- 12 سبتمبر 2007
- 1,826
- 13
- 0
- الجنس
- ذكر
هل هي حــــــــــــــــــــرب إعلامية صليبية جديدة؟
بقلم عبد العالي رزاقي
يخطئ من يعتقد أن فيلم "براءة المسلمين" المسيء إلى الرسول محمد(صلى الله عليه وسلم هو من إنتاج شخص اسمه نيكولا باسيلي نيكولا، الذي يستخدم أسماء مستعارة لتضليل الرأي العام حول هويته؟ ويخطئ من يعتقد أن مجموعة "أعلام من أجل المسيح" هي التي مولته؟ ويخطئ من يظن أن الهدف من الفيلم هو الإساءة الى الإسلام فقط؟.
ويخطئ من يقول أن زيارة بابا الفاتكان إلى بيروت، هي مجرد "زيارة بريئة" وأن خطابه مجرد "خطاب ديني"، فهناك حرب إعلامية صليبية جديدة على الإسلام والمسلمين بدأت مع تقسيم السودان إلى دولتين (دولة إسلامية وأخرى مسيحية)، ويراد أن تعمم على الوطن العربي بإنشاء دويلات أخرى مثل دولة قبطية في مصر يدعو إليها موريس صادق، رئيس مايسمى "الهيئة العليا للدولة القبطية" من أمريكا بعد "مجزرة ماسبيرو".
.فيل الأنجيليين وحمار أوباماشكل الثنائي الإنجيلي المحامي موريس القبطي، والقس الأمريكي تيري جونز، تنظيما إعلاميا دينيا صليبيا ضد الإسلام والمسلمين، يراد منه تحقيق حلم قديم ولد على يدي القُسَّين الإسبانيين إيليوجيس وألفاروس، اللذين نظما العمليات الإنتحارية الإرهابية ضد المسلمين والتي كانت أولى بذور الحرب الصليبية الأولى على المسلمين.يحاول أصحاب فيلم "براءة المسلمين" تضليل الرأي العام الأمريكي بأن "الحمار" هو أول من أسلم عند العرب، و"الحمار" هو شعار "الحزب الديموقراطي الأمريكي" الذي رشح الرئيس أوباما إلى عهدة ثانية، وباعتبار أن الكنيسة الإنجيلية هي التي تقف وراء الفيلم وهي تنتمي إلى "الحزب الجمهوري الأمريكي" الذي شعاره "الفيل" فإنها تذكرنا بفيلة الحبشةالتي حاولت تهديم الكعبة، فهل تستطيع اليوم تهديمها إعلاميا.من يعود إلى تاريخ الإساءة إلى الإسلام، يجد أنها مرتبطة بالكنيسة والصراع على الحكم، فتارة تلبس قناع السياسة وأخرى قناع الدين، ويذكر المؤرخون أن الدولة الأموية حين تخلت عن أحد رجالها المسيحيين "يوحنا الديمشقي (676 - 746م) دفعته الكنيسة إلى التطاول على الرسول (صلعم) بإصدار كتاب بعنوان "هرطقةّ"، وحين انتشرت الحضارة العربية في إسبانيا تحركت الكنيسة لترويج إشاعة تقول بأن محمدًا (صلعم) "رسول مسكون بالجن"، وهي العبارة التي التقطها الكاتب مارتن لوثر (1483 -1564م) ونشرها في مقالة له ادعى فيها: "أن محمدًا هو الشيطان وأول أبناء إبليس"، وحين انتصرت الثورة الخمينية في إيران ظهر كاتب بريطاني اسمه سلمان رشدي برواية "آيات شيطانية" التي استوحى أصحاب "براءة الإسلام" بعض مشاهده، ولما توغلت منظمة "أمة الإسلام" في مجتمع السود الإمريكيين تحركت دار نشر تابعة لأحد الإنجيليين ونشرت كتيبا في 26 صفحة بتوقيع مستعار(عبد الله عزيز) وبعنوان "محمد صدِّق وإلاّ" عام 1997م يحمل رسوما مسيئة للرسول (صلعم) كانت مصدر إلهام أصحاب الرسوم الكاريكاتورية الإثني عشر التي نشرتها صحيفة دانمركية في 30 سيبتمبر 2005 م.قد يعتبر البعض هذه الأعمال فردية، وربما يستشهد بأعمال أخرى مثل كتاب "حياة محمد" للمؤلف الفرنسي سبوردي ريار الصادر عام 1719م، أو كتاب "نبي الخراب" لكريك ونن الصادر في نوفمبر 2001م، أو الموسوعة العلمية الإلكترونية Encarta 2006وإذا كان القس تيري جونز، تجرأ على حرق المصحف الشريف في ذكرى أحداث الثلاثاء 11 سيبتمبر 2001م، ولم يعاقب مما شجع الإنجيليين الصهاينة على استفزاز المهاجرين المسلمين في أمريكا المساندين للحزب الديموقراطي، فإن المحامي موريس صادق يقتدي بفكرة الجزائري فرحات مهني، الذي يدعو الى الإنفصال الذاتي لمنطقة القبائل بهدف دفعالأقباط المصريين الى المطالبة بالحكم الذاتي سعيا إلى الإنفصال.والسؤال الذي يُطرح اليوم هو ما علاقة هذه الحملة الإعلامية المشبوهة بالربيع العربي؟وهل لزيارة بابا الفاتكان لبيروت نية حسنة؟.يرى مراقبون أن الحبر الأعظم بنديكتوس السادس عشر، أول من لجأ إلى كتب اللاًّهوت المعادية للإسلام، فقد ألقى في اليوم الثاني من الذكرى الخامسة لأحداث سبتمبر بتاريخ 12 / 9 / 2006م محاضرة في جامعة ألمانية بعنوان "الإيمان والعقل والجامعة: ذكريات وانعكاسات" توقف فيها عند ما سماه "العقل والعنف في الديانة الإسلامية" استند في ذلك الى نص لاهوتي أعاد نشره تيودور خوري الألماني، ذو الأصل اللبناني نقلا عن الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني (1350 -1425م) وملخصه أن "من يؤمن بالإسلام لا يصلح لأن يمارس حوار الحضارات"، وما يؤسف في الموقف الذي اتخذه بابا الفاتكان في نهاية محاضرته هو قوله حرفيا: "العقل الذي يكون الجانب الرباني أصم والدين ينتمي إلى الثقافات الثانوية هو عقل غير صالح لحوار الحضارات"، وبالرغم من ردود الأفعال التي أثارها موقفه فإن السؤال الذي يطرح اليوم هو: ما الذي جاء به إلى لبنان لدعوة المسيحيين العربإلى التعايش مع المسلمين، وهو يدرك أن العرب لا يفرقون بين مسلم ومسيحي حتى فيالحروب الأهلية التي وقعت في بعض الأقطار العربية.والحقيقة التي لا تقال هي أن الزيارة تدعو الى الفتنة، مثلما يدعو الفيلم المسيء للرسول (صلعم) وعبارات الساسة الغربيين التي وصفت انتفاضة الشعوب الإسلامية ضد الانتقاص من الاسلام والمس برسولنا (صلعم) بـ"الغوغائيين"، والحقيقة الثانية هي أن فشل التيار التغريبي في الوصول الى السلطة بعد نجاح الثورات العربية في تونس ومصر واليمن وليبيا دفع بأعداء الاسلام إلى إثارة مشاعر الغضب لدى الجماهير في هذه الدول حتى لا تستكمل بناء مستقبلها، والحقيقة الثالثة هي أن الدول التي لم يتحرك فيها الشارع للتظاهر هي الدول التي ربما قد تشهد ثورات عنيفة، وهذه الدول ينطبق عليها الحديث الشريف: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الآكلة على قصعتها، قالوا: أو من قلة يارسول الله؟ قال: "بل أنتم كثَّرٌ ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يارسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهيةالموت".إن فيلم "براءة المسلمين" يمثل خطاب كراهية وتحريض ضد الجاليات المسلمة في جميع أنحاء العالم، وهو بمثابة دعوة صريحة إلى تبرئة المسلمين من الإسلام الذي هو عقيدة أكثر من مليار و500 مليون شخص، وتقف وراء هذه الحملة الإعلامية الصليبية الكنيسة الإنجيلية الموجودة حاليا في بعض الأقطار العربية ومنها الجزائر..
نظام أقلية تحميه الأغلبيةوفي الوقت الذي كانت عائلة الأسد تسعى لأن تحميها الأغلبية في الداخل، فإنها سعت لأن تحميها دول الإقليم فأقامت شبكة من العلاقات الدولية الإقليمية، وقضايا الإقليم على أساس موقف الدول الاستعمارية الكبرى من هذه القضايا ومن هذه الدول، وقد بدأ ذلك في وقت مبكر بالتدخل في لبنان لحماية حزب الكتائب اللبناني من الحركة الوطنية اللبنانية، فأدخل قواته واغتال كمال جنبلاط زعيم هذه الحركة وأرضى ذلك كلا من السعودية وفرنسا وأمريكا وإسرائيل، وتقدم الأسد خطوة في إرضاء هذه القوى التي قدمت له غطاء عربيا باسم "قوات الردع" ليصلي الفلسطيين نيرانا حامية ويبيد مخيم تل الزعتر، ثم ليتفرج في عام 1982 على شارون وهو يقود الجيش الاسرائيلي ليخرج المقاومة الفلسطينية من لبنان، ثم يسكت تماما عن مجزرة صبرا وشاتيلا.. لكن حين أراد الكتائبيون التفرد بلبنان انقلب عليهم وعلى بشير الجميل ثم أمين الجميل، لأن ياسر عرفات من منفاه في تونس بدأ يدخل اللعبة الدولية، وهو الأقدر من حافظ الأسد أو أية شخصية عربية لإرضاء هذه الدول الكبرى لأنه يملك الورقة الفلسطينية، وظهر أن إسرائيل نفسها التي كانت ولا زالت راضية عن تجميد عائلة الأسد للجبهة في الجولان، موافقة على أن تقترب من عرفات وتبتعد عن الأسد وكان من نتائج هذا المشي في أخدود العلاقات الدولية.1- توتر العلاقات السورية - العراقية إرضاء لأمريكا ودول الخليج على حساب العلاقات مع فرنسا والسوفيت.2- تقارب شديد مع إيران الخمينية ارضاء لفرنسا على حساب العلاقات مع أمريكا.3- تمكين لحزب الله الشيعي في الجنوب اللبناني على حساب بقايا المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، إرضاء لحزب الكتائب اللبناني.4- تذبذب العلاقات الأردنية - السورية5- دخول الحرب ضد صدام حسين في العراق إرضاء للدول الكبرى ودول الخليج العربي.6- إبعاد حزب العمال الكردستاني إرضاء لتركيا وأمريكا على حساب العلاقات مع الاتحاد السوفياتي وفرنسا، واقترابا من الطائفة العلوية في لواء الاسكندرون الخاضع لتركيا الذي ضمنته فرنسا إلى تركيا في ثلاثينيات القرن العشرين.وكما أتلفت حماة حسابات عائلة الأسد في الشبكة المحلية، قام ياسر عرفات بتوقيعه اتفاقية أوسلو 1983 بإتلاف حسابات هذه العائلة في الشبكة الاقليمية الدولية، فقد استلم عرفات أقوى قضية اقليمية تهم دول الإقليم والدول الكبرى بكلتا يديه، ومنذ ذلك الوقت بدا نظام عائلة الأسد أمام الدول الكبرى والاقليمية كحصان يشيخ.. بل إن الفصائل الفلسطينية التي دعمها لتقزيم عرفات بدت وكأنها تستثمره لصالح مشروع عرفات الاستراتيجي غير المعلن، فعرفات لم يغادر لبنان ولم يدخل الضفة الغربية، قبل أن يدفع صديقه وزميل دراسته الشيخ أحمد ياسين لتأسيس حركة حماس السنية.صحيح جدا أن عائلة الأسد تمكنت خلال هذه العقود من تحقيق ثراء فاحش، ومن تغيير تركيبة الجيش الاجتماعية والسياسية، وتشديد قبضتها على كل مفاصل المجتمع، لكنها أصبحت نظاما لا تقبل به غالبية الدول سواء في المنطقة أو في العالم.وفقدت العائلة فرصتها الذهبية بمجيء بشار الأسد وإعلانه أنه سيبدأ عهد انفتاح سياسي واقتصادي وإعلامي فلم توافق العائلة وتمسكت بنهجها زمن الأسد الأب، فانشق خدام، وألغيت زيارة لعرفات في اللحظة الأخيرة، وصودر العدد الثاني من أسبوعية "الدومري" التي أسسها رسام الكاريكاتير علي فرزت بطلب من صديقه بشار الأسد، ودخلت العائلة بالكامل تحت العباءة الإيرانية، وغيرت دول الخليج موقفها فسحبت معها الموقف السني، وصارت المواجهة بين العائلة من جهة والشعب والدول الاقليمية منها والكبرى..
الحراك الاجتماعي السوريفي مطلع 2011 كانت النظم العربية بما فيها النظام السوري كثمرات فاسدة على شجرة كبيرة، لا تحتاج إلا لمن يهز هذه الشجرة حتى تتساقط تباعا أو مرة واحدة، فقد وصلت هذه الأنظة وهي في حقيقتها نظام قمعي واحد.. قد وصلت إلى آخر عمرها الإضافي، أما الافتراضي فقد انتهى منذ عقود طويلة، فهي لم تعد قادرة على تقديم أي شيء سواء كان اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا، أما سياسيا فإن هذه الأنظمة فقدت حتى خطابها الاعلامي، وبالتالي لم يعد أحد يرغب في استمرارها لا الشعوب العربية ولا الإسلامية، وحتى إسرائيل لم تعد بحاجة إليها بعد أن أخذت تتعامل مباشرة مع الفلسطينيين، وأما الدول الكبرى فلم يعد حتى النفط يغريها بالمحافظة على هذه الكتلة الهائلة من الفساد، وهذا العمق في التروي والشلل التام في الحركة فأعدت عدتها لوضع خطتها "الشرق الأوسط الجديد" موضع التنفيذ، واتضح للمراقبين أن الوضع برمته في الوطن العربي هو وضع السباق بين الشعب والدول الكبرى لهز الشجرة العربية فتتساقط هذه الثمرات الفاسدات التي تسمى دولا.وفي أواخر عام 2010 قام التونسي بوعزيزي بهز هذه الشجرة فما هي إلا أسابيع حتى تحول اسم الرئيس التونسي من زين العابدين إلى زين الهاربين.. لكن ليس بفعل حركة الشعب التونسي التي صنعها بوعزيزي، بل أيضا بفعل حركة الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وحرف حركة الشعب عن أهدافها الحقيقية وتكرر المشهد ذاته في مصر وليبيا واليمن.ولم تكن سورية بعيدة، ولكنها كانت المقصود الأول في خطة "الشرق الأوسط" وحين وصل التأثير البوعزيزي التونسي السلمي إلى درعا جنوب سوريا بمحاذاة الأردن، سرعان ما نقل إلى حمص أواسط سورية وبعيدا عن دمشق والأردن، ونقل نقلا مسلحا، وظهر برهان غليون ابن حمص الذي يعيش في فرنسا منذ عقود على رأس معارضة لا يعرفها أحد.وبدأ الشبان السوريون المحرومون من كل شيء حتى الأمل تكتيل أنفسهم على شكل مجموعات تسلح بأي شيء مثل العصي والهراوات وتحطم تماثيل الرئيس الحالي والأب ويزيلون الصور ويكتبون على الحيطان في ظاهرة يحكم أن نطلق عليها "الرجل البخاخ" وأما النظام فوسع من القصف والقتل والتدمير، وبدأت ظاهرة الجيش الحر الذي يتكون من هؤلاء الشبان، وأخذت المعارضة في الخارج تستثمرهم وتستعمل ورقة التسليح الذي صاروا بأمس الحاجة إليه، ودخل الملعب السوري لاعبون كثر محليون وإقليميون ودوليون.. وكلهم يستغل موقف الشباب السوري الرافض للنظام وحلفائه والرافض للمعارضة التي يجهل أهدافها يراها لعبة بيد الدول.. وهو لم يجد بعد قيادة جادة تنبثق من صفوفه، وهو ما يعوّل عليه ويأمل به.. وفي فترة الانتظار هذه بدأ الشبان السوريون في كل من دمشق وحلب يخوضون معارك قاسية.فكانت معركة دمشق قد بدأت يوم الأول من جويلية وكان من ميادينها بلدة يلدا التي أسكنها ومنذ أول جويلية حتى 26 أوت تاريخ وصولي إلى الجزائر عشت وزوجتي تحت القصف المباشر لجيش النظام، وكان أصدقاء وأقارب من العاصمة والبويرج وغيرها يتصلون بي ويسمعون أصوات القذائف والصواريخ وكل ما استطعت فعله سواء في الملجأ - المدرسة أو في البيت هو تدوين يومياتي ساعة بساعة، وكنت من قبل قد دونت يومياتي خلال العشرية السوداء، وقبلها دونت يومياتي خلال مجازر سبتمبر التي قام بها النظام الأردني عام 1970 ضد المقاومة والشعب الفلسطيني.وينصحني بعض الأصدقاء اليوم بنشر يومياتي عن معركة دمشق وكيف كنت أمشي بين الجثث في شارع المالكي، سوق الثلاثاء في بلدة يلدا التي يمتهن أهلها تربية الأبقار ولا يعرفون من السياسة التي فرغها صحنها شيئا، فذاقوا الموت بأنواعه.
بقلم عبد العالي رزاقي
يخطئ من يعتقد أن فيلم "براءة المسلمين" المسيء إلى الرسول محمد(صلى الله عليه وسلم هو من إنتاج شخص اسمه نيكولا باسيلي نيكولا، الذي يستخدم أسماء مستعارة لتضليل الرأي العام حول هويته؟ ويخطئ من يعتقد أن مجموعة "أعلام من أجل المسيح" هي التي مولته؟ ويخطئ من يظن أن الهدف من الفيلم هو الإساءة الى الإسلام فقط؟.
ويخطئ من يقول أن زيارة بابا الفاتكان إلى بيروت، هي مجرد "زيارة بريئة" وأن خطابه مجرد "خطاب ديني"، فهناك حرب إعلامية صليبية جديدة على الإسلام والمسلمين بدأت مع تقسيم السودان إلى دولتين (دولة إسلامية وأخرى مسيحية)، ويراد أن تعمم على الوطن العربي بإنشاء دويلات أخرى مثل دولة قبطية في مصر يدعو إليها موريس صادق، رئيس مايسمى "الهيئة العليا للدولة القبطية" من أمريكا بعد "مجزرة ماسبيرو".
.فيل الأنجيليين وحمار أوباماشكل الثنائي الإنجيلي المحامي موريس القبطي، والقس الأمريكي تيري جونز، تنظيما إعلاميا دينيا صليبيا ضد الإسلام والمسلمين، يراد منه تحقيق حلم قديم ولد على يدي القُسَّين الإسبانيين إيليوجيس وألفاروس، اللذين نظما العمليات الإنتحارية الإرهابية ضد المسلمين والتي كانت أولى بذور الحرب الصليبية الأولى على المسلمين.يحاول أصحاب فيلم "براءة المسلمين" تضليل الرأي العام الأمريكي بأن "الحمار" هو أول من أسلم عند العرب، و"الحمار" هو شعار "الحزب الديموقراطي الأمريكي" الذي رشح الرئيس أوباما إلى عهدة ثانية، وباعتبار أن الكنيسة الإنجيلية هي التي تقف وراء الفيلم وهي تنتمي إلى "الحزب الجمهوري الأمريكي" الذي شعاره "الفيل" فإنها تذكرنا بفيلة الحبشةالتي حاولت تهديم الكعبة، فهل تستطيع اليوم تهديمها إعلاميا.من يعود إلى تاريخ الإساءة إلى الإسلام، يجد أنها مرتبطة بالكنيسة والصراع على الحكم، فتارة تلبس قناع السياسة وأخرى قناع الدين، ويذكر المؤرخون أن الدولة الأموية حين تخلت عن أحد رجالها المسيحيين "يوحنا الديمشقي (676 - 746م) دفعته الكنيسة إلى التطاول على الرسول (صلعم) بإصدار كتاب بعنوان "هرطقةّ"، وحين انتشرت الحضارة العربية في إسبانيا تحركت الكنيسة لترويج إشاعة تقول بأن محمدًا (صلعم) "رسول مسكون بالجن"، وهي العبارة التي التقطها الكاتب مارتن لوثر (1483 -1564م) ونشرها في مقالة له ادعى فيها: "أن محمدًا هو الشيطان وأول أبناء إبليس"، وحين انتصرت الثورة الخمينية في إيران ظهر كاتب بريطاني اسمه سلمان رشدي برواية "آيات شيطانية" التي استوحى أصحاب "براءة الإسلام" بعض مشاهده، ولما توغلت منظمة "أمة الإسلام" في مجتمع السود الإمريكيين تحركت دار نشر تابعة لأحد الإنجيليين ونشرت كتيبا في 26 صفحة بتوقيع مستعار(عبد الله عزيز) وبعنوان "محمد صدِّق وإلاّ" عام 1997م يحمل رسوما مسيئة للرسول (صلعم) كانت مصدر إلهام أصحاب الرسوم الكاريكاتورية الإثني عشر التي نشرتها صحيفة دانمركية في 30 سيبتمبر 2005 م.قد يعتبر البعض هذه الأعمال فردية، وربما يستشهد بأعمال أخرى مثل كتاب "حياة محمد" للمؤلف الفرنسي سبوردي ريار الصادر عام 1719م، أو كتاب "نبي الخراب" لكريك ونن الصادر في نوفمبر 2001م، أو الموسوعة العلمية الإلكترونية Encarta 2006وإذا كان القس تيري جونز، تجرأ على حرق المصحف الشريف في ذكرى أحداث الثلاثاء 11 سيبتمبر 2001م، ولم يعاقب مما شجع الإنجيليين الصهاينة على استفزاز المهاجرين المسلمين في أمريكا المساندين للحزب الديموقراطي، فإن المحامي موريس صادق يقتدي بفكرة الجزائري فرحات مهني، الذي يدعو الى الإنفصال الذاتي لمنطقة القبائل بهدف دفعالأقباط المصريين الى المطالبة بالحكم الذاتي سعيا إلى الإنفصال.والسؤال الذي يُطرح اليوم هو ما علاقة هذه الحملة الإعلامية المشبوهة بالربيع العربي؟وهل لزيارة بابا الفاتكان لبيروت نية حسنة؟.يرى مراقبون أن الحبر الأعظم بنديكتوس السادس عشر، أول من لجأ إلى كتب اللاًّهوت المعادية للإسلام، فقد ألقى في اليوم الثاني من الذكرى الخامسة لأحداث سبتمبر بتاريخ 12 / 9 / 2006م محاضرة في جامعة ألمانية بعنوان "الإيمان والعقل والجامعة: ذكريات وانعكاسات" توقف فيها عند ما سماه "العقل والعنف في الديانة الإسلامية" استند في ذلك الى نص لاهوتي أعاد نشره تيودور خوري الألماني، ذو الأصل اللبناني نقلا عن الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني (1350 -1425م) وملخصه أن "من يؤمن بالإسلام لا يصلح لأن يمارس حوار الحضارات"، وما يؤسف في الموقف الذي اتخذه بابا الفاتكان في نهاية محاضرته هو قوله حرفيا: "العقل الذي يكون الجانب الرباني أصم والدين ينتمي إلى الثقافات الثانوية هو عقل غير صالح لحوار الحضارات"، وبالرغم من ردود الأفعال التي أثارها موقفه فإن السؤال الذي يطرح اليوم هو: ما الذي جاء به إلى لبنان لدعوة المسيحيين العربإلى التعايش مع المسلمين، وهو يدرك أن العرب لا يفرقون بين مسلم ومسيحي حتى فيالحروب الأهلية التي وقعت في بعض الأقطار العربية.والحقيقة التي لا تقال هي أن الزيارة تدعو الى الفتنة، مثلما يدعو الفيلم المسيء للرسول (صلعم) وعبارات الساسة الغربيين التي وصفت انتفاضة الشعوب الإسلامية ضد الانتقاص من الاسلام والمس برسولنا (صلعم) بـ"الغوغائيين"، والحقيقة الثانية هي أن فشل التيار التغريبي في الوصول الى السلطة بعد نجاح الثورات العربية في تونس ومصر واليمن وليبيا دفع بأعداء الاسلام إلى إثارة مشاعر الغضب لدى الجماهير في هذه الدول حتى لا تستكمل بناء مستقبلها، والحقيقة الثالثة هي أن الدول التي لم يتحرك فيها الشارع للتظاهر هي الدول التي ربما قد تشهد ثورات عنيفة، وهذه الدول ينطبق عليها الحديث الشريف: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الآكلة على قصعتها، قالوا: أو من قلة يارسول الله؟ قال: "بل أنتم كثَّرٌ ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يارسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهيةالموت".إن فيلم "براءة المسلمين" يمثل خطاب كراهية وتحريض ضد الجاليات المسلمة في جميع أنحاء العالم، وهو بمثابة دعوة صريحة إلى تبرئة المسلمين من الإسلام الذي هو عقيدة أكثر من مليار و500 مليون شخص، وتقف وراء هذه الحملة الإعلامية الصليبية الكنيسة الإنجيلية الموجودة حاليا في بعض الأقطار العربية ومنها الجزائر..
نظام أقلية تحميه الأغلبيةوفي الوقت الذي كانت عائلة الأسد تسعى لأن تحميها الأغلبية في الداخل، فإنها سعت لأن تحميها دول الإقليم فأقامت شبكة من العلاقات الدولية الإقليمية، وقضايا الإقليم على أساس موقف الدول الاستعمارية الكبرى من هذه القضايا ومن هذه الدول، وقد بدأ ذلك في وقت مبكر بالتدخل في لبنان لحماية حزب الكتائب اللبناني من الحركة الوطنية اللبنانية، فأدخل قواته واغتال كمال جنبلاط زعيم هذه الحركة وأرضى ذلك كلا من السعودية وفرنسا وأمريكا وإسرائيل، وتقدم الأسد خطوة في إرضاء هذه القوى التي قدمت له غطاء عربيا باسم "قوات الردع" ليصلي الفلسطيين نيرانا حامية ويبيد مخيم تل الزعتر، ثم ليتفرج في عام 1982 على شارون وهو يقود الجيش الاسرائيلي ليخرج المقاومة الفلسطينية من لبنان، ثم يسكت تماما عن مجزرة صبرا وشاتيلا.. لكن حين أراد الكتائبيون التفرد بلبنان انقلب عليهم وعلى بشير الجميل ثم أمين الجميل، لأن ياسر عرفات من منفاه في تونس بدأ يدخل اللعبة الدولية، وهو الأقدر من حافظ الأسد أو أية شخصية عربية لإرضاء هذه الدول الكبرى لأنه يملك الورقة الفلسطينية، وظهر أن إسرائيل نفسها التي كانت ولا زالت راضية عن تجميد عائلة الأسد للجبهة في الجولان، موافقة على أن تقترب من عرفات وتبتعد عن الأسد وكان من نتائج هذا المشي في أخدود العلاقات الدولية.1- توتر العلاقات السورية - العراقية إرضاء لأمريكا ودول الخليج على حساب العلاقات مع فرنسا والسوفيت.2- تقارب شديد مع إيران الخمينية ارضاء لفرنسا على حساب العلاقات مع أمريكا.3- تمكين لحزب الله الشيعي في الجنوب اللبناني على حساب بقايا المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، إرضاء لحزب الكتائب اللبناني.4- تذبذب العلاقات الأردنية - السورية5- دخول الحرب ضد صدام حسين في العراق إرضاء للدول الكبرى ودول الخليج العربي.6- إبعاد حزب العمال الكردستاني إرضاء لتركيا وأمريكا على حساب العلاقات مع الاتحاد السوفياتي وفرنسا، واقترابا من الطائفة العلوية في لواء الاسكندرون الخاضع لتركيا الذي ضمنته فرنسا إلى تركيا في ثلاثينيات القرن العشرين.وكما أتلفت حماة حسابات عائلة الأسد في الشبكة المحلية، قام ياسر عرفات بتوقيعه اتفاقية أوسلو 1983 بإتلاف حسابات هذه العائلة في الشبكة الاقليمية الدولية، فقد استلم عرفات أقوى قضية اقليمية تهم دول الإقليم والدول الكبرى بكلتا يديه، ومنذ ذلك الوقت بدا نظام عائلة الأسد أمام الدول الكبرى والاقليمية كحصان يشيخ.. بل إن الفصائل الفلسطينية التي دعمها لتقزيم عرفات بدت وكأنها تستثمره لصالح مشروع عرفات الاستراتيجي غير المعلن، فعرفات لم يغادر لبنان ولم يدخل الضفة الغربية، قبل أن يدفع صديقه وزميل دراسته الشيخ أحمد ياسين لتأسيس حركة حماس السنية.صحيح جدا أن عائلة الأسد تمكنت خلال هذه العقود من تحقيق ثراء فاحش، ومن تغيير تركيبة الجيش الاجتماعية والسياسية، وتشديد قبضتها على كل مفاصل المجتمع، لكنها أصبحت نظاما لا تقبل به غالبية الدول سواء في المنطقة أو في العالم.وفقدت العائلة فرصتها الذهبية بمجيء بشار الأسد وإعلانه أنه سيبدأ عهد انفتاح سياسي واقتصادي وإعلامي فلم توافق العائلة وتمسكت بنهجها زمن الأسد الأب، فانشق خدام، وألغيت زيارة لعرفات في اللحظة الأخيرة، وصودر العدد الثاني من أسبوعية "الدومري" التي أسسها رسام الكاريكاتير علي فرزت بطلب من صديقه بشار الأسد، ودخلت العائلة بالكامل تحت العباءة الإيرانية، وغيرت دول الخليج موقفها فسحبت معها الموقف السني، وصارت المواجهة بين العائلة من جهة والشعب والدول الاقليمية منها والكبرى..
الحراك الاجتماعي السوريفي مطلع 2011 كانت النظم العربية بما فيها النظام السوري كثمرات فاسدة على شجرة كبيرة، لا تحتاج إلا لمن يهز هذه الشجرة حتى تتساقط تباعا أو مرة واحدة، فقد وصلت هذه الأنظة وهي في حقيقتها نظام قمعي واحد.. قد وصلت إلى آخر عمرها الإضافي، أما الافتراضي فقد انتهى منذ عقود طويلة، فهي لم تعد قادرة على تقديم أي شيء سواء كان اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا، أما سياسيا فإن هذه الأنظمة فقدت حتى خطابها الاعلامي، وبالتالي لم يعد أحد يرغب في استمرارها لا الشعوب العربية ولا الإسلامية، وحتى إسرائيل لم تعد بحاجة إليها بعد أن أخذت تتعامل مباشرة مع الفلسطينيين، وأما الدول الكبرى فلم يعد حتى النفط يغريها بالمحافظة على هذه الكتلة الهائلة من الفساد، وهذا العمق في التروي والشلل التام في الحركة فأعدت عدتها لوضع خطتها "الشرق الأوسط الجديد" موضع التنفيذ، واتضح للمراقبين أن الوضع برمته في الوطن العربي هو وضع السباق بين الشعب والدول الكبرى لهز الشجرة العربية فتتساقط هذه الثمرات الفاسدات التي تسمى دولا.وفي أواخر عام 2010 قام التونسي بوعزيزي بهز هذه الشجرة فما هي إلا أسابيع حتى تحول اسم الرئيس التونسي من زين العابدين إلى زين الهاربين.. لكن ليس بفعل حركة الشعب التونسي التي صنعها بوعزيزي، بل أيضا بفعل حركة الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وحرف حركة الشعب عن أهدافها الحقيقية وتكرر المشهد ذاته في مصر وليبيا واليمن.ولم تكن سورية بعيدة، ولكنها كانت المقصود الأول في خطة "الشرق الأوسط" وحين وصل التأثير البوعزيزي التونسي السلمي إلى درعا جنوب سوريا بمحاذاة الأردن، سرعان ما نقل إلى حمص أواسط سورية وبعيدا عن دمشق والأردن، ونقل نقلا مسلحا، وظهر برهان غليون ابن حمص الذي يعيش في فرنسا منذ عقود على رأس معارضة لا يعرفها أحد.وبدأ الشبان السوريون المحرومون من كل شيء حتى الأمل تكتيل أنفسهم على شكل مجموعات تسلح بأي شيء مثل العصي والهراوات وتحطم تماثيل الرئيس الحالي والأب ويزيلون الصور ويكتبون على الحيطان في ظاهرة يحكم أن نطلق عليها "الرجل البخاخ" وأما النظام فوسع من القصف والقتل والتدمير، وبدأت ظاهرة الجيش الحر الذي يتكون من هؤلاء الشبان، وأخذت المعارضة في الخارج تستثمرهم وتستعمل ورقة التسليح الذي صاروا بأمس الحاجة إليه، ودخل الملعب السوري لاعبون كثر محليون وإقليميون ودوليون.. وكلهم يستغل موقف الشباب السوري الرافض للنظام وحلفائه والرافض للمعارضة التي يجهل أهدافها يراها لعبة بيد الدول.. وهو لم يجد بعد قيادة جادة تنبثق من صفوفه، وهو ما يعوّل عليه ويأمل به.. وفي فترة الانتظار هذه بدأ الشبان السوريون في كل من دمشق وحلب يخوضون معارك قاسية.فكانت معركة دمشق قد بدأت يوم الأول من جويلية وكان من ميادينها بلدة يلدا التي أسكنها ومنذ أول جويلية حتى 26 أوت تاريخ وصولي إلى الجزائر عشت وزوجتي تحت القصف المباشر لجيش النظام، وكان أصدقاء وأقارب من العاصمة والبويرج وغيرها يتصلون بي ويسمعون أصوات القذائف والصواريخ وكل ما استطعت فعله سواء في الملجأ - المدرسة أو في البيت هو تدوين يومياتي ساعة بساعة، وكنت من قبل قد دونت يومياتي خلال العشرية السوداء، وقبلها دونت يومياتي خلال مجازر سبتمبر التي قام بها النظام الأردني عام 1970 ضد المقاومة والشعب الفلسطيني.وينصحني بعض الأصدقاء اليوم بنشر يومياتي عن معركة دمشق وكيف كنت أمشي بين الجثث في شارع المالكي، سوق الثلاثاء في بلدة يلدا التي يمتهن أهلها تربية الأبقار ولا يعرفون من السياسة التي فرغها صحنها شيئا، فذاقوا الموت بأنواعه.