- 25 أبريل 2006
- 1,438
- 0
- 0
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
مفكرة الإسلام : قامت دولة الإسلام في الأندلس منذ سنة 92هجرية، وظلت قائمة وصامدة تتقلب من طور لآخر ومن حال لحال، بين قوة وضعف ووحدة وتفرّق وعزّة وذلّة، حتى تكاثرت عليها الخطوب وأحاط بها الأعداء من كل مكان، فسقطت بعد عمرٍ مديد، وحكمٍ فريد سنة 897هجرية، أي أنها ظلت قائمة حية طيلة ثماني قرون، وهى بذلك تعتبر أطول دول الإسلام عمراً، وكان حادث سقوطها مدوّياً آلم كل المسلمين على وجه الأرض، حتى أن سلطان مصر المملوكي وقتها 'الأشرف قايتباي' قد هدد فرناندو وإيسابيلا ملكي إسبانيا النصرانية بأن يقتل كل النصارى الموجودين بمصر واليمن والشام إذا أساءوا لمسلمي الأندلس، بل إن حادثة سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام بالأندلس لتسامي حادثة سقوط بغداد وسقوط بيت المقدس في يد الصليبيين تارة وفي يد اليهود تارة أخرى. بالجملة كان حادث السقوط من أشهر وأخطر أحداث القرن التاسع الهجري ولكنه لم يكن الفصل الأخير في حياة المسلمين بالأندلس؛ حيث جاءت بعد ذلك أحداث وفصول أشد مأساوية وأكثر إيلاماً، وبرز خلال تلك الفترة المجهولة تماماً لجمهور المسلمين العديد من الأبطال والفرسان الذين حاولوا استعادة الملك القديم، وصاحبنا هذا هو فارس الأندلس الأخير.
محاكم التفتيش
لم تكن الدموع التي ذرفها الأمير أبو عبد الله محمد وهو يسلّم مفاتيح قصور الحمراء بغرناطة لملكي إسبانيا النصرانية 'فرناندو' و'إيسابيلا'، هي الدموع الأخيرة في بلاد الأندلس، إذ أعقبها الكثير والكثير من الدموع والدماء، فرغم العهود والأيمان المغلّظة التي قطعها ' فرناندو' على نفسه ووقع عليها في وثيقة استلام غرناطة الشهيرة، إلا أن الله عز وجل الذي هو أصدق قيلاً قال في محكم التنزيل {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً}، وقال {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ}، فأبت على فردناندو صليبيته أن يفي للمسلمين بشيء من العهود والمواثيق، وكانت هذه الوثيقة ستاراً للغدر والخيانة وشنيع ما سيقترف بالمسلمين في الأندلس.
عهد الملك الصليبي 'فرناندو' إلى الكاردينال 'خمنيس' مطران طليطلة ورأس الكنيسة الإسبانية مهمة تنصير مسلمي الأندلس، وكان هذا الرجل من أشد أهل الأرض قاطبة عداوة للإسلام والمسلمين، بل إن البغضاء المشحونة في قلبه كانت مضرباً للأمثال لعصور طويلة، فأنشأ هذا الرجل ما يسمى بديوان التحقيق أو ما عُرف تاريخياً بمحاكم التفتيش، وذلك سنة 905 هجرية، فكان أول عمل لهذه المحاكم أن جُمعت كل المصاحف وكتب العلم والفقه والحديث وأُحرقت في ميدان عام كخطوة أولى لتنصير المسلمين بقطع الصلة عن تراثهم وعلومهم الشرعية.
بدأت حملة تنصير المسلمين بعد ذلك بتحويل المساجد إلى كنائس ثم جمع من بقي من الفقهاء وأهل العلم وتمّ إجبارهم على التنصّر، فوافق البعض مكرهاً وأبى الباقون فقُتلوا شر قتلة، وكان التمثيل بجثث القتلى جرس إنذار لباقي المسلمين إما التنصير وإما الموت والقتل والتنكيل وسلب الأموال والممتلكات، وكانت عملية التنصير مركزّة على إقليم غرناطة ومنه انتقلت حمّى التنصير إلى باقي بلاد الأندلس، حيث كان هناك الكثير من المسلمين تحت حكم النصارى خاصة في الوسط والشرق.
هبَّ المسلمون بما بقي عندهم من حمية وغيرة على الدين للدفاع عن هويتهم وعقيدتهم، فاندلعت الثورة في عدة أماكن من غرناطة وغيرها، واعتزم المسلمون الموت في سبيل دينهم، ولكنهم كانوا عزّلاً بلا سلاح ولا عتاد، فقمع الصليبيون الثورات بمنتهى الشدة، فقُتِلَ الرجال وسبيت النساء وقضي بالموت على مناطق بأسرها ماعدا الأطفال الذين دون الحادية عشرة حيث تم تنصيرهم، وبعد قمع الثورة بمنتهى العنف والقسوة، أصدر 'فرناندو' منشوراً بوجوب اعتناق المسلمين للنصرانية، وذلك سنة 906 هجرية ومن يومها ظهر ما يعرف في تاريخ الأندلس المفقود باسم 'الموريسكيين' وهي كلمة إسبانية معناها المسلمين الأصاغر أو العرب المتنصرين، ومحنتهم تفوق الخيال وما لاقوه وعانوه من إسبانيا الصليبية لا يخطر على بال.
الموريسكيون
ظهرت في بلاد الأندلس المفقود طائفة الموريسكيين وهم المسلمون الذين اضطروا للبقاء وأُجبِروا على إظهار النصرانية وترك الإسلام، وهذه الطائفة رغم البطش والتنكيل الشديد الذي تم بها لتجبر على التنصر، إلا إنها ظلت مستمسكة بدينها في السر، فالمسلمون يصلّون سراً في بيوتهم، ويحافظون على شعائرهم قدر استطاعتهم وذلك وسط بحر متلاطم من الاضطهاد والتنكيل والشك والريبة.
كانت العداوة الصليبية المستقرة في قلوب الأسبان تجاه مسلمي الأندلس أكبر من مسألة الدين أو غيرها، فقد كانت هناك رغبة جامحة عند قساوسة ورهبان أسبانيا لاستئصال الأمة الأندلسية، فظل الموريسكييون موضع ريب وشك من جانب الكاردينال اللعنة 'خمنيس' وديوان التحقيق، فعمل 'خمنيس' على الزج بآلاف الموريسكيين إلى محاكم التفتيش حيث آلات التعذيب والتنكيل التي تقشعر لها الأبدان ويشيب منها الولدان، وذلك للتأكد من صدق تنصّرهم وخالص ارتدادهم عن الإسلام، وكانت أدنى إشارة أو علامة تصدر من الموريسكيين وتدلّ على حنينهم للإسلام كفيلة بإهدار دمائهم وحرقهم وهم أحياء. واستمرت إسبانيا الصليبية في سياسة الاضطهاد والقمع والتنكيل بالموريسكيين، وبلغت المأساة مداها بعدما أصدر 'شارل الخامس' قراراً بمنع سفر الموريسكيين خارج إسبانيا باعتبارهم نصارى، ومن يخالف يُقتل وتُصادر أملاكه، وعندها اندلعت الصدور المحترقة بثورة كبيرة في بلاد الأندلس.
الثورة الشاملة
كان تولي الإمبراطور 'فليب الثاني' عرش إسبانيا بداية حملة اضطهاد غير مسبوقة للموريسكيين الذين كانوا موضع شك دائم من قبل الكنيسة ورهبانها الذين كانوا يشعرون في قرارة أنفسهم أن الموريسكيين ما زالوا على الإسلام في سويداء قلوبهم، وكان 'فليب الثاني' ملكاً شديد التعصب، كثير التأثّر بنفوذ الأحبار، فأصدر حزمة من القرارات جاءت بمثابة الضربة القاتلة لبقايا الأمة الأندلسية وذلك بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة بتحريم استخدام اللغة العربية والملابس العربية، وعندها قامت الثورة الشاملة، وكان مركز الثورة في منطقة جبل 'الشارات' واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلس ودوّت صيحة الحرب القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوض معركة الحياة أو الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه 'محمد بن أميّة' يرجع أصله إلى بنى أميّة الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى.
حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية، اهتزت لها عروش النصرانية في أسبانيا وأوروبا، فأعدّت أسبانيا حملة عسكرية ضخمة يقودها أمهر قادتهم هو 'الدون خوان'، وجاء المجاهدون المسلمون من المغرب العربي وانضمت فرقة عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس، وكان الأسبان يقتلون من يقع في أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار في الثورة والقتال حتى الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة على الأندلس، وهنا امتدت أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيين بمكيدة شريرة ويقتل الأمير 'محمد بن أمية' قبل أن يحقق هدفه المنشود.
القائد الجديد
بعد اغتيال 'محمد بن أمية' لم تكن هذه الثورة لتقف أو تنتهي بموت زعيمها، فاختار الثوار أميراً جديداً هو ابن عم القتيل واسمه 'مولاي عبد الله محمد'، وكان أكثر فطنة وروية وتدبراً، فحمل الجميع على احترامه ونظم جيش الثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسباني واستطاع 'مولاي عبد الله' أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة 'أرجبة' التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة الموريسكيين وذيوع شهرة 'مولاي عبد الله محمد'.
حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة من مقاتليها يقودهم 'الدون خوان'، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة 'جليرا' وكان مع الثوار فرقة من الجنود العثمانيين، ودارت رحى معركة في منتهى الشراسة أبدى فيها المسلمون بسالة رائعة، ولكن المدينة سقطت في النهاية ودخلها الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعة لم يتركوا فيها صغيراً ولا كبيراً ولا طفلاً ولا امرأةً، وحاول 'الدون خوان' مطاردة فلول الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عند مدينة 'بسطة' وأوقع الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان، جعلت الحكومة الأسبانية تفكر في مصالحة الثوار المسلمين.
محاكم التفتيش
لم تكن الدموع التي ذرفها الأمير أبو عبد الله محمد وهو يسلّم مفاتيح قصور الحمراء بغرناطة لملكي إسبانيا النصرانية 'فرناندو' و'إيسابيلا'، هي الدموع الأخيرة في بلاد الأندلس، إذ أعقبها الكثير والكثير من الدموع والدماء، فرغم العهود والأيمان المغلّظة التي قطعها ' فرناندو' على نفسه ووقع عليها في وثيقة استلام غرناطة الشهيرة، إلا أن الله عز وجل الذي هو أصدق قيلاً قال في محكم التنزيل {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً}، وقال {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ}، فأبت على فردناندو صليبيته أن يفي للمسلمين بشيء من العهود والمواثيق، وكانت هذه الوثيقة ستاراً للغدر والخيانة وشنيع ما سيقترف بالمسلمين في الأندلس.
عهد الملك الصليبي 'فرناندو' إلى الكاردينال 'خمنيس' مطران طليطلة ورأس الكنيسة الإسبانية مهمة تنصير مسلمي الأندلس، وكان هذا الرجل من أشد أهل الأرض قاطبة عداوة للإسلام والمسلمين، بل إن البغضاء المشحونة في قلبه كانت مضرباً للأمثال لعصور طويلة، فأنشأ هذا الرجل ما يسمى بديوان التحقيق أو ما عُرف تاريخياً بمحاكم التفتيش، وذلك سنة 905 هجرية، فكان أول عمل لهذه المحاكم أن جُمعت كل المصاحف وكتب العلم والفقه والحديث وأُحرقت في ميدان عام كخطوة أولى لتنصير المسلمين بقطع الصلة عن تراثهم وعلومهم الشرعية.
بدأت حملة تنصير المسلمين بعد ذلك بتحويل المساجد إلى كنائس ثم جمع من بقي من الفقهاء وأهل العلم وتمّ إجبارهم على التنصّر، فوافق البعض مكرهاً وأبى الباقون فقُتلوا شر قتلة، وكان التمثيل بجثث القتلى جرس إنذار لباقي المسلمين إما التنصير وإما الموت والقتل والتنكيل وسلب الأموال والممتلكات، وكانت عملية التنصير مركزّة على إقليم غرناطة ومنه انتقلت حمّى التنصير إلى باقي بلاد الأندلس، حيث كان هناك الكثير من المسلمين تحت حكم النصارى خاصة في الوسط والشرق.
هبَّ المسلمون بما بقي عندهم من حمية وغيرة على الدين للدفاع عن هويتهم وعقيدتهم، فاندلعت الثورة في عدة أماكن من غرناطة وغيرها، واعتزم المسلمون الموت في سبيل دينهم، ولكنهم كانوا عزّلاً بلا سلاح ولا عتاد، فقمع الصليبيون الثورات بمنتهى الشدة، فقُتِلَ الرجال وسبيت النساء وقضي بالموت على مناطق بأسرها ماعدا الأطفال الذين دون الحادية عشرة حيث تم تنصيرهم، وبعد قمع الثورة بمنتهى العنف والقسوة، أصدر 'فرناندو' منشوراً بوجوب اعتناق المسلمين للنصرانية، وذلك سنة 906 هجرية ومن يومها ظهر ما يعرف في تاريخ الأندلس المفقود باسم 'الموريسكيين' وهي كلمة إسبانية معناها المسلمين الأصاغر أو العرب المتنصرين، ومحنتهم تفوق الخيال وما لاقوه وعانوه من إسبانيا الصليبية لا يخطر على بال.
الموريسكيون
ظهرت في بلاد الأندلس المفقود طائفة الموريسكيين وهم المسلمون الذين اضطروا للبقاء وأُجبِروا على إظهار النصرانية وترك الإسلام، وهذه الطائفة رغم البطش والتنكيل الشديد الذي تم بها لتجبر على التنصر، إلا إنها ظلت مستمسكة بدينها في السر، فالمسلمون يصلّون سراً في بيوتهم، ويحافظون على شعائرهم قدر استطاعتهم وذلك وسط بحر متلاطم من الاضطهاد والتنكيل والشك والريبة.
كانت العداوة الصليبية المستقرة في قلوب الأسبان تجاه مسلمي الأندلس أكبر من مسألة الدين أو غيرها، فقد كانت هناك رغبة جامحة عند قساوسة ورهبان أسبانيا لاستئصال الأمة الأندلسية، فظل الموريسكييون موضع ريب وشك من جانب الكاردينال اللعنة 'خمنيس' وديوان التحقيق، فعمل 'خمنيس' على الزج بآلاف الموريسكيين إلى محاكم التفتيش حيث آلات التعذيب والتنكيل التي تقشعر لها الأبدان ويشيب منها الولدان، وذلك للتأكد من صدق تنصّرهم وخالص ارتدادهم عن الإسلام، وكانت أدنى إشارة أو علامة تصدر من الموريسكيين وتدلّ على حنينهم للإسلام كفيلة بإهدار دمائهم وحرقهم وهم أحياء. واستمرت إسبانيا الصليبية في سياسة الاضطهاد والقمع والتنكيل بالموريسكيين، وبلغت المأساة مداها بعدما أصدر 'شارل الخامس' قراراً بمنع سفر الموريسكيين خارج إسبانيا باعتبارهم نصارى، ومن يخالف يُقتل وتُصادر أملاكه، وعندها اندلعت الصدور المحترقة بثورة كبيرة في بلاد الأندلس.
الثورة الشاملة
كان تولي الإمبراطور 'فليب الثاني' عرش إسبانيا بداية حملة اضطهاد غير مسبوقة للموريسكيين الذين كانوا موضع شك دائم من قبل الكنيسة ورهبانها الذين كانوا يشعرون في قرارة أنفسهم أن الموريسكيين ما زالوا على الإسلام في سويداء قلوبهم، وكان 'فليب الثاني' ملكاً شديد التعصب، كثير التأثّر بنفوذ الأحبار، فأصدر حزمة من القرارات جاءت بمثابة الضربة القاتلة لبقايا الأمة الأندلسية وذلك بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة بتحريم استخدام اللغة العربية والملابس العربية، وعندها قامت الثورة الشاملة، وكان مركز الثورة في منطقة جبل 'الشارات' واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلس ودوّت صيحة الحرب القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوض معركة الحياة أو الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه 'محمد بن أميّة' يرجع أصله إلى بنى أميّة الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى.
حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية، اهتزت لها عروش النصرانية في أسبانيا وأوروبا، فأعدّت أسبانيا حملة عسكرية ضخمة يقودها أمهر قادتهم هو 'الدون خوان'، وجاء المجاهدون المسلمون من المغرب العربي وانضمت فرقة عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس، وكان الأسبان يقتلون من يقع في أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار في الثورة والقتال حتى الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة على الأندلس، وهنا امتدت أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيين بمكيدة شريرة ويقتل الأمير 'محمد بن أمية' قبل أن يحقق هدفه المنشود.
القائد الجديد
بعد اغتيال 'محمد بن أمية' لم تكن هذه الثورة لتقف أو تنتهي بموت زعيمها، فاختار الثوار أميراً جديداً هو ابن عم القتيل واسمه 'مولاي عبد الله محمد'، وكان أكثر فطنة وروية وتدبراً، فحمل الجميع على احترامه ونظم جيش الثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسباني واستطاع 'مولاي عبد الله' أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة 'أرجبة' التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة الموريسكيين وذيوع شهرة 'مولاي عبد الله محمد'.
حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة من مقاتليها يقودهم 'الدون خوان'، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة 'جليرا' وكان مع الثوار فرقة من الجنود العثمانيين، ودارت رحى معركة في منتهى الشراسة أبدى فيها المسلمون بسالة رائعة، ولكن المدينة سقطت في النهاية ودخلها الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعة لم يتركوا فيها صغيراً ولا كبيراً ولا طفلاً ولا امرأةً، وحاول 'الدون خوان' مطاردة فلول الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عند مدينة 'بسطة' وأوقع الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان، جعلت الحكومة الأسبانية تفكر في مصالحة الثوار المسلمين.