إعلانات المنتدى


التناسب بين مقاطع فواصل الآيات

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
[align=center]إليكم هذا الفصل من كتاب الزركشي رحمه الله لأهميته

( البرهان في علوم القرآن / الزركشي )

( معرفة الفواصل ورءوس الآي )


( فصل في إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل )


واعلم أن إيقاع المناسَبة في مقاطع الفواصل حيث تطّرد متأكِّدٌ جداً، ومعتبر في اعتدال نَسَق الكلام وحسن موقعه من النّفس تأثيراً عظيماً، ولذلك خرج عن نَظْمِ الكلام لأجلها في مواضع: (أحدها) زيادة حرفٍ لأجلها، ولهذا ألحقت الألف بـ "الظنون" في قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ} [الأحزاب: 10]، لأن مقاطع فواصِل هذه السورة ألِفاتٌ منقلِبة عن تنوين في الوقف، فزيد على النون الألف لتساوي المقاطع، وتناسب نهايات الفواصل، ومثله: {فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ} [الأحزاب: 67]، {وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ} [الأحزاب: 66].
وأنكر بعض المَغاربة ذلك وقال: لم تُزَد الألفُ لتناسُب رؤوس الآي كما قال قوم، لأن في سورة الأحزاب: {وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ} [الآية: 4] وفيها: {فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ} [الأحزاب: 67]، وكلّ واحد منها رأسُ آية، وثبت الألِف بالنسبة إلى حالةٍ أخرى غير تلك في الثاني دون الأوّل؛ فلو كان لتناسُب رؤوس الآي لثبت في الجميع.
قالوا: وإِنما زيدتْ الألف في مثل ذلك لبيان القسمين، واستواء الظاهر والباطن بالنسبة إلى حالةٍ أخرى غير تلك. وكذلك لحاق هاء السكت في قوله: {مَا هِيَهْ} [القارعة: 10] في سورة القارعة، هذه الهاء عدلتْ مقاطعَ الفواصل في هذه السورة، وكان للحاقها في هذا الموضع تأثيرٌ عظيم في الفصاحة.
وعلى هذا - والله أعلم - ينبغي أن يُحمل لَحاق النون في المواضع التي تكلّم في لحاق النون إياها، نحو قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40]، وقوله تعالى: {كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65]؛ فإن من مآخذ البلاغة ومذاهِبها أن يكون ورودُ هذه النون في مقاطع هذه الأنحاء للآي راجحَ الأصالة في الفصاحة، لتكون فواصلُ السُّوَر الوارد فيها ذلك قد استوثق فيما قبل حروفها المتطرفة، وقوع حرْفَي المد واللين.
وقوله تعالى: {وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 2] وهو طورُ سَيْنَاء؛ لقوله: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ} [المؤمنون: 20].
وقوله تعالى: {لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} [يوسف: 46] كرر "لعلّ" مراعاة لفواصل الآي، إذ لو جاء على الأصل لقال: لعَلِّي أرجع إلى الناس فيعلمُوا؛ بحذف النون على الجواب [الثاني].
(الثاني) حذف همزةٍ أو حرفٍ اطراداً؛ كقوله تعالى: {وَٱللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4].
(الثالث) الجمع بين المجرورات؛ وبذلك يجاب عن سؤال في قوله تعالى: {ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} ؛ [الإسراء: 69] فإنه قد توالت المجرورات بالأحرف الثلاثة، وهي اللام في {لَكُمْ} والباء في {بِهِ} و "على" في {عَلَيْنَا} وكان الأحسن الفصل.
وجوابه أنّ تأخر {تَبِيعاً} وترك الفصل أرجح من أن يفصل به بين بعض الروابط، وكذلك الآيات التي تتصل بقوله: {ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} [الإسراء: 69]، فإن فواصلها كلها منصوبة منوَّنة، فلم يكن بدٌّ من تأخير قوله: {تَبِيعاً} لتكون نهاية هذه الآية مناسبةً لنهايات ما قبلها حتى تتناسق على صورة واحدة.
(الرابع) تأخير ما أصلُه أن يقدَّم، كقوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ} [طه: 67]، لأن أصله أن يتصل الفعلُ بفاعله ويؤخّرَ المفعول، لكن أخّر الفاعل، وهو {مُّوسَىٰ} لأجل رعاية الفاصلة.
قلت: للتأخير حكمةٌ أخرى، وهي أن النفس تتشوق لفاعل {أَوْجَسَ} ، فإذا جاء بعد أن أُخِّر وقعَ بموقع.
وكقوله تعالى: {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} [طه: 129] [فإن قوله: {َأَجَلٌ مُّسَمًّى} ] معطوف على {كَلِمَةٌ} ولهذا رفع. والمعنى: {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ} في التأخير {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} لكان العذاب لزاماً. لكنَّه قدم وأخّر لتشتبك رؤوسُ الآي؛ قال ابن عطية.
وجوز الزمشري [10/أ] عطفَه على الضمير في {لَكَانَ} أي لكان الأجل العاجلُ وأجلُ مسمى لازمَيْن له كما كانا لازمين لعادٍ وثمودَ؛ ولم ينفرد الأجل المسمَّى دون الأجل العاجل.
ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ} [القمر: 41]، فأخّر الفاعل لأجل الفاصلة.
وقوله: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] أخّر الفعلَ عن المفعول فيها وقدمه فيما قبلها في قوله: {يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاةَ} [البقرة: 3] ليوافق الآي؛ قاله أبو البقاء وهو أجودُ من قول الزمخشريّ: قدّم المفعول للاختصاص.
ومنه تأخير الاستعانة عن العبادة في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وهي قبل العبادة، وإنما أُخّرت لأجل فواصل السورة في أحد الأجوبة.
(الخامس): إِفراد ما أصله أن يجمع كقوله تعالى: {إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [القمر: 54] قال الفراء: "الأصل "الأنهار"؛ وإِنما وُحّد لأنه رأس آية، فقابل بالتوحيد رؤوس الآي. ويقال: النهر الضياء والسعة، فيخرج من هذا الباب".
وقوله: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً} [الكهف: 51] قال ابن سِيدَة في "المحكم" "أي أعضاداً، وإنما أفرد ليعدل رؤوس الآي بالإفراد. والعضُد: المعين".
(السادس): جمع ما أصلُه أن يفرد، كقوله تعالى: {لاَّ بَيْعٌ [فِيهِ] وَلاَ خِلاَلٌ} [إبراهيم: 31] فإن المراد "ولا خُلَّة" بدليل الآية الأخرى، لكن جمعه لأجل رؤوس الآي.
(السابع): تثنية ما أصلُه أن يُفرد؛ كقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46].
قال الفرّاء: " [أيضاً] هذا باب مذهب العرب في تثنية البقعة الواحدة وجمعها كقوله: "ودار لها بِالرَّقْمَتَيْنِ" وقوله: "بطن المَكَّتَيْنِ" وأشير بذلك إلى نواحيها، أو للإشعار بأن لها وجهين، وأنك إذا وصلتها ونظرت إليها يميناً وشمالاً نظرت في كلتا الناحيتين ما يملأ عينَك قرة، وصدرك مسرة".
قال: "وإنما ثنّاها هنا لأجل الفاصلة؛ رعايةً للتي قبلها والتي بعدها على هذا الوزن. والْقَوَافِي تحتملُ في الزيادة والنقصان مالا يحتمله سائر الكلام".
وأنكر ذلك ابن قتيبة عليه وأغلظ وقال: "إنما يجوز في رؤوس الآي زيادةُ هاء السكت أو الألف، أو حذف همزة أو حرف. فأما أنْ يكون الله وَعَد جنتين فيجعلهما جنة واحدة من أجل رؤوس الآي فمعاذ الله. وكيف هذا وهو يصفها بصفات الاثنين، قال: {ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48]، ثم قال فيها: {فِيهِمَا} [الرحمن: 50]، ولو أن قائلاً قال في خزنة النار: إنهم عشرون، وإنما جعلهم الله تسعةَ عشرَ لرأس الآية، ما كان هذا القول إلا كقول الفرّاء".
قلت: وكأن الملجِئ للفرّاء إلى ذلك قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ} [النازعات: 40-41]، وعكس ذلك قوله تعالى: {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ} [طه: 117]؛ على أنّ هذا قابلٌ للتأويل؛ فإن الألف واللام للعموم، خصوصاً أنه يرد على الفرّاء قوله: {ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48].
(الثامن): تأنيثُ ما أصله أن يذكّر، كقوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} [المدَّثر: 54] [أي تذكير]؛ وإنما عدل إليها للقاصلة.
(التاسع) كقوله: {سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ [ * ٱلَّذِي خَلَقَ]} [الأعلى: 1-2]، قال في العلق: {ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ} [الآية: 1]، فزاد في [السورة] الأولى {ٱلأَعْلَىٰ} ، [وزاد في الثانية: {خَلَقَ} ] مراعاةً للفواصل في السورتين، وهي "سبِّح" {ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ} (2) وفي "العلق" {خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (2).
(العاشر): صرف ما أصلُه ألاّ ينصرفَ؛ كقوله تعالى: {قَوَارِيرَاْ * [قَوَارِيرَاْ]} [الإنسان: 15-16] صرف الأول لأنّه آخر الآية، وأجرى الثاني بالألف، فَحَسُن جعلُه مُنَوَّناً ليُقلب تنوينه ألفاً، فيتناسب مع بقية الآي، كقوله تعالى: {سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً} [الإنسان: 4] فإن {سَلاَسِلاَ} لما نظم إلى {َأَغْلاَلاً وَسَعِيراً} [الإنسان: 4] صُرِف ونُوِّن للتناسب [وبقي {قَوَارِيرَاْ} الثاني؛ فإنه وإن لم يكن آخر الآية جاز صرفُه، لأنه لما نوّن {قَوَارِيرَاْ} الأوّل ناسَب] أن ينوّن {قَوَارِيرَاْ} الثاني ليتناسَبَا، ولأجل هذا لم ينوّن {قَوَارِيرَاْ} الثاني إلاّ مَنْ ينوِّن {قَوَارِيرَاْ} الأوّل.
وزعم إِمام الحَرَميْن في "البرهان" أنّ من ذلك صَرْفَ ما كان جمعاً في القرآن ليناسب رؤوس الآي؛ كقوله تعالى: {سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً} . وهذا مردود؛ لأن {سَلاَسِلاَ} ليس رأس آية [10/ب]، ولا {قَوَارِيرَاْ} الثاني، وإنما صُرِف للتناسب، واجتماعِه، مع غيره من المنصرفات، فيردّ إلى الأصل ليتناسب معها.
ونظيرُه في مراعاة المناسبة أنّ الأفصح أن يقال: "بدأ" ثلاثيّ؛ قال الله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29]. وقال تعالى: {كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ} [العنكبوت: 20] ثم قال {أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [العنكبوت: 19]، فجاء به رُباعيّا فَصِيحاً لما حسَّنه من التناسُب بغيره وهو قوله: {يُعِيدُهُ}
(الحادي عشر): إمالةُ ما لا أصل له أن يمال؛ كإمالة ألف {وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ} [الضحى: 1-2]، ليشاكل التلفظَ بهما التفّظُ بما بعدهما. والإمالة أن تنحُوَ بالألف نحو الياء، والغرض الأصليّ منها هو التناسُب، وعبّر عنه بعضُهم بقوله: "الإمالة للإمالة". وقد يمال لكونها آخر مُجاوِر ما أميل آخره؛ كألف (تلا) في قوله تعالى: {وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا} [الشمس: 2]، فأميلت ألف تلاها [ليشاكل اللفظُ بها اللفظَ الذي بعدها، ممّا ألفه غيرُ ياء؛ نحو {جَلاَّهَا} [الشمس: 3]، و {غَشَّاهَا} [النجم: 54]. فإن قيل: هلاّ جعِلت إمالة {تَلاَهَا} ] لمناسَبة ما قبلها، أعْني {ضُحَاهَا} [النازعات: 29]؟ قيل: لأن ألف {ضُحَاهَا} عن واو، وإنما أُمِيل لمناسبة ما بعدها.
(الثاني عشر): العدولُ عن صيغة المضيّ إلى الاستقبال، كقوله تعالى: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87]؛ حيث لم يقل "وفريقاً قتلتم" كما سوّى بينهما في سورة الأحزاب فقال: {فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً} [الآية: 26]؛ وذلك لأجل أنها رأس الآية.


( البرهان في علوم القرآن / الزركشي )
[/align]
 

العفو عند المقدرة

مزمار داوُدي
4 يوليو 2007
7,874
13
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: التناسب بين مقاطع فواصل الآيات

بارك الله فيك اخي الكريم وسام وزادك الله علما تسلم على المعلومات
 

امير الابداع

مزمار كرواني
25 يوليو 2007
2,393
22
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: التناسب بين مقاطع فواصل الآيات

بارك الله فيك اخي الكريم احسنت وشكرا 000
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: التناسب بين مقاطع فواصل الآيات

و فيكما بارك الله
 

الداعي للخير

عضو موقوف
1 يناير 2007
8,231
10
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد رفعت
رد: التناسب بين مقاطع فواصل الآيات

جزاك الله الجنة أخي على هذا المجهود الطيب

جعله الله في موازين حسناتك

وبارك الله فيك
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: التناسب بين مقاطع فواصل الآيات

[align=center]جزاك الله خيرا أخي الداعي ..


.. و في انتظار المزيد من مشاركاتكم



MIKRA.jpg




.




.[/align]
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع