إعلانات المنتدى


هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة وحزنها

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

الـمـؤمـنـة

مزمار نشيط
13 يناير 2007
31
0
0
الجنس
ذكر
(بسم الل)

هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة وحزنها

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد

قال تعالى ‏:‏

(( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه

راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم

المهتدون‏ ))

وقال صلى الله عليه وسلم :

‏"ما من أحد تصيبه مصِيبة فيقول :‏

إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني مصيبتى وأخلف لي خيرا منها ،

إلا أجاره الله في مصيبته ، وأخلف له خيرا منها‏ "

وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب ، وأنفعه له في عاجلته وآجلته ،

فأنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن

مصيبته‏ :

أحدهما ‏

أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة ، وقد جعله عند العبد

عارية ، فإذا أخذه منه ، فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير ،

وأيضا فإنه محفوف بِعدمينِ ‏:‏

عدم قبله ، وعدم بعده ، وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير ،

وأيضا فإنه ليس الذي أوجده من عدمه ، حتى يكون ملكه حقيقة ،

ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ، ولا يبقى عليه وجوده ،

فليس له فيه تأثير ، ولا ملك حقيقي ، وأيضا فإنه متصرف فيه بالأمر

تصرف العبد المأمور المنهي ، لا تصرف الملاك ، ولهذا لا يباح له

من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي ‏.

والثاني ‏

أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ، ولا بد أن يخلف الدنيا

وراء ظهره ، ويجيء ربه فردا كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال

ولاعشيرة ، ولكن بالحسنات والسيئات ، فإذا كانت هذه بداية العبد وما خوله

ونهايته ، فكيف يفرح بموجود ، أو يأسى على مفقود ، ففكره في مبدئه ومعاده

من أعظم علاج هذا الداء ومن هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر

المصيبة وحزنها :

- أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن

ليصيبه ‏.

‏ قال تعالى ‏ :

‏(( ما أَصاب من مصيبة في الأرضِ ولا في أَنفسكم إلا في كتاب من قبل

أن نبرأها إن ذَلك على الله يسير لكيلا تأسوا علَى ما فَاتكم ولا تفرحوا

بِما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ))

- ومن علاجه أن ينظر إلى ما أُصيب به ، فيجد ربه قد أبقى عليه مثله ،

أو أفضل منه ، وادخر له إن صبر ورضى ما هو أعظم من فوات تلك

المصيبة أضعاف مضاعفة ، وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي ‏.

- ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسى بأهل المصائب ،

وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى ، إما بفوات محبوب ، أو حصول

مكروه ، وأن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل ، إن أضحكت قليلا ،

أبكت كثيرا ، وإن سرت يوما ، ساءت دهرا ، وإن متعت قليلا ، منعت

طويلا ، وما ملأت دارا خيرة إلا ملأتها عبرة ، ولا سرته بيوم سرور

إلا خبأت له يوم شرور ‏.

- ومن علاجها ‏ أن يعلم أن الجزع لا يردها ، بل يضاعفها ، وهو في

الحقيقة من تزايد المرض ‏.

- ومن علاجها أن يعلم أن فوت ثواب الصبر والتسليم ، وهو الصلاة

والرحمة والهدا التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع ، أعظم من

المصيبة في الحقيقة ‏.

‏- ومن علاجها أن يعلم أن الجزع يشمت عدوه ، ويسوء صديقه ، ويغضب

ربه ويسر شيطانه ، ويحبط أجره ، ويضعف نفسه ، وإذا صبر واحتسب

أنضى شيطانه ، ورده خاسئا ، وأرضى ربه ، وسر صديقه ، وساء عدوه ،

وحمل عن إخوانه ، وعزاهم هو قبل أن يعزوه ، فهذا هو الثبات والكمال

الأعظم ، لا لطم الخدود ، وشق الجيوب ، والدعاء بالويل والثبور ، والسخط

على المقدور ‏.

- ومن علاجها ‏ أن يعلم أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة

أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقى عليه ، ويكفيه من

ذلك بيت الحمد الذي بنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه ،

فلينظر ‏:‏

أى المصيبتين أعظم مصيبة العاجلة ، أو مصيبة فوات بيت الحمد

في جنة الخلد ‏؟

- ومن علاجها أن يروح قلبه بروح رجاء الخلَف من الله ، فإنه من

كل شىء عوض إلا الله ، فما منه عوض .

- ومن علاجها ‏أن يعلم أن حظه من المصيبة ما تحدثه له ، فمن

رضى ، فله الرضى ومن سخط ، فله السخط ، فحظك منها ما أحدثته

لك ، فاختر خير الحظوظ أو شرها ، فإن أحدثت له سخطا وكفرا ،

كتب في ديوان الهالكين ، وإن أحدثت له جزعا وتفريطا في ترك واجب ،

أو في فعل محرم ، كتب في ديوان المفرطين ، وإن أحدثت له شكاية

وعدم صبر ، كتب في ديوان المغبونين ، وإن أحدثت له اعتراضا على

الله ، وقدحا في حكمته ، فقد قرع باب الزندقة أو ولَجه ، وإن أحدثت

له صبرا وثباتا لله ، كتب في ديوان الصابرين ، وإن أحدثت له الرضى

عن الله ، كتب في ديوان الراضين ، وإن أحدثت له الحمد والشكر ،

كتب في ديوان الشاكرين ، وكان تحت لواء الحمد مع الحمادين ،

وإن أحدثت له محبةً واشتياقا إلى لقاء ربه ، كتب في ديوان المحبين

المخلصين ‏.

- ومن علاجها ‏أن يعلم أنه وإن بلغ في الجزع غايتَه ، فآخر أمره

إلى صبر الاضطرار ، وهو غير محمود ولا مُثاب ، قال بعض

الحكماء ‏:‏

العاقل يفعل في أول يوم من المصيب ما يفعله الجاهل بعد أيام ،

ومن لم يصبر صبر الكرام ، سلا سلو البهائم .

- ومن علاجها ‏أن يعلم أن أنفع الأدوية له موافقة ربه وإلهه فيما

أحبه ورضيه له وأن خاصية المحبة وسرها موافقةُ المحبوب ،

فمن ادعى محبة محبوب ، ثم سخطَ ما يحبه ، وأحب ما يسخطه ،

فقد شهد على نفسه بكذبه ، وتَمقت إلى محبوبه ‏.

- ‏ومن علاجها أن يوازن بين أعظم اللذتين والتمتعين ، وأدومهما ‏:‏

لذة تمتعه بما أُصيب به ، ولَذة تمتعه بثواب الله له ، فإن ظهر له

الرجحان ، فآثر الراجح ، فليحمد الله على توفيقه ، وإن آثر المرجوح

من كل وجه ، فليعلم أن مصيبته في عقله وقلبه ودينه أعظم مِن مصيبته

التي أُصيب بها في دنياه .

- ومن علاجها أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكمين ، وأرحم

الراحمين ، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به ، ولا ليعذبه

به ، ولا ليجتاحه ، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه ،

وليسمع تضرعه وابتهالَه ، وليراه طريحا ببابه ، لائذا بجنابه ، مكسور

القلب بين يديه ، رافعا قصص الشكوى إليه ‏.

- ومن علاجها أن يعلم أنه لولا محن الدنيا ومصائبها ، لأصاب العبد

من أدواء الكبروالعُجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه

عاجلا وآجلا ، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع

من أدوية المصائب ، تكون حمية له من هذه الأدواء ، وحفظا لصحة

عبوديته ، واستفراغا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه ، فسبحان من

يرحم ببلائه ، ويبتلى بنعمائه .
 

عبد الكريم

مشرف تسجيلات المغرب في الموقع
مشرف تسجيلات الموقع
8 نوفمبر 2006
11,793
299
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة وحزنها

بارك الله فيك اختي المؤمنة
ان كلمات ابن القيم جميلة جدا
 

الـمـؤمـنـة

مزمار نشيط
13 يناير 2007
31
0
0
الجنس
ذكر
رد: هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة وحزنها

جزاك الله خير يا اخي الكريم

ورحم الله ابن القيم ونفعنا بعلمه
 

geant

مزمار ألماسي
7 أغسطس 2006
1,943
0
0
الجنس
ذكر
رد: هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة وحزنها

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
بارك الله فيك اختي الـمـؤمـنـة على هذا الطرح الطيب العطر ورحم الله ابن القيم ونفعنا بعلمه

mazameer.jpg
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع