إعلانات المنتدى


دلالة أسماء السور " الرعد "

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
الرعد كلمة تدل على الحركة والاضطراب وكل شيء اضطرب فقد ارتعد . والرعد صوت السحاب

أثر الاسم في فهم موضوعات السورة

بدأت السورة بذكر الآيات الدالة على ربوبية الله تعالى، واستحقاقه للعبودية، وتفرده بالألوهية سبحانه، ومصير السعداء َ والأشقياء، وفي الآية الأولى من سورة الرعد، يقول تعالى : ( المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ )
والرعد، هو من آيات الله ، فسميت السورة باسم هذه الظاهرة الكونية الفريدة، والتي لم ترد بهذه الصفة إلا في هذه السورة وأنه يسبح بحمد الله تنزيها له سبحانه عن كل نقص ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ )

الرعد و محور تنبيه الغافلين:

بالنظر في مدلول لفظ "الرعد" اللغوي، نجد أن الرعد هو صوت شديد يصدر من السماء، فكأنه بصوته يقرع الآذان، ينبه الغافلين، لعلهم يفيقون من غيهم، ويلحقون بركب السعداء الأتقياء، فالسورة ليست "ألفاظا وعبارات، وإنما هي مطارق تأخذ باللباب، وتفزع لها القلوب، فمن استجاب فله الحسنى ومن أساء فله جهنم ، ويبين الله جزاء كل فريق في السورة ذاتها ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ )

الرعد و دلالة الاضطراب والانقسام:

الرعد فيه ترغيب وترهيب، فالرعد يصحبه المطر والذي قد يكون نافعا أو مغرقا ، فقد ينزل معه المطر الذي يحيي الأرض وينبت الزرع أو يأتي معه الصواعق التي تحرق الأخضر واليابس فالاضطراب المصاحب لظاهرة الرعد في الحقيقة، من نزول المطر وعدمه، يتناسب مع حالة الاضطراب في آراء الناس، وانقسامهم ما بين مؤمن وكافر.

الرعد و محور الرد على الكفار:

تكرر في السورة مطالبة الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم بأن ينزل عليهم آية، قال تعالى ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) وقوله أيضا في موضع آخر ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ )

ففي الآيات يجادل الكافرون النبي صلى الله عليه وسلم، ويطالبونه بآية، فكأن تسمية السورة ب"الرعد" تخرس ألسنتهم، فها هي آية من آيات الله الكونية، التي لا تحكّم للبشر فيها، تأخذ بقلوبهم وتدخل الروعة في نفوسهم، لتوجه الأنظار إلى الكون الفسيح، وما به من مظاهر القدرة والتدبير.
وكما أن الرعد من آيات الكون العديدة التي تدل على التوحيد، فكذلك القرآن هو الآية الكبرى، التي لا تخالطها باطل، والذي يشتمل على كلمة الدعوة ، فقال تعالى في مستهل السورة ( المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ ) والإشارة بالبعيد (تلك ) للدلالة على علو منزلته.

الرعد و محور السلامة والرهبة:

كلمة الرعد توحي بالرهبة، يلتقي فيها صوت الدوي مع الخوف والفزع، ولكن في هذه الصورة الموحية بالفزع تأتي الآية لتجعل الرعد من المسبحين ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ) ولتجعله مع المؤمنين الذاكرين الذين وصفتهم السورة ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )
فهذا الرعد يخيف الجاحدين المفسدين في الأرض، أما الذاكرين فهم في مأمن من الخوف، قلوبهم مطمئنة، يثيبهم الله بالطمأنينة في الحياة الدنيا، وبجنات عدن في الآخرة، ( سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) بينما يأتي التهديد والوعيد للكافرين ( وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ )

الرعد آية التناقض والعجائب:
الرعد يشير إلى الجمع بين نقيضين، بين سبب الإحياء وسبب ُ الفناء، فقد يحمل الرعد ا للحياة لكل المخلوقات، وقد يحمل الشرارة واللهب فيكون سبب الهلاك وكذلك السورة تجمع الكثير من ذلك؛ كإيراد الأمثلة للحق بثباته واستقراره، وللباطل في تلاشيه وضياعه، والمؤمن حاله كحال البصير، بينما المفسد حاله كحال الأعمى، وحال المتقين في جنات النعيم، وحال المفسدين في دركات الجحيم، وهكذا تأتي التسمية لتثير النفس، وتدفعها للتأمل في الكلمات الإلهية، لتستخلص العبر والمواعظ .

هذا والله أعلم
منقول بتصرف
 
  • أعجبني
التفاعلات: سعــــــود

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,505
1,400
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
جزاك الله خيرًا وبارك فيك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع