إعلانات المنتدى


التربية الوقائية في سورة التحريم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فقد جاءت التربية الوقائية في نداءين اثنين في السورة :

الأول حفظ الأهل والأسرة وهو المجتمع الأصغر من النار " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"
والثاني حفظ المجتمع الأكبر من العدو الخارجي :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"

وهذه التربية الوقائية تحفظ المجتمع داخلا وخارجا ففي الداخل نجد المنافقين الذين لم يتغلغل الإيمان في قلوبهم فهؤلاء يجب الحذر منهم ومجاهدتهم باللسان والبيان ، وفضح مكائدهم ومؤامراتهم .

وهناك في الخارج الكفار الذي لا يرغبون بامتداد الدين الإسلامي ويضعون العراقيل والحواجز لمنع الناس من الدخول في الإسلام ، فهؤلاء تكون مجاهدتهم باللسان والسنان .

ومن التربية الوقائية في السورة ، الآية التي فيها تحذير من النار فجاءت كلمة النار منكرة للتهويل والتعظيم ، وجاء وصفها بمزيد من البشاعة والعنف فهذه النار وقودها أجساد الكفار الذين يعذبون فيها ، وزبانيتها ملائكة غلاظ شداد لا رحمة عندهم لمن يدخلها ، قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "

وعلى هذا فلا عذر لأولئك الكفار يوم القيامة ليخرجوا من النار أو ينجوا منها لأنهم أصرّوا على الكفر وبقوا على عنادهم وجحودهم : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"

ولما أمر الله - تعالى- المؤمنين بأن يجنبوا أنفسهم وأهليهم ما يزجهم في عذاب النار ، وأعلمهم بأن تلك النار الهائلة مهيئة للكفار ؛ لأنهم فرطوا في وقاية أنفسهم وأهليهم ما يجنبهم النار ، هداهم بعد ذلك إن وقع منهم التقصير والإهمال إلى سبيل التوبة النصوح التي هي بداية الطريق لوقاية الأنفس من النار:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "

والتوبة النصوح هي الخالصة من الشوائب التي تفسدها والتي يكون فيها العزم على ترك الذنب وعدم العودة إليه ، ولما كان الخزي والعذاب للكافرين يوم القيامة نفى الله الخزي عن النبي والمؤمنين في ذلك اليوم :" يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ " وقوله تعالى " معه " تشريف وتكريم للمؤمنين أن يكونوا في صحبة النبي وجواره في ذلك اليوم .

وقوله :" نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ " هو نور حقيقي يجعله الله للمؤمنين يحيطهم ويحفّهم ليعرفوا طريقهم إذا مشوا في ظلمة ذلك اليوم ، ولأن النور يكون على قدر أعمالهم فيسألون ربهم إتمامه وإدامته عليهم ، خاصة عند إطفاء نور المنافقين الذين كانوا في صحبة المؤمنين نفاقا لا إيمانا :" يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "

ثم خُتمت آيات هذا المقطع بتوجيه الأمر إلى رسول الله –بجهاد الذين يرفضون التوبة عن الكفر والنفاق ، فهؤلاء يحتاجون إلى الغلظة في القول ، والمجاهدة باللسان والسنان ، ِإرعابًا وِإذلالاً لهم ، لتنكسر صلابتهم وتلين شكيمتهم ، وبيّن أن مستقرهم في الآخرة جهنم وبئس المقيل والمصير " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ "

منقول بتصرف
 
  • أعجبني
التفاعلات: سعــــــود

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,503
1,399
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
جزاك الله خيرًا وأحسن إليك
 

رشيد التلمساني

مشرف ركن مزامير المغرب الإسلامي
المشرفون
5 أبريل 2020
10,391
2,190
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
بارك الله فيك ونفع بك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع