- 26 يونيو 2015
- 111
- 164
- 43
- الجنس
- أنثى
- القارئ المفضل
- محمود خليل الحصري
- علم البلد
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]الشّاطئ[/FONT][FONT="] ممتدٌّ يمينا و شمالا يُلاحق ظفائر الشّمس المنسيَة على كتف المساء... و غَوارِبُ الموجِ تتقفّى بقايا النّور المُهاجر إلى مغيب . أمّا حبّات الرّمال فتناثرت في إثري دقائقَ ماسٍ و جُمان[/FONT][FONT="] ...[/FONT]
[FONT="]الأفق سالت حمرته من على لوح السّماء ، يتقاطر بتلاّتٍ تطفو على خدّ البحر هنيهةً ثم تذوي فتزول . الشّجر يشدو للّيل و حفيفه يرسل المواويل[/FONT][FONT="] .[/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]جلستُ أسيرَ نفسي ، أنظر إلى أجنحة الظّلمة تعتريني و تلفّ المكان ، أنصتُ إلى ذاتي تسامرني و نشْوة الوجود تخدّرني لتملأني كأس سعادة فاضت إليها جنّيّات القمر ، ثمّ فجأة [/FONT][FONT="]ثمّ فجأة[/FONT][FONT="] تنسلخ منّي ذاتي العليا [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]فتكسر كأسي[/FONT][FONT="] و تدفعني ... و راحت ترميني بالحمم و الآثام بالجمر و النّار و الآلام ... راحت تجتثّني من جسدي ، تضربني ، تصيح بوجهي ، تنقر جمجمتي ، تصفعني[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]و تكويني ... ما بالها ؟ تصالحنا و تصافينا ... فلم عادت تزمجر و تزأر ، تُروّعني نظراتها ، غاب البحر و غاب البدر و غاب الأنس و غبتُ أنا .[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]لا أحد سواها ... تركض على طول الشّاطئ ثم تعرج إلى النّجوم ... فأقول خبَت ... و لا تخبو بل تعود إليّ تلويني ، تعصف بذاكرتي و أخيرا ، وجدتها تقترب منّي ، صنعتْ قفصا من أفكاري و أودعتني هناك و راحت توقِد النّار من أضلعي و أظافري و اخذت تنفخ و تنفخ حتى غدت لهيبا بين دفتي عمري الذي لم ينتهِ[/FONT][FONT="] .[/FONT]
[FONT="]انكمشت في قفصي أنظر إليها و لهاثها يغطّي على هدير موجٍ غضِب ، ثم اقتربت منّي و قالت : " أمّك تغضبها ، كيف راق لك ذلك ...؟ فقلت : و لكن ... فقالت : " أ تلك التي تعرّقت صيحاتها لتهبك الحياة تمتهنها ؟ أ تلك التي ماتت ثم عادت إلى الحياة ثم ماتت ثم عادت ثم ماتت لتعود و تموت مرّات و مرّات تستحقّ منك أن تلكِمها ؟ أ تلك التي جثت على ركبتيها تدعو الرّب في خلواتها بكاء عليك تُبكيها ...؟ تبًّا لك من مسخ إنسان ... تبّا لك[/FONT][FONT="] ...[/FONT]
[FONT="]حينها و قفت في قفصي أجوفَ قد خوى جسدي خلا قلبي ، بقيَ يخفق و يدوّي ... و صحت مستجديّا الصّفح من ربّ السّماء باكيًّا متضرّعا ... دموعي تشقّ بطون الأرض و تطفيء شموس الكون ... صحتُ قائلا : و لكنّي لم أقصد فعلا ما تسرّب من لساني من كلمات ، ما قصدت ما نزف من كلماتي من معانٍ ...أعلم أنّي آذيتها و إلاّ ما اختبأت في عباءة اللّيل هنا وحدي و الشّوق إليها يقتلني ...اسأل الجَوَى في ثنايا فؤادي لا عشِقت اسما مثل اسمها و لا عطرا مثل عطرها و لا روحا مثل روحها ... أمّي ... أمّي ... أمّي[/FONT][FONT="] ...[/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]و تتالت اللّحظات لأجدني كما غادرت ... جالسا القرفصاء على الشّاطئ ، و دموع ساخنة تنساب على أجفاني و يدٌ حانية تربّت على كتفي أستدير لأجدها تبحث عنّي لتلقاني و تبكي لتعتذر لي ... ألا تستحقّ أمّي أن أحبّها و أفنى في خدمتها و انحني ذلاًّ عند قدميها أملأ فوادها حبّا و سلاما[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]و أنتَ ، هل تُحبّ أمّك ؟ سؤال لا محلّ له ، أليس كذلك ؟ ... هيا قم إليها و قبّلها ... و إن كنت يتيما فقبّل أيَّ شيء كان لها و إن صورة في خيالك ... قم ... إنّها أمّك أيها المُغتربُ باحثا عن حبٍّ آخر[/FONT][FONT="] .[/FONT]