إعلانات المنتدى


عوائق النصر

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

ben_tachfine

مزمار داوُدي
13 ديسمبر 2005
3,858
9
38
الجنس
ذكر
(بسم الل)

عوائق النصر :


وسنة الله في نصر المؤمنين تستلزم تجنبهم عوائق النصر وإبعادها عن أنفسهم وعن أفعالهم. فمن هذه العوائق التنازع والاختلاف ومخالفة أمر القائد ، والغرور والرياء.


أولاً : التنازع والاختلاف :


قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).


فالاختلاف والتنازع مدعاة للفشل ، وهو الخيبة والنكول عن إمضاء الأمر ومن أكبر أسباب الضعف والجبن ، ولذلك فسروا قوله تعالى : (فتفشلوا) أي فتجبنوا عن عدوكم وتضعفوا عن قتالهم .. (وتذهب ريحكم) أي تذهب قوتكم ودولتكم ، فقد شبهت الدولة في نفاذ أمرها بالريح وهبوبها.


ثانياً : الغرور والرياء :


ومن معوقات النصر الغرور والخروج للقتال على وجه البطر والفخر والرياء. والله تعالى لا يعطي نصره إلا لمن خرج ابتغاء مرضاته ونصرة دينه ؛ ولهذا نهى الله تعالى عن مثل هذا الخروج ، فقال تعالى : (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس) ، ومعنى (بطراً) أي فخراً وأشراً ، (ورثاء الناس) أي خرجوا ليثني عليهم الناس أي يمدحونهم بالشجاعة والسماحة. والمقصود نهي المؤمنين أن يكونوا أمثال أولئك في البطر والرياء ، وأمرهم أن يكونوا أهل تقوى وإخلاص.


***

وما النصر إلا من عند الله :


قلنا : إن سنة الله في نصر المؤمنين سنة ماضية لا تتخلف أبداً ، وإنما تتحقق بتحقق عواملها وانتفاء عوائقها ، وإن على المسلمين أن يأخذوا بهذه العوامل ويتجنبوا هذه العوائق كما أمر الله تعالى. ولكن مع هذا عليهم أن تكون ثقتهم بالله وتوكلهم عليه لا على أسباب النصر التي باشروها وأعدوها كما أمر الله ، فاعتمادهم يكون على الله لا على ما أعدوه من عوامل النصر وتجنب عوائقه ، فتبقى قلوبهم معلقه بالله متطلعة إلى تأييده ومعونته معتمدة عليه وحده ليس على ما باشروه من أسباب النصر. ويدل على ما قلناه قوله تعالى : (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين. وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم).


وقوله تعالى : (وما جعله الله إلا بشرى لكم) أي وما جعل الله تعالى هذا الإمداد لكم بالملائكة إلا بشرى لكم بأنه سينصركم كما وعدكم.. (ولتطمئن به قلوبكم) أي تسكن بعد ذلك الزلزال الذي أصابها.. ( وما النصر إلا من عند الله) دون غيره من الملائكة أو غيرهم من الأسباب فهو عز وجل الفاعل للنصر مهما تكن أسبابه المادية والمعنوية إذ هو المسخر لها.


نصر الجماعة المسلمة :


الجماعة المسلمة في قيامها بالدعوة إلى الله وتحكيم شرع الله ، تخضع إلى (سنة الله في التدافع بين الحق والباطل) ، إلى سنته تعالى في نصر المؤمنين ، فعلى الجماعة أن تهيئ عوامل النصر وتتجنب معوقاته حتى يتحقق لها دفع الباطل وانتصار الحق الذي تدعو إليه وهو دين الله ، الإسلام ، وإقامة دولة الإسلام.


والجماعة المسلمة في عملها النبيل وجهادها المبرور ستتعرض إلى التكذيب والصدود من الناس واتهامها بالباطل من قبل خصومها ، فعليها أن تعرف ذلك وتضع في حسابها بأن تكذيبها ومقاومتها واتهامها بالباطل ، فهذا كله بعض ما جرت به سنة الله في دعوة رسله الكرام ، فليست الجماعة المسلمة بأكرم على الله من رسله الكرام ، وليست هي بأقوم حجة ولا أعظم إخلاصاً من رسل الله ، وهم قد أوذوا وكذبوا واتهموا بالباطل ولكنهم صبروا كما أمرهم الله تعالى ، وبعد هذا الصبر والثبات جاءهم نصر الله ، قال تعالى : (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله).


والمقصود بكلمات الله التي لا مبدل لها قوله تعالى : (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون) ، ومن البشارة للمؤمنين بهذه الآية أن الله تعالى وعد المؤمنين بما وعد المرسلين من النصر.


وكذلك أخبرنا تعالى بأن سنة الله ماضية وقاطعة في نصر المرسلين وأتباعهم المؤمنين ، قال تعالى : (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)، فسنة الله في نصر المؤمنين تشمل الجماعة المسلمة ما دامت ملتزمة بأسباب النصر وشروطه.


ما يلزم الجماعة المسلمة من القوة :


وعلى الجماعة المسلمة أن تسعى إلى جعل قوتها أقوى من قوة مخالفيها ، وقوتها تقوم على نشر الوعي الإسلامي بين الناس وتعميقه في نفوسهم ، وجذب الطيبين المؤمنين الصادقين إلى صفوفها ، فكلما انتشر الوعي الإسلامي وتعمق في المجتمع واتسعت مساحته حتى عمت جميع فئات المجتمع ، كلما ازداد عدد أعضاء الجماعة وأنصارها وازدادت قوتها واقتربت من نصر الله.


على الجماعة المسلمة تجنب النزاع والاختلاف :


وعلى الجماعة المسلمة أن تتجنب معوقات النصر ومنها النزاع والاختلاف بين أعضائها أو بينهم وبين رئيس الجماعة. والخلاص من ذلك يكون بتطهير النفس من أدران الهوى مع دوام استحضار مراقبة الله وإخلاص النية والقصد لله تعالى. وهذا وحده لا يكفي ، بل لا بد من وضع نظام واضح دقيق وصارم لعمل الجماعة وعلاقة أعضائها بها ، وحقوق وواجبات أميرها أي رئيسها. فإذا كان من نظام الجماعة تفويض العمل لأميرها حسب اجتهاده بعد مشاورة مجلس شورى الجماعة ، فعلى الأعضاء السمع والطاعة فيما يأمر به ما دام في أمره في حدود الشرع نصاً أو اجتهاداً.


وإذا كان نظام الجماعة يقضي تقييد أميرها بما يقرره مجلس شورى الجماعة بأكثريته ، فعلى أمير الجماعة أن يتقيد برأي أكثرية مجلس شورى الجماعة ما دام في حدود الشرع نصاً أو اجتهاداً ، وعلى أعضاء الجماعة السمع والطاعة لرأي مجلس الشورى الذي يأمر به أمير الجماعة تنفيذاً له. وبهذا الالتزام تسير الجماعة وتعمل بنظام وانتظام وبصورة جماعية حقيقية دون خلل أو اختلال أو نزاع أو اختلاف. مثل هذا السير للجماعة بهذه الكيفية ضروري لها حتى لو وقعت في خطأ في بعض مراحل سيرها أو في بعض جزئيات عملها ، لأن العمل المنظم للجماعة وهي موحدة وإن كان خطأ هو بالتأكيد أقل ضرراً على الجماعة من عملها الذي فيه الصواب وهي متفرقة مختلفة متنازعة ، والضرر الأقل يُتحمل لدفع الضرر الأكبر بناء على قاعدة دفع أعظم المفسدتين بتحمل أقلهما.


على الجماعة المسلمة تجنب الرياء والشبهات :


وعلى الجماعة المسلمة أن تتجنب الرياء في عملها ، وأن لا تحرص على ثناء الناس ورضاهم عليها مطلقاً … لأن الرياء يفقد الجماعة رضا الله وتأييده ، وإنما عليها أن تحرص على رضا الله بعمل ما يحبه الله وإن سخطه الناس ، وتبتعد عما يحبه الناس إذا كان فيه سخط الله.


ولكن هذا لا يعني أنها لا تتوقى سخط الناس ولا ترغب في رضاهم ، لا. فرضا الناس يؤدي إلى ثقتهم بالجماعة ، والثقة بها شيء مطلوب وضروري لها ، ولكن لا يجوز للجماعة طلب رضا الناس بسخط الله ، وإنما لها أن تترك ما هو مباح في ذاته أو مباح بالنسبة إلى آحاد الناس حتى تبعد عن نفسها الشكوك والشبهات التي يثيرها المبطلون وينفثونها في الناس ، وفي الناس دائماً من يسمع الاتهام ويصدقه ولا يطالب بالدليل .. فتوقي الشبهات وترك المباح حتى لا تهتز ثقة الناس بالجماعة من الأمور المطلوبة الواجب ملاحظتها من قبل الجماعة ، ودليلنا على ما قلناه أن الله تعالى أبعد رسول صلى الله عليه وسلم عن تعلم الكتابة والقراءة مع أن هذا التعلم مباح حتى لا يتقول المبطلون الكافرون أن هذا القرآن تعلمه من اطلاعه على كتب الأقدمين ، قال تعالى : (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون).


وجاء في تفسيرها : لو كنت تحسن القراءة والكتابة لارتاب المبطلون ، وقالوا لعله تعلمه وكتبه بيده من كتب قبله مأثورة عن الأنبياء ، مع أنهم قالوا ذلك مع علمهم بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب. فرسول الله صلى الله عليه وسلم عاش بينهم فترة طويلة من حياته لا يقرأ ولا يكتب ثم جاءهم بهذا الكتاب العجيب المعجز – القرآن – الذي يعجز القارئين والكاتبين ، و لربما كانت شبهتهم لو أنه كان من قبل قارئاً كاتباً فما شبهتهم وهذا ماضيه بينهم.


السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية ، للدكتور عبد الكريم زيدان ، 73 - 78
 

محمد أبو يوسف

عضو شرف
عضو شرف
28 نوفمبر 2005
2,415
11
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
مصطفى إسماعيل
رد: عوائق النصر

بوركت أخي الكريم و زادك الله حرصا و توفيقا
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

شمس

مزمار ذهبي
11 فبراير 2007
1,041
3
0
رد: عوائق النصر

أحسن الله إليك على ماكتبتم ..وجزاكم جنات الخلد
 

ben_tachfine

مزمار داوُدي
13 ديسمبر 2005
3,858
9
38
الجنس
ذكر
رد: عوائق النصر

بسم الله الرحمن الرحيم

و زادكم توفيقا منه جل و على .. واستخدمكم في خدمة دينه آمين
 

محمد الجنابي

عضو شرف
عضو شرف
9 فبراير 2007
15,361
18
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: عوائق النصر

جزاك الله خير الجزاء
 

الداعي للخير

عضو موقوف
1 يناير 2007
8,231
10
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد رفعت
رد: عوائق النصر

بارك الله فيك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع