إعلانات المنتدى


ولو أعجبك كثرة الخبيث

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
يقول تعالى :" قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون " المائدة -100

جاء في التفسير الميسر ، قل -أيها الرسول-: لا يستوي الخبيث والطيب من كل شيء، فالكافر لا يساوي المؤمن، والعاصي لا يساوي المطيع، والجاهل لا يساوي العالم، والمبتدع لا يساوي المتبع، والمال الحرام لا يساوي الحلال، ولو أعجبك -أيها الإنسان- كثرة الخبيث وعدد أهله. فاتقوا الله يا أصحاب العقول الراجحة باجتناب الخبائث، وفعل الطيبات؛ لتفلحوا بنيل المقصود الأعظم، وهو رضا الله تعالى والفوز بالجنة.)

ومن فوائد الآية الكريمة :

أولا : الطيب: الشيء الحسن الذي أباحته الشريعة ورضيته العقول السليمة، ويتناول الاعتقاد الحق، والمقال الصدق، والعمل الصالح ، والخبيث بعكس ذلك ، و لا يستوي في ميزان الله ولا في ميزان العقلاء الخبيث والطيب، حتى ولو كان الفريق الخبيث كثير المظهر، براق الشكل، تعجب الناظرين هيئته فلا تغتر به أيها العاقل، ولا تؤثر في نفسك كثرته وسطوته فإنه مهما كثر وظهر وفشا. فإنه سيئ العاقبة، سريع الزوال، لذته تعقبها الحسرة، وشهوته تتلوها الندامة، وسطوته تصحبها الخسارة والكراهية ( تفسير الوسيط للطنطاوي )

ثانيا : القليل الطيب خير من الكثير الخبيث ، فلا تعجبكم من الخبيث كثرته إذا كان كثيراً فتصرفكم عن التأمّل عن خبثه وتحدُوَكم إلى متابعته لكثرته ، ولكن انظروا إلى الأشياء بصفاتها ومعانيها لا بأشكالها ومبانيها ( ابن عاشور)

ويقول الشعراوي في تفسيره ( يحذرنا الله أن نغتر بكميات الأشياء ومقدارها، فإن الطيب القليل هو أربى وأعظم وأفضل من الكثير الخبيث. والأمر الطيب قد يرى الإنسان خيره في الدنيا، ومن المؤكد أن خيره في الآخرة أكثر بكثير مما يتصور أحد؛ لأن عمر الآخرة لا نهاية له، أما عمر الدنيا فهو محدود.)

ثالثا : انتشار الخبث والخبيث إمهال واستدراج من الله تعالى ، قال الطبري في تفسيره ( يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: فلا تعجبنَّ من كثرة من يعصى الله فيُمْهِله ولا يعاجله بالعقوبة، فإن العقبَى الصالحة لأهل طاعة الله عنده دونهم، كما عن السدي،" لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة " الخبيث "، قال: الخبيث، هم المشركون= و " الطيب "، هم المؤمنون.

وفي تفسير مكي بن أبي طالب ( واحذروا أن يستفزكم الشيطان بإعجابكم بكثرة المشركين، وتضعف نيتكم بقلة المؤمنين، فإن المؤمن لا يستوي مع المشرك)


رابعا : الله لا يقبل إلا طيبا ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة ، قال النبي ﷺ : أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟

ورَوى جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الخَمْرَ كانَتْ تِجارَتِي، فَهَلْ يَنْفَعُنِي ذَلِكَ المالُ إنْ عَمِلْتُ فِيهِ بِطاعَةِ اللَّهِ؟ فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: "إنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ إلّا الطَّيِّبَ" فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .»

وقد قيل : مثقال حبة من صدقة الحلال أرجح عند الله من جبال الدنيا من الحرام.

خامسا : في الآية ذم لأهل الدنيا فهم لا يبالون بحرام أو خبيث في جمع متاع الدنيا ، وفي تفسير الواحدي ﴿ولو أعجبك كثرة الخبيث﴾ وذلك عن أهل الدُّنيا يعجبهم كثرة المال وزينة الدُّنيا .

سادسا : الصلاح والتقوى أساس كل طيب وسبب كل بركة ، فقد كَتَبَ إلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزَيِزِ بَعْضُ عُمّالِهِ يَذْكُرُ أنَّ الخَراجَ قَدِ انْكَسَرَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿لا يَسْتَوِي الخَبِيثُ والطَّيِّبُ ولَوْ أعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ﴾ فَإنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَكُونَ في العَدْلِ والإصْلاحِ والإحْسانِ بِمَنزِلَةِ مَن كانَ قَبْلَكَ في الظُّلْمِ والفُجُورِ والعُدْوانِ، فافْعَلْ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ.

سابعا : " فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ " : فأمر أُولي الألباب، أي: أهل العقول الوافية، والآراء الكاملة، فإن الله تعالى يوجه إليهم الخطاب. وهم الذين يؤبه لهم، ويرجى أن يكون فيهم خير، ولا شك أن العقل عند ما يتخلص من الهوى سيختار الطيب على الخبيث لأن في الطيب سعادة الدنيا والآخرة.

ثامنا : " لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " أخبر أن الفلاح متوقف على التقوى التي هي موافقة الله في أمره ونهيه، فمن اتقاه أفلح كل الفلاح، ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الأرباح . ( تفسير السعدي )
 
التعديل الأخير:

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع