إعلانات المنتدى


القرآن شفاء الصدور

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
من السماء ينزل المطر فتحيا به الأبدان. ومن السماء ينزل القرآن فتحيا به القلوب.
وانظر كيف جعل الله خاصية الرسول تلاوة هذا القرآن فقال: ﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً﴾ (البينة: 2).
وانظر إلى ذلك التصوير الشجي لحال أهل الإيمان في ليلهم كيف يسهرون مع القرآن ﴿أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ (آل عمران: 113).

أترى أن الله جل وعلا ينوّع ويعدد التوجيهات لتعميق العلاقة مع القرآن عبثاً؟ كلاّ

فتارةً يحثنا صراحة على التدبر ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ (النساء:82).. وتارةً يحثنا على الإنصات إليه ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الأعراف: 204).. وتارةً يأمرنا بالتفنن في الأداء الصوتي الذي يخلب الألباب لتقترب من معاني هذا القرآن ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ (المزمل:4).. وتارةً يأمرنا بالتهيئة النفسية قبل قراءته بالاستعاذة من الشيطان لكي تصفو نفوسنا لاستقبال مضامينه ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (النحل:198) .. وتارةً يغرس في نفوسنا استبشاع البعد عن القرآن ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ (الفرقان:30).. وتارات أخرى ينبّهنا على فضله، وتيسيره للذكر فهل من مُدَّكر، وعظيم المنة به..الخ الخ؛ كل ذلك ليرسخ علاقتنا بالقرآن..

وهل تعلم كيف تحدث قسوة القلب؟ قسوة القلب ناشئة عن البعد عن الوحي، ألا ترى الله تعالى يقول: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ (الحديد:16).
فإذا قسا القلب تجرأ الإنسان على الميل بالشريعة مع هواه، وإذا قسا القلب تهاون الإنسان في الطاعات واستثقلها، وإذا قسا القلب عظمت الدنيا في عين المرء فأقبل عليها وأهمل حمل رسالة الإسلام للناس، وإذا قسا القلب ضعفت الغيرة والحمية لدين الله.
ما العلاج إذاً..؟
العلاج لما يَحِيك في هذه الصدور هو مداواتها بتدبر القرآن. بالله عليك تأمل في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (يونس:57).
هكذا تقدم الآية المعنى بكل وضوح “وشفاء لما في الصدور” ..
فإذا شُفيت الصدور وجدَت خفة نفس في الطاعات، وإذا شُفيت الصدور انقادت للنصوص بكل سلاسة ونفرت من التأويل والتحريف، وإذا شفيت الصدور تعلقت بالآخرة واستهانت بحطام الدنيا، وإذا شفيت الصدور امتلأت بحمل هَمِّ إظهار الهدى ودين الحق على الدين كله.

هذا القرآن يا أخي له سحر عجيب في إحياء القلب وتحريك النفوس وعمارتها بالشوق لباريها جل وعلا.. وسر ذلك أن هذا القرآن له سطوة خفية مذهلة في “صناعة الإخبات والخضوع” في النفس البشرية كما يقول تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ﴾ (الحج:54) فإذا أخبتت النفوس، وانفعلت بالتأثر الإيماني، انحلّت قيود الجوارح، ولهَج اللسان بالذكر، وخفقت الأطراف بالركوع والسجود والسعي لدين الله؛ كما يصوّر الحق تبارك وتعالى ذلك بقوله: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (الزمر:23).
لاحِظ كيف تقشعر .. ثم تلين. إنها الرهبة التي تليها الاستجابة، وذلك هو سحر القرآن..

وفقنا الله إلى تلاوة كتابه وتدبّر معانيه .. وجعلنا وإياكم من أهل القرآن
اللهم آمين ....
منقول بتصرف


 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع