إعلانات المنتدى


إشكال علم أصول التفسير

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عبد ربه

مزمار ذهبي
3 مايو 2007
1,148
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
الله تعالى أنزل أحسن كتاب على خير أمة أخرجت للناس، فكانت بحق في مستوى المكانة التي بوأها الله تعالى إياها. بعنايتها بكتاب ربها، و حرصها على فهمه و تدبر معانيه و استنباط الأحكام و الحكم منه، ثم تطبيق أوامره و الابتعاد عن نواهيه،و بذلها غاية جهدها في فهمه و استيعابه.
و كتاب الله تعالى – كما قرره الأصوليون- قطعي الثبوت ظني الدلالة، و ظنية الدلالة هذه مأتاها طبيعة القرآن المعجز، ذلك أن منه الواضح أو البين- كما قال الطوفي في الإكسير- الذي تفهمه العرب من لغتها لبيانه ووضوحه. فهذا لا حاجة له إلى تفسير.
و من القرآن ما هو غير واضح إما لاشتراك أو غرابة أو ظهور تشبيه. و هذا القسم هو المحتاج إلى التفسير و البيان.
الأول أنزله الله تعالى ليتعبد عامة الناس بتطبيقه لوضوحه و بيانه، و الثاني أنزله الله لحكم متعددة منها ليتعبد العلماء بالاجتهاد فيه و الاستنباط منه، لذلك أثنى الله على العلماء من عباده، و ليتعبد عامة الناس بتقليد العلماء فيما قرروه فيه.[1]
و قد بذل العلماء غاية جهدهم في فهم كتاب الله تعالى،و توجيه الفهم و حمايته من التحريف.
و أخطر تحريف هو تحريف الفهم و التلاعب به. أما تحريف النص القرآني، فهذا مستحيل لتكفل الله تعالى بحفظ كتابه . قال تعالى:" إنا نحن نزلنا الذكر و إن له لحافظون" ( الحجر9).
و الذي يدفع إلى تحريف الفهم و التأويل الفاسد هو موقع النص القرآني في أمة الإسلام بكل طوائفها و مذاهبها، إذ النص هو محور الفكر الإسلامي منذ النشأة إلى اليوم، و كل ما أنتجه الفكر الإسلامي لا يعدو أن يكون إما موثقا للنص أو مساعدا على فهمه أو مستنبطا منه.
و قد دأبت الحركات الإصلاحية و التيارات الفكرية على استمداد مشروعيتها من النص، فلا تقبل فكرة أو دعوى ما لم يشهد لها النص بالصلاحية. و لذلك نرى الكل يلوذ بالنص و يلجأ إليه لاستمداد المشروعية.
و هذا ما أعطانا فهو ما متعددة للقرآن الكريم قد تصل إلى حد التناقض.حتى قال قاضي البصرة عبيد الله بن الحسن :" كل ما جاء به القرآن حق، و يدل على الاختلاف، فالقول بالقدر صحيح و له أصل في الكتاب، و القول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب، و من قال بهذا فهو مصيب، و من قال بهذا فهو مصيب لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين و احتملت معنيين متضادين."[2]
و الذي جعل مثل هذه الفهوم تكثر و تتعدد إلى حد الفوضى و ضياع الحقيقة الشرعية بين أهل الأهواء و الضلالات هو عدم وجود أصول و قواعد للتفسير تضبط الفهم عن الله تعالى، و هذا ما جعل إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل يقول ثلاثة لا أصل لها منها التفسير، و إن كان يقصد من حيث السند. و قال ابنتيمية :" إن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل الواضح والحقالمبين "[3] .
فمثلا الحديث له أصول تضبط نقله، و أن كل المحاولات التي أرادت العبث بالسنة باءت بالفشل.
و كذلك الفقه له أصوله التي تضبط عملية الاستنباط و التشريع.
لكن التفسير بقي بلا أصول و لا قواعد تضبط وتحكم العملية التفسيرية، حتى إن البعض نزع عنه صفة العلمية، و قال إنه لم يرتقي بعد إلى مستوى العلم، بمعنى أنه يفتقر إلى الجانب التنظيري التأطيري، فبقي مجال فوضى.
و قد وقف الإمام الطوفي على إشكال علم التفسير فقال:" إنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير وماأطبق عليه أصحاب التفاسير، ولم أجد أحدا منهم كشفه في ما ألفه ولا نحاه في ما نحاه، فتقاضتني النفس الطالبة للتحقيق الناكبة عن جمر الطريق لوضع قانون يعول عليهويصار في هذا الفن إليه "[4] إلا أنه لم يفعل
وليته فعل.
و في عصرنا الحالي و في محاولة بناء أصول و قواعد علم التفسير أشار الدارسون المعاصرون إلى أن مباحث هذا العلم مبثوثة في علوم شرعية متنوعة منها علم أصول الفقه و التفسير و اللغة العربية.
فعلم أصول الفقه مؤهل لضبط العملية التفسيرية، على اعتبار أنه علم محكم البناء من حيث مصطلحاته و قواعده و مناهجه، و أن الأساس الذي بني عليه من حيث التدوين و التصنيف، إنما هو حل لمشكلة الفهم اللغوي الخاص، للدليل الشرعي. سواء من حيث مقاصده الدلالية، أو متعارضاته الإشكالية. [5]
كما أنه امتاز بضبط قواعد الدلالة: حاصرا طرقها: منطوقا و مفهوما، و مرتبا مراتبها: نصا و ظهورا و إجمالا، و مفصلا فيما يتصل بالأحكام من وجوهها: الأمر و النهي، و العموم و الخصوص، و الإطلاق و التقييد، و محددا شروط التأويل
و قواعد الترجيح[6].
وقد أكد السكاكي في مفتاح العلوم على أن علم أصول الفقه و البلاغة مؤهلين لضبط العملية التفسيرية، حيث قال:" ولله در التنزيل، لا يتأمل العالم آية إلا أدرك لطائف لا تسع الحصر... لأن المقصود لم يكن مجرد الإرشاد لكيفية اجتناء ثمرات علمي المعاني و البيان، و أن لا علم في باب التفسير بعد علم الأصول أقرأ منهما على المرء لمراد الله من كلامه.[7]
أما اللغة العربية فلأن النص القرآني هو نص لغوي، و أن الله عز و جل خاطب العرب بلسانهم و على معهودهم في التخاطب و الكلام. و أن علماء العربية و هم يقعدون قواعد النحو و الإعراب كان في حسبانهم تحدي فهم الخطاب الشرعي خاصة مع ظهور اللحن الصوتي و الصرفي و أيضا المفهومي في ظل اتساع الرقعة الإسلامية و دخول أمم أعجمية في الإسلام. وقل نفس الأمر في نشوء علم البلاغة إذ كان تحدي الإعجاز القرآني حاضرا في أذهانهم. فتحدي فهم و بيان عن معاني و أسرار القرآن الكريم كان حاضرا منذ زمن التأسيس و التقعيد اللغوي.
و إن النص - أي نص – هو بناء لغوي قائم على قواعد اللغة و نظامها، مما يعطي للتحليل اللغوي أهميته في الكشف عن المعنى....لهذا فقد عد العلماء علوم اللغة أول العلوم التي يحتاج إليها مفسر القرآن.. بل جزم الكافيجي بأن قواعد التفسير" مكتسبة من تتبع لغة العرب"[8]
و المقصود باللغة جميع مستويات الدرس اللغوي العربي:" كالأصوات، و الصرف، و النحو" ...إذ إنها مجتمعة تكون أداة التحليل اللغوية الكبرى، ذلك أن هذه المستويات ترى منفصلة من حيث الصناعة، لأغراض منهجية فقط في حين أنها تكون في مجملها الوسيلة الناجحة الكبرى لتحليل النصوص .."[9]
أما ما في كتب التفاسير، فالمقصود بها القواعد التي يضعها المفسر و هو يمارس عملية التفسير في محاولة للتأصيل لمفهوم يريد تأصيله، أو في نقده لتفسير اختل فيه ضابط من الضوابط، أو في مجالات أخرى.[10]
و يمكن أن نقول إن هذه العلوم تحتوي على مباحث و قواعد لعلم أصول التفسير، لكن تحتاج إلى بناء نظري ناظم يحدد و ينظم العلاقة بين مكوناته، متى و كيف نعمل هذه القاعدة أو هذا الأصل و ما هي مستويات ذلك؟ و هل كل القواعد على مستوى واحد في الكفاية التفسيرية؟...أي فلسفة علم التفسير، ليرتقي إلى مستوى العلوم الناضجة من حيث المصطلحات و القواعد و المناهج.
وإيجاد علم أصول التفسير يكفينا هم العبث بالنصوص الشرعية و لي أعناقها، كما يضبط لنا عملية الفهم عن الله تعالى و استنباط الأحكام الشرعية من مظانها، بل يكون قانونا محكما فيما يسمى بمقاصد الشريعة، ذلك أن القصد يفهم من اللفظ ومن النص الشرعي، فيجيبنا علم أصول التفسير عن السؤال العلمي: كيف دلك هذا اللفظ أو هذا النص على هذا المعنى أو هذا الحكم؟ و قس على ذلك من القضايا والمستجدات الطارئة على الفكر الإسلامي اليوم، كمسألة السنن التاريخية والاجتماعية في القرآن الكريم، و قضايا التشريع الجنائي، و النوازل الفقهية في الطب و غيره.
 

الداعي للخير

عضو موقوف
1 يناير 2007
8,231
10
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد رفعت
رد: إشكال علم أصول التفسير

شكرا لك
 

محمد الجنابي

عضو شرف
عضو شرف
9 فبراير 2007
15,361
18
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: إشكال علم أصول التفسير

بارك الله فيك اخي الكريم نقل طيب
 

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: إشكال علم أصول التفسير

بارك الله فيك اخي الكريم نقل طيب


أتحفنا بالمزيد بارك الله فيك
 

عبد ربه

مزمار ذهبي
3 مايو 2007
1,148
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: إشكال علم أصول التفسير

بارك الله فيكم يا اخواني في الله
 

أم نيره

مزمار كرواني
9 يوليو 2007
2,786
2
0
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: إشكال علم أصول التفسير

بارك الله فيك وجعلك من حفظة كتابه
 

امير الابداع

مزمار كرواني
25 يوليو 2007
2,393
22
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: إشكال علم أصول التفسير

بارك الله فيك اخي الكريم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع