- 27 أغسطس 2005
- 11,537
- 84
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
-بسم الله-
عبد الرحمن العشماوي
أقبل الصَّوْمُ، ليت أُمِّي الحبيبَهْ
مِنْ مَدَى قُبْلَةِ الجبينِ قَريبَهْ
ليت أمِّي مكانَها كلَّ عامٍِ
تتلقَّى شهر الهُدَى مُستجيبَهْ
ليتها في مكانها كلَّ عامٍ
تـتلقَّى شروقَه وغروبَهْ
تتلقَّى منَّا التَّهانيَ جَذْلَى
بدموعٍ من الجفونِ صَبيبَهْ
متن...
أحمد شوقي
الصوم حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع ، لكل فريضة حكمة وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة يستثير الشفقة ويحض على الصدقة ، يكسر الكبر ويعلم الصبر ويسن خلال البر ، حتى إذا جاع من ألف الشبع وحرم المترف أسباب المنع ، عرف الحرمان كيف يقع وكيف ألمه إذا لذع .
رمضان في عيون الشعراء
كتب ساري الزهراني
منذ أن أمر الله تعالى عباده بصيام شهر رمضان , والشعراء يتفننون في نظم الأبيات وترتيل القصائد , احتفاء به , وسرورًا بمقدمه. مخلدين بذلك الشعر فضائل هذا الشهر الكريم , وسلوك صائميه, باعتباره شهر رحمة وغفران وعتق من النار , شهر أضحى في العادة شهر خير.. ونصر.. وكرم .. وجود.. وبذل عطاء. صحيح أن الشعراء في عصر النبوة لم يحفلوا بهذا الشهر في أشعارهم , لاعتبارات وأسباب ليس هنا محل ذكر حيثياتها وتفاصيلها, كما مهمة هذه الوقفة لن تتعدى سوى تسطير ما كتبه الأدباء عامة والشعراء خاصة عن هذا الشهر وفيه.
وإذا كان الشعر هو اللسان الأطول في خوض تفاصيل هذا الشهر الكريم باعتباره- فيما سلف ديوان العرب - فإننا نلحظ بجلاء أن الشعراء لم يتركوا شيئا عن هذا الشهر إلا وكانت أبياتهم وقصائدهم تتبارى في ذكر محاسنه وفضائله بدءا بالتهنئة ,وانتهاء بمباركة قيامه وصيامه والتحذير من المحرمات , بل تعدى الأمر إلى وصف أنواع الحلوى ..وفانوسي رمضان .
يقول الشاعر واصفا مقدم هذا الشهر :
قلت والناس يرقبون هلالا
يشبه الصب من نحافة جسمه
من يكن صائما فذا رمضان
خط بالنور للورى أول اسمـه
وهذا هو الشاعر العربي يجمع في بيتين فضائل هذا الشهر؛ من صيام وقيام, وخير كثير, وترتيل وتحميد وتسبيح؛ فالنفس في حراك دائم تارة بالقول وتارة الفعل .. ومرة باللسان ومرة بالجنان :
جاء الصـيام فجاء الخير أجمعه
ترتيل ذكر وتحميد وتسبيحُ
فالنفس تدأب في قول وفي عمل
صوم النهار وبالليل التراويحُ
وإذا كانت فضائل رمضان لا تنقطع, وخيراته لا تنجلي فقد سجل الشعر ذلك كله على مر العصور الإسلامية قال أحدهم:
أدِم الصيام مع القيام تعبدا
فكلاهما عملان مقبولان
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم
إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتي المنية بغتة
فتساق من فرس إلى أكفان
يا حبذا عينان في غسق الدجى
من خشية الرحمن باكيتان
ولاشك أن المسلم تعتوره لحظات جمة من الفرح الكبير, وتغمره روحانيات هذا الشهر, فها هو الشاعر الكبير محمد حسن فقي يصف حال المسلمين فيقول:
قالوا بأنك قادم فـتهللت
بالبشر أوجهنا وبالخيلاءِ
لِمَ لا نتيه مع الهيام ونزدهي
بجلال أيام ووحي سـماءِ
وهاهو الشاعر محمود حسن إسماعيل يرسم لوحة جميلة كجمال هذا الشهر بأبيات في قمة البلاغة:
أضيفٌ أنت حلَّ على الأنامِ
وأقسم أن يُحَيّا بالصيامِ
قطعت الدهر أنواراً وفيّـاً
يعود مزاره في كل عـامِ
نسخت شعائر الضيفان لمّا
قنعت من الضيافة بالمقـامِ
بأن الجود حرمان وزهـد
أعزُّ من الشَّراب أو الطعامِ
***
ولرمضان معالم خاصة, حيث تتجه النفوس والقلوب إلى ربها عابدة مستغفرة راجية عفو ربها بكل سكينة وخشوع .. وهي تخضع لأوامر الله وامتثالا لطاعته , قال الشاعر:
قال جوعوا نهاركم فأطاعـوا
خشعا ، يلهجون بالشكران
إن أيامك الثلاثين تمضــي
كلذيذ الأحلام للوسنـــان
كلما سرني قدومك أشــجا
ني نذير الفراق والهجـران
وستأتي بعد النوى ثـم تأتي
يا ترى هل لنا لقاء ثـان؟
ويرسم الشاعر أحمد سالم باعطب لنا بالكلمات صور الأنفس التقية التي تبادر إلى الخشوع وطلب المغفرة وهي ملأى بالدموع راجية رحمة الله :
رمضان بالحسنات كفك تزخرُ
والكون في لألاء حسنك مبحرُ
أقبلت رُحمى فالسماء مشاعل
والأرض فجرٌ من جبينك مسفرُ
هتفت لمقدمك النفوس وأسرعت
من حوبـهـا بدموعها تستغفرُ
ولا يغفل الشعر ما للقيام من الأجر والثواب, وغسل الذنوب والخطايا, قال أحدهم:
فيه التراويح الـمضيئة مسبحٌ
للـقلب للإيمان يعـمر مرفقا
ساعاته عمر الزمان، مليئة
بالذكر حيث العمر عاد محلقا
وإذا كان الله تعالى قد أمرنا بالصيام عن الأكل والشرب وبعض المتع.. فإن الشعراء وقفوا داعين المسلمين للصوم عن الكثير من المحرمات من غيبة ونميمة, وحول هذا المعنى يقول الشاعر الأندلسي:
إذا لم يكن في السمع مني تصامم
وفي مقلتي غض، وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما
وإن قلت : إني صمت يوما فما صمت
ولا يبعد الشاعر أحمد شوقي عن هذا المعنى حين ما يقول :
يا مديم الصوم في الشهر الكريم
صم عن الغيبة يوما والنمـيم
ولا شك أن الصائم يعاني من بعض المشاق في نهار رمضان لعل أشدها الجوع وأثره في رائحة الفم التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أطيب من رائحة المسك, يقول محمد حسن فقي:
وعلى فمي طعم أحس بأنـه
من طعم تلك الجنة الخـضراءِ
لا طعم دنيانا فليس بوسعهـا
تقديم هذا الطعم للخـلفـاءِ
ما ذقت قط ولا شعرت بمثله
ألا أكون به من السـعـداءِ
وتمر أيام شهر رمضان سراعا كأن لم تكن وينتقل المسلمون من صيام مفروض كواجب تعبدي إلى مودع لذلك الشهر, وقد كسب من كسب وجنى من جنى من الأجر والثواب وحرم من حرم من ذلك كله .. وهذا ما يعبر عنه الشاعر:
أي شهر قد تولى
يا عباد الله عنا
حق أن نبكي عليه
بدماء لو عقلنا
كيف لا نبكي لشهر
مرَّ بالغفلة عنا
ثم لا نعلم أنّا
قد قُبلنا أم حُرمنا
ليت شعري من هو
المحروم والمطرود منا
عبد الرحمن العشماوي
أقبل الصَّوْمُ، ليت أُمِّي الحبيبَهْ
مِنْ مَدَى قُبْلَةِ الجبينِ قَريبَهْ
ليت أمِّي مكانَها كلَّ عامٍِ
تتلقَّى شهر الهُدَى مُستجيبَهْ
ليتها في مكانها كلَّ عامٍ
تـتلقَّى شروقَه وغروبَهْ
تتلقَّى منَّا التَّهانيَ جَذْلَى
بدموعٍ من الجفونِ صَبيبَهْ
متن...
أحمد شوقي
الصوم حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع ، لكل فريضة حكمة وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة يستثير الشفقة ويحض على الصدقة ، يكسر الكبر ويعلم الصبر ويسن خلال البر ، حتى إذا جاع من ألف الشبع وحرم المترف أسباب المنع ، عرف الحرمان كيف يقع وكيف ألمه إذا لذع .
رمضان في عيون الشعراء
كتب ساري الزهراني
منذ أن أمر الله تعالى عباده بصيام شهر رمضان , والشعراء يتفننون في نظم الأبيات وترتيل القصائد , احتفاء به , وسرورًا بمقدمه. مخلدين بذلك الشعر فضائل هذا الشهر الكريم , وسلوك صائميه, باعتباره شهر رحمة وغفران وعتق من النار , شهر أضحى في العادة شهر خير.. ونصر.. وكرم .. وجود.. وبذل عطاء. صحيح أن الشعراء في عصر النبوة لم يحفلوا بهذا الشهر في أشعارهم , لاعتبارات وأسباب ليس هنا محل ذكر حيثياتها وتفاصيلها, كما مهمة هذه الوقفة لن تتعدى سوى تسطير ما كتبه الأدباء عامة والشعراء خاصة عن هذا الشهر وفيه.
وإذا كان الشعر هو اللسان الأطول في خوض تفاصيل هذا الشهر الكريم باعتباره- فيما سلف ديوان العرب - فإننا نلحظ بجلاء أن الشعراء لم يتركوا شيئا عن هذا الشهر إلا وكانت أبياتهم وقصائدهم تتبارى في ذكر محاسنه وفضائله بدءا بالتهنئة ,وانتهاء بمباركة قيامه وصيامه والتحذير من المحرمات , بل تعدى الأمر إلى وصف أنواع الحلوى ..وفانوسي رمضان .
يقول الشاعر واصفا مقدم هذا الشهر :
قلت والناس يرقبون هلالا
يشبه الصب من نحافة جسمه
من يكن صائما فذا رمضان
خط بالنور للورى أول اسمـه
وهذا هو الشاعر العربي يجمع في بيتين فضائل هذا الشهر؛ من صيام وقيام, وخير كثير, وترتيل وتحميد وتسبيح؛ فالنفس في حراك دائم تارة بالقول وتارة الفعل .. ومرة باللسان ومرة بالجنان :
جاء الصـيام فجاء الخير أجمعه
ترتيل ذكر وتحميد وتسبيحُ
فالنفس تدأب في قول وفي عمل
صوم النهار وبالليل التراويحُ
وإذا كانت فضائل رمضان لا تنقطع, وخيراته لا تنجلي فقد سجل الشعر ذلك كله على مر العصور الإسلامية قال أحدهم:
أدِم الصيام مع القيام تعبدا
فكلاهما عملان مقبولان
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم
إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتي المنية بغتة
فتساق من فرس إلى أكفان
يا حبذا عينان في غسق الدجى
من خشية الرحمن باكيتان
ولاشك أن المسلم تعتوره لحظات جمة من الفرح الكبير, وتغمره روحانيات هذا الشهر, فها هو الشاعر الكبير محمد حسن فقي يصف حال المسلمين فيقول:
قالوا بأنك قادم فـتهللت
بالبشر أوجهنا وبالخيلاءِ
لِمَ لا نتيه مع الهيام ونزدهي
بجلال أيام ووحي سـماءِ
وهاهو الشاعر محمود حسن إسماعيل يرسم لوحة جميلة كجمال هذا الشهر بأبيات في قمة البلاغة:
أضيفٌ أنت حلَّ على الأنامِ
وأقسم أن يُحَيّا بالصيامِ
قطعت الدهر أنواراً وفيّـاً
يعود مزاره في كل عـامِ
نسخت شعائر الضيفان لمّا
قنعت من الضيافة بالمقـامِ
بأن الجود حرمان وزهـد
أعزُّ من الشَّراب أو الطعامِ
***
ولرمضان معالم خاصة, حيث تتجه النفوس والقلوب إلى ربها عابدة مستغفرة راجية عفو ربها بكل سكينة وخشوع .. وهي تخضع لأوامر الله وامتثالا لطاعته , قال الشاعر:
قال جوعوا نهاركم فأطاعـوا
خشعا ، يلهجون بالشكران
إن أيامك الثلاثين تمضــي
كلذيذ الأحلام للوسنـــان
كلما سرني قدومك أشــجا
ني نذير الفراق والهجـران
وستأتي بعد النوى ثـم تأتي
يا ترى هل لنا لقاء ثـان؟
ويرسم الشاعر أحمد سالم باعطب لنا بالكلمات صور الأنفس التقية التي تبادر إلى الخشوع وطلب المغفرة وهي ملأى بالدموع راجية رحمة الله :
رمضان بالحسنات كفك تزخرُ
والكون في لألاء حسنك مبحرُ
أقبلت رُحمى فالسماء مشاعل
والأرض فجرٌ من جبينك مسفرُ
هتفت لمقدمك النفوس وأسرعت
من حوبـهـا بدموعها تستغفرُ
ولا يغفل الشعر ما للقيام من الأجر والثواب, وغسل الذنوب والخطايا, قال أحدهم:
فيه التراويح الـمضيئة مسبحٌ
للـقلب للإيمان يعـمر مرفقا
ساعاته عمر الزمان، مليئة
بالذكر حيث العمر عاد محلقا
وإذا كان الله تعالى قد أمرنا بالصيام عن الأكل والشرب وبعض المتع.. فإن الشعراء وقفوا داعين المسلمين للصوم عن الكثير من المحرمات من غيبة ونميمة, وحول هذا المعنى يقول الشاعر الأندلسي:
إذا لم يكن في السمع مني تصامم
وفي مقلتي غض، وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما
وإن قلت : إني صمت يوما فما صمت
ولا يبعد الشاعر أحمد شوقي عن هذا المعنى حين ما يقول :
يا مديم الصوم في الشهر الكريم
صم عن الغيبة يوما والنمـيم
ولا شك أن الصائم يعاني من بعض المشاق في نهار رمضان لعل أشدها الجوع وأثره في رائحة الفم التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أطيب من رائحة المسك, يقول محمد حسن فقي:
وعلى فمي طعم أحس بأنـه
من طعم تلك الجنة الخـضراءِ
لا طعم دنيانا فليس بوسعهـا
تقديم هذا الطعم للخـلفـاءِ
ما ذقت قط ولا شعرت بمثله
ألا أكون به من السـعـداءِ
وتمر أيام شهر رمضان سراعا كأن لم تكن وينتقل المسلمون من صيام مفروض كواجب تعبدي إلى مودع لذلك الشهر, وقد كسب من كسب وجنى من جنى من الأجر والثواب وحرم من حرم من ذلك كله .. وهذا ما يعبر عنه الشاعر:
أي شهر قد تولى
يا عباد الله عنا
حق أن نبكي عليه
بدماء لو عقلنا
كيف لا نبكي لشهر
مرَّ بالغفلة عنا
ثم لا نعلم أنّا
قد قُبلنا أم حُرمنا
ليت شعري من هو
المحروم والمطرود منا