلوم من اللفظ بل من قاعدة علم التصريف فنص عليه لفظا وغرضه إعلام أن الإمالة لهما لا تقع في الألفات الزوائد كألف نائم ولاعب وإنما تقع في ألف منقلبة عن ياء هي لام الكلمة ويجوز أن يكون المعنى حيث تأصلا الياء أي تمكنت تمكنا تاما بحيث رسمت الكلمة بها لا بالواو فأميلت الألف موافقة للرسم فهذه ثلاثة أوجه في معنى هذا الكلام إن كان فاعل تأصلا ضميرا عائدا على الياء والألف فيه للإطلاق ويجوز أن تكون الألف للتثنية وهي ضمير عائد على حمزة والكسائي وله وجهان من المعاني ، أحدهما في المواضع التي تأصلاها أي أنهما أصلا لها أصلا فكل ما دخل في ذلك الأصل والضابط أمالاه ثم بين الأصل والضابط بالبيت الآتي ، والثاني أن المعنى حيث تأصلاهما أي كانا أصلا في باب الإمالة لاستيعابهما منهما ما لم يستوعب غيرهما فكل من أمال شيئا فهو تابع لهما أو لأحدهما في الغالب أي فعمما جميع ذوات الياء لأنهما ليس من مذهبهما تخصيص أفراد من الكلم بالإمالة بخلاف ما فعل غيرهما كما ستراه ثم لا فرق في إمالة هذه الألف المنقلبة عن الياء لهما بين ما هي مرسومة في المصحف بالياء وما هي مرسومة بالألف فإن من ذوات الياء ما رسم في المصحف بالألف كما ترسم ذوات الواو نحو (طغا-و-تولاه-و-أقصا المدينة-و-الأقصا-و-العليا-و-الدنيا) ، وغير ذلك ، وأما الحياة فلم تمل وإن كانت ألفها منقلبة عن ياء عند قوم لأن ألفها رسمت واوا في المصحف ولأن الخلاف قد وقع في أصل ألفها فوقع الشك في سبب الإمالة فتركت وعدل إلى الفتح فإنه الأصل وكل ما أميل ففتحه جائز وليس كل ما فتح إمالته جائزة ثم من ضرورة إمالة الألف حيث تمال أن ينحى بالحرف الذي قبلها نحو الكسرة ثم إن حمزة والكسائي يميلان الألف الموصوفة بالأوصاف المذكورة حيث وجدت إلا في مواضع خالف فيها بعضهم أصله وفي مواضع زاد معهم غيرهم ثم بين ذات الياء فقال
(292)
وَتَثْنِيَةُ الأسْماءِ تَكْشِفَها وَإِنْ رَدَدْتَ إِلَيْكَ الْفِعْلَ صَادَفْتَ مَنْهلاَ
الهاء في تكشفها لذوات الياء أو الألف الممالة المفهومة من سياق الكلام أي تكشف لك أصلها إن كانت في اسم تثنية نحو (قال لفتاه) ، لأن هذا لو ثنى لانقلبت الألف ياء نحو ، (ودخل معه السجن فتيان) وكذا (فاستحبوا العمى) ، لو ثنيته لقلت عميان وهذا بخلاف (الصفا-و(شفا جرف)-و-سنا برقه-و-عصاه-و-عصاي-و-أبا أحد) ، فإن الألف في ذلك كله أصلها الواو ويثني جميع ذلك بها وأما الألف في الأفعال فيكشفها أن تنسب الفعل إلى نفسك وإلى مخاطبك فإن انقلبت فيه ياء أملتها نحو (رمى-و-سعى) ، لأنك تقول رميت وسعيت بخلاف دعا وعفا وخلا وبدا وعلا ونجا فإنك تقول فيهما دعوت وعفوت إلى آخرها ويكشفها لك أيضا لفظ المضارع نحو يدعو ويعفو ولحوق ضمير التثنية نحو دعوا وعفوا والاشتقاق يكشف الأمرين نحو الرمي والسعي والعفو والعلو فإن قلت من جملة الأسماء الممالة ما لا تظهر التثنية ياءه التي انقلبت الألف عنها نحو الحوايا جمع حاوية فالألف عن ياء كائنة في المفرد وفي تثنية المفرد ولكن اللفظ الممال في القرآن لا يثنى فلم يكشف هذا اللفظ تثنية فكيف قال وتثنية الأسماء تكشفها قلت ذكر ذلك كالعلامة والعلامة قد لا تعم ولكنها تضبط الأكثر والحد يشمل الجميع وهو قوله ذوات الياء والألف من آخر الحوايا من ذوات الياء وأصلها حواوى على حد ضوارب لأنه جمع حاوية وهي المباعر على أنك لو قدرت من هذا فعلا ورددته إلى نفسك لظهرت الياء نحو حويت وصاحب التيسير ذكر هذا الحرف مع يتامى وأيامى فجعل الجميع في باب فعالى الذي يأتي ذكره وقوله صادفت منهلا أي موردا للإمالة ، وهذه استعارة حسنة لأن طالب العلم يوصف بالعطش فحسن أن يعبر عن بغيته ومطلوبه بالمورد ، كما يعبر عن كثرة تحصيله بالري فيقال هو ريان من العلم ثم مثل ذوات اليا من الأسماء والأفعال فقال
(293)
هَدى وَاشْتَرَاهُ وَالْهَوى وَهُدَاهُمُ وَفِي أَلِفِ الْتَأْنِيثِ فِي الْكُلِّ مَيَّلاَ
لأنك تقول هديت واشتريت وهويان وهديان فمثل بفعلين واسمين ثم ذكر أن حمزة والكسائي ميلا أيضا ألف التأنيث في كل موضع وقعت فيه فقوله وفي ألف متعلق بميلا أي أوقعا الإمالة فيها فهو من باب قوله ذي الرمة يجرح في عراقيبها نصلي وقوله في الكل بدل من ألف التأنيث أي وفي كل ما فيه ألف التأنيث أوقعا الإمالة وخالف حمزة أصله في الرؤيا على ما يأتي وليست ألف التأنيث منقلبة عن ياء وإلا لاستغنى عنها بما تقدم وإنما هي مشبهة بالمنقلبة عن الياء لأجل أنها تصير ياء في التثنية والجمع تقول حبليان وحبليات ، فإن قلت ظهرت فائدة قوله فيما قبل حيث تأصلا فإن ألف التأنيث ليست أصلا فاحترز عنها ، قلت ولماذا يحترز عنها وهي ممالة لهما كما أن الأصلية ممالة لهما فلا وجه للاحتراز إن كانت ألف التأنيث داخلة في مطلق قوله ذوات الياء وهو ممنوع وإذا لم تكن داخلة فلا احتراز ولم يبق فيه إلا التأكيد أو المعاني التي تقدم ذكرها ثم ذكر الأمثلة التي توجد فيها ألف التأنيث المقصورة وهي الممالة فقال
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(294)
وَكَيْفَ جَرَتْ فَعْلى فَفيهَا وُجُودُهَا وَإِنْ ضُمَّ أَوْ يُفْتَحْ فُعَالى فَحَصِّلاَ
أي وجود ألف التأنيث في موزون فعلى كيف جرت بفتح الفاء أو بكسرها أو بضمها نحو السلوى والتقوى والموتى ومرضى وإحدى وسيما وذكرى والدنيا والقربى والأنثى وكذلك في فعالى بضم الفاء وفتحها نحو كسالى ويتامى والتحق بهذا الباب موسى وعيسى ويحيى وهو مذهب القراء اعتمادا على أنها فعلى فعلى وفعلى والفاء في فحصلا ليس برمز لأن مراده بهذا البيت بيان محل ألف التأنيث ولأنه سيقول بعد هذا وعسى أيضا أمالا والضمير لحمزة والكسائي ولو كان فحصلا رمز اللزوم بعد ذلك إذا ذكر مسألة أن يرمز لها أو يصرح باسم القارئ ولا يأتي بضمير من تقدم إلا إذا كان الباب كله واحدا على أنه يشكل على هذا أنه سيذكر اختصاص الكسائي بإمالة مواضع ثم قال بعدها وأما ضحاها والضحى والربى مع القوى فأمالاها ويذكر أيضا ما تفرد به حفص عن الكسائي ثم قال ومما أمالاه وجوابه أنه صرح باسم الكسائي وحفص فلا إلباس وأما بعد الرمز فلم يفعل مثل ذلك لما فيه من الإلباس وأراد فحصلا بالنون الخفيفة ، ثم أبدل منها ألفا في الوقف ثم ذكر أنهما أمالا أشياء أخر لم تدخل في الضابط المتقدم من ذوات الياء الأصلية ولا في ضابط ألف التأنيث ولكنها من المرسومات بالياء فقال
(295)
وَفِي اسْمِ فِي الْاِستِفْهَامِ أَنَّى وَفِي مَتى مَعاً وَعَسى أَيْضاً أَمَالاَ وَقُلْ بَلى
أي وأوقع الإمالة في اسم استعمل في الاستفهام وهو أنى وإن كان قد استعمل غير استفهام وهو إذا وقع شرطا نحو أنى تقم أقم معك إلا أنه في القرآن للاستفهام ولهذا قال صاحب التيسير أمالا أنى التي بمعنى كيف نحو قوله تعالى (أنى شئتم)-(أنّي لك هذا) ، قلت وغرضهم من هذا القيد أن يفصلوها من أنا المركبة من أن واسمها نحو (أنا دمرناهم) ، وهو احتراز بعيد ، فإن أحدا لا يتوهم الإمالة في مثل ذلك ثم قال وفي متى أي وأوقعا الإمالة أيضا في متى ومعا حال من حمزة والكسائي أي أوقعا معا الإمالة في ذلك أو حال من أتى ومتى بمعنى أنهما اصطحبا في الإمالة والاستفهام ، وقال الشيخ مراده أن ألف التأنيث أيضا في اسم استعمل في الاستفهام ، وهو أنى ومتى فأما أنى فكان ابن مجاهد يختار أن يكون فعلى فقال الداني وزنها فعلى وهو كقولهم قوم تلى أي صرعى وليلة غمى إذا كان على السماء غيم وألف متى مجهول فأشبهت ألف التأنيث في ذلك فأميلت ونص النحاة على أنه لو سمى بها وبيلى لثنيا بالياء وهذا صحيح ولكن من أين يلزم إذا كانت ألفها مجهولة أن تكون للتأنيث وإنما وزنها فعل والألف لام الكلمة على أن الحروف وما تضمن معناها من الأسماء لا يتصرف فيها بوزن ولا ينظر في ألفاتها فـ متى كإلى وبلى في ذلك ، ثم قال وأمالا عسى وبلى أما عسى ففعل تقول فيه عسيت فالألف منقلبة عن ياء فهو داخل في ما تقدم فلم يكن له حاجة إلى إفراده بالذكر ولكنه تبع صاحب التيسير في ذلك فإنه قال بعد أنى وكذلك متى وبلى وعسى حيث وقع ولعله إنما أفرده بالذكر لأنه لا يتصرف وقيل إن بعض النحاة زعم أنها حرف كما أطلق الزجاجي على كان وأخواتها أنها حروف بمعنى أنها أدوات للمعاني التي اكتسبتها الجمل معها ولما كفت بلى في الجواب ضارعت بذلك الإسم والفعل فأميلت ألفها وقيل إن ألف بلى أيضا بل للتأنيث وهو حرف لحقه ألف التأنيث كما لحقت تاء التأنيث ثم ورب وأصلها بل فيجوز على هذا أن يقال ألف أنى كذلك وأصلها أن ثم خرج هذان الحرفان عن معناهما المعروف بلحوق ألف التأنيث لهما إلى معنى آخر فصار أنى على وزن شتى ورسمت أنى ومتى وبلى بالياء وكذا عسى وعيسى ويحيى وموسى وإلحاق الألف في شيء من ذلك بألف التأنيث بعيد بل هي قسم برأسها فكأنه قال أمالا ذوات الياء الأصلية وغير الأصلية مما رسمت ألفه ياء وغير الأصلية على ضربين ألف تأنيث وملحق بها ولو قال عوض هذا البيت ، (وموسى عسى عيسى ويحيى وفي متى وأنى للاستفهام تأتى وفي بلا) ، لكان أحسن وأجمع للغرض وتبعناه في ذكر عسى وإن كانت داخلة في قسم الياء الأصلية وخلصنا من جزرفة العبارة في قوله وفي اسم في الاستفهام أنى والضمير في تأتى للإمالة وما أبعد دعوى أن الألف في موسى وعيسى ويحيى للتأنيث فموسى وعيسى معربان ويحيى إن كان عربيا فوزنه يفعل والكلام في النبي المسمى بيحيى عليه السلام وأما نحو قوله تعالى (لا يموت فيها ولا يحيى) وقوله (ويحيى من حيى عن بينة) ، فوزنه يفعل والله أعلم
(296)
وَمَا رَسَمُوا بالْيَاءِ غَيْرَ لَدى وَمَا زَكى وَإِلى مِنْ بَعْدُ حَتَّى وَقُلْ عَلَى
أي وأمالا كل ما رسم في المصحف بالياء من الألفات وإن لم تكن الياء أصلية إتباعا للرسم ولأنها قد تعود إلى الياء في صورة وذلك ضحى في الأعراف وطه (وضحاها)-(ودحيها) ، في والنازعات وفي والشمس وضحيها (وتلاها)-(وطحاها)-(والضحى)-(وسجى) ، فهذا جميع ما رسم من ذوات الواو بالياء على ما ذكره في قصيدته الرائية لكن (تلاها-وطحاها-وسجى) ، لم يملها إلا الكسائي وحده كما يأتي وإمالتهما ضحى في الأعراف وطه تبنى على خلاف يأتي في آخر الباب وأما (ويلتى-و-حسرتى-و-أسفى) ، فألفاتها مع كونها مرسومة بالياء منقلبة عن ياء بالإضافة فقويت الإمالة فيها وهذا البيت لا يظهر له فائدة إلا في هذه الألفاظ الثلاثة فإن الياء التي انقلبت عنها الألف ليست بأصل في الكلمة فلم تدخل في قوله حيث تأصلا ويظهر أيضا فائدته في إمالة -ضحى-في الأعراف على قول من يقول إنه إذا وقف عليه كان الوقف على ألفه الأصلية وأما باقي الكلمات التي ذكرت أنها رسمت بالياء وهي من ذوات الواو فكانت تعرف من ذكره إمالة رءوس الآى وأما نحو (أدنى-و-أزكى-و-يدعى-و-تتلى) ، فتعلم إمالته من البيت الآتي فإنه من الثلاثي الزائد ثم ذكر أنه استثنى مما رسم بالياء وليست الياء أصله خمس كلمات فلم تمل وهي اسم وفعل وثلاثة أحرف فالإسم لدى لم يمل أنه رسم بالألف في يوسف وبالياء في غافر وألفه مجهولة فلم يمل ليجري مجرى واحدا والفعل (ما زكي منكم من أحد أبدا) ، هو من ذوات الواو فلم يمل تنبيها على ذلك والحروف إلى وحتى وعلى لم تمل لأن الحروف لا حظ لها في الإمالة بطريق الأصالة إنما هي للأفعال والأسماء فلم يؤثر فيها رسمها بالياء وكل ما أميل من الحروف بلى ويا في الندا ولا في أمالا لإغنائها عن الجمل فأشبهت الفعل والإسم وقول الناظم من بعد حتى الدال من بعد مجرورة وبعضهم اختار ضمها وقدر حذف واو العطف من قوله حتى ومعنى الوجهين ظاهر وإذا كسرنا الدال كان التقدير من بعد استثناء حتى وكذا معنى قولي أنا فيما تقدم أمال الكسائي بعد حمزة أي بعد إمالة حمزة
(297)
وَكُلُّ ثُلاَثِيٍّ يِزِيدُ فَإِنَّهُ مُمَالٌ كَزَكَّاهَا وَأنْجَى مَعَ ابْتَلى
أي كل لفظ ثلاثي ألفه عن واو إذا زيد في حروفه الأصول حرف فأكثر فصار كلمة أخرى أميل لأن واوه تصير ياء إذا اعتبرتها بالعلامات المقدم ذكرها وذلك كالزيادة في الفعل بحروف المضارعة وآلة التعدية وغيرها نحو (ترضى)-(وتدعى)-(وتتلى) (ويدعى)-(وتبلى)-(ويزكى)-(وتزكى)-(وزكاها)-(ونجانا الله منها)-(فأنجاه الله من النار)-(وإذا ابتلى إبراهيم ربه)-(فلما تجلى ربه) (فمن اعتدى عليكم)-(فتعالى الله)-(من استعلى) ، ومن ذلك أفعل في الأسماء نحو (أدنى-وأرى-وأزكى-وأعلى) ، لأن لفظ الماضي من ذلك كله تظهر فيه الياء إذا رددت الفعل إلى نفسك نحو زكيت ورضيت وابتليت وأعليت وأما فيما لم يسم فاعله نحو-تدعى-فلظهور الياء في دعيت ويدعيان فقد بان أن الثلاثي المزيد يكون اسما نحو أدنى وفعلا ماضيا نحو أنجى وابتلى ومضارعا مبنيا للفاعل نحو يرضى وللمفعول نحو يدعى ، ولو قال الناظم رحمه الله تعالى ، (وكل ثلاثي مزيد أمله مثل يرضى وتدعى ثم أدنى مع ابتلى) ، لجمع أنواع ذلك وقد نص صاحب التيسير وغيره على أن ذلك يمال وجعل سببه الزيادة فقال الإمالة شائعة في-تدعى-و-تتلى-و-اعتدى-و-استعلى-و-أنجى-و-نجى-وشبهه لانتقاله بالزيادة إلى ذوات الياء ، قلت الزيادة في أوله إذا كانت مفتوحة ظهرت الواو نحو يدعو ويتلو فإذا ضمت قلبت الواو ألفا لانفتاح ما قبلها فمن أين تجيء الياء وأين الزيادة التي اقتضت ذلك لا جائز أن تكون حرف المضارعة فإنها موجودة في حالة الضم وجودها في حالة الفتح والضم والفتح حركتان متقابلتان فليس إمالة هذا لأجل الزيادة وإنما لأجل أن الياء ظهرت في الماضي في قولك دعى قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها والمضارع فرع عن الماضي فلهذا اعتقد في ألف تدعى أنها ياء وأميلت مع أن رسم المصحف الكريم فيها بالياء وقوله تعالى (فأثابهم الله بما قالوا) ، وارد على ما ذكره في هذا البيت فإنه ثلاثي زاد ولا يمال لأن ألفه ليست طرفا وهو لم يشترط الطرف فلهذا ورد والله أعلم
(298)
وَلَكِنَّ أَحْيَا عَنْهُمَا بَعْدَ وَاوِهِ وَفِيمَا سَوَاهُ لِلكِسَائِي مُيِّلاً
أي إذا جاء أحيا أو يحيى بعد الواو فإنهما أمالاه قال في التيسير واتفقا يعني الكسائي مع حمزة على الإمالة في قوله-ويحيى ولا يحيى- ، (وأمات وأحيا) ، إذا كان منسوقا بالواو وتفرد الكسائي دون حمزة بإمالة أحياكم-و-فأحيا به-و-أحياها-حيث وقع إذا نسق ذلك بالفاء أو لم ينسق لا غير وإنما ذكر هذا البيت ليبين ما انفرد به الكسائي ولهذا أتى بحرف لكن التي للاستدراك وإلا فما اجتمعا عليه من ذلك داخل في ذوات الياء فكأنه قال أمالا الجميع لكن كذا وكذا تفرد به الكسائي ثم استوفى جميع ما انفرد به الكسائي من ذلك وغيره فقال
(299)
وَرُءْيَايَ وَالرءُيَا وَمَرْضَاتِ كَيْفَمَا أَتَى وَخَطَايَا مِثْلُهُ مُتَقَبَّلاً
رؤيا فعلى مستثناة مما فيه ألف التأنيث ومرضاة مفعلة من الرضوان ترجع ألفها إلى الياء في التثنية والجمع فهي كمغزى ومدعى لأن ألفها ترجع إلى الياء في الماضي نحو رضيت وذكر مكي في الثلاثي الزائد مرضاة وكمشكاة لأن ضابطه ما كانت ألف الإمالة فيه رابعة فصاعدا فمرضاة مستثناة من ذلك لحمزة بخلاف مزجاة فإنها ممالة لهما وقوله كيف ما أتى يعنى نحو مرضاة الله ومرضاتي بخلاف الرؤيا فإنه لم يملها كيف ما أتت لأن رؤياك لم يملها إلا الدوري عنه كما يأتي فلهذا قال ورؤياي والرؤيا أي هاتان اللفظتان مع ما بعدهما ممال للكسائي وخطايا مثله أي مثل مرضاة يميلها كيف ما أتت نحو (خطايانا-خطاياكم-وخطاياهم) ، والإمالة في ألفها الأخيرة لأجل الياء قبلها ولأنها من ياء لأنها جمع خطية بغير همز عند الفراء كهدية وهدايا وعند غيره أصلها خطايىء بياء بعدها همزة فمنهم من يقول همزت الياء كما تهمز في صحائف فاجتمع همزتان فأبدلت الثانية ياء فاجتمع بعد ألف الجمع همزة عارضة في الجمع وياء فوجب قلب الهمزة ياء والياء ألفا على قياس قولهم مطايا ومنهم من يقول قدمت الهمزة وأخرت الياء ثم فعل ذلك-وأما الحوايا-فأمالها حمزة والكسائي وألفها عن ياء وهو على وزن خطايا ومتقبلا حال من خطايا أو من ضمير مرضاة ويجوز أن يكون تمييزا على أن يكون متقبلا بمعنى قبولا مثل قولهم على التمرة مثلها زيدا ولا مانع من حيث اصطلاحه من أن يكون متقبلارمزا وكذا ما بعده من قوله ليس أمرك مشكلا ويجتلا والذي أذعت به إلى آخره ويكون ما في كل بيت لمن رمز له ، فإن قلت هو في باب إمالة حمزة والكسائي فجميعه لا يخلو عنهما أو عن أحدهما ولهذا يذكر ما انفرد به الكسائي ثم يذكر ما اتفقا عليه فيقول مع-القوى-فأمالاها ولو كان ما اعترض به رمزا لما صح له هذا الضمير إذ تقدم جماعة ، فلا يتعين من يعود إليه الضمير وكذا يذكر ما تفرد به الدوري ثم يقول ومما أمالاه وذلك مما يدل على أن قوله قد انجلا ليس برمز ، قلت كل هذا صحيح معلوم أنه ليس برمز في نفس الأمر ولكن من حيث اصطلاحه يوهم ذلك والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(300)
وَمَحْيَاهُمُوا أَيْضًا وَحَق تُقَاتِهِ وَفِي قَدْ هَدَانِي لَيْسَ أمْرُكَ مُشْكِلاَ
(أراد سواء محياهم)-(في الجاثية وحق تقاته) ، في آل عمران ووافق حمزة الكسائي على إمالة الأول فيها وهو قوله تعالى (إلا أن تتقوا منهم تقية) ، لأنه رسم بالياء في الأول وفي الثاني بالألف فاتبع الرسم فيهما وكلاهما من ذوات الياء والأصل تقية ، (وقد هدان) ، في أول الأنعام وصوابه في البيت بغير ياء لأن قراءة الكسائي كذلك والبيت متزن بالقبض وقيده بقد احترازا من الذي في آخر السورة (قل إنني هداني) وفي الزمر (لو أن الله هداني) ، فإن ذلك ممال لحمزة والكسائي معا على أصلهما والياء فيهما ثابتة بإجماعهم
(301)
وَفِي الْكَهْفِ أَنْسَاني وَمَنْ قَبْلُ جَاءَ مَنْ عَصَاني وَأَوْصَاني بِمَرْيَمَ يُجْتَلاَ
أراد (وما أنسانيه) ، ومن قبل الكهف جاء في إبراهيم (ومن عصاني)-(وأوصاني بالصلاة) ، في مريم ويجتلا ليس برمز
(302)
وَفِيهَا وَفِي طس آتَانِيَ الَّذِي اذَعْتُ بِهِ حَتَّى تَضَوَّعَ مَنْدَلاَ
أي وفي مريم والنمل لفظ (آتاني-يريد) (أتاني الكتاب)-(آتاني الله) ، بخلاف الذي في هود فإنه ممال لهما وقوله أذعت به أي أفشيته من قوله تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به) ، أي أفشوه والمراد أني جهدت بالنص على إمالته ولم أسر ذلك ولكن في اللفظ إشكال لأنه إن كان فعل هذا قبل هذا الكلام فأين ذكره وإن كان ما فعله إلا بهذا الكلام لم تصح هذه العبارة لأن حق ما يوصل به الذي يكون معلوما للمخاطب وهذا لم يعلمه بعد إلا من هذا العبارة فإن جاز ذلك فينبغي أن يجوز أن يقال جاءني الذي أكرمته ويكون إكرامك له لم يعرف إلا من هذه اللفظ وهذا لا يجوز فالوجه في هذا أن يقال الذي مفعول فعل مقدر وتضرع محذوف إحدى تائيه وهو مضارع لا ماض وتقدير الكلام خذ هذا الذي أذعت به لكي تتضوع أنت أي تفوح رائحة عملك مشبها مندلا والمندل نوع من الطيب وموضع في بلاد الهند ينسب إليه العطر وقيل المندل العود الهندي
(303)
وَحَرَفُ تَلاَهَا مَعْ طَحَاهَا وَفِي سَجى وَحَرْفُ دَحَاهَا وَهَي بِالْوَاوِ تُبْتَلاَ
(تلاها-وطحاها) ، في سورة الشمس (وسجى) في و(الضحى) و(دحاها) ، في والنازعات وأشار بقوله وهي بالواو إلى علة استثناء حمزة لها وهي كون ألفها عن واو وما تقدم كانت ألفه عن ياء ومعنى تبتلا تختبر وإنما حسن إمالتها للكسائي كونها رءوس آي فأميلت تبعا لذوات الياء فهو من باب إمالة لإمالة ولأنها رسمت في المصحف بالياء كأخواتها من ذوات الياء فلما ألحقت بها كتابة طلبا للمشاكلة ألحقت بها إمالة لذلك والله أعلم
(304)
وَأَمَّا ضُحَاهَا وَالضُّحى وَالرِّبا مَعَ الْقُوى فَأَمَا لاَهَا وَبِالْوَاوِ تَخْتَلاَ
تختلا أي تجتنى وتحصل من قولهم اختليت الخال وهو الحشيش إذا جززته وقطعته أمال حمزة والكسائي هذه الأربعة وإن كانت من ذوات الواو لأن أوائلها إما مضموم أو مكسور فالكسر في واحد وهو-الربا-والضم في الثلاثة البواقي وهي رءوس آي ومن العرب من يثنى ما كان بهذه الصفة بالياء وإن كان من ذوات الواو فيقول ربيان وضحيان فرار من الواو إلى الياء لأنها أخف حيث ثقلت الحركتان بخلاف المفتوح الأول قال مكي مذهب الكوفيين أن يثنوا ما كان من ذوات الواو مضموم الأول أو مكسورة بالياء فأمالا على أصل مذهبهما لأنهما كوفيان ولم يعتبر الأصل وإنما أفرده الناظم بالذكر وإن كان داخلا تحت قوله ومما أمالاه أواخر آي ما كما يأتي لأن منه ما ليس برأس آية وهو الربا وليبين أن الجميع من ذوات الواو والقوى جمع قوة وهو رأس آية في (والنجم) ولم يبق عليه إلا ذكر العلا ولكنه لما كان جمع عليا وقد قلبت الواو في عليا ياء صار كأنه من ذوات الياء والله أعلم ، وأما الزنا بالزاي والنون فمن ذوات الياء ، فلم يحتج إلى ذكره لأنه ممال لهما على أصلهما
(305)
وَرُؤيَاكَ مَعَ مَثْوَايَ عَنْهُ لِحَفْصِهِمْ وَمَحْيَايَ مِشْكَاةٍ هُدَايَ قَدِ انجَلاَ
جميع ما في هذا البيت تفرد بإمالته الدوري عن الكسائي دون أبي الحارث وحفص هو اسم أبي عمرو الدوري والهاء في عنه تعود إلى الكسائي وأراد ورؤياك المضاف إلى الكاف وهي في أول يوسف دون المضاف إلى الياء والمعرف باللام فهما للكسائي بكماله كما تقدم وذكر مكي وغيره أن أبا الحارث وافق الدوري في إمالة الرؤيا حيث وقعت فلم يستثن المضاف إلى الكاف وأما مثواي ففي يوسف (إنه ربي أحسن مثواي) ، فالذي تفرد به الدوري هو المضاف إلى الياء دون قوله تعالى (أكرمي مثواه)-(ومثواكم)-(ومثواهم) ، فأمال الثلاثة حمزة والكسائي على أصلهما في إمالة ذوات الياء (ومحياي) ، المضاف إلى الياء في آخر الأنعام دون (ومحياهم) ، فذاك للكسائي بكماله كما سبق و(مشكاة) ، في النور ووجه إمالتها الكسرة بعد الألف الميم أيضا كما تميل العرب شملال وأما-هدى ففي سورة البقرة وطه ، أراد المضاف إلى الياء دون المضاف إلى غيرها نحو (فبهداهم-وهداها-والهدى) ، ونحوه فذلك ممال لحمزة والكسائي
(306)
وَممَّا أَمَالاَهُ أَوَاخِرُ آيٍ مَّا بطِه وَآيِ الْنَّجْمِ كَيْ تَتَعَدَّلاَ
أي أواخر آي القرآن الذي تراه بسورة طه مما أماله حمزة والكسائي على الأصول المتقدمة وآي جمع آية كتمر وتمرة وما بمعنى الذي وبطه صلتها كما تقول عرفت ما بالدار أي الذي فيها أراد الألفات التي هي أواخر الآيات مما جميعه لام الكلمة سواء فيها المنقلب عن الياء والمنقلب عن الواو إلا ما سبق استثناؤه من أن حمزة لا يمليه فأما الألف المبدلة من التنوين في الوقف نحو-همسا-و-ضنكا-و-نسفا-و-علما-و-عزما-فلا تمال لأنها لا تصير ياء في موضع بخلاف لمنقلبة عن الواو فإن الفعل المبني للمفعول تنقلب فيه ألفات الواو ياء فألف التنوين كألف التثنية لا إمالة فيها نحو (فخانتاهما-إلا أن يخافا-اثنتا عشرة ) ، وأما المنون من المقصور نحو (هدى-وسوى-وسدى) ، ففي الألف الموقوف عليها خلاف يأتي ذكره في آخر الباب ثم قال وآي النجم أي أواخر سورة والنجم ثم بين حكمة ذلك فقال كي تتعدلا يعني رءوس الآي فتصير على منهاج واحد وهذه حكمة ترك الإمالة أنسب لها منها لأن الفتح يناسب في كل المواضع الممالة وغيرها فإن في أواخر الآى من السور المذكورة ما لا يمال وليس فيها ما لا يفتح ، فإن قلت أراد بالتعديل إلحاق ذوات الواو بذوات الياء في الإمالة لم يتم له هذا لأن حمزة استثنى أربعة مواضع من رءوس الآى فلم يملها فلم يكن في إمالة الباقي تعدل ولو لم يمل الجميع حصل التعدل على أني أقول لم يكن له حاجة إلى ذكر إمالة أواخر الآي لأن جميع ذلك قد علم مما تقدم من القواعد من ذوات الياء أصلا ورسما وقد نص على ذوات الواو منها فلم يبق منها شيء ولهذا لم يتعرض كثير من المصنفين لذكر هذه السور ولا ذكرها صاحب التيسير فإن قلت فيها نحو (وأن يحشر الناس ضحى) فمن أين تعلم إمالته ، قلت من قوله وما رسموا بالياء وقد نبهنا عليه ثم وكذلك العلى ثم ذكر باقي السور فقال
(307)
وَفِي الشَّمْسِ وَالأَعْلى وَفِي اللَّيْلِ الضُّحى وَفِي اقْرَأَ وَفِي وَالنَّازِعَاتِ تَمَيَّلاَ

(308)
وَمِنْ تَحْتِهَا ثُمَّ الْقِيَامَةِ فِي الْمَعَارِجَ يا مِنْهَالُ أَفْلَحْتَ مُنْهِلاَ
الضمير في تميلا للمذكور ومراده تميل أواخر أي هذه السور أيضا والضمير في ومن تحتها للنازعات أراد سورة عبس والجار والمجرور صفة موصوف محذوف كقوله تعالى (وما منا إلا له مقام معلوم) ، أي وفي سورة من تحت النازعات ثم في القيامة ثم في المعارج أي وفي سورة سأل سائل ألا ترى كيف ذكر ما قبلها وما بعدها بحرف في فجملة هذه السور إحدى عشر منها أربع شملت الإمالة أواخر آياتها كلها لقبولها لذلك وهي (والنجم إذا هوى-سبح اسم ربك الأعلى-والشمس وضحاها-والليل إذا يغشى) ، وسبع سور دخلت الإمالة في بعض آياتها وهي التي تقبل الإمالة وهي طه والمعارج والقيامة والنازعات وعبس والضحى واقرأ باسم ربك ، ثم الإمالة في الجميع ليس بعدها ضمير مؤنث إلا في سورتين والشمس والنازعات أما والشمس فاستوعب ضمير المؤنث أواخر آيها وأما النازعات ففيها الأمران مرتين ولم يأت آيات في آخرهن ألف مقصورة نسقا إلا في هذه السور والمنهال الكثير الإنهال والإنهال إيراد الإبل المنهل ومنهلا أي موردا أو معطيا إذ يقال ، أنهلت الرجل إذا أعطيته وانتصب على الحال فكأنه نادى نفسه أو جميع من يعلم العلم وحروف القرآن ورواياته الثابتة من ذلك وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه والله أعلم
(309)
رَمى (صُحْبَةٌ) أَعْمَى فِي الإِسْراءِ ثَانِيًا سِوًى وَسُدًى فِي الْوَقْفِ عَنْهُمْ تَسَبُّلاِ
جميع ما في هذا البيت إمالة صحبة وهو من ذوات الياء وسدى من أسديت الشيء إذا أهملته ولا يمال (سوى وسدى) ، في الوصل لأنهما منونان وتبنى إمالتهما في الوقف على خلاف يأتي والأرجح الإمالة على ما سنوضحه إن شاء الله تعالى وأراد (ولكن الله رمى)-(فهو في الآخرة أعمى)-(مكانا سوى)-(أن يترك سدى) ، وهذه الأربعة معلوم إمالتها لحمزة والكسائي من القواعد المقدمة وإنما ذكرها بعد ذلك لموافقة أبي بكر عن عاصم لهما فيها وكان يمكنه أن يقول رمى شعبة وإنما عدل عنه خوفا من وهم أن ذلك مختص بشعبة وهذه عادته في مثل ذلك على ما سيتضح فيما بعد ، قال الشيخ وقوله تسبلا أي تحبس يشير إلى ثبوته ، قلت أظن معناه أبيحت إمالته عنهم من سبلت الماء فتسبل لأن غيرهم لم يسبل إمالته وهو خبر أعمى فما بعده أي إضجاع ذلك نقل عنهم والإضجاع من أسماء الإمالة وإنما قدرت المحذوف بها لتذكير الضمير فيه وفي الإسراء في موضع الحال عاملها المضاف المحذوف أي إمالة أعمى في حال كونه في الإسراء ثانيا ، (وسوى وسدى) ، عنهم تسبل ورمى صحبة أي أماله صحبة والله أعلم
(310)
وَرَاءُ تَراءَى (فـ)ـَازَ فِي شُعَرَائِهِ وَأَعْمى فِي الإِسْرا (حُـ)ـكْمُ (صُحْبَةٍ) أَوّلاَ
الهاء في شعرائه تعود على الراء أو لفظ تراءا لأن كل واحد منهما في السورة المذكورة فهو كقولك غلام زيد في داره ولفظ تراءا وزنه تفاعل ففيه ألفان بينهما همزة الأولى زائدة والثانية لام الكلمة منقلبة عن ياء فإذا وقف عليها أميلت الثانية لحمزة والكسائي على أصلهما في إمالة ما كان من الألفات من ذوات الياء طرفا غير أن حمزة يجعل الهمزة بين بين على أصله وأضاف إلى ذلك أن إمالة الألف الأولى لمجاورة الثانية فهو من باب إمالة الإمالة ولهذا لم يمل الراء من قوله تعالى (فلما تراءت الفئتان) ، لما لم تكن فيها إمالة تسوغ ذلك وليست الألف أصلية منقلبة عن ياء بل هي زائدة لأنها ألف تفاعل ولم يجاورها كسر فلا إمالة فيها ولا نظر إلى كونها بعد راء والعرب تستحسن إمالة الألف قبل الراء وبعدها نحو-ترى-و-النار-مالا تستحسنه في غير ذلك ولهذا أمالهما أبو عمرو لأن الألف في كل ذلك إما منقلبة عن ياء أو هي ألف تأنيث أو مجاورة لكسر-نحو (ترى-وبشرى-وأبصارهم) ، والراء المفتوحة تمنع الإمالة إلا أن يوجد أحد أسباب الإمالة ثم من ضرورة إمالة الألفين في تراءا إمالة الراء والهمزة قبلها فبقيت الهمزة المسهلة بين ألفين ممالتين وهي في نفسها ممالة فتجاورت أربعة أحرف ممالة في الوقف فإذا وصلت سقطت الألف الثانية لوجود الساكن بعدها فبطلت الإمالة في الهمزة وبقيت إمالة الألف الأولى والراء قبلها لحمزة وحده فعبر الناظم عن ذلك بإمالة الراء لأن من ضرورتها إمالة الألف بعدها وهي عبارة صاحب التيسير ولم يذكر ذلك في باب الإمالة بل في سورة الشعراء فقال حمزة (فلما تراء الجمعان) ، بإمالة فتحة الراء وإذا وقف أتبعها الهمزة فأمالها مع جعلها بين بين على أصله فتصير بين ألفين ممالتين الأولى أميلت لإمالة فتحة الراء والثانية أميلت لإمالة فتحة الهمزة ألا ترى كيف عبر عن إمالة الألفين بإمالة ما قبلهما مجازا وجعلهما أصلين في ذلك والحق عكس ذلك وهو أن ما قبل الألفين أميلا لإمالة الألفين تبعا لهما والتعبير بذلك في الراء أقرب منه في الهمزة لأن الراء في الجملة قد أميلت حيث لا ألف مجاورة لها كما يأتي في باب ترقيق الراءات في (رءا القمر) ، في الوصل وبه قرأ حمزة أمال الراء والألف بعدها وقد تجوز الناظم أيضا بهذه العبارة فيه هنا عن إمالة الألف الذي بعد الراء بإمالة الراء فقال وراء تراءا فاز أي إضجاعها أو فاء بالإمالة وعبر في سورة الأنعام في نحو (رءا كوكبا)-(ورأى القمر) ، عن إمالة الألف بإمالة الهمزة فقال وفي همزه حسن وقال وقل في الهمز خلف مع أن الهمز لو تجرد عن الألف لم تقع فيه إمالة أبدا وإنما أماله من أمال في الوصل في (رءا القمر) ، نظرا إلى الأصل ولم يعتد بعارض حذف الألف للساكن وسيأتي الكلام في نحو هذا في آخر هذا الباب ولما لم يكن هذا المذهب في قراءة حمزة في (رءا القمر) ، بل اقتصر على إمالة الراء فعل مثل ذلك في (تراءا الجمعان) ، في الوصل فأمال الراء دون الهمزة وأما (أعمى) ، الأول في سورة الإسراء فأماله أبو عمرو موافقا لصحبة وخالفهم في الثاني كما سبق إما جمعا بين اللغتين وإما لفرق ذكروه وهو أن الثاني عنده أفعل التفضيل فكأن ألفه لم يقع طرفا لافتقاره إلى من المقدرة وصاغ ذلك لأنه من العمى المجازي وهو عمي القلب دون الحقيقي الذي هو عمى العين فلهذا بنى أفعل منه أي من كان جاهلا للحق في الدنيا فهو في الآخرة أجهل وأضل ومن أمالهما أو فتحهما سوى بينهما وإن اختلفا في المعنى لأن الألف فيهما عن ياء ولهم أن يقولوا ليس الثاني أفعل تفضيل بل هو اسم فاعل من العمى كالأول أي من كان أعمى في الدنيا عن الحق فهو أعمى أيضا في الآخرة وعند هذا يجوز أن يكون من العمى المجازي كالأول ويجوز أن يكون حقيقة كما في قوله تعالى في طه (ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) فهذا دليل على أنه عمى العين إذ كان بصيرا بها قبل ذلك ولم يكن المذكور بصيرا بقلبه وقال سبحانه في آخر سورة الإسراء (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما) ، فقول الناظم أولا ليس برمز وإنما هو بيان لموضع أعمى فهو من تتمة بيان الحرف المختلف فيه وهو حال من أعمى أي وإمالة أعمى أولا في الإسراء حكم صحبة فهو من القبيل الذي جاء الرمز فيه متوسطا في أثناء التقييد كما نبهنا عليه في شرح الخطبة مثل قوله دار واقصر مع مضعفة وقد فصل الناظم بمسئلة تراءا بين لفظي أعمى في الإسراء ولو اتصلا لكان أولى فيقول ، (واعمى في الاسرا أو لا حكم صحبة وراء تراءا بالإمالة فصلا) ، فيجئ الرمز لأعمى بعد كمال قيده بقوله أولا ولولا أن همزة تراءا لا تمال إلا في الوقف لقلت وراء تراءا فاز والهمز شمللا والله أعلم
(311)
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(311)
وَمَا بَعْدَ رَاءٍ (شَـ)ـاعَ (حُـ)ـكْمًا وَحَفْصُهُمْ يُوَالِي بِمَجْرَاهَا وَفي هُودَ أُنْزِلاَ
حكما تمييز أي ما وقع من الألفات بعد راء فقل شاع حكمه في الإمالة وذلك لما ذكرته من مجاورتها للراء قال الكسائي للعرب في كسر الراء رأي ليس لها في غيره وروى عن أبي عمرو أنه قال أدركت أصحاب ابن مجاهد وهم لا يكسرون شيئا من القرآن إلا نحو (وما أدراك-و-أفترى-وترى) ، أي أمال ذلك حمزة والكسائي وأبو عمرو ومثاله (ذكرى-و-اشترى-و-النصارى-و-القمر) ، وتابعهم حفص في إمالة (مجريها) ، في سورة هود ولم يمل غيره وهو وحمزة والكسائي يقرءونها بفتح الميم كما يأتي في السورة وغيرهم بالضم وأما إمالة ألف مرساها فلحمزة والكسائي على أصلهما لأنها عن ياء ولم تجاور راء وقوله يوالي أي يتابع ووجه الكلام وحفص يواليهم فنقل الضمير من يوالي إلى حفص فقال وحفصهم يوالي والكل صواب وجعل في هذا البيت الإمالة لما بعد الراء وهو الألف على ما ذكرنا أن هذا هو الحق في التعبير عن ذلك وإمالة الراء قبل الألف تبع لها وما ذكره في إمالة (تراءا) ، مجاز والله أعلم
(312)
نَأَى (شَـ)ـرْعُ يُـ(مْنٍ) بِاخْتِلاَفٍ وَشُعْبَةٌ في الاِسْرَا وَهُمْ وَالنُّونُ (ضَـ)ـوْءُ (سَـ)ـنًا (تـ)ـلاَ
أي إمالة ألف-نأى-شرع يمن لأنها عن ياء والمشهور عن السوسي الفتح ووافقهم شعبة على إمالتها في سورة الإسراء دون فصلت فلهذا قال وهم أي وهم وشعبة أمالوا التي في سبحان وإنما احتاج إلى قوله وهم لما ذكرناه في قوله رمى صحبة ولم يقل شعبة ثم قال والنون يعني إمالة النون من نأى أمالها خلف والكسائي لأجل إمالة ما بعدها وهو سبب من أسباب الإمالة وأسباب الإمالة التي يذكرها أهل العربية هي انقلاب الألف عن الياء أو عن كسرة أو مجاورتها لواحدة منها أو لإمالة ولم يأت ذلك للقراء في غير هذا الحرف فلم يقرأ (هدى-ولا-رمى-ولا-نهار) ، ولا نحو ذلك في هذه الطرق المشهورة وقوله والنون مبتدأ وضوء سنا خبره أي وإمالة النون ضوء أي ذات ضوء أي لها وجه ظاهر مضيء وأضافه إلى السنا ومعناه الضوء لاختلاف اللفظين نحو ، (كجلمود صخر خطه السيل من عل ) ، وتلا خبر بعد خبر ومعناه تبع أي أميل تبعا لما بعده لا بطريق الأصالة ويجوز نصب ضوء سنا بقوله تلا ويكون تلا وحده خبر المبتدأ والثناء على هذا لإمالة ما بعد النون والله أعلم
(313)
إِنَاهُ (لَـ)ـهُ (شَـ)ـافٍ وَقُلْ أَوْ كِلاَهُمَا (شَـ)ـفَا وَلِكَسْرٍ أَوْ لِيَاءٍ تَميَّلاَ
أي لإمالته دليل شاف وهو أن ألفه منقلبة عن ياء من أنى يأتى بمعنى آن يئين آي حان يحين ومنه قول الشاعر فجمع بين اللغتين ، (ألما يئن لي أن تقضي عمايتي وأعرض عن ليلى بلى قد أناليا) ، وقال الله تعالى (ألم يأن للذين آمنوا) ، وأصل أنا أنى تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فقال أنا الطعام يأنى إناء إذا بلغ حال النضج فمعنى قوله تعالى غير ناظرين إناه أي غير متحينين وقت نضجه وإدراكه فأمال ألف إناه هشام مع حمزة والكسائي وأما كلاهما في سبحان فوجه إمالة ألفه كسرة الكاف إن قلنا إن الألف منقلبة عن واو ولا يضرنا حجز اللام بينهما كما أمالت العرب عماد وإن قلنا ألفه عن ياء فظاهر فلهذا قال ولكسر أولياء تميلا وقياس هذا أن تمال كلتا إذا وقف عليها من قوله (كلتا الجنتين) ، ولأنها على وزن فعلى عند قوم قال الداني في كتاب الإمالة يجوز إمالتها مشبعة وغير مشبعة في مذهب من تقدم وعامة القراء وأهل الأداء على القول الأول يعني عدم الإمالة والله أعلم ، وذكر مكي أيضا فيها الوجهين وإنما احتاج الناظم إلى ذكر الإمالة في كلمة كلاهما خوفا من عدم دخولها في قاعدة ذوات الياء على قولنا إنها من ذوات الواو ولم ترسم بالياء فنص عليها لذلك وإلا فلم يوافق حمزة والكسائي على إمالتها غيرهما ولم يذكر من قوله رمى صحبة إلى هاهنا إلا المواضع التي وافقهما على الإمالة فيها غيرهما مما لو تركه لا ندرج فيما سبق وأما (راء تراءا) ، فلا اندراج لها فيما تقدم فنص عليها لحمزة وحده والله أعلم
(314)
وَذُوا الرَّاءِ وَرْشٌ بَيْنَ بَيْنَ وَفي أَرَاكَهُمْ وَذَوَاتِ الْيَالَهُ الْخُلْفُ جُمِّلاَ
شرع يبين مذهب ورش عن نافع وجميع إمالته في القرآن بين بين إلا الهاء من (طه) ، فإنها إمالة محضة على ما سيأتي في أول سورة يونس وصفة إمالة بين بين أن يكون بين لفظي الفتح والإمالة المحضة كما تقول في همزة بين يبن إنها بين لفظي الهمز وحرف المد فلا هي همزة ولا حرف مد ، فكذا هنا لا هي فتح ولا إمالة وأكثر الناس ممن سمعنا قراءتهم أو بلغنا عنهم يلفظون بها على لفظ الإمالة المحضة ويجعلون الفرق بين المحضة وبين بين رفع الصوت بالمحضة وخفضه بين بين وهذا خطأ ظاهر فلا أثر لرفع الصوت وخفضه في ذلك ما دامت الحقيقة واحدة وإنما الغرض تمييز حقيقة المحضة من حقيقة بين بين وهو ما ذكرناه فلفظ الصوت بين بين يظهر على صورة اللفظ بترقيق الراآت وقد أطلق العلماء على ترقيق الراآت لفظ بين بين فدل على ما ذكرناه وإن كان الأمر في اتضاحه لا يحتاج إلى شاهد ، قال صاحب التيسير اعلم أن ورشا كان يميل فتحة الراء قليلا بين اللفظين ، وقال في باب الإمالة وقرأ ورش جميع ذلك بين اللفظين فعبر في البابين بعبارة واحدة فدل على اتحاد الحقيقة فيهما وكذا ذكر في كتاب الإمالة هو وأبو الطيب ابن غلبون قبله ، ومعنى قوله وذو الراء ورش أي يقرؤه ورش بين بين ، ومعنى قولهم بين بين وبين اللفظين واحد ، واللفظان هما الفتح والإمالة أي بين هذا وبين هذا وهو معنى قول مكي هو صوت بين صوتين وحكى ابن مهران عن خلف قال سمعت الفراء النحوي يحيى ابن زياد يقول أفرط عاصم في الفتح وأفرط حمزة في الكسر ، قال وأحب إلى أن تكون القراءة بين ذلك ، قال خلف فقلت له ومن يطيق هذا قال كذلك ينبغي أن تكون القراءة بين الفتح والكسر مثل قراءة أبي عمرو رحمه الله وإنما يترك ذلك من يتركه لما لا يقدر عليه لأنه أمر صعب شديد ، قلت صدق ولصعوبته غلب على ألسنة الناس جعله كالإمالة المحضة وفرقوا بينهما برفع الصوت وخفضه وهو خطأ وأسهل ما يظهر فيه إمالة بين بين الراء فهو في نحو (ذكرى) ، أشد بيانا فافهم ذلك وابن عليه ، وعنى الناظم بقوله وذو الراء ما كانت الألف الممالة المتطرفة فيه بعد الراء نحو (قد نرى-و-القرى) ، وهو الذي وافق أبو عمرو وحمزة والكسائي في إمالته في قوله وما بعد راء شاع حكما ولا يدخل في ذلك ما بعد راء (تراءا الجمعان) ، فإنها ليست بمتطرفة ولكنها واردة على إطلاقه فإنه لم يقيدها بالألف المتطرفة كما لم يقيد ألفات ذوات الياء في أول الباب وأما قوله تعالى (ولو أراكهم كثيرا) ، فعن ورش فيه وجهان الفتح وبين بين والفتح رواية المصريين لبعد الألف عن الطرف لكثرة الحروف المتصلة بها بعدها والوجهان جاريان له في ذوات الياء والصحيح وجه بين بين وعليه الأكثر ، قال في التيسير وهو الذي لا يوجد نص بخلافه عنه وقال في موضع آخر وهو الصحيح الذي يؤخذ به رواية وتلاوة ، وليس يريد الناظم بقوله ذوات الياء تخصيص الحكم بالألفات المنقلبات عن الياء فإن إمالة ورش أعم من ذلك فالأولى حمله على ذلك وعلى المرسوم بالياء مطلقا مما أماله حمزة والكسائي أو تفرد به الكسائي أو الدوري عنه أو زاد مع حمزة والكسائي في إمالته غيرهما نحو (رمى-و-أعمى-و-نأى-و-إناه) ، ودخل في ذلك ما فيه ألف التأنيث من فعلى وفعالى كيف تحركت الفاء وكذلك (ألى-و-متى-و-عسى-و-بلى) ، وكل ثلاثي زائد كـ (أزكى-و-تدعى-وكذا-خطايا-ومزجاة-وتقاة-وحق تقاته-والرءيا-كيف أتت-و-مثواي-و-محياي-و-هداي) ، وقد نص على ذلك كله أبو عمرو الداني في كتاب الإمالة مفرقا في أبوابه وكشفت الأبواب التي فيه ذوات الواو مما جازت إمالته لحمزة والكسائي أو الكسائي وحده فوجدته لم يذكر لورش بين بين في (مشكاة-ولا-مرضاة-ولا-كلاهما-وأما-تلاها-و-دحاها-و- طحاها ، فساقها في باب فعل المعتل اللام نحو (أتي-و-سعى-و-قضى-و-سجى) ، وقال في آخره وقرأ نافع الباب كله على نحو ما تقدم من الاختلاف عنه في ذوات الياء وأقرأني ابن غلبون لورش بفتح جميع ذلك إلا ما وقع منه رأس آية في سورة أواخر آيها على ياء وليس بعد الياء كناية مؤنث فإنه بين اللفظين ، قلت فخرج من مذهب ابن غلبون أن ورشا يميل (سجى) ، في سورة والضحى لأنه رأس آية وليس في آخرها هاء ولا يميل (دحاها)و(تلاها)و(طحاها) ، ويميل الجميع على الرواية الأولى وسنوضح ذلك أيضا في البيت الآتي وأما ما كسر أوله أو ضم من ذوات الواو وهو الذي اتفق حمزة والكسائي على إمالته وهو (ضحاها-و-الضحى-و-الربا-و-القوى) ، ففيه نظر فإن الداني جمع في باب واحد من كتاب الإمالة ذكر الأسماء المقصورة في القرآن سواء انفتح أولها نحو (الهوى-و-فتاها) ، أو انكسر نحو (الربا-والزنا) ، أو انضم نحو (الهدى-والضحى-والقوى) ، وقال في آخره وقرأ نافع جميع ذلك على ما تقدم من الاختلاف عنه في باب فعل ، واقرأني ابن غلبون لورش ما كان من ذلك فيه راء أو وقع رأس آية ولم يتصل بها ضمير مؤنث بين اللفظين وما عدا ذلك بإخلاص الفتح ، قلت فحصل لنا من ظاهر مجموع ذلك أن رءوس الآى مما لا هاء فيه تمال بلا خلاف ، (كالضحى-و-القوى) ، وما فيه الهاء من رءوس الآى كالذي لا هاء فيه من غير رءوس الآى ففيه الوجهان كـ (ضحاها-و-تلاها-وجلاها-و-بناها) ، واستخراج ذلك من كتاب التيسير مشكل فإنه ذكر ذوات الياء ثم قال وقرأ ورش جميع ذلك بين اللفظين إلا ما كان من ذلك في سورة أواخر آيها على هاء فإنه أخلص الفتح فيه على خلاف بين أهل الأداء في ذلك ، هذا ما لم يكن في ذلك راء يعني فإنه يميله بلا خلاف بين بين نحو (ذكراها-كما يميل-ذكرى) ، في غير رءوس الآى وهو داخل في قوله وذو الراء ورش بين بين ثم ذكر صاحب التيسير ما تفرد الكسائي بإمالته وفيه أربع كلمات من ذوات الواو (سجى-و-دحاها-و-تلاها-و-طحاها-وفيه-مرضاة) ، وذكر في الفصل بعينه ما اتفقا عليه من إمالة (الضحى-و-الربا-و-كلاهما) ، ثم قال وقد تقدم مذهب ورش في ذوات الياء وهذه العبارة تحتمل معنيين ، أحدهما أن يريد أنه فعل في هذا الفصل ما فعله في ذوات الياء فيلزم من ذلك أنه يميل (مرضاة-و-كلاهما-كما يميل-الربا-و-الضحى-و-سجى-و-دحاها) ، ولم أره في كتاب الإمالة ذكر لورش إمالة فيهما ، والثاني أن يريد أنه أمال من هذا الفصل ما كان من ذوات الياء كما تقدم فيلزم من ذلك أن لا يميل ذوات الواو في رءوس الآى ولا الربا وقد ذكرنا عبارته من كتاب الإمالة وهي تقتضي إمالة ذلك ثم ذكر صاحب التيسير ما انفرد الدوري بإمالته ثم قال وفتح الباقون ذلك كله إلا قوله عز وجل (رءياك) ، فإن أبا عمرو وورشا يقرآنه بين بين على أصلهما ولم يستثن (مثواي-ولا-محياي-و-هداي) ، وهي ممالة لورش بين بين لأنها من ذوات الياء فأعمل على ما ذكره في كتاب الإمالة فإنه بين فيه مذهب ورش في كل فصل وباب وحرف وأما (الدنيا-و-العليا) ، فممالان إذ أنهما من باب فعلى إلا أنهما من ذوات الواو ولم يرسما بالياء فلا يمكن إدخالهما في قوله وذوات اليا فإنهما ليسا من ذوات الياء أصلا ولا رسما وإنما هما منها إلحاقا فإن ألفهما ألف تأنيث ترجع ياء في التثنية والجمع والله أعلم ، فهذا البيت والذي بعده من مشكلات هذه القصيدة واستخراج مذهب ورش منهما صعب لا سيما إذا أريد ضبط مواضع الوفاق والخلاف وقد تحيلنا في إدخال كثير مما أماله في قوله ذوات اليا باعتبار الأصل والرسم والإلحاق وأما كل ما أماله من ذوات الواو فهو رأس آية سيأتي بيانه وشرحه في البيت الآتي إلا لفظ (الربا) ، فإنه ليس برأس آية وفي إمالته نظر عن ورش على ما دل عليه كلام الداني في كتاب الإمالة ولكنه نص في كتاب إيجاز البيان على أن جميع ما كان من ذوات الواو في الأسماء والأفعال نحو (الصفا-و-الربا-و-عصاي-و-سنا برقه-و-شفا جرف-و-مرضاة الله-و-خلا-و-عفا-و-دعا-و-بدا-و-دنا-و-علا-و-ما زكى) ، فورش يخلص الفتح في جميعه إلا ما وقع آخر آية نحو (الضحى-و-سجى-وكذا-(وأن يحشر الناس ضحى) ، عند الوقف والله أعلم
(315)
وَلكِنْ رُءُوسُ الآيِ قَدْ قَلَّ فَتْحُهَا لَهُ غَيْرَ مَاهَا فِيهِ فَاحْضُرْ مُكَمَّلاَ
يعني أن رءوس الآى لا يجري فيها الخلاف المذكور بل قراءته لها على وجه واحد وهو بين اللفظين وعبر عن ذلك بقوله قد قل فتحها يعني أنه قلله بشيء من الإمالة وقد عبر عن إمالة بين بين بالتقليل في مواضع كقوله وورش جميع الباب كان مقللا والتقليل جادل فيصلا وقلل في جود وعن عثمان في الكل قللا وأراد برءوس الآى جميع ما في السور المذكورة الإحدى عشرة سواء كان من ذوات الواو أو من ذوات الياء وقد نص الداني على ذلك في كتاب إيجاز البيان وإنما لم يجيء وجه الفتح فيها إرادة أن تتفق ألفاظها ولا يختلف ما يقبل الإمالة منها وذلك أن منها ما فيه راء نحو (الثرى-و-الكبرى) ، وذاك ممال لورش بلا خلاف فأجرى الباقي مجراه ليأتي الجميع على نمط واحد ثم استثنى من ذلك ما فيه هاء أي غير ما فيه لفظ هاء نحو (ذكراها-و-بناها-و-طحاها) ، وهذا التقدير أولى من أن يقول تقديره غير ما هاء فيه أي ما فيه هاء بالمد لما يلزم في ذلك من قصر الممدود والابتداء بالنكرة من غير ضرورة إلى ذلك ولأنه يوهم أيضا استثناء ما فيه مطلق الهاء فيدخل في ذلك هاء المذكر نحو (تقواهم-و-ذكراهم) ، وإنما المراد هاء ضمير المؤنث ، قال الشيخ وهو ينقسم على ثلاثة أقسام ما لا خلاف عنه في إمالته نحو (ذكراها) ، وذلك داخل في قوله وذو الراء ورش بين بين ، ومالا خلاف عنه في فتحه نحو (ضحاها) ، وشبهه من ذوات الواو ، وما فيه الوجهان وهو ما كان من ذوات الياء ، قلت وتبع الشيخ غيره في ذلك وعندي أنه سوى بين جميع ما فيه الهاء سواء كانت ألفه عن ياء أو واو فيكون في الجميع وجهان وقد تقدم ما دل على ذلك من كلام الداني في كتاب الإمالة وقال أيضا في الكتاب المذكور اختلف الرواة وأهل الأداء عن ورش في الفواصل إذا كن على كناية المؤنث نحو آى (والشمس وضحاها) ، وبعض آى (والنازعات) ، فأقرأني ذلك أبو الحسن عن قراءته بإخلاص الفتح وكذلك رواه عن ورش أحمد بن صالح وأقرأنيه أبو القاسم وأبو الفتح عن قراءتهما بإمالة بين بين وذلك قياس رواية أبي الأزهر وأبي يعقوب وداود عن ورش ، قلت وجه المغايرة بين ما فيه ضمير المؤنث وغيره من رءوس الآى أن الألف في (ضحاها) ، ونحوه ليست طرفا للكلمة يحصل بإمالتها مشاكلة رءوس الآى بل المشاكلة حاصلة بضمير المؤنث فلم تكن حاجة إلى إمالة الألف قبله فصارت الكلمة كغيرها مما ليس برأس آية فجرى فيها الخلاف ومن سوى في الإمالة بين (ضحاها-و-الضحى) ، قصد قوة المشاكلة بالإمالة وضمير المؤنث فتقع المشاكلة طرفا ووسطا وقوله فاحضر مكملا أي لا تغب عنه فالمذكور مكمل البيان فيكون مكملا مفعولا به أي احضر كلاما مكملا أو يكون التقدير احضر رجلا مكملا في هذا العلم يفهمك إياه أي لا تقتد ولا تقلد إلا مكمل الأوصاف كمالا شرعيا معتادا فالكمال المطلق إنما هو لله عز وجل ويجوز أن يكون مكملا نعت مصدر محذوف أو حالا أي احضر حضورا مكملا أي لا تكن حاضرا ببدنك غائبا بذهنك وخاطرك أو احضر في حال كونك مكملا أي بجملتك من القلب والقالب والله أعلم ، وإنما قال ذلك على أي معنى قصده من هذه المعاني لصعوبة ضبط مذهب ورش هنا فأشار إلى تفهمه والبحث عنه وإلقاء السمع لما يقوله الخبير به وقد تخلص من مجموع ما تقدم أن ورشا يميل بين اللفظين كل ألف بعد راء ورءوس الآى غير المؤنثة بلا خلاف وفي المؤنثة الخالية من الراء وفي كلمة (أراكهم) ، وفي ذوات الياء انقلابا أو رسما أو إلحاقا خلاف ولا يميل (مرضاة-ولا-كلا-ولا-كمشكاة-ولا-الربا) ، من مجموع ما تقدم إمالته وباقي ما تقدم لورش على التفصيل المذكور ووقع لي في ضبط ذلك بيتان فقلت ، (وذو الراء ورش بين بين وفي رءوس الآى سوى اللاتي تحصلا) ، (بها وأراكهم وذي اليا خلافهم كلا والربا مرضاة مشكاة أهملا) ، فذكر أولا ما يميله بلا خلاف ثم ما فيه وجهان ثم ما امتنعت إمالته والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(316)
وَكَيْفَ أَتَتْ فَعْلَى وَآخِرُ آيِ مَا تَقَدَّمَ لِلبَصْرِي سِوى رَاهُمَا اعْتَلاَ
أي وأميل لأبي عمرو بين بين فعلى كيف أتت بفتح الفاء نحو تقوى-و-شتى-و-يحي-أو بكسرها نحو إحدى-و-عيسى-أو بضمها نحو الحسنى-و-موسى-وكذا أواخر الآى من السور المقدم ذكرها وعطف ذلك على قراءة ورش فعلم أنها بين اللفظين فلا يزال في ذلك إلى أن يذكر الإمالة لحمزة مثل ما أنه قال وإدغام باء الجزم وعطف عليها مسائل أخر ولم يذكر الإدغام فحملت عليه إلى أن قال ويس أظهر وعطف المسائل إلى آخر الباب وحمل الجميع على الإظهار وقوله سوى راهما اعتلا أي سوى ما وقع من بابي فعلى ورءوس الآى بالراء قبل الألف نحو (ذكرى)-(وما كنا ظالمين)-(هدى وبشرى)-(رسلنا تترى)-(وما تحت الثرى) و(مآرب أخرى)-(وقد خاب من افترى) ، فإنه يميله إمالة محضة على ما تقدم له من ذلك في قوله وما بعد راء شاع حكما فالضمير في راهما يعود على فعلى وعلى آخر آي ما تقدم وقصر لفظ الراء ضرورة كما قصر الياء من قوله وذوات الياله الخلف وفي جملا ضمير يعود على الخلف ويجوز أن تكون الألف فيه للتنبيه لأن معنى الخلف وجهان فكأنه قال وجهان جملا كما قال ذلك في باب المد والقصر وقوله اعتلا الضمير فيه عائد على الراء أي اعتلا في الإمالة أو يعود على الإضجاع أي اعتلت الإمالة فيه فكانت محضة وقد اختلف في سبعة مواضع من تلك السور أهي رأس آية أم لا فيبني مذهب أبي عمرو وورش على ذلك الأول في طه (ولقد أوحينا إلى موسى) ، عدها الشامي وحده والثاني فيها أيضا (هذا إلهكم وإله موسى) ، عدها المدني الأول والكوفي والثالث فيها أيضا (فإما يأتينكم مني هدى) ، لم يعدها الكوفي والرابع في والنجم (فأعرض عن من تولى) ، عدها الشامي والخامس في والنازعات (فأما من طغى) ، لم يعدها المدني والسادس في والليل (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) ، لم يعدها بعض أهل العدد وهو غلط والسابع في اقرأ (أرأيت الذي ينهى) ، تركها الشامي وليس قوله (فأما من أعطى) ، في سورة والليل برأس آية وقوله تعالى (فأولى لهم)-(أولى لك فأولى) ، قيل هو أفعل وقيل هو فعلى وقوله تعالى (يوم لا يغني مولى عن مولى) ، هو مفعل وليس فعلى قال مكي ، واختلف عنه في (يحيى) ، فمذهب الشيخ أنه بين اللفظين وغيره يقول بالفتح لأنه يفعل ، قلت يعني يحيى اسم النبي عليه السلام وأما نحو (ويحيى من حي) ، فهو يفعل بلا خلاف (كيسعى-و-يخشى-ويصلى) فاعلم ذلك
(317)
وَيَا وَيْلَتَى أَنَّى وَيَا حَسْرَتى (طَ)ـوَوْا وعَنْ غَيْرِهِ قِسْهَا وَيَا أَسَفَى الْعُلاَ
يعني أن الدوري عن أبي عمرو أمال هذه الكلم الأربع بين بين وهذا الحكم منقول في التيسير وغيره عن أبي عمرو البصري نفسه لكنه قال من طريق أهل العراق وتلك طريق الدوري قال ومن طريق أهل الرقة بالفتح يعني طريق السوسي وروى عنه فتحها وروى فتح (يا أسفى) ، وإمالة الثلاثة الباقية وهذه طريق أبي الحسن ابن غلبون ووالده أبي الطيب فلهذا اختزل الناظم (يا أسفى) ، عن أخواتها وألحقها بها أرادوا يا أسفى كذلك وكأنه أشار بقوله طووا إلى ذلك أي طووه ولم يظهروه إظهار غيره فوقع فيه اختلاف كثير ثم قال وعن غير الدوري قسها على أصولهم فتميل لحمزة والكسائي لأن الجميع من ذوات الياء رسما وقد تقدم الكلام في (أنى) ، والألف في (ويلتى-و-حسرتى-و-أسفى) ، منقلبة عن ياء والأصل إضافة هذه الكلمات إلى ياء المتكلم وتميل لورش بين اللفظين على أصله في ذوات الياء بخلاف عنه وافتح للباقين وإن كان ظاهر ما في التيسير أن ورشا لا يميلها لأنه ذكر مذهب أبي عمرو ثم قال وأمال ذلك حمزة والكسائي على أصلهما وقرأه الباقون بإخلاص الفتح في جميع ما تقدم وقوله العلا صفة لهذه الكلمات أي هي العلا ولو قال ويا أسفى على لكان أحسن لأنه لفظ القرآن ، فإن قلت إنما عدل عنه لئلا يلتبس ويوهم أن على من جملة الكلمات الممالة وأن التقدير ويا أسفا وعلى ، قلت زال هذا الإلباس بنصه فيما سبق على أن على لا تمال سلمنا الإلباس لكنا نقول الإلباس أيضا واقع في قوله العلا فإنه من ألفاظ القرآن أيضا فيقال لعله أراد والعلا ولفظ العلا لا يختص الدوري بإمالته بين اللفظين بل ذلك لأبي عمرو بكماله ولورش لأنهما رأس آية ثم إنه يلتبس أيضا من وجه آخر لأنه يوهم أنه رمز لنافع في ويا أسفى وتكون الواو في يا أسفى للفصل والله أعلم
(318)
وَكَيْفَ الثُّلاَثِي غَيْرَ زَاغَتْ بِمَاضِيٍ أَمِلْ خَابَ خَافُوا طَابَ ضَاقَتْ فَتُجْمِلاَ
أي وكيف أتى اللفظ الذي على ثلاثة أحرف من هذه الأفعال العشرة التي يأتي ذكرها بشرط أن تكون أفعالا ماضية فأملها لحمزة وكلها معتلة العين والإمالة واقعة في وسطها بخلاف ما تقدم كله فإن الإمالة كانت واقعة في الطرف وكلها من ذوات الياء إلا واحد وهو خاف أصله خوف فأميل لأجل الكسرة التي كانت في الواو ولأن الخاء قد تنكسر في نحو خفت إذا رددت للفعل إلى نفسك أو إلى مخاطبك كما تكسر أوائل أخواتها لذلك ولأن الألف قد تنقلب ياء إذا بنى الفعل لما لم يسم فاعله نحو خيف زيد (وجئ يومئذ بجهنم) ، وزيد في المال ورين على قلبه ذكر في هذا البيت أربعة من العشرة وهي خاب وخاف وطاب وضاق ومثل بالفعل المجرد في خاب وطاب والمتصل بالضمير في خافوا وبالملحق به تاء التأنيث في ضاقت واستثنى من هذا لفظا واحدا في موضعين وهو زاغت في الأحزاب وص ومعنى قوله وكيف الثلاثي أي سواء اتصل به ضمير أو لحقته تاء تأنيث أو تجرد عن ذلك أي أمله على أي حالة جاء بعد أن يكون ثلاثيا نحو (وخاف وعيد-و-خافوا عليهم-خافت من بعلها) ، واحترز بالثلاثي عن الرباعي فإنه لا يميله وهو (فأجاءها المخاض-أزاغ الله قلوبهم) لا غير ، والمراد بالثلاثي هنا أن يكون الفعل على ثلاثة أحرف أصول والرباعي ما زاد على الثلاثة همزة في أوله دون ما زاد في آخره ضمير أو علامة تأنيث فلهذا أمال نحو (خافت-ولم يمل-أزاغ الله قلوبهم) ، وإن كانت عدة الحروف في كل كلمة أربعة فإن الهمزة مقومة للفظ الفعل بخلاف التاء والواو في (خافت-و-خافوا) ، واحترز بقوله بماضي عن غير الفعل الماضي فلا يميل (يخافون ربهم-ولا-وخافون إن كنتم-ولا-تخاف-ولا-ما تشاؤون) ، ونحوه ولا يتصور الألف في مضارع باقي الأفعال العشرة بل تنقلب فيها ياء نحو يخيب يطيب واستثنى من الماضي أيضا زاغت كما مضى جمعا بين اللغتين إلا أنه في التيسير قال زاغ في النجم ، وزاغوا في الصف لا غير وكذا قال مكي وقال الداني في كتاب الإمالة أما زاغ فجملته ثلاثة مواضع في الأحزاب (وإذ زاغت الأبصار) ، وفي النجم والصف فأما في ص (أم زاغت) وفي الصف (أزاغ الله قلوبهم) ، فلا خلاف في فتحهما واستثنى ابن شريح في الجميع ما اتصل بتاء تأنيث ولم يستثن ابن الفحام ذلك وطاب في القرآن موضع واحد (ما طاب لكم من النساء)-(وإنما لم يمل-أجاءها) ، وأزاغ تخفيفا لأن في إمالة ذلك ثقلا من جهة انحدار اللفظ بعد همزة ثم صعوده إلى مثلها وإلى حرف استعلاء فهو مشبه بنزول واد والصعود منه فاختير اتصال اللفظ على سنن واحد كما يختار السنن كذلك وإنما لم يمل (يخاف-و-يشاء) ، لان الألف في المضارع من هذين الفعلين مفتوح الأصل إذ التقدير (يخيف ويشيأ) ، ولا ينكسر أوله إذا رد الفعل إلى المتكلم والمخاطب ولا تنقلب ألفه ياء إذا بنى لما لم يسم فاعله بخلاف الماضي في هذه الوجوه كلها فلهذا أمال الماضي دون المضارع ، وقوله بماضي كسر الياء ونونها وهذا هو الأصل ولكنه متروك لا يأتي إلا في ضرورة الشعر قال جرير ، (فيوما يجازين الهوى غير ماضي ) ، ووجه الكلام ماض بحذف الياء وإبقاء التنوين على كسر الضاد في الرفع والجر ، والفاء في فتجملا رمز لحمزة ونصب الفعل بإضمار أن بعدها في جواب الأمر في قوله أمل وهو من أجمل إذا فعل الجميل ثم ذكر باقي الأفعال العشرة فقال
(319)
وَحَاقَ وَزَاغُوا جَاءَ شَاءَ وَزَارَ (فُـ)ـزْ وَجَاءَ ابْنُ ذَكْوَانٍ وَفِي شَاءَ مَيَّلاَ
فهذه خمسة أفعال وتقدم أربعة والعاشر يأتي في البيت الآتي والفاء في فز رمز حمزة أيضا ثم ذكر أن ابن ذكوان وافق حمزة في إمالة ألف جاء وشاء وزاد على ما يأتي في البيت الآتي ووجهه خلو هذه الأفعال الثلاثة من حروف الاستعلاء قبلها وبعدها بخلاف الستة الباقية فإن ثلاثة منها حرف الاستعلاء في أوائلها وهي خاب-خاف-طاب-واثنان حرف الاستعلاء في آخرهما وهما-حاق-و-زاغ-وواحد حرف الاستعلاء في أوله وآخره وهو-ضاق-وحروف الاستعلاء تمنع الإمالة إذا وليت الألف قبلها أو بعدها في الأسماء فتجنبها ابن ذكوان أيضا في الأفعال ، وقوله جاء مبتدأ وابن ذكوان خبره أي وجاء ممال ابن ذكوان على حذف مضاف وفي شاء ميلا أي وأوقع الإمالة في شاء ولو قال وجاء وفي شاء ابن ذكوان ميلا لكان جاء مفعول ميل ومن لا يعرف مقاصد هذا الكتاب يعرب جاء ابن ذكوان فعلا وفاعلا ثم ذكر الفعل الثالث الذي أماله فقال
(320)
فَزَادَهُمُ الأُولَى وَفِي الْغَيْرِ خُلْفُهُ وَقُلْ (صُحْبَةٌ) بَلْ رَانَ وَاصْحَبْ مُعَدَّلاَ
يعني أول ما في القرآن من كلمة زاد وهي قوله تعالى في أول البقرة (فزادهم الله مرضا) ، هذه يميلها ابن ذكوان بلا خلاف وفي غير هذا الموضع له في إمالة لفظ زاد كيف أتى خلاف ولا يقع في القرآن إلا متصلا بالضمير إلا أنه على وجوه نحو (فزادتهم رجسا إلى رجسهم-وزادكم في الخلق بسطة-فزادوهم رهقا) ، وقول الناظم فزادهم إما أن يكون معطوفا على ما قبله وحذف حرف العطف فإن حذفه لضرورة الشعر جائز إذا دل عليه دليل وإما أنه مبتدأ وخبره محذوف أي فزادهم الأولى كذلك أي أماله ابن ذكوان وأما الفعل العاشر فقوله سبحانه (بل ران على قلوبهم) ، وافق حمزة الكسائي على إمالته وأبو بكر عن عاصم ولم يملها ابن ذكوان لأن الراء غير المكسورة إذا وليت الألف كان لها حكم حروف الاستعلاء وقوله واصحب معدلا مثل قوله فيما سبق فاحضر مكملا على قولنا أن المعنى رجلا مكملا كأنه لمح من لفظ صحبة ما يختار في نفس الصحبة فحث عليه رحمه الله
(321)
وَفِي أَلِفَاتٍ قَبْلَ رَا طَرَفٍ أَتَتْ بِكَسْر أَمِلْ (تُـ)ـدْعى (حَـ)ـمِيداً وَتُقْبَلاَ
وهذا نوع آخر من الممالات وهي كل ألف متوسطة قبل راء مكسورة تلك الراء طرف الكلمة احترازا من نحو (نمارق-فلا تمار فيهم) ، لأن الراء فيهما عين الكلمة أما في-نمارق-فظاهر وأما في-فلا تمار-فلأن لام الفعل ياء وحذفت للجزم واشترط صاحب التيسير ومكي وابن شريح في الراء أن تكون لام الفعل وهو منتقض بالحواريين فإن الراء فيهما لام الكلمة ولا تمال الألف قبلها فإن ياء النسبة حلت محل الطرف فأزالت الراء عن الطرف بخلاف الضمائر المتصلة في نحو أبصارهم فإنها منفصلة تقديرا باعتبار مدلولها فلم تخرج الراء عن كونها طرف كلمة أيضا وأما الياء في حواري فأزالت الراء عين الطرف ولهذا انتقل الإعراب إلى ياء النسبة وحرف الإعراب من كل معرب آخره والمسوغ للإمالة في هذه الألف كسرة الراء بعدها ، وقوله وفي ألفات مفعول أمل أي أوقع الإمالة فيها وقوله تدعى مجزوم تقديرا لأنه جواب الأمر وإنما أجراه مجرى الصحيح فلم يحذف ألفه كما قرئ (إنه من يتق ويصبر) ، بإثبات الياء كما يأتي ونصب وتقبلا لأنه فعل مضارع بعد الواو في جواب الأمر كما تقول زرني وأكرمك وليس بمعطوف على تدعى بل على مصدره وسيأتي نظير هذا في قوله تعالى (ويعلم الذين) ، بالنصب في سورة الشورى وقد استعمل الناظم هذه العبارة أيضا في سورة الرحمن عز وجل فقال (يطمث) ، في الأولى ضم تهدى وتقبلا وقال الشيخ وغيره أراد وتقبلن أي ولتقبلن ثم حذف اللام وأبدل من النون ألفا
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(322)
كَأَبْصَارِهِمْ وَالدَّارِ ثُمَّ الْحِمَارِ مَعْ حِمَارِكَ وَالْكُفَّارِ وَاقْتَسْ لِتَنْضُلاَ
مثل هذا النوع بأمثلة متعددة خاليا من الضمير ومتصلا به غائبا ومخاطبا وهو يأتي في القرآن على عشرة أوزان ذكر الناظم منها أربعة أفعال وفعل وفعال وفعال وبقي ستة فعال نحو كفار وسحار وفعال نحو نهار وبوار وفعال نحو دينار أصله دنار فأبدلت النون الأولى ياء وفعلال وهو قنطار ومفعال وهو بمقدار وإفعال وهو إبكار واقتس أي قس على ما ذكرته ما لم أذكره فهو مثل قرأ واقترأ وقوله لتنضلا أي لتغلب يقال ناضلهم فنضلهم إذا رماهم فغلبهم في الرمي ويلزم أن يكون من هذا الباب (من أنصاري إلى الله) ، وهو الذي انفرد الدوري بإمالته كما يأتي فإن الراء طرف والياء ضمير كالضمير في (أبصارهم-و-حمارك)
(323)
وَمَعْ كَافِرِينَ الْكافِرِينَ بِيَائِهِ وَهَارٍ (رَ)وَى (مُـ)ـرْوٍ بِخُلْفٍ (صَـ)ـدٍ (حَـ)ـلاَ
أي وأمالا الكافرين مع كافرين يعني معرفا ومنكرا وبيائه في موضع الحال أي أمالا هذا اللفظ في هذه الحالة وهي كونه بالياء التي هي علامة النصب والجر احترز بذلك عن المرفوع نحو كافرون والكافرون فإن ذلك لا يمال لأن الراء غير مكسورة ولا يميلان أيضا ما هو على وزن كافرين بالياء نحو صابرين-وقادرين-و-بخارجين-و-الغارمين-وأما-هار-من قوله تعالى (على شفا جرف هار) ، فأصله هاور أو هاير من هار يهور ويهير ثم قدمت اللام إلى موضع العين وأخرت العين إلى موضع اللام وفعل فيه ما فعل بقاض فالراء على ما استقر عليه الأمر آخرا ليست بطرف وبالنظر إلى الأصل هي طرف ولكن على هذا التقرير لا تكون الألف تلي الراء التي هي طرف بل بينهما حرف مقدر فصار مثل كافرين بين الألف والراء حرف محقق وقوله مرو هو اسم فاعل من أروى غيره وهو فاعل روى أي نقل رجل عالم معلم وصد نعته ومعناه العطشان أي هو مرو لغيره بالعلم صد إلى تعلم ما لم يعلم كقوله صلى الله عليه وسلم منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا ، أو يكون صد مفعولا ولم ينصبه ضرورة أي أمال هار الكسائي بكماله وابن ذكوان بخلاف عنه وأبو بكر وأبو عمرو فإن قلت يظهر من نظم هذا البيت أن الذين أمالوا هار أمالوا كافرين لأنه قال ومع كافرين ولا مانع من أن تكون الواو في ومع فاصلة بعد واو واقتس وإذا كان الأمر كذلك ولم يذكر بعده من أماله فيظهر أن قوله وهار عطف عليه والرمز بعده لهما فيكون كقوله في آل عمران (سنكتب) ، ياء ضم البيت ذكر فيه ثلاث قراءات في ثلاث كلمات ثم رمز لهن رمزا واحدا قلت لا مانع من توهم ذلك ويقويه أن كافرين وهار كلاهما ليس داخلا في الضابط المقدم لأبي عمرو والدوري على ما شرحناه فإنه فصل بين الألف والراء الفاء في كافرين وفي هار حرف مقدر إما واو وإما ياء وعلى الوجه الآخر لا تكون الراء طرفا وإذا خرجا من ذلك الباب قوى الوهم في أن من أمال أحدهما أمال الآخر ولو كان أسقط الواو من ومع وقال مع الكافرين كافرين لزال الوهم أي أمالا هذا مع الكافرين ولو قال كذا كافرين الكافرين لحصل الغرض والله أعلم
(324)
(بَـ)ـدَارِ وَجَبَّارِينَ وَالْجَارِ (تَـ)ـمَّمُوا وَوَرْشٌ جَمِيعَ الْبَابِ كَانَ مُقَلِّلاَ
بدار رمز قالون لأنه من جملة من أمال هار ومعناه بادر مثل قولهم نزال أي انزل أي بادر إلى أخذه ومعرفته وأمال الدوري وحده جبارين في المائدة والشعراء والجار في موضعين في النساء والشعراء فتمموا الباب بإمالة هذين له وورش قلل جميع هذا الباب أي أماله بين اللفظين من قوله وفي ألفات قبل را طرف إلى هنا والله أعلم
(325)
وَهذَانِ عَنْهُ بِاخْتِلاَفٍ وَمَعَهُ في الْبَوَارِ وَفي الْقَهَّارِ حَمْزَةُ قَلَّلاَ
يعني جبارين والجار عن ورش خلاف في تقليلهما ووافق حمزة ورشا في تقليل-البوار-والقهار-فقط والله أعلم
(326)
وَإِضْجَاعُ ذِي رَاءَيْنِ (حَـ)ـجَّ (رُ)وَاتُه كَالأَبْرَارِ وَالتَّقْلِيلُ (جـَ)ـادَلَ (فَـ)ـيْصَلاَ
الإضجاع الإمالة وحج رواته رمز ومعناه غلبوا في الحجة أي إضجاع ذي راءين مما ذكرناه أي تكون الألف قبل راء مكسورة طرف ومثاله (من الأشرار-ودار القرار-وكتاب الأبرار-فقوله-إن الأبرار) ، لا يمال لأن الراء مفتوحة كما لا يمال-خلق الليل والنهار-وفيصلا حال من الضمير في جادل العائد على التقليل لأن التقليل متوسط بين الفتح والإمالة أي أمال ذلك أبو عمرو والكسائي بكماله وقرأه ورش وحمزة بين اللفظين والله أعلم
(327)
وَإِضْجَاعُ أَنْصَارِي (تَـ)ـمِيمٌ وَسَارِعُوا نُسَارِعُ وَالْبَارِي وَبَارِئِكُمْ (تَـ)ـلاَ
يريد قوله تعالى (من أنصاري إلى الله) ، في آل عمران والصف-وسارعوا إلى مغفرة- نسارع لهم في الخيرات-والبارئ-في الحشر-وبارئكم-في موضعين في البقرة انفرد بإمالة ما في هذا البيت والذي بعده الدوري عن الكسائي والتاء في تميم وتلا رمز كل واحد منهما رمز لما سبقه من الألفاظ وكذا آخر البيت الآتي وأشار بقوله تميم إلى أن الإمالة هي لغة تميم على ما سبق نقله في أول الباب وهو على حذف مضاف أي الإضجاع لغة تميم ولو قال واضجع (أنصاري) ، تميم لكان حسنا ولم يحتج إلى حذف مضاف والضمير في تلا فاعل يعود إلى المقصود بقوله تميم وهو القارئ كما قال في البيت الآتي عنه ويجوز أن يريد تبع هذا المذكور ما قبله في الإمالة ووجه إمالة الألف في هذه المواضع ما بعدها من الكسر على الراء مع أن الراء ظرف في أنصاري ولو لم يذكر هاهنا مع ما اختص بالدوري لكانت واجبة الإمالة في مذهب أبي عمرو أيضا على القاعدة السابقة
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(328)
وَآذَانِهِمْ طُغْيَانِهِمْ وَيُسَارِعُونَ آذَانِنَا عَنْهُ الْجَوَارِي (تَـ)ـمَثَّلاَ
وجميع في هذا البيت انفرد بإمالته الدوري عن الكسائي والضمير في عنه له والتاء في تمثلا رمزه لأجل لفظ الجواري وقيل الرمز هو قوله تميم وما ذكرناه واضح وإنما أميلت هذه الألفاظ الخمسة للكسر المجاور للألف بعدها مع كون الكسرة على راء في-يسارعون-و-الجوار-ومع زيادة-في طغيانهم-وهي مجاورة الياء للألف من قبلها-وآذانهم-في القرآن في سبعة مواضع في البقرة والأنعام وسبحان والكهف في موضعين وفصلت ونوح-و-طغيانهم-في خمس سور في البقرة والأنعام والأعراف ويونس والمؤمنون ولا يمال طغيانا كبيرا إلا في رواية شاذة عن الكسائي ويسارعون في سبعة مواضع في آل عمران موضعان وفي المائدة ثلاثة وفي الأنبياء والمؤمنون-و-آذاننا-في فصلت فقط والجوار في ثلاث سور في حم عسق والرحمن وكورت وصواب قراءته في النظم بغير ياء لأن قراءة من أمالها كذلك في حم عسق وأجمعوا على حذفها في الرحمن وكورت للساكن بعدها ثم ذكر ما اختلف فيه عن الدوري فقال
(329)
يُوَارِي أُوَارِي فِي العُقُودِ بِخُلْفِهِ ضِعَافًا وَحَرْفَا النَّمْلِ آتِيكَ (قَـ)ـوَّلاَ
العقود هي سورة المائدة يريد قوله تعالى (كيف يواري)-(فأواري سوأة أخي) ، ولم يذكر صاحب التيسير فيهما إمالة وقال في كتاب الإمالة اجتمعت القراءة على إخلاص الفتح فيهما إلا ما حدثنا به عبد العزيز بن جعفر بن محمد هو ابن أبي غسان الفارسي قال حدثنا أبو طاهر بن أبي هاشم قال قرأت على أبي عثمان الضرير عن أبي عمرو عن الكسائي (يواري-فأواري) ، بالإمالة قال وقرأت على أبي بكر بالفتح ولم ترو الإمالة عن غيره قال أبو عمرو وقياس ذلك الموضع الذي في الأعراف وهو قوله (يواري سوءاتكم) ، ولم يذكره ثم ذكر ضعافا من قوله تعالى في النساء (ذرية ضعافا) ، فوجه إمالة ألفها كسرة الضاد ولا اعتبار بالحاجز كما تميل العرب عمادا وفي النمل (أنا آتيك به) ، في موضعين أميلت ألف آتيك لكسرة التاء بعدها واستضعف إمالتها قوم من جهة أن أصلها همزة لأنه مضارع أتى ويمكن منع هذا ويقال هو اسم الفاعل منه كقوله تعالى (وإنهم آتيهم عذاب) ، أي أنا محضره لك فقوله ضعافا مبتدأ وحرفا النمل عطف عليه وآتيك عطف بيان له ووجه الكلام أن يقول آتيك آتيك مرتين وإنما استغنى بأحدهما عن الآخر وقولا خبر المتبدإ وما عطف عليه ونزل حرفي النمل منزلة حرف واحد لأنهما كلمة واحدة تكررت وهي آتيك وكأنه قال ضعافا وآتيك قولا فالألف في قولا للتثنية أي قيلا بالإمالة والقاف رمز خلاد ثم قال
(330)
بِخُلْفٍ (ضَـ)ـمَمْنَاهُ مَشَارِبُ (لا)مِعٌ وَآنِيَةٍ فِي هَلْ أَتَاكَ (لِـ)أَعْدِلاَ
أي الخلف عن خلاد في إمالتها والضاد في ضممناه رمز خلف أمالهما من غير خلاف ثم قال مشارب لامع وهما مبتدأ وخبر أي ظاهر واضح كالشيء اللامع أراد أن هشاما أمال (مشارب) ، في سورة يس لكسرة الراء بعدها وألف (آنية) ، في سورة الغاشية لكسرة النون بعدها وللياء التي بعد الكسرة ووزنها فاعلة وهي قوله تعالى (تسقى من عين آنية) ، أي حارة وأما (آنية) ، التي في سورة هل أتى قوله تعالى (ويطاف عليهم بآنية من فضة) ، فوزنها أفعلة لأنها جمع إناء ولم يمل ألفها أحد ولعل سببه أن ألفها بدل عن همزة فنظر إلى الأصل فلم تمل فقوله في هل أتيك أي في سورة (هل أتاك حديث الغاشية) ، احترازا من التي في (هل أتى على الإنسان) ، واللام في لأعدلا رمز لهشام أي لقارئ زائد العدل أي أماله من هذه صفته والألف للإطلاق والله أعلم
(331)
وَفِي الْكَافِرُونَ عَابِدُونَ وَعَابِدٌ وَخَلَفُهُمْ في النَّاسِ في الْجَرِّ (حُـ)ـصِّلاَ
أي في سورة الكافرون أمال هشام (ولا أنتم عابدون) في موضعين (ولا أنا عابد) ، لكسرة الباء بعد الألف واحترز بذلك من قوله تعالى (ونحن له عابدون) ، ثم قال وخلفهم أي خلف الناقلين من أهل الأداء في إمالة لفظ الناس إذا كان مجرورا نحو (جميع) ، الذي في سورة الناس فروى عن أبي عمرو الوجهان واختار الداني الإمالة في كتاب الإمالة ووجهها كسرة السين بعد الألف وقيل إن ذلك لغة أهل الحجاز قال الشيخ وكان شيخنا يعني الشاطبي رحمه الله يقرئ بالإمالة يعني لأبي عمرو من طريق الدوري وبالفتح من طريق السوسي وهو مسطور في كتب الأئمة كذلك قلت وكذلك أقرأنا شيخنا أبو الحسن ولم يذكر أبو الحسن ابن غلبون غيره ويتجه في هذا البيت من الإشكال ما اتجه فيما مضى في قوله ومع كافرين الكافرين بيائه من أنه يحتمل أن تكون الواو في قوله وفي الكافرون فاصلة وإذا كان كذلك فلم يذكر لقارئها رمزا فيكون حصلا رمزا لها وللناس وتكون الواو في وخلفهم عاطفة ولو قال وفي الكافرون عابدون وعابد له خلفهم في الناس لخلص من ذلك الإيهام ولا يحتاج إلى واو فاصلة في خلفهم لأن هذا من باب قوله سوى أحرف لا ريبة في اتصالها كما قال بعد هذا حمارك والمحراب إلى آخره ولم يأت بواو فاصلة فإن قلت فقد سنح إشكال آخر وهو أنه يحتمل أن يكون بعض ما في البيت الآتي لأبي عمرو إذا لم يأت بواو والباقي من عند الواو لابن ذكوان فمن أين يتمحض الجميع لابن ذكوان قلت من جهة استفتاحه ذلك بقوله حمارك وهو مما قد علم أن أبا عمرو يميله فدل ذلك على أنه إنما ساقه مع ما عطف عليه لغير أبي عمرو فينتظر من يرمز له وليس إلا قوله مثلا والله أعلم
(332)
حِمَارِكَ وَالمِحْرَابِ إِكْرَاهِهِنَّ وَالْحِمَارِ وَفي الإِكْرَامِ عِمْرَانَ مُثِّلاَ
أي أمال ابن ذكوان جميع ما في هذا البيت (حمارك-في البقرة-و-الحمار) ، في الجمعة والمحراب ، وعمران حيث وقعا و-إكراههن-في النور-والإكرام-في موضعين في سورة الرحمن عز وجل ووجهه كسرة أوائل الجميع وما بعد الألف غير عمران والمحراب المنصوب ووافق في حمارك والحمار مذهب أبي عمرو والدوري عن الكسائي في ذلك فإن قلت فماله لم يذكرهما معه عندما ذكر حمارك والحمار كما أعاد ذكر حمزة والكسائي مع من وافقهما في إمالة-رمى-و-نأى-و-إناه ، قلت لأنه نص على الحمار وحمارك في إمالة أبي عمرو والدوري في قوله كأبصارهم والدار ثم الحمار مع حمارك فلم يضره بعد ذلك أن يذكر مذهب ابن ذكوان وحده ومثل ذلك قوله فيما مضى وجاء ابن ذكوان وفي شاء ميلا وإن كان حمزة يقرأ كذلك لأنه قد تقدم ذكره له معينا بخلاف-رمى-و-نأى-و-إناه-فإنه لم يتقدم النص عليها معينة وإنما اندرجت في قاعدة ذوات الياء فلو لم يعد ذكر حمزة والكسائي لظن أن ذلك مستنثى من الأصل المقدم كما تفرد الكسائي بإمالة مواضع من ذلك والله أعلم
(333)
وَكُلٌّ بِخُلْفٍ لاِبْنِ ذَكْوَانَ غَيْرَ مَا يُجَرُّ مِنَ الْمِحْرَابِ فَاعْلَمْ لِتَعْمَلاَ
أي كل هذه الألفاظ الستة في إمالتها لابن ذكوان خلاف إلا المحراب المجرور فلم يختلف عنه إمالته وهو موضعان في آل عمران ومريم فتفردا ابن ذكوان بإمالة هذه الكلم الأربع-المحراب-و-إكراههن-والإكرام-وعمران وباقي القراء على فتحها إلا ورشا فإنه يقرؤها بين اللفظين إلا عمران وهو المعبر عنه بترقيق الراء على ما يأتي في بابه ويتضح لك الفرق بين الإمالة وبين اللفظين بقراءة ورش وابن ذكوان في هذه الكلمات وهو عين ما نبهنا عليه في شرح قوله وذو الراء ورش بين بين وأكثر الناس يجهلون ذلك والله أعلم
(334)
وَلاَ يَمْنَعُ الإِسْكَانُ فِي الْوَقْفِ عَارِضًا إِمَالَةَ مَا لِلكَسْرِ فِي الْوَصْلِ مُيِّلاَ
في الوقف معمول عارضا ولو جعلناه معمول الإسكان لقلت فائدته فإن إسكان الوقف لا يكون إلا عارضا ومعنى البيت كل ألف أميلت في الوصل لأجل كسرة بعدها نحو-النار-و-الناس-فتلك الكسرة تزول في الوقف وتوقف بالسكون فهذا السكون في الوقف لا يمنع إمالة الألف لأنه عارض ولأن الإمالة سبقت الوقف ولم يذكر في التيسير غير هذا الوجه وذهب قوم إلى منع الإمالة لزوال الكسر الموجب لها فإن رمت الحركة فالإمالة لا غير والله أعلم
(335)
وَقَبْلَ سُكُونٍ قِفْ بِمَا فِي أُصُولِهِمْ وَذُو الرَّاءِ فِيهِ الخُلْفُ في الْوَصْلِ (يُـ)ـجُتَلاَ
أي كل ألف قبل ساكن لو لم يكن بعدها ساكن لجازت إمالتها ففي الوصل لا يمكن إمالتها لذهابها فإن وقف عليها كانت على ما تقرر من أصول القراء تمال لمن يميل وتفتح لمن لم يمل وتقرأ بين اللفظين لمن مذهبه ذلك لكن الألف التي قبلها راء اختلف عن السوسي في إمالتها في الوصل ولا يظهر إلا كسر الراء ولم يذكر صاحب التيسير للسوسي إلا الإمالة وابن شريح وغيره من المصنفين لم يذكروا وجه الإمالة أصلا وشرط ما يميله السوسي من هذا الباب أن لا يكون الساكن تنوينا فإن كان تنوينا لم يمل بلا خلف نحو-قرى-و-مفترى-ثم مثل النوعين وهما ذو الراء وما ليس فيه راء والألف ظرف الكلمة فقال
(336)
كَمُوسَى الْهُدى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ والْقُرَى الْتِي مَعَ ذِكْرَى الدَّارِ فَافْهَمْ مُحَصِّلاَ
إذا وقفت على موسى من قوله تعالى (ولقد آتينا موسى الهدى) ، أملت ألف موسى لحمزة والكسائي وجعلتها بين بين لأبي عمرو وورش وفتحت للباقين وكذا في (عيسى ابن مريم) ، فهذا مثال ما ليس فيه راء ومنه (إنا لما طغى الماء) ، نص مكي وغيره على أن الوقف على طغى بالإمالة لحمزة والكسائي ومثال ما فيه الراء (القرى التي باركنا فيها) ، في سبأ (ذكرى الدار) ، في ص فإذا وقفت على القرى وذكرى أملت لأبي عمرو وحمزة والكسائي ولورش بين اللفظين وههنا أمر لم أر أحدا نبه عليه وهو أن (ذكرى الدار) ، وإن امتنعت إمالة ألفها وصلا فلا يمتنع ترقيق رائها في مذهب ورش على أصله لوجود مقتضى ذلك وهو الكسر قبلها ولا يمنع ذلك حجز الساكن بينهما فيتخذ لفظ الترقيق وإمالته بين بين في هذا فكأنه أمال الألف وصلا وما ذكره الشيخ في شرح قوله وحيران بالتفخيم بعض تقبلا من قوله الترقيق في (ذكرى) ، من أجل الياء لا من أجل الكسر أراد بالترقيق الإمالة فهو من أسمائها والله أعلم ، والسوسي في أحد الوجهين يكسر الراء في الوصل ومثله (حتى نرى الله-و-يرى الذين أوتوا العلم) بخلاف قوله -(أو لم ير الذين كفروا) ، لأن ألف يرى قد ذهبت للجازم فإذا وقفت عليها قلت أو لم ير ثم ذكر ما حذفت فيه الألف لأجل التنوين لأنه ساكن فقال
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(337)
وَقَدْ فَخَّمُوا التَّنْوِينَ وَقْفاً وَرَقَّقُوا وَتَفْخِيمُهُمْ في النَّصْبِ أَجْمَعُ أَشْمُلاَ
هذا فرع من فروع المسئلة المتقدمة داخل تحت قوله وقبل سكون قف بما في أصولهم وأفردها بالذكر لما فيها من الخلاف والأصح والأقوى أن حكمها حكم ما تقدم تمال لمن مذهبه الإمالة وهو الذي لم يذكر صاحب التيسير غيره وجعل للمنون ولما سبق ذكره حكما واحدا فقال كلما امتنعت الإمالة فيه في حال الوصل من أجل ساكن لقيه تنوين أو غيره نحو (هدى-و-مصفى-و-مصلى-و-مسمى-و-ضحى-و-غزى-و-مولى-و-ربا-و-مفترى-و-الأقصا الذي-و-طغا الماء-و-النصارى المسيح-و-جنا الجنتين) ، وشبهه فالإمالة فيه سائغة في الوقف لعدم ذلك الساكن وذكر مكي في المنون وجهين أحدهما هذا وهو الذي اختاره وقرأه على شيخه أبي الطيب ابن غلبون قال ونص على (مصلى-و-غزى) ، أن الوقف عليهما بالإمالة لحمزة والكسائي وكلاهما في موضع نصب والوجه الثاني الفرق بين المنصوب وغيره فلا يمال المنصوب ويمال المرفوع والمجرور قال الشيخ وقال قوم يفتح ذلك كله فقد صار في المسئلة ثلاثة أوجه وهي مبنية على أن الألف في الوقف على جميع الأسماء المقصورة المنونة هي الأصلية رجعت لما سقط الموجب لحذفها وهو التنوين أو يقال هي مبدلة من التنوين إذا كانت منصوبة المحل وهي الأصلية في الرفع والجر لأنه قد ألف من اللغة الفصيحة التي نزل بها القرآن أن تبدل من التنوين ألفا في جميع الأحوال لأن التنون إنما يبدل ألفا في النصب لانفتاح ما قبله والانفتاح موجود في الأحوال كلها في الأسماء المعتلة المقصورة بخلاف الصحيحة وهذه الأوجه الثلاثة معروفة عند النحويين فإن قلنا الوقف إنما هو على الألف المبدلة في جميع الأحوال أو في حال النصب فلا إمالة لأن ألف التنوين لا حظ لها في الإمالة كما لو وقف على (أمتا-و-همسا-و-علما) ، وقد سبق بيان ذلك فقد صار المنصوب مفخما على قولين وممالا على قول فلهذا قال وتفخيمهم في النصب اجمع أشملا وليس ذلك منه اختيارا لهذا القول وإنما أشار إلى أن الوجهين اتفقا عليه والأجود وجه الإمالة مطلقا والرسم دال عليه والنقل أيضا ومن وجهة المعنى أن الوقف لا تنوين فيه وإنما كانت الألف الأصلية تحذف للتنوين في الوصل فالنطق بالكلمة على أصلها إلى أن يلقاها ما يغيرها وأيضا فإن المبدل من التنوين إنما هو الألف والأصلية أيضاألف فلا حاجة إلى حذف ما هو أصل وجلب ما هو مثله في موضعه فترك اعتقاد الحذف فيه أولى وقول الناظم وقد فخموا التنوين فيه تجوز فإن التنوين لا يوصف بتفخيم ولا إمالة لعدم قبوله لهما فهو على حذف مضاف تقديره ذا التنوين ولا تقول التقدير ألف التنوين لما فيه من الإلباس بألف نحو (أمتا-وهمسا) ، مما لا يمال وسمى في هذا الموضع الفتح تفخيما والإمالة ترقيقا كما سمى ترقيق الراء إمالة على ما سيأتي وأشملا جمع شمل ونصبه على التمييز أي اجتمع شمل الأصحاب على الوجهين فيه بخلاف المرفوع والمجرور فإن كل واحد منهما مفخم على قول واحد وهو أضعف الأقوال وممال على قولين فهما في الترقيق أجمع أشملا لاقي التفخيم ثم مثل ذلك فقال
(338)
مُسَمَّى وَمَوْلًى رَفْعُهُ مَعْ جَرِّهِ وَمَنْصُوبُهُ غُزَّى وَتَتْرًى تَزَيَّلاَ
أي لفظ (مسمى-ومولى) ، وقع كل واحد منهما في القرآن مرفوعا ومجرورا كقوله تعالى (وأجل مسمى عنده)-(إلى أجل مسمى) وقال تعالى (يوم لا يغني مولى عن مولى)-(وأما-غزى-و-تترى) ، فلم يقعا في القرآن إلا منصوبين في قوله تعالى في آل عمران (أو كانوا غزى) ، ونصبه على أنه خبر كان وهو جمع غاز ووزنه فعل مثل كافر وكفر وأما (تترى) ، ففي سورة (قد أفلح) منصوب على الحال وإنما ينفع التمثيل به على قراءة أبي عمرو فهو الذي نونه وأما حمزة والكسائي فلا ينونانه فهو لهما ممال بلا خلاف في الوقف والوصل وكذا ورش يميله بين اللفظين وصلا ووقفا لأنه غير منون في قراءته أيضا فلم يمنع فتح من نون إمالة من لم ينون وهذا مما يقوى ما ذكرناه من ترقيق ورش راء (ذكرى الدار) ، في الوصل فلا يمنع ترك الإمالة لزوال محلها ترقيق الراء لوجود مقتضيه والله أعلم ، وقوله تزيلا أي تميز المذكور وهو التنوين أي ظهرت أنواعه وتميز بعضها من بعض بالأمثلة المذكورة ومنه قوله تعالى (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) ، فزيلنا بينهم والهاء في رفعه مع جره ومنصوبه راجعة إلى التنوين أيضا والكل على تقدير ذي التنوين وهو المنون وقال الشيخ تميز المنصوب من غيره بالمثال فإن قلت الألف الممالة في (غزى) ، منقلبة عن واو لأنه من غزا يغزو فكيف تمال قلت هو داخل في قوله وكل ثلاثي يزيد فإنه ممال (ك-زكاها) والله أعلم
باب مذهب الكسائي في إمالة هاء التأنيث في الوقف
(339)
وَفِي هَاءِ تَأْنِيثِ الْوُقُوفِ وَقَبْلَهَا مُمَالُ الْكِسَائِي غَيْرَ عَشْرٍ لِيَعْدِلاَ
احترز بقوله هاء تأنيث عن هاء السكت وهاء الضمير وقد تقدم بيان ذلك والوقوف مصدر بمعنى الوقف وأضاف هاء التأنيث إليه احترازا من الهاء في (هذه) ، فإنها هاء تأنيث لكنها لا تزال هاء وقفا ووصلا فأراد أن الإمالة واقعة في هاء التأنيث التي هي في الوقف هاء وفي الوصل تاء سواء كانت مرسومة في المصحف بالتاء أو بالهاء لأن من مذهب الكسائي الوقف على جميع ذلك بالهاء على ما يأتي بيانه فإن قلت ما وجه إضافة التأنيث إلى الوقوف قلت لم يضف التأنيث وحده فإن التأنيث من حيث هو التأنيث وقفا ووصلا وإنما أضاف إلى الوقوف ما يخصه وهو كون حرف التأنيث صار هاء فيكون من باب قولهم حب رماني لم يضف إلى الياء الرمان وحده وإنما أضاف حب الرمان وقد تقدم بيان ذلك في شرح قوله أبو عمرهم ويدخل تحت قوله هاء تأنيث ما جاء على لفظها وإن لم يكن المقصود بها الدلالة على التأنيث كهمزة (لمزة-كاشفة-بصيرة) ، ولهذا قال صاحب التيسير اعلم أن الكسائي كان يقف على هاء التأنيث وما ضارعها في اللفظ بالإمالة ومثل المضارع بما ذكرناه وغيره فقوله وما قبلها أي وفي الحروف التي قبلها وممال بمعنى الإمالة كمقام بمعنى إقامة أي أن إمالة الكسائي واقعة في هاء التأنيث في الوقف وفي الحرف الذي قبلها لقرب الهاء من الياء ولقرب ما قبلها من الكسرة كما يفعل مثل ذلك في إمالة الألف لابد من تقريب ما قبلها من الكسر ويوصف ذلك بأنه إمالة له وعلى ذلك شرحنا قوله وراء (تراءى) ، فإن قلت لما ذكر في الباب المتقدم إمالة الألفات لم ينص على إمالة ما قبلها من الحروف فلم نص هنا على إمالة الحرف الذي قبل هاء التأنيث قلت لأن الألف الممالة لم يستثن من الحروف الواقعة قبلها شيء وهنا بخلاف ذلك على ما ستراه ، قوله غير عشر مستثنى من موصوف قبلها المحذوف والتقدير وفي الحروف التي قبلها غير عشرة من تلك الحروف فإنه لم يملها ومن ضرورة ذلك أن لا يميل الهاء وإنما أنث لفظ عشر وإن كان الوجه تذكيره لأن معدوده حروف وهي مذكرة لأنها جمع حرف من أجل أن تلك الحروف عبارة عن حروف الهجاء وأسماء حروف الهجاء جاء فيها التذكير والتأنيث فأجرى ذلك في العبارة عنها اعتبارا بالمدلول لا اعتبارا باللفظ والعرب تعتبر المدلول تارة والعبارة أخرى كقوله ، (وأن كلابا هذه عشر أبطن ) ، فأنث أبطنا وهو جمع مذكر وهو بطن لما كان البطن بمعنى القبيلة ولهذا تم البيت بقوله ، (وأنت بريء من قبائلها العشر ) ، وأشار بقوله ليعدلا إلى أن تلك الحروف تناسب الفتح دون الإمالة فلهذا استثناها ثم بين تلك الحروف العشرة في كلمات جمعها فيها فقال
(340)
وَيَجْمَعُهَا (حَقٌ ضِغَاطٌ عَصٍ خَظَا وَ(أَكْهَرُ) ببَعْدَ الْيَاءِ يَسْكُنُ مُيِّلاَ
أي يجمع تلك الحروف هذه الكلمات الأربع وضغاط جمع ضغطة وعص بمعنى عاص وخظا بمعنى سمن واكتنز لحمه يشير إلى ضغطة القبر وهي عصرته والضيق فيه والعاصي حقيق بذلك ولا سيما إذا كان سمينا وكأنه يشير بالسمن إلى كثرة ذنوبه كما يوصف من كثر ماله بذلك والسمن الحقيقي مكروه في ذاته لأهل الدين والعلم لأنه يشعر غالبا بقلة اهتمامه بالآخرة وبالبلادة أيضا والهم يذيب الجسم وينحفه ولهذا جاء في الحديث أما علمت أن الله يبغض الحبر السمين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذم قوم قليل فقه قلوبهم وكثير شحم بطونهم ، قال العلماء فيه تنبيه على أن الفطنة قل ما تكون مع كثرة اللحم والاتصاف بالسمن والشحم وفي أخبار الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال ما رأيت سمينا عاقلا قط إلا رجلا واحدا وفي رواية ما رأيت سمينا أخف روحا من محمد بن الحسن رضي الله عنه ومثال ذلك (النطيحة-و-الحاقة-و-قبضة-و-بالغة-و-حياة-و-بسطة-و- القارعة-و-خصاصة-و-الصاخة-و-موعظة) ، وهذه الحروف العشرة سبعة منها هي حروف الاستعلاء تستعلى إلى الحنك الأعلى فتناسب الفتح وهي تمنع إمالة الألف في الأسماء فكيف لا تمنع إمالة الهاء التي هي مشبهة بها فإن كان قبل حرف الاستعلاء كسرة فإن الإمالة جائزة في الألف نحو (ضعافا) ، ولم يقرأ الكسائي بها في هاء التأنيث نحو (القارعة) ، والبالغة طردا للباب ولأن الإمالة في الهاء ضعيفة فجاز أن يمنعها ما لا يمنع إمالة الألف فإن فصل بين حرف الاستعلاء وبين الهاء فاصل جازت الإمالة نحو (رقبة-و-مسبغة-و-نحلة-و-بطشة-و-عصبة) ، والأحرف الثلاثة الباقية هي من حروف الحلق الألف والحاء والعين أما الألف فلأنها ساكنة لا يمكن كسرها ولو كسر ما قبلها لكانت الإمالة للألف لا للهاء وأما الحاء والعين فلأنها أقرب حروف الحلق إلى حروف الاستعلاء فأعطيا حكمها ثم قال وأكهر أي حروف أكهر وهي أربعة الهمزة والكاف والهاء والراء إذ وقعت قبل هاء التأنيث بعد ياء ساكنة أو كسرة أميلت فذكر الباء في هذا البيت والكسر في البيت الآتي ويلزم من إمالة هذه الحروف إمالة الهاء بعدها والأكهر الشديد العبوس يقال كهره إذا استقبله بذلك والكهر ارتفاع النهار مع شدة الحر ويسكن في موضع الحال من الياء والضمير في ميلا عائد على لفظ أكهر دون معناه وهما مبتدأ وخبر وذكر ميلا معاملة للمضاف إليه بعد حذف المضاف لما أقيم مقامه فهو من باب قوله تعالى (وكم من قرية أهلكناها فجاءها) ، وشبهه ولو عامل المضاف المحذوف لقال ميلت كما قال تعالى بعد ذلك (أو هم قائلون) ، وإنما اختار الناظم ذلك لأجل القافية فمثال الهمزة بعد الياء الساكنة (خطيئة-هيئة-وبعد الكسر-خاطئة) ، ومثال الكاف بعد الياء الساكنة (الأيكة-وبعد الكسر-الملائكة) ، ومثال الهاء بعد الكسر (آلهة-و-فاكهة) ، ولا مثال لها بعد الياء الساكنة في القرآن ومثال الراء بعد (الياء الكبيرة-و-صغيرة-وبعد الكسر-تبصرة-والآخرة) ، وقد ذكر الكسر قبل الأربعة في قوله
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(341)
أَوِ الْكَسْرِ وَالإِسْكَانُ لَيْسَ بِحَاجِزٍ وَيَضْعُفُ بَعْدَ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ أَرْجُلاَ
إذا وقع بين الكسر وبين الراء حرف ساكن لم يكن ذلك بحاجز أي بمانع للكسر من اقتضائه الإمالة فكأنه قال أو تقع هذه الحروف الأربعة بعد كسر يليها أو بعد ساكن يليه كسر ، ولا مثال لهذا في الهمزة والكاف وإنما مثاله في الهاء نحو وجهة وفي الراء نحو -عبرة-و-سدرة-واختلف في-فطرة-لأجل أن الساكن حرف الاستعلاء فقوى المانع وهذا وجه جيد ويقويه ما يأتي في الراءات فإنه اعتد به حاجزا فمنع الترقيق فكذا يمنع الإمالة ولكن هما بابان كل باب لقارئ فلا يلزم أحدهما مذهب الآخر والكل جائز الإمالة والترك في اللغة ومثاله ترك ورش ترقيق راء عمران للعجمة وابن ذكوان رققها تبعا لإمالة الألف بعدها ولم ينظر إلى العجمة ثم قال ويضعف يعني أكهر ضعفت حروفه عن تحمل الإمالة إذا وقعت بعد الفتح والضم وأرجلا جمع رجل ونصبه على التمييز استعار ذلك لما كان يقال لكل مذهب ضعيف هذا لا يتمشى ونحوه لأن الرجل هي آلة المشي فمثال الهمزة بعد الفتح امرأة فإن فصل بين الفتح وبين الهمزة فاصل ساكن فإن كان ألفا منع أيضا نحو (براءة) ، وإن كان غير ألف اختلف فيه نحو (سوءة) ، وكهيئة والنشأة قال الداني والقياس الفتح كأنه أراد القياس على الألف أو لأن الإسكان لما لم يحجز الكسر عن اقتضاء الإمالة في نحو (عبرة) ، فكذا لا يحجز الفتح عن منع الإمالة في نحو (سوءة) ، مثال الكاف بعد الفتح نحو (مباركة-و-الشوكة) ، سواء في ذلك ما فيه فصل ومالا فصل فيه وبعد الضمة نحو (التهلكة) ، ومثال الهاء بعد الفتح مع فصل الألف-سفاهة-ولا يقع غير ذلك ومثال الراء بعد الفتح شجرة وثمرة وكذا مع فصل الألف وغيرها من الساكن نحو-سيارة-و-نضرة-وبعد الضم مع الحاجز-نحو-عسرة-و-محشورة-ويجمع ذلك كله أن تقع حروف أكهر بعد فتح أو ضم بفصل ساكن وبغير فصل فلهذا طلق قوله بعد الفتح والضم ووجه استثناء هذه الحروف الأربعة في بعض الصور أما الهمزة والهاء فمن حروف الحلق فألحقا بالألف والحاء والعين والخاء والغين وأما الكاف فقريبة من القاف فمنعت منعها وأما الراء فلما فيها من التكرير تشبه المستعلية فمنعت فأما إذا وقع قبل هذه الأحرف الأربعة كسرة أو ياء ساكنة فإن أسباب الإمالة تقوى وتضعف المانع فتمال الهاء ثم مثل ما قبله ساكن بعد كسر وما قبله كسر أو ياء ساكنة فقال
(342)
لَعِبْرَهْ مِائَهْ وِجْهَهْ وَلَيْكَهْ وَبَعْضُهُمْ سِوى أَلِفٍ عِنْدَ الْكِسَائي مَيَّلاَ
أراد قوله تعالى (إن في ذلك لعبرة) ، فهذا مثال ما قبله ساكن بعد كسر ومثله ولكل وجهة ومثال ما قبله كسر (فإن يكن منكم مائة) ، ومثال ما قبله ياء (أصحاب الأيكة) ، ووقع في نظم البيت (ليكة) ، باللام وهذا وإن كان قرئ به في سورتي الشعراء و(ص) فليس صاحب الإمالة ممن قرأ هذه القراءة فالأولى أن يقع المثال بما هو قراءة له فيقال وأيكة بهمزة قبل الياء ولا يضر حذف لام التعريف فإنها منفصلة من الكلمة تقديرا ، ووجه ثان وهو أن الأيكة جاءت في القرآن في غير هاتين السورتين غير مقروءة باللام بإجماع على ما في التيسير ونظمه فإذا وقع المثال بهمزة عم جميع المواضع مع موافقة القراءة بخلاف التمثيل بقراءة اللام ولعله أراد (الأيكة) ، على قراءته وإنما نقل حركة الهمزة إلى اللام لضرورة النظم كما يقرأ ورش فالصواب كتابته على هذه الصورة في هذا البيت ليشعر بذلك ولا يوهم أنه أراد تلك القراءة فهو كقوله في الأنعام (والآخرة) ، المرفوع بالخفض-و-كلا-والله أعلم ، ثم قال وبعضهم أي وبعض المشايخ من أهل الأداء ميل ، للكسائي جميع الحروف قبل هاء التأنيث مطلقا من غير استثناء شئ إلا الألف قال صاحب التيسير والنص عن الكسائي في استثناء ذلك معدوم وبإطلاق القياس في ذلك قرأت على أبي الفتح عن قراءته ، ثم قال والأول أختار إلا ما كان قبل الهاء فيه ألف فلا تجوز الإمالة فيه وقال في كتاب الإمالة لم يستثن خلف عن الكسائي شيئا وكذلك بلغني عن أبي مزاحم الخاقاني وكان من أضبط الناس لحرف الكسائي وإليه ذهب أبو بكر ابن الأنباري وجماعة من أهل الأداء والتحقيق وبه قرأت على شيخنا أبي الفتح عن قراءته على أصحابه قال وكان أبو بكر بن مجاهد وأبو الحسين بن المنادى وأبو طاهر بن أبي هاشم وجميع أصحابهم يخصون من ذلك بالفتح ما كان فيه قبل هاء التأنيث أحد عشرة أحرف فذكرها ثم قال جعلوا للهمزة والراء والكاف إذا وقعت قبل هاء التأنيث أحوالا فأمالوا بعضا وفتحوا بعضا ثم شرح ذلك على نحو ما تقدم فأما الألف قبل هاء التأنيث فأتت في عشر كلم (الصلاة-و-الزكاة-و-الحياة-و-النجاة-و-منوة-و-هيهات هيهات-و-ذات-و-لات-و-اللات) ، لأن الكسائي يقف على هذه الكلم الخمس بالهاء وهو وغيره يقفون على ما عداها كذلك فلا تمال الهاء في هذه الكلم العشر لأنه يلزم من ذلك إمالة الألفات وهي لا تقبل الإمالة لأنها من ذوات الواو في بعضها ومجهولة في بعضها ولا حظ للجميع في الإمالة فلو وقعت إمالة لظن أنها للألف لا للهاء لأن الألف هي الأصل في الإمالة والهاء فرع لها ومشبهة بها ألا ترى أن (تقاة-و-مرضات-و-مزجاة-و-التوراة-و-كمشكاة) ، معدودة في باب إمالة الألف لا في باب إمالة الهاء وذكر مكي في-مناة-خلافا مبنيا على أصل الألف واختار عدم الإمالة وذكر الداني في ألف الحياة خلافا أنها منقلبة عن واو وعن ياء وإنما لم تمل على هذا القول لكونها مرسومة في المصحف بالواو والله أعلم
باب مذاهبهم في الراءات
(343)
وَرَقَّقَ وَرْشٌ كُلَّ رَاءٍ وَقَبْلَهَا مُسَكَّنَةً يَاءٌ أَوِ الْكَسْرِ مُوصَلاَ
رقق أي أمال بين بين قال في التيسير اعلم أن ورشا كان يميل فتحة الراء قليلا بين اللفظين وكذا قال في باب الإمالة وقال مكي كان ورش يرقق الراء فيعلم من هذا الإطلاق أن الترقيق في هذا الباب عبارة عن إمالة بين بين ويستخرج من هذا أن إمالة الألفات بين بين على لفظ الترقيق في هذا الباب على ما ينطق به قراء هذا الزمان وقد نبهنا على ذلك في شرح قوله وذو الراء ورش بين بين فالمراد من ترقيق الراء تقريب فتحها من الكسرة وقوله كل راء يعني ساكنة كانت أو متحركة بأي حركة تحركت على الشروط المذكورة إلا ما يأتي استثناؤه وقوله مسكنة حال مقدمة لو تأخرت لكانت صفة للياء والواو في وقبلها للحال أي رققها في حال كون الياء الساكنة قبلها نحو (غير-و-الخير-و-لا ضير-و-ميراث-و-فقيرا-و-المغيرات) ، ولا يكون قبل الياء الساكنة إلا مفتوح أو مكسور وقد مثلنا بالنوعين ثم قال أو الكسر أي أو أن يكون قبل الراء كسر نحو (الآخرة-و-باسرة-و-المدبرات) ، ولا فرق في المكسور بين أن يكون حرف استعلاء أولا وتقع حروف الاستعلاء قبلها إلا الغين نحو (ناضرة-إلى ربها ناظرة-قاصرات-قطران) ، ونحوه فهذه ستة ودخل ذلك كله تحت قوله كل راء أي سواء توسطت أو تطرفت لحقها تنوين أو لم يلحقها كان المكسور قبلها حرف استعلاء أو غير حرف استعلاء فالراء مرققة محالة بين اللفظين لورش سواء وصل الكلمة أو وقف عليها وقوله موصلا حال من الكسر أي يكون الكسر موصلا بالراء في كلمة واحدة احترازا مما يأتي ذكره وهو الكسر العارض والمفصل والغرض من الإمالة والترقيق مطلقا اعتدال اللفظ وتقريب بعضه من بعض بأسباب مخصوصة وأسباب ترقيق الراء هنا لورش أن يكون قبلها ياء ساكنة أو كسرة لازمة متصلة لفظا أو تقديرا والله أعلم
(344)
وَلَمْ يَرَ فَصْلاً سَاكِنًا بَعْدَ كَسْرَةٍ سِوى حَرْفِ الاِسْتِعْلاَ سِوَى الْخَا فَكَمَّلاَ
أي لم يعتد بالحرف الساكن الذي وقع فصلا بين الكسرة اللازمة والراء فأعمل الكسرة ما تقتضيه من الترقيق كأنها قد وليت الراء وذلك نحو (إكراه-و-إكرام-و-سدرة) ، فرقق لضعف الفاصل بسكونه فإن كان الفاصل الساكن حرف استعلاء قوي المانع فإنه لقوته في منع الإمالة لا يضعف بكونه ساكنا كما يضعف غيره ولا يقع كذلك من حروف الاستعلاء إلا الصاد والطاء والقاف نحو (إصرا-و-قطرا-و-وقرا) ، واستثنى من حروف الاستعلاء الخاء فلم يعتد بها فاصلا نحو إخراجا لأنها ضعفت عن أخواتها بالهمس والصاد وإن كانت مهموسة إلا أنها مطبقة ذات صفير فقويت فمنعت فإن قلت قوله ولم ير من رؤية القلب فأين مفعولاه قلت فصلا هو المفعول الثاني وساكنا هو الأول أي لم ير الساكن فصلا وقوله ساكنا نكرة في سياق النفي فهي للعموم فاستثنى من ذلك العموم حروف الاستعلاء فقوله حرف بمعنى حروف اكتفى بالمفرد عن الجمع للدلالة على الجنس ثم استثنى الخاء من هذا الجنس فهو استثناء من استثناء والاستثناء مغاير في الحكم للمستثنى منه فحروف الاستعلاء فاصلة والخاء ليست فاصلة فهو كقولك خرج القوم إلا العبيد إلا سالما فيكون سالم قد خرج وقصر الناظم لفظي الاستعلاء والخاء ضرورة والضمير في ولم ير وفي فكملا لورش أي كمل حسن اختياره بصحة نظره حين اختزل الخاء من حروف الاستعلاء فرقق بعدها
(345)
وَفَخَّمَهَا في الأَعْجَمِيِّ وَفِي إِرَمْ وَتَكْرِيرِهَا حَتَّى يُرى مُتَعَدِّلاَ
ذكر في هذا البيت ما خالف فيه ورش أصله فلم يرققه مما كان يلزم ترقيقه على قياس ما تقدم والتفخيم ضد الترقيق أي وفخم ورش الراء في الاسم الأعجمي أي الذي أصله العجمة وتكلمت العرب به ومنعته الصرف بسببه والذي منه في القرآن ثلاثة (إبراهيم-و-إسرائيل-و-عمران) ، كان يلزمه ترقيق رائها لأن قبلها ساكنا بعد كسرة وليس الساكن حرف استعلاء ثم قال وفي إرم أي وفخم الراء في (إرم ذات العماد) ، وكان يلزمه ترقيقها لأنها بعد كسرة وإرم أيضا اسم أعجمي وقيل عربي فلأجل الخلاف فيه أفرده بالذكر ووجه تفخيم ذلك كله التنبيه على العجمة ورقق أبو الحسن بن غلبون (إرم) ، لأن الكسرة وليت الراء بخلاف البواقي وأما (عزيز) ، فلم يتعرضوا له وهو أعجمي وقيل عربي على ما يبين في سورته فيتجه فيه خلاف مبني على ذلك ثم قال وتكريرها أي وفخم الراء أيضا في حال تكريرها أو في ذي تكريرها أي في الكلمة التي تكررت الراء فيها يعني إذا كان في الكلمة راءان نحو (فرارا-و-ضرارا-و-لن ينفعكم الفرار-و-إسرارا-و-مدرارا) ، لم ترقق الأولى وإن كان قبلها كسرة لأجل الراء التي بعدها فالراء المفتوحة والمضمومة تمنع الإمالة في الألف كما تمنع حروف الاستعلاء فكذا تمنع ترقيق الراء وقوله حتى يرى متعدلا يعني اللفظ وذلك أن الراء الثانية مفخمة إذ لا موجب لترقيقها فإذا فخمت الأولى اعتدل اللفظ وانتقل اللسان من تفخيم إلى تفخيم فهو أسهل والله أعلم
(346)
وَتَفْخِيمُهُ ذِكْرًا وَسِتْرًا وَبَابَهُ لَدى جِلَّةِ الأَصْحَابِ أَعْمَرُ أَرْحُلاَ
، ذكر في هذا البيت ما اختلف فيه مما فصل فيه بين الكسر والراء ساكن غير حرف استعلاء فذكر مثالين على وزن واحد وهما (ذكرا-و-سترا) ، ثم قال وبابه أي وما أشبه ذلك قال الشيخ وبابه يعني به كل راء مفتوحة لحقها التنوين وقبلها ساكن قبله كسرة نحو (حجرا-و-صهرا-و-شيئا إمرا-و-وزرا) ، فالتفخيم في هذا هو مذهب الأكثر ثم علل ذلك بأن الراء قد اكتنفها الساكن والتنوين فقويت أسباب التفخيم قلت ولا يظهر لي فرق بين كون الراء في ذلك مفتوحة أو مضمومة بل المضمومة أولى بالتفخيم لأن التنوين حاصل مع ثقل الضم وذلك قوله تعالى (هذا ذكر) ، فإن كان الساكن الذي قبل الراء قد أدغم فيها فالترقيق بلا خلاف نحو (سرا-و-مستقرا) لأن الكسرة كأنها وليت الراء من جهة أن المدغم فيه كالحرف الواحد فالمدغم كالذاهب ورقق أبو الحسن ابن غلبون جميع الباب إلا (مصرا-و-إصرا-و-قطرا) ، من أجل حرف الاستعلاء فألزمه الداني (وقرا) ، ومنهم من لم يرقق (إلا صهرا) ، لخفاء الهاء وفخم أبو طاهر بن أبي هاشم وعبد المنعم بن غلبون وغيرهما أيضا من المنون نحو (خبيرا-و-بصيرا-و-مدبرا-و-شاكرا) ، مما قبل الراء فيه ياء ساكنة أو كسرة فكأنه قياس على (ذكرا-و-سترا) ، قال الداني وكان عامة أهل الأداء من المصريين يميلونها في حال الوقف لوجود الجالب لإمالتها في الحالين وهو الياء والكسرة وهو الصواب وبه قرأت وبه آخذ وقال في (ذكرا-و-سترا) ، أقرأني ذلك غير أبي الحسن بن غلبون بالفتح وعليه عامة أهل الأداء من المصريين وغيرهم وذلك على مراد الجمع بين اللغتين قلت فحصل من هذا أن المنصوب المنون الذي قبل رائه ما يسوغ ترقيقها على ثلاثة أقسام ما يرقق بلا خلاف وهو نحو (سرا-و-مستقرا) ، وما يرقق عند الأكثرين وهو نحو (خبيرا-و-شاكرا) ، وما يفخم عند الأكثر وهو نحو (ذكرا-و-سترا) ، وقلت في ذلك بيتا جمع الأنواع الثلاثة على هذا الترتيب وهو ، (وسرا رقيق قل خبيرا وشاكرا للأكثر ذكرا فخم الجلة العلا) ، وكأنهم اختاروا تفخيم هذا النوع لأنه على وزن مالا يمال نحو (علما-و-حملا) ، والخلاف في ذلك إنما هو في الأصل ولهذا عد التنوين مانعا أما في الوقف فعند بعضهم لا خلاف في الترقيق لزوال المانع وقال أبو الطيب بن غلبون اختلف عن ورش في الوقف فطائفة يقفون بين اللفظين وطائفة يقفون بالفتح من أجل الألف التي هي عوض من التنوين والله أعلم ، والجلة جمع جليل وأرحلا جمع رحل ونصبه على التمييز وتفخيمه مبتدأ وأعمر أرحلا خبره وعمارة الرحل توزن بالعناية والتعاهد له فكأنه أشار بهذه العبارة إلى اختيار التفخيم عند جلة الأصحاب من مشايخ القراء وبابه النصب عطف على مفعول تفخيم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(347)
وَفي شَرَرٍ عَنْهُ يُرَقِّقُ كُلُّهُمْ وَحَيْرَانَ بِالتَّفْخِيمِ بَعْضُ تَقَبَّلاَ
أراد قوله تعالى (إنها ترمى بشرر كالقصر) ، رقق كل الأصحاب عن ورش راءه الأولى لأجل كسر الثانية وهذا خارج عن الأصل المقدم وهو ترقيق الراء لأجل كسر قبلها وهذا لأجل كسر بعدها وكسرة الراء تعد بكسرتين لأجل أنها حرف تكرير قال الداني لا خلاف عن ورش في إمالتها وإن وقف عليها قال وقياس ذلك عند قوله في النساء (غير أولي الضرر) ، غير أن أصحابنا يمنعون من إمالة الراء فيه من أجل وقوع الصاد وهي حرف استعلاء قبلها قال وليس ذلك مما يمنع من الإمالة هاهنا لقوة جرة الراء كما لم يمنع منها لذلك في نحو (الغار-و-أنصار-و-كالفخار-و-بقنطار) ، وشبهه مع أن سيبويه قد حكى إمالة راء الضرر سماعا وعليه أهل الأداء غير أنى بالفتح قرأت ذلك وبها آخذ قال وأجمعوا عنه على تفخيمها في قوله تعالى (على سرر) ، حيث وقع قال وقياس ما أجمعوا عليه عنه من ترقيقها في قوله (بشرر) ، لأجل جرة الراء بعدها يوجب ترقيقها هنا قال وزادني ابن خاقان في الاستثناء إخلاص الفتح للراء في قوله (حيران) ، في الأنعام قال وقرأت على غيره بالترقيق قال وهو القياس من أجل الياء وقد ذهب إلى التفخيم جماعة من أهل الأداء وقال قرأت بالوجهين في (حيران)و(إجرامي)و(عشيرتكم) ، في سورة براءة خاصة قلت وعلل بعضهم تفخيم حيران بالألف والنون فيه في مقابلة ألف التأنيث في حيرى وإذا وقعت الراء قبل ألف حيرى رققت لأجل الألف الممالة لا لأجل الياء فكما لم يكن للحاء حكم مع وجود الألف في حيرى لم يكن لها حكم مع وجود الألف والنون في حيران قلت وهذا كلام ضعيف لمن تأمله ثم قال ونظير ارتفاع حكم الياء مع الألف الممالة ارتفاع حكم الكسرة معها في نحو (ذكرى الدار) ، ألا ترى أنك إذا وقفت رققت وإذا وصلت فخمت قلت وهذا ممنوع بل إذا وصل رقق لأجل الكسرة وإذا وقف أمال تبعا للألف وقد سبق التنبيه على هذا في باب الإمالة والله أعلم
(348)
وَفي الرَّاءِ عَنْ وَرْشٍ سِوَى مَا ذَكَرْتُهُ مَذَاهِبُ شَذَّتْ فِي الْأَدَاءِ تَوَقُّلاَ
توقلا تمييز يقال توقل في الجبل إذا صعد فيه أي شذ ارتفاعها في طرق الأداء ولفظة الأداء كثيرة الاستعمال بين القراء ويعنون بها تأدية القراء القراءة إلينا بالنقل عمن قبلهم كأنه لما ذكر هذه المواضع المستثناة من الأصل المتقدم قال وثم غير ذلك من المواضع المستثناة اشتمل عليها كتب المصنفين فمن تلك المذاهب ما حكاه الداني عن شيخه أبي الحسن بن غلبون أنه استثنى تفخيم كل راء بعدها ألف تثنية نحو (طهرا-و-ساحران) ، أو ألف بعدها همزة نحو (افتراء عليه) ، أو بعدها عين نحو (سراعا-و-ذراعا-و-ذراعيه) ، وفخم قوم إذا كان بين الراء وبين الكسر ساكن نحو (حذركم-و-ذكركم-و-لعبرة-) ، مطلقا ومنهم من اقتصر على تفخيم (-وزر-) ، حيث وقع ومنهم من اقتصر على (وزرك-ذكرك) ، ومنهم من فخم في موضعين وهما عشرون (كبره-و-ماهم ببالغيه)
(349)
وَلاَ بُدَّ مِنْ تَرْقِيِقِهاَ بَعْدَ كَسْرَةٍ إِذَا سَكَنَتْ ياَ صَاحِ لِلسَّبْعَةِ المَلا
أي إذا سكنت الراء وقبلها كسرة رققت لجميع القراء نحو (مرية-و-شرذمة-و-اصبر-و-يغفر-و-فرعون) ، قالوا لأن الحركة مقدرة بين يدي الحرف وكأن الراء هنا مكسورة ولو كانت مكسورة لوجب ترقيقها على ما يأتي ومن ثم امتنع ترقيق نحو (مرجع) ، لأن الكسرة تبعد عنها إذا كانت بعدها وتقرب منها إذا كانت قبلها بهذا الاعتبار قال ومن ثم همزت العرب نحو مؤسى والسؤق لما كانت الضمة كأنها على الواو والواو المضمومة يجوز إبدالها همزة فأجروا الساكنة المضموم ما قبلها مجرى المضمومة لهذه العلة وكثر في نظم العرب ومن بعدهم قوله ياصاح ومعناه يا صاحب ثم رخم كما قرأ بعضهم (يا مال ليقض علينا ربك) ، قال إلا أن ترخيم صاحب من الشذوذ المستعمل لأنه غير علم بخلاف مالك ونحوه والملأ الأشراف
(350)
وَمَا حَرْفُ الاِسْتِعْلاَءُ بَعْدُ فَراؤُهُ لِكُلِّهِمُ التَّفْخِيمُ فِيهاَ تَذَلَّلاَ
أي واللفظ الذي وقع فيه حرف الاستعلاء بعد رائه فراء ذلك اللفظ تذلل التفخيم فيها لكلهم أي انقاد بسهولة لأن التفخيم أليق بحروف الاستعلاء من الترقيق لما يلزم المرقق من الصعود بعد النزول وذلك شاق مستثقل وحرف الاستعلاء إذا تأخر منع الإمالة مطلقا بخلافه إذا تقدم فإنه لا يمنع إلا إذا لم يكن مكسورا أو ساكنا بعد مكسور وهذا البيت مشكل النظم في موضعين أحدهما أن ما في أوله عبارة عن ماذا والثاني الهاء في راؤه إلى ماذا تعود والذي قدمته من المعنى هو الصواب إن شاء الله تعالى وهو أن ما عبارة عن اللفظ الذي فيه الراء بعد كسر والهاء في راؤه تعود على ذلك اللفظ وقال الشيخ في شرحه يعني والذي بعده من الراءات حرف الاستعلاء فراؤه إن شئت رددت الضمير إلى ما وإن شئت أعدته على حرف الاستعلاء قلت كلاهما مشكل فإن ما مبتدأ وقد جعلها عبارة عن الراء فإذا عادت الهاء إلى ما يصير التقدير فراء الراء وذلك فاسد لأنه من باب إضافة الشيء إلى نفسه وذلك لا يجوز وإن عادت إلى حرف الاستعلاء بقي المبتدأ بلا عائد يعود إليه ثم جمع حروف الاستعلاء فقال
(351)
وَيَجْمَعُهاَ قِظْ خُصَّ ضَغْطٍ وَخُلْفُهُمْ بِفِرْقٍ جَرى بَيْنَ المَشَايِخِ سَلْسَلاَ
أي يجمعها هذه الكلمات فهي سبعة أحرف وربما ظن السامع أن جميعها يأتي بعد الراء فيطلب أمثلة ذلك فلا يجد بعضه إنما أراد الناظم أي شيء وجد منها بعد الراء منع والواقع منها في القرآن في هذا الغرض أربعة الصاد والضاد والطاء والقاف ولم يقع الخاء والظاء والغين ولو أنه قال ، (وما بعده صاد وضاد وطا وقاف فخم لكل خلف فرق تسلسلا) ، لبان أمر البيتين في بيت واحد وخلصنا من إشكال العبارتين فيهما والله أعلم ، أما الصاد فوقعت بعد الراء الساكنة بعد كسر وهي المرققة لجميع القراء فمنعت الترقيق حيث وقعت نحو (إرصادا-و-لبالمرصاد) ، وأما الضاد فوقعت في مذهب ورش في نحو (إعراضا-و-إعراضهم) ، وأما الطاء والقاف فوقعا في الأمرين نحو (قرطاس-و-فرقة-و-صراط-و-فراق) ، وليس من شرط منع حرف الاستعلاء أن يلي الراء بل يمنع وإن فصل بينهما الألف ولا يقع في مذهب ورش إلا كذلك غالبا نحو (صراط-و-فراق-و-إعراض) ، حتى نص مكي في التبصرة على أن (حصرت صدورهم) ، لا ترقق في الوصل لأجل صاد (صدورهم) ، فإن رققت على (حصرت) ، رققت لزوال المانع قلت وتفخيم راء (حصرت) لأجل صاد (صدورهم) ، بعيد لقوة الفاصل وهو التاء بخلاف فصل الألف ولأن حرف الاستعلاء منفصل من الكلمة التي فيها الراء فلا ينبغي أن يعتبر ذلك إلا في كلمة واحدة وعلى قياس ما ذكروه يجب التفخيم فيما إذا كانت الراء آخر كلمة وحرف الاستعلاء أول كلمة بعدها نحو (لتنذر قوما-أن أنذر قومك-ولا تصاعر خدك-فاصبر صبرا جميلا) ، والتفخيم في هذا يكون أولى من التفخيم في (حصرت صدورهم) ، لوجود الفاصل في حصرت دون ما ذكرناه ولا أثر للصاد في حصرت فإنها مكسورة فلا تمنع لأنها مثل (تبصرون) ، والأظهر الترقيق في الجميع قياسا للمانع على المقتضى وسيأتي في البيت بعد هذا أن ما جاء بعد الكسر المفصل فلا ترقيق فيه فلم ينظر إلى المفصل ترقيقا فلا ينظر أيضا إلى المفصل تفخيما فيعطي كل كلمة حكمها والله أعلم ، ومعنى قوله قظ خص ضغط أي أقم في القيظ في خص ذي ضغط أي خص ضيق أي اقنع من الدنيا بمثل ذلك وما قاربه واسلك طريقة السلف الصالح فقد جاء عن أبي وائل شقيق بن سلمة رحمة الله عليهما وهو من المخضرمين وأكابر التابعين من أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما نحو من ذلك قال عبد الله بن عمير كان لأبي وائل خص من قصب يكون فيه هو ودابته فإذا غزا نقضه وإذا رجع بناه وأما قوله في الشعراء (فكان كل فرق) ، فالراء فيه رقيقة لوقوعها بين كسرتين وضعف منع حرف الاستعلاء بسبب كسره ونقل الاتفاق على ترقيق هذا الحرف مكي وابن شريح وابن الفحام ، قال الشيخ رحمه الله وفخمها بعضهم لمكان حرف الاستعلاء قال الحافظ أبو عمرو والوجهان جيدان قال وإلى هذا أشار بقوله جرى بين المشايخ سلسلا قلت وقال الداني في كتاب الإمالة كان شيخنا أبو الحسن يرى إمالة الراء في قوله (والإشراق) ، لكون حرف الاستعلاء فيه مكسورا قال فعارضته بقولي (إلى صراط) ، وألزمته الإمالة فيه قال ولا أعلم خلافا بين أهل الأداء لقراءة ورش عن نافع من المصريين وغيرهم في إخلاص فتح الراء في ذلك وإنما قال ذلك شيخنا رحمه الله فيما أحسبه قياسا دون أداء لاجتماع الكل على خلاف ما قاله والله أعلم
(352)
وَمَا بَعْدَ كَسْرٍ عَارِضٍ أَوْ مُفَصَّلٍ فَفَخِّمْ فَهذاَ حُكْمُهُ مُتَبَذِّلاَ
أي والذي يوجد من الراءات بعد كسر عارض وهو كسر ما حقه السكون ككسر همزة الوصل نحو (امرأة-و-ارجعوا) ، إذا ابتدأت وكسرة التقاء الساكنين نحو (وإن امرأة-أم ارتابوا-يا بني اركب) ، إذا وصلت أو بعد كسر مفصل أي يكون الكسر في حرف مفصل من الكلمة التي فيها الراء لفظا أو تقديرا نحو ما سبق من كسرة التقاء الساكنين نحو (لحكم ربك-بحمد ربهم-و-برسول-و-لرسول) ، لأن حروف الجر في حكم المنفصل من الكلمة الداخلة هي عليها لأن الجار مع مجروره كلمتان حرف واسم فلعروض الكسرة في القسم الأول وتقدير انفصال الراء عن الكسرة في الثاني فخمها ورش في المتحركة وجميع القراء في الساكنة قال ابن الفحام لم يعتد أحد بالكسرة في قوله (بربهم-ولا-بروح القدس-ولا في-ارجعوا) ، قال وأما المبتدأة فلا خلاف في تفخيمها نحو (أرأيت) ، قلت فيعلم من هذا أن نحو قوله تعالى (مقنعي رءوسهم)-(الذي رزقنا) ، لا ترقق وإن كان قبل الراء ياء ساكنة لأنها منفصلة عنها ولم ينبه الناظم على الياء المنفصلة كما نبه على الكسر المفصل وقد نبه عليه غيره والله أعلم ، وقوله متبذلا حال يشير إلى أن التفخيم مشهور عند القراء مبذول بينهم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابن شامة

(353)
وَمَا بَعْدَهُ كَسْرٌ أَوِ الْيَا فَمَا لَهُمْ بِتَرْقِيقِهِ نَصٌّ وَثِيقٌ فَيَمْثُلاَ
أي وما وقع من الراءات بعده كسرة أو ياء على ضد ما سبق لأن الذي تقدم الكلام فيه أن تكون الراء بعد كسر أو ياء وليس هذا على عمومه بل مراده أن ما حكوا ترقيقه مما بعده كسر أو ياء لا نص لهم فيه والذي حكوا ترقيقه من ذلك نحو (مريم-ولفظ-المرء) ، وعموم ما ذكره في هذا البيت يجئ في الراء الساكنة نحو (مريم-و-يرجعون) ، ولا تكون الياء بعدها إلا متحركة نحو (لبشرين-و-البحرين-و-إلى ربهم) ، وكان القياس يقتضي أن هذا كله يرقق كما لو تقدمت الياء أو الكسر فإن الترقيق إمالة وأسباب إمالة الألف تكون تارة بعدها وهو الأكثر وتارة قبلها فينبغي أن تكون الراء كذلك ولكن عدم النص في ترقيق مثل ذلك ونقل مكي الترقيق في نحو (مريم-و-قرية) ، فقال أما الراء الساكنة فلا اختلاف فيها أنها غير مغلظة إذا كان قبلها كسرة لازمة أو بعدها ياء نحو (مريم-و-فرعون-قال ونقلت-بين المرء) ، بالتغليظ وتركه لورش وللجماعة بالتغليظ قال الداني على الترقيق عامة أهل الأداء من المصريين القدماء قال والقياس إخلاص فتحها لفتحة الميم قبلها قوله فيمثلا أي فيظهر ثم قال
(354)
وَمَا لِقِيَاسٍ فِي الْقِرَاءة مَدْخَلٌ فَدُونَكَ مَا فِيهِ الرِّضاَ مُتَكَفِّلاَ
أي لو فتح قياس ما بعد الراء على ما قبلها لاتسع الأمر في ذلك فيقال يلزم من إمالة (مريم-إمالة نحو-يرتع) ، فلا فرق بين أن تكون الياء المفتوحة بعد الراء وقبلها بل مراعاة ما قبلها أولى بدليل أن الياء الساكنة اعتبرت قبل الراء ولم تعتبر بعدها نحو (وجرين بهم) ، وقد اعتذر قوم عن ذلك بما فيه تكلف ولو رققت الراء من (يرتع) ، لرققت لورش في نحو (يرون) ، فدونك ما فيه الرضى أي ما نقل ترقيقه وارتضاه الأئمة متكفلا بتقديره وإظهاره للطلبة أي خذه والزمه متكفلا به ويجوز أن يكون متكفلا حالا من ما وهو المفعول أي خذ الذي تكفل بالرضى للقراء والمعنى أنهم يرضون هذا المذهب دون غيره وأما نفي أصل القياس في علم القراءة مطلقا فلا سبيل إليه وقد أطلق ذلك أبو عمرو الداني في مواضع وقد سبقت عبارته في (بين المرء) ، بأن القياس إخلاص فتحها وقال في آخر باب الراءات من كتاب الإمالة فهذه أحكام الوقف على الراءات على ما أخذناه عن أهل الأداء وقسناه على الأصول إذ عدمنا النص في أكثر ذلك واستعمل ذلك أيضا في بيان إمالة ورش الألف بين اللفظين في مواضع كثيرة في كتاب الإمالة وغيره
(355)
وَتَرْقِيقُهاَ مَكْسُورَةً عِنْدَ وَصْلِهِمْ وَتَفْخِيمُهاَ في الْوَقْفِ أَجْمَعُ أَشْمُلاَ
يعني إذا كانت الراء مكسورة فكلهم يرققها إذا وقعت وسطا مطلقا نحو (قادرين-و-الصابرين) ، أو أولا نحو (ريح-ورجال) ، وإن وقعت الراء المكسورة آخر كلمة رققت للجميع في الوصل سواء كان الكسر أصلا أو عارضا نحو (من أمر الله-و-أنذر الناس) ، فإن وقفت زالت كسرة الراء الموجبة لترقيقها فتفخم حينئذ وفيه إشكال فإن السكون عارض وقد تقدم في باب الإمالة أن السكون العارض في الوقف لا يمنع الإمالة فيتجه مثل ذلك هنا وقد أشار إليه مكي فقال أكثر هذا الباب إنما هو قياس على الأصول وبعضه أخذ سماعا ولو قال قائل إنني أقف في جميع الباب كما أصل سواء سكنت أو رمت لكان لقوله وجه لأن الوقف عارض والحركة حذفها عارض وفي كثير من أصول القراءات لا يعتدون بالعارض قال فهذا وجه من القياس مستتب والأول أحسن قلت وقد ذكر الحصري الترقيق في قصيدته فقال ، (وما أنت بالترقيق واصله فقف عليه به إذ لست فيه بمضطر) ، ويمكن الفرق بين إمالة الألف وترقيق الراء بأن إمالة الألف أقوى وأقيس وأفشى في اللغة من ترقيق الراء بدليل أن الألف تمال ولا كسر يجاورها كذوات الياء ويمال أيضا نحو (خاف) ، لأن الخاء قد تكسر إذا قيل خفت فاتسع في إمالة الألف كثيرا فجاز أن يمنع الأضعف ما يمنع الأقوى لكن يضعف هذا الفرق نصهم على ترقيق الراء الأولى من (شرر) ، في الوقف فهذا دليل على اعتبار الكسر فيها بعد ذهابه بسكون الوقف قالوا وترقيق الثانية لأجل إمالة الأولى وهذا دليل على عدم اعتبار الكسر فيها وإلا لآثر في نفسها الترقيق ولم يعتبر بإمالة ما قبلها ووجه ذلك أن ترقيق الأولى أشبه إمالة الألف في نحو (النار) ، وكلاهما رقق لكسرة بعده فبقي الترقيق بعد زوال الكسرة في الوقف كما تقدم في الألف وقوله وترقيقها مبتدأ وخبره قوله عند وصلهم وأجمع أشملا خبر قوله وتفخيمها وأشملا تمييز وهو جمع شمل والمعنى هو أجمع أشملا من ترقيقها إشارة إلى كثرة القائلين به وقلة من نبه على جواز الترقيق فيه كما نبه عليه مكي والحصري فإن قلت ما تقول في قوله تعالى (فالفارقات فرقا) ، هل تمنع القاف من ترقيق الراء المكسورة قلت لا لقوة مقتضى الترقيق وهو الكسر في نفس الراء وإنما يمنع حرف الاستعلاء ترقيق غير المكسورة لأن مقتضى ترقيقها في غيرها فضعف فقوى حرف الاستعلاء على منع مقتضاه قال الداني أما الراء المكسورة فلا خلاف في ترقيقها بأي حركة تحرك ما قبلها ولا يجوز غير ذلك والله أعلم
(356)
وَلكِنَّهَا في وَقْفِهِمْ مَعْ غَيْرِهاَ تُرَقِّقُ بَعْدَ الْكَسْرِ أَوْ مَا تَمَيَّلاَ
الضمير في ولكنها للمكسورة أي مع غيرها من الراءات المفتوحة والمضمومة والساكنة ترقق في الوقف إذا كان قبلها أحد أسباب ثلاثة ذكر منها في هذا البيت اثنين الكسر والإمالة والثالث يأتي في البيت الآتي وهو الياء الساكنة فمثال ذلك بعد الكسر (فهل من مدكر-يحلون فيها من أساور-إنما أنت مذكر-فانتصر) ، ومن ذلك ما كان بين الراء وبين الكسر فيه ساكن نحو- الذكر-و-السحر-و-الشعر ، نص عليه الداني في كتاب الإمالة فكأن الشاطبي أراد بعد الكسر المؤثر في مذهب ورش وقد علم ذلك من أول الباب ومثال ذلك بعد الإمالة (عذاب النار) ، في مذهب الدوري وأبي عمرو و(بشرر) ، في مذهب ورش نص عليه الداني وغيره وهو مشكل من وجه أن الراء الأولى إنما أميلت لكسرة الثانية فإذا اعتبرت الكسرة بعد سكون الوقف لأجل إمالة الأولى فلم لا تعتبر لأجل ترقيقها في نفسها ولا يقع هذا المثال إلا في المكسورة وعلى مذهب بعض القراء بخلاف المثال بعد الكسر فإنه وقع في أنواع الراء الأربعة وفي مذهب جميع القراء وسبب الترقيق سكون الراء بعد الكسر أو ما يناسبه وهو الإمالة وقد سبق قوله ولا بد من ترقيقها بعد كسرة وهذا الاستدراك المفهوم من قوله ولكنها لأجل قوله في البيت السابق وتفخيمها في الوقف أجمع أشملا فكأنه استثنى من هذا فقال إلا أن تكون بعد كسر أو حرف تميل ثم ذكر الياء الساكنة فقال
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع