- 16 ديسمبر 2007
- 2,963
- 3
- 0
- الجنس
- ذكر
{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلاً وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا(4)إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا(5)عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا(6)يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا(7)وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا(8)إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا(9)إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا(10)فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا(11)وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا(12)}.
سبب النزول:
نزول الآية (8):
{ويطمعون الطعام ..}: أخرج ابن المنذر عن ابن جرير في قوله: {وأسيراً} قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأسر أهل الإسلام، ولكنها نزلت في أسارى أهل الشرك، كانوا يأسرونهم في العذاب، فنزلت فيهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالإصلاح إليهم.
ثم بعد هذا البيان الواضح، بيَّن ما أعدَّه للأبرار والفجار في دار القرار فقال {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلاً وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا} أي هيأنا للكافرين المجرمين قيوداً تشدُّ بها أرجلهم، وأغلالاً تُغلُّ بها أيديهم إلى أعناقهم، وسعيراً أي ناراً موقدة مستعرة يحرقون بها كقوله تعالى {إذِ الأغلال في أعناقهم والسَّلاسل يسبحون * في الحميم ثمَّ في النار يُسجرون} {إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} أي الذين كانوا في الدنيا أبراراً بطاعتهم الله تعالى، فإِنهم يشربون كأساً من الخمر، ممزوجة بأنفس أنواع الطيب وهو الكافور، قال المفسرون: الكافور طيبٌ معروف يستحضر من أشجار ببلاد الهند والصين، وهو من أنفس أنواع الطيب عند العرب، والمراد أن من شرب تلك الكأس وجدها في طيب رائحتها، وفوحان شذاها كالكافور، قال ابن عباس: الكافور اسم عين ماءٍ في الجنة يقال له عين الكافور تمتزج الكأس بماء هذه العين وتختم بالمسك فتكون ألذَّ شراب، ولهذا قال تعالى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ } أي هذا الكافور يتدفق من عينٍ جارية من عيون الجنة يشرب منها عباد الله الأبرار، وصفهم بالعبودية تكريماً لهم وتشريفاً بإِضافتهم إِليه تعالى {عِبَادُ اللَّهِ} والمراد بهم المؤمنون المتقون {يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} أي يجرونها حيث شاؤوا من الدور والقصور، قال الصاوي: المراد أنها سهلة لا تمتنع عليهم، ورد أن الرجل منهم يمشي في بيوته، ويصعد إِلى قصوره وبيده قضيب يشير به إلى الماء، فيجري معه حيثما دار في منازله، ويتبعه حيثما صعد إِلى أعلى قصوره.. ولمّا ذكر ثواب الأبرار، بيَّن صفاتهم الجليلة التي استحقوا بها ذلك الأجر الجزيل فقال {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} أي يوفون بما قطعوه على أنفسهم من نذرٍ في طاعة الله، إِذا نذروا طاعةً فعلوها، قال الطبري: النذرُ كلُّ ما أوجبه الإِنسان على نفسه من فعل، فإِذا نذروا بروا بوفائهم لله، بالنذور التي في طاعة الله، من صلاة، وزكاة، وحج، وصدقة، قال المفسرون: وهذا مبالغة في وصفهم بأداء الواجبات، لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه، كان بما أوجبه الله عليه أوفى {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي ويخافون هول يومِ عظيم كانت أهواله وشدائده - من تفطر السماوات، وتناثر الكواكب، وتطاير الجبال، وغير ذلك من الأهوال - ممتدة منتشرة فاشية، بالغة أقصى حدود الشدة والفزع، قال قتادة: استطار والله شرُّ ذلك اليوم حتى بلغ السماوات والأرض {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي ويطعمون الطعام مع شهوتهم له، وحاجتهم إِليه {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} أي فقيراً لا يملك من حطام الدنيا شيئاً، ويتيماً مات أبوه وهو صغير، فعدم الناصر والكفيل، وأسيراً من أُسر في الحرب من المشركين، قال الحسن البصري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤتى بالأسير، فيدفعه إِلى بعض المسلمين ويقول له: أحسن إليه فيكون عنده اليومين والثلاثة فيؤثره على نفسه .. نبّه تعالى إِل أن أولئك الأبرار مع حاجتهم إِلى ذلك الطعام، في سدّ جوعتهم وجوعة عيالهم، يطيبون نفساً عنه للبؤساء، ويؤثرونهم به على أنفسهم كقوله تعالى {ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي إنما نحسن إِليكم ابتغاء مرضاة الله وطلب ثوابه {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} أي لا نبتغي من وراء هذا الإِحسان مكافأةً، ولا نقصد الحمد والثناء منكم، قال مجاهد: أما والله ما قالوه بألسنتهم، ولكن علم الله به من قلوبهم، فأثنى عليهم به، ليرغب في ذلك راغب {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} أي إِنما نفعل ذلك رجاء أن يقينا الله هول يومٍ شديد، تعبس فيه الوجوه من فظاعة أمره، وشدة هوله، وهو يومٌ قمطرير أي شديد عصيب {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} أي حماهم الله ودفع عنهم شرَّ ذلك اليوم وشدته {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} أي وأعطاهم نضرةً في الوجه، وسروراً في القلب، والتنكير في {سُرُورًا} للتعظيم والتفخيم {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} أي وأثابهم بسبب صبرهم على مرارة الطاعة والإِيثار بالمال، جنةً واسعة وألبسهم فيها الحرير كما قال تعالى {ولباسهم فيها حرير} .. وفي الآية إِيجازٌ، آخذٌ بأطراف الإِعجاز، فقد أشار تعالى بقوله {جَنَّةً} إلى ما يتمتع به أولئك الأبرار في دار الكرامة من أصناف الفواكه والثمار، والمطاعم والمشارب الهنية، فإِن الجنة لا تسمَّى جنة إِلا وفيها كل أسباب الراحة كما قال تعالى {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين} وأشار بقوله {وَحَرِيرًا} إلى ما يتمتعون به من أنواع الزينة واللباس، التي من أنفسها وأغلاها عند العرب الحرير، فقد جمع لهم أنواع الطعام والشراب واللباس، وهو قُصارى ما تتطلع له نفوس الناس.
سبب النزول:
نزول الآية (8):
{ويطمعون الطعام ..}: أخرج ابن المنذر عن ابن جرير في قوله: {وأسيراً} قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأسر أهل الإسلام، ولكنها نزلت في أسارى أهل الشرك، كانوا يأسرونهم في العذاب، فنزلت فيهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالإصلاح إليهم.
ثم بعد هذا البيان الواضح، بيَّن ما أعدَّه للأبرار والفجار في دار القرار فقال {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلاً وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا} أي هيأنا للكافرين المجرمين قيوداً تشدُّ بها أرجلهم، وأغلالاً تُغلُّ بها أيديهم إلى أعناقهم، وسعيراً أي ناراً موقدة مستعرة يحرقون بها كقوله تعالى {إذِ الأغلال في أعناقهم والسَّلاسل يسبحون * في الحميم ثمَّ في النار يُسجرون} {إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} أي الذين كانوا في الدنيا أبراراً بطاعتهم الله تعالى، فإِنهم يشربون كأساً من الخمر، ممزوجة بأنفس أنواع الطيب وهو الكافور، قال المفسرون: الكافور طيبٌ معروف يستحضر من أشجار ببلاد الهند والصين، وهو من أنفس أنواع الطيب عند العرب، والمراد أن من شرب تلك الكأس وجدها في طيب رائحتها، وفوحان شذاها كالكافور، قال ابن عباس: الكافور اسم عين ماءٍ في الجنة يقال له عين الكافور تمتزج الكأس بماء هذه العين وتختم بالمسك فتكون ألذَّ شراب، ولهذا قال تعالى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ } أي هذا الكافور يتدفق من عينٍ جارية من عيون الجنة يشرب منها عباد الله الأبرار، وصفهم بالعبودية تكريماً لهم وتشريفاً بإِضافتهم إِليه تعالى {عِبَادُ اللَّهِ} والمراد بهم المؤمنون المتقون {يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} أي يجرونها حيث شاؤوا من الدور والقصور، قال الصاوي: المراد أنها سهلة لا تمتنع عليهم، ورد أن الرجل منهم يمشي في بيوته، ويصعد إِلى قصوره وبيده قضيب يشير به إلى الماء، فيجري معه حيثما دار في منازله، ويتبعه حيثما صعد إِلى أعلى قصوره.. ولمّا ذكر ثواب الأبرار، بيَّن صفاتهم الجليلة التي استحقوا بها ذلك الأجر الجزيل فقال {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} أي يوفون بما قطعوه على أنفسهم من نذرٍ في طاعة الله، إِذا نذروا طاعةً فعلوها، قال الطبري: النذرُ كلُّ ما أوجبه الإِنسان على نفسه من فعل، فإِذا نذروا بروا بوفائهم لله، بالنذور التي في طاعة الله، من صلاة، وزكاة، وحج، وصدقة، قال المفسرون: وهذا مبالغة في وصفهم بأداء الواجبات، لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه، كان بما أوجبه الله عليه أوفى {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي ويخافون هول يومِ عظيم كانت أهواله وشدائده - من تفطر السماوات، وتناثر الكواكب، وتطاير الجبال، وغير ذلك من الأهوال - ممتدة منتشرة فاشية، بالغة أقصى حدود الشدة والفزع، قال قتادة: استطار والله شرُّ ذلك اليوم حتى بلغ السماوات والأرض {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي ويطعمون الطعام مع شهوتهم له، وحاجتهم إِليه {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} أي فقيراً لا يملك من حطام الدنيا شيئاً، ويتيماً مات أبوه وهو صغير، فعدم الناصر والكفيل، وأسيراً من أُسر في الحرب من المشركين، قال الحسن البصري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤتى بالأسير، فيدفعه إِلى بعض المسلمين ويقول له: أحسن إليه فيكون عنده اليومين والثلاثة فيؤثره على نفسه .. نبّه تعالى إِل أن أولئك الأبرار مع حاجتهم إِلى ذلك الطعام، في سدّ جوعتهم وجوعة عيالهم، يطيبون نفساً عنه للبؤساء، ويؤثرونهم به على أنفسهم كقوله تعالى {ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي إنما نحسن إِليكم ابتغاء مرضاة الله وطلب ثوابه {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} أي لا نبتغي من وراء هذا الإِحسان مكافأةً، ولا نقصد الحمد والثناء منكم، قال مجاهد: أما والله ما قالوه بألسنتهم، ولكن علم الله به من قلوبهم، فأثنى عليهم به، ليرغب في ذلك راغب {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} أي إِنما نفعل ذلك رجاء أن يقينا الله هول يومٍ شديد، تعبس فيه الوجوه من فظاعة أمره، وشدة هوله، وهو يومٌ قمطرير أي شديد عصيب {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} أي حماهم الله ودفع عنهم شرَّ ذلك اليوم وشدته {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} أي وأعطاهم نضرةً في الوجه، وسروراً في القلب، والتنكير في {سُرُورًا} للتعظيم والتفخيم {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} أي وأثابهم بسبب صبرهم على مرارة الطاعة والإِيثار بالمال، جنةً واسعة وألبسهم فيها الحرير كما قال تعالى {ولباسهم فيها حرير} .. وفي الآية إِيجازٌ، آخذٌ بأطراف الإِعجاز، فقد أشار تعالى بقوله {جَنَّةً} إلى ما يتمتع به أولئك الأبرار في دار الكرامة من أصناف الفواكه والثمار، والمطاعم والمشارب الهنية، فإِن الجنة لا تسمَّى جنة إِلا وفيها كل أسباب الراحة كما قال تعالى {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين} وأشار بقوله {وَحَرِيرًا} إلى ما يتمتعون به من أنواع الزينة واللباس، التي من أنفسها وأغلاها عند العرب الحرير، فقد جمع لهم أنواع الطعام والشراب واللباس، وهو قُصارى ما تتطلع له نفوس الناس.