إعلانات المنتدى


دلالة أسماء السور " قريش"

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
القرش : أي الكسب والتقريش أي الاكتساب ، ومن معانيها الجمع والضم بعد التفرّق .

وسميت قريش بذلك لأنهم كانوا أهل تجارة وكسب ، أو لأنهم كانوا متفرقين في غير الحرم فجمعهم قصيّ بن كلاب في مكة فاتّخذوها مسكناً .

السياق العام للسورة

تضّمنت السورتان (الفيل وقريش) ذ ْكر نعمة من نعم ّالله على قريش: فسورة الفيل تضمنت إهلاك عدوهم أبرهة الذي جاء ليهدم الكعبة ، وبهذا وجدت قريش في هذا البلد أ ْمنها، وصار لها في قلوب العرب مكانة عالية،
ثم جاءت سورة قريش بعد هذا وكأنها تعقيب على حادثة َ الفيل، ونتيجة لازمة من نتائج هذه الحادثة إذ ذكرت نعمة أخرى عليهم وهي اجتماع أمرهم، والتئام شملهم، ليتمكنوا من الارتحال صيفا وشتاء في تجارتهم، وجلب الميرة لهم، فقوله تعالى: ﴿لإيلاف قريش﴾، أي لأجل أن تألف قريش رحلة الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى الشام للتجارة، ولكي تعتاد تنظيم حياتها على هاتين الرحلتين، ويكونون في أمن وسلام من أي عدو يعرض لهم بسوء ، ولهذا جاء قوله تعالى: ﴿فليعبدوا ربَّ هذا البيت* الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾

وجه دلالة اسم السورة على موضوعها:

بيّن الله تعالى في سياق السورة منّته على قريش بجمعهم بعد فرقتهم ، وأمنهم بعد خوفهم ، وإطعامهم بعد جوعهم، وإ ّن اصطفاء القرآن لهذه اللفظة في سياقها متّسق مع دلالتها من أن ّ قريش أنعم الله عليها ، فجحدت تلك النعم ، وكفرت وكذّبت رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرغم من أ ّن أكثر قريش كانوا يعتقدون صحة نبّوته، ولكنهم لم يستجيبوا لما ُدعوا إليه في قوله تعالى: ﴿فليعبدوا ربَّ هذا البيت ﴾، فعلى الرغم من تفضيل الله لقريش وتشريفه لهم وامتنانه عليهم بهذه النعم، إلا أنهم كفروا ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لنعمة الإيلاف التي هي نعمة ظاهرة وكانت سببا جامعا لأهمّ النعم التي بها قوام بقائهم، وهذا هو وجه تعليل الأمر بتوحيدهم الله بخصوص نعمة هذا الإيلاف مع أن نعم الله عليهم كثيرة، ولذلك عّرف ( ر ّب) بإضافته إلى (هذا البيت) دون أن يقول: ( فليعبدوا الله ) ؛ لما يومئ إليه لفظ ( ر ّب ) من استحقاقه الإفراد بالعبادة دون شريك .

كما أن استخدام لفظة ( قريش) تصّور حالة كفار قريش الاجتماعية والاقتصادية والأمنية ، كيف كانت ثم كيف أصبحت بعد منّة الله عليهم بالغنى والأمن، وتعكس نكرانهم وكفرهم بنعم الله تعالى، ومن أجل الإيحاء بهذا المعنى اقتضى السياق استعمال لفظة (قريش) دون غيرها من الكلمات التي تشترك معها في الحقل الدلالي.

ومما ينبغي الإشارة إليه أ ّن لفظة ( قريش) لم ترد في القرآن الكريم إلا مرة واحدة في هذه السورة مع وجود مواضع أخرى مشابهة لهذا السياق الذي يُدعى فيه الكفار إلى شكر نعم الله تعالى ، سواء ما ورد في ذلك عن عامة الأمم الهالكة، أو عن أمم معينة كقصة أهل القرية الآمنة أو قصة قارون ، ولكن لم تُسمّ السور التي ورد فيها قصصهم بأسمائهم كما في سورة قريش ، وذلك لفضلهم وشرفهم وكون هذه القبيلة هي ركيزة الدعوة ومهد الرسالة ومحورها، وقد خصّهم الله تعالى بالرسالة وباصطفاء نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم من بينهم، فأراد المولى سبحانه أن يحّرك فيهم وازع الشكر على هذه النعم، وأن يستجيش نفوسهم ويحرك عقولهم لتقابل النعمة بما تستوجبه من شكر الله تعالى وعبادته وحده، وحتى يُبرز هذا المعنى، وهذا المقصد ويقّرره في نفوسهم ونفوس الناس جميعا َعنون السورة وسّماها باسمهم .

وكأن السورة تعرض بذلك النموذج السلبي للمقصد الذي تركز عليه السورة، وهو توحيد الله تعالى المنعم وعبادته ، نموذج َمن يعطيه ربّه النعم فيكفرها، ومن جهة أخرى فهي رمز وشعار للمؤمنين ليحذروا من التشبّه بكفار قريش في كفرهم لنعم المولى عز وجل .

هذا والله أعلم
منقول بتصرف
 

تغنوا بالقرآن

مزمار كرواني
26 ديسمبر 2010
2,499
388
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
جزاك الله كل خير ... أشكركَ ....
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع