- 27 أغسطس 2005
- 11,537
- 84
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
(بسم الل)
العلامات والأمارا ت التى يعرف بها الحديث الموضوع .
ذكر علامات وامارات يعرف بها الحديث الموضوع بعضها ترجع إلي السند والأخرى إلي المتن .
للحديث الموضوع علامات يعرف بها ، نص عليها الأئمة بعضها ترجع إلي السند والأخرى إلي المتن .
أولا : ما يتعلق بالسند :
( ا ) : إقرار واضع الحديث بوضعه .
قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح – رحمه الله – في " مقدمته " ( ص 131، مع التقيد والإيضاح ) : "و إنما يعرف كون الحديث موضوعا باقرار واضعه ،أو ما يتنزل منزلة الإقرار" .
قلت : وقد استشكل الشيخ ابن دقيق العيد طريقة الإقرار بالوضع ، بجواز أن يكون المقر كاذباً في إقراره وعليه فلا يمكن الجزم بالوضع يقينا .
فقال في الاقتراح : " هذا كاف في رده ، لكن ليس بقاطع في كونه موضوعا ، لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه "
وقد فهم ابنُ الجزري رحمه الله من كلام ابن دقيق أنه لا يُعمل بالإقرار بالوضع ، فقال في منظومته المسماة (( بالهداية في علوم الرواية )) (ص56)
و يعرف الموضوعُ لا بأن يُقرّ ** بل من نبى ٍ الله سِـر
ولكن تعقبه ألحا فظ ابن حجر في (( شرح نخبة الفكر )) (ص78) :
مبينا مرادَ ابن دقيق العيد بقوله : " وقد فِهمَ من بعضهم انه لا يعمل بذلك الإقرار أصلاً وليس مراده ، وإنما نفى القطع بذلك ، ولا يلزم من نفى القطع نفى الحكم لأن الحكم يقع بالظن الغالب، وهو هنا كذلك ، ولولا ذلك لما ساغ قتل المقر بالقتل ، ولا رجٌم المعترف بالزنا لاحتمال أن يكونا كاذبين فيما اعترفا به " .
قلت : ومثال من حكم حفاظ الحديث على حديثه بالوضع ، لإقراره على نفسه بذلك :
(أ)– عمر بن صبح .
قال البخاري في (( التاريخ الأوسط )) :
( حدثني يحيى الأشكرى ، عن على بن جابر ، قال : سمعت عمر بن صبح يقول أنا وضعت خطبه النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ا هـ . [ من تهذيب التهذيب (7/1463]
قلت : عمر بن صبح الخراسانى ، قال فيه ابن حبان فى (( المجدوحين )) ، (2/88) : (( كان يضع الحديث على الثقات ، لا يحل كتابه حديثه إلا على جهة التعجب )) اهـ .
وقال فيه الدار قطنى وغيره : ((متروك )) ، وقال الازدى : (( كذاب)) ، وقال الذهبي : (( ليس بثقة ولا مأمون)) .
(ب)– محمد بن السائب الكلبي .
أخرج ابن حبان في (( المجروحين )) ( ج 2 ص 254 ) :
بإسناده عن سفيان الثوري ، قال : (( قال لي الكلبي : ما سمعته منى عن أبى صالح عن ابن عباس فهو كذب ))
(ج) – ميسره ابن عبد ربه :
روى ابن حبان في (( الضعفاء )) ، (1/64) ، عن ابن مهدى ، قال :
(( قلت لميسره ابن عبد ربه : من أين جئت بهذه الأحاديث [ من قرأ كذا فله كذا ؟ ] قال : وضعتها أرغب الناس فيها )) .
قلت : وميسره هذا ، قال فيه أبو زرعه: (( وضع في فضل قزوين أربعين حديثه ، وكان يقول : إني احتسب ذلك )) ، وقال أبو داود : (( أقر بوضع الحديث )) ، وقال البخاري : (( يُرمى بالكذب )) . انظر (( الميزان )) ( (4/230) .
· (2) ما يتنزل منزله الأقرار بالوضع .
وأما قول الشيخ أبى عمرو ابن الصلاح : (( أو ما يتنزل منزله إقراره )) .
فوضحه العرقي بقوله :
(( هو كأن يحدث بحديث عن شيخ ، ثم يسأل عن مولده ، فيذكر تاريخاً يٌعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ، ولا يوجد ذلك الحديث إلا عنده ، فهنا لم يعترف بوضعه ، ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزله إقراره بالوضع ، لأن ذلك الحديث لا يٌعرف إلا عند ذلك الشيخ ، ولا يٌعرف إلا برواية هذا الذي حدث به )) . انظر (( التقييد والإيضاح )9 ( ص 132 ) .
وتعقبه تلميذه ابنٌ حجر في هذا المثال معترضاًً بقوله :
(( الاحتمال يجري فيه ، فيجوز أن يكذب في تاريخ مولده ، بل يجوز أن يغلط والأولى أن يمثل لذلك بما رواه البيهقى في المدخل بسنده الصحيح انهم اختلفوا بحضور احمد ابن عبد الله ا لجويبارى في سماع الحسن من أبى هريرة رضى الله عنه ، فروى لهم حديثاُ بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم . قال : سمع الحسن من أبى هريرة رضى الله عنه )) . انظر (( النكت على ابن الصلاح )) ( ج 2 ص 842 ) .
قال أبو عبد الله رضا الأقصرى في (( إرشاد الخليل )) ( ص 18 ):
(( فهذا لم يعترف بوضعه ، لكن صنعه له في الحال ، ليرجح أحد القولين ، مع أن المستقر في الأذهان أن الحسن البصري لم يولد إلا بعد وفاة النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ ، فدل ذلك على كذبه ، ووضعه لهذا الحديث ، وإن لم يعترف هو بهذا ، واله أعلم )) ا هـ .
(3) قرائن حال الراوي .
( ا ) : ما يتعلق بالتاريخ .
كأن يروى الراوي عن شيخ أو مشايخ ، ويدعى السماع منهم ، أو اللقاء ، فإذا حوقق عن سماعه ، أو لقائه منهم يتبين كذبه لأن هذا الشيخ أو هؤلاء الشيوخ قد ماتوا قبل ادعائه ذلك بدهر .
مثاله : ما ذكره ابن حبان في (( المجروحين ( ج 3 ص 45 ) عن مأمون بن أحمد السلمي في دعواه السماع من هشام بن عمار ، قال ابن حبان : (( قلت له يوماّ : متى دخلت الشام ؟ فقال سنه خمسين ومائتين ، فقلت: فإن هشام بن عمار الذي نروى عنه مات فى سنه خمس و أربعين ومائتين – فقال هذا هشام بن عمار آخر )) .
مثال أخر : سهيل بن ذكوان أبو السندى :
قال الذهبي – رحمه الله – في (( الميزان )) . ( 2 /242) :
(( سهيل بن ذكوان – عن عائشة ، وزعم إنها كانت سوداء ، فكذبه يحيى ابن معين ))
وقال عباد بن العوام : قلت لسهيل بن ذكوان : أرأيت عائشة ؟ قال : نعم ، قلت : صفها لي قال : كانت إدماء ، قال عباد : كنا نتهمه بالكذب ، قد كانت عائشة بيضاء شقراء )) ا هـ .
وفى (( اللسان )) (3 / 142 ) : وقال ابن المدينى : حدثنا محمد بن الحسن الواسطى ، عن سهيل بن ذكوان ، قال : (( لقيت عائشة بواسط )) ، ا هـ .
وهكذا يكون الكذب ، فقد ماتت عائشة قبل أن يخطط الحجاج مدينة واسط بدهر ، ا هـ
( ب ) : أن يدعى سماع شيخ فيروى عنه حديثا ، أو أحاديثه فيسال هذا الشيخ عن ذلك ، فينفى ذلك جزماُ .
ومثاله :
قال عبد الله بن أحمد : (( قلت لأبى : ابن الحمانى حًدَّثَ عنك بحديث إسحاق الأزرق [أبردوا بالصلاة ] ، قال : كذب ما حدثته به ، قلت : حكوا عنه انه سمعه منك في المذاكرة على باب إسماعيل ، فقال : كذب ، إنما سمعه من إسحاق بعد ذلك ، أنا لا اعلم في تلك الأيام أن هذا الحديث غريب ، أى وقت التقينا على باب إسماعيل ؟ إنما كنا نتذاكر الفقه ؟ والأبواب
(ج ) : أن يلزق الراوي بشيخه أحاديث ليست من حديثه .
ومثاله :
محمد بن عبد الله بن القاسم ، أبو الحسين النحوي الرازى ، الملقب ب (( جراب الكذب )) ففي (( اللسان )) ، ( 5 / 229 – 230 ) :
(( قال الشيرازى في (( الألقاب )) : سمعت محمد بن عبد الواحد الخزاعى ، يقول : سمعت منه ، وكان يقعد بالري في زاوية تعرف ب (( زاوية الكذب )) فحدثنا في تلك البقعة في يوم جمعة ، فقال : حدثنا أبو حاتم ، قال : حدثنا شاذان ، وعفان ، وعارم ، وقالوا : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن انس رضى الله عنه – رفعه ، قال : يؤزن مداد العلماء ، ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على مداد الشهداء ، فعرضناه على شيخنا أبى على بن عبد الرحيم ، فقال : كذب ، فلم يكن عند أبى حاتم عن شاذان شئ ، ولكن قولوا : حدثنا جراب الكذاب ، في زاوية الكذب ، بحديث كذب )) هـ
( د ) : ومنها ما يتعلق بملابسات تحيط بظروف الرواية .
كما فعل سعد بن طريف الإسكاف عندما جاء ابنه يبكى من ضرب المعلم إياه فقال سعد : أما والله لاخزينهم ، حدثني عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((معلمو صبيانكم شراركم ، أقلهم رحمة ليتيم ، و اغلظهم على مسكين )).انظر((الفؤائد المجموعة )) ( ص 176 ) .
(ه) : ومنها أن تدل واقعة الرواية على التزلف للحكام ، ويكون الراوي معروفا بذلك.
كما فعل غياث بن إبراهيم فى إقحامه ما يتعلق بالحمام بين يدى المهدى ، وهو يطير الحمام فقال للمهدى بإسناده عن النبى صلى الله عليه وسلم : (( لا سبق الا فى نصلٍ أو خفٍ أو حافرٍ أو جناح )
فأقحم على الحديث قوله : (( او جناح )) ليدخل حمام المهدى فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم . انظر القصة بتمامها فى (( الموضوعات )) ( 1 / 42 – 3 / 188 ) .
( و ): ومنها ان يكون فى إسناد الحديث من قال فيه أئمة الجرح والتعديل : ( كذاب ) او( وضاع ) او ( دجال ) او ( يضع ) او ( من معادن الكذب ) او ( اليه المنتهى فى الكذب ) .
ومثال هؤلاء : عبد الكريم بن أبى العوجاء ،بيان بن سمعان النهدى ، محمد بن سعيد المصلوب ، غياث بن إبراهيم النخعى ، أحمد بن عبد الله الجويبارى ، مقاتل بن سليمان البلخى ، أبو عصمة نوح بن أبى مريم و غيرهم .
ثانيا : ما يتعلق بالمتن .
وقبل الخوض فى العلامات التى ذكرها اهل العلم كى يعرف بها الحديث الموضوع دون النظر فى سنده ، فلنقف وقفة نسال فيها انفسنا السؤال التالى : هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير ان ينظر فى سنده ؟ يجيبنا على هذا السؤال الامام ابن القيم – رحمه الله – فى (( المنار المنيف)) ( ص 25 – 26 ) قائلا :
(( فهذا سؤال عظيم القدر ، وانما يعلم ذلك من تضلع فى معرفة السنن الصحيحة ، واختلطت بلحمه ودمه ، وصار له فيها ملكة ، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والأثارومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه ، فيما يأمر به وينهى عنه ، ويخبر عنه ويدعو اليه ، ويحبه ويكرهه ، ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحد من اصحابه .
فمثل هذا : يعرف من احوال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وكلامه , وما يجوز ان يخبر به ومالا يجوز : ما لا يعرفه غيره . وهذا شأن كل متبع مع متبوعه ، فان للاخص به الحريص على تتبع اقواله ، وافعاله من العلم بها والتمييز بين ما يصح ان ينسب اليه ومالا يصح : ما ليس لمن لا يكون كذلك )) هـ .
وقال ابن دقيق العيد : (( كثيرا ًما يحكمون بالوضع بإعتبار امورٍ ترجع الى المروى ، والفاظ الحديث . وحاصله يرجع الى انه حصلت لهم لكثرة محاولة الفاظ النبى صلى الله عليه وسلم هيئة نفسانية ، وملكة قوية ، وعرفوا بها ما يجوز ان يكون من الفاظ النبوة ومالا يجوز ))
وقال ابن الجوزى : (( الحديث المنكر يقشعر منه جلد طالب العلم ، وينفر منه قلبه ))
وقال البلقينى – رحمه الله – فى (( محاسن الاصطلاح )) ( ص 215 ) :
(( وشاهد هذا أن انسانا" لو خدم انسانا سنين ، وعرف ما يحب ، وما يكره ، فادعى انسان انه كان يكره شيئاً يعلم ذلك انه يحبه ، فبمجرد سماعه يبادر الى تكذيبه )) .
وقال الحا فظ ابن حجر – رحمه الله – فى (( نزهة الناظر)) ( ص 118 / الحلبى ) :
(( وانما يقوم بذلك منهم من يكون اطلاعه تاما ، وذهنه ثاقبأً، وفهمه قوياً ، ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة )) هـ .
قال الإمام ابو عمرو ابن الصلاح – رحمه الله – فى مقدمته ، ( ص 47 ) : (( وقد يفهمون الوضع من قرينه حال الراوى ، او المروى ، فقد وضعت احاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة الفاظها ، ومعانيها ...... )) 1هـ .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – كما فى (( تدريب الراوى )) للسيوطى ، 0 1 / 276 ) : (( المدار فى الركة على ركة المعنى ، فحيثما وجدت دل على الوضع ، وان لم ينضم اليه ركة اللفظ ، لان هذا الدين كله محاسن ، والركة ترجع الى الرداءة ، وأما ركة اللفظ ، فلا تدل على ذلك ، لاحتمال ان يكون رواه بالمعنى فغير الفاظه بغير فصيح ، نعم ان صرح بانه لفظ النبى صلى الله عليه وسلم فكاذب ......)) اهـ .
فائدة : قال السخاوى فى (( فتح المغيث )) قال ابن دقيق العيد : قولهم (( فلان روى المناكير )) لا يقتضى بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير فى روايته وينتهى الى ان يقال فيه منكر الحديث ، لان منكر الحديث وصف فى الرجل يستحق به الترك بحديثه )) اهـ .
قال شيخنا : ابو محمد الالفى : حفظه الله : فى (( طوق الحمامة فى التداوى بالحجامة( ص 104 ) : (( ولعلك تدرك بشئ من حسن التأمل ، ولطافة الإدراك ، ان ثمة تناقضٍ واضح بين الزائف الدخيل والصحيح البين الصحة ، قما خرج من مشكاة النبوة ، فله نورا ًاجلى من ضوء الشمس فى وضح النهار ، وعليه رونق الهيبة والجلال ، فلقد أوتى صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم ، واختصر له الكلام اختصارا ، إذ هو ( وحى يوحى * علمه شديد القوى ) ، وإنه ( الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) وما كان عن كذب وافتعال ، وتخرص ٍ وافتراء، وتخليطٍ لا يصدر مثله عن مشكاة البيان والفصاحة ، (( الذى لا ينطق عن الهوى )) فلا يخفى على النقاد والعارفين من ائمة الشأن وجهابذته )) اهـ .
ولله در العلامة محمد على آدم الإثيوبى المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة ، حيث يقول فى منظومته (( تذكر الطالبين ببيان الوضع واصناف الوضاعين )) :
الحمد لله الذى قد يسرا** لحفظ دينه حماة كبرا
فقد نفو تحريف غال ٍ قد بغى ** وأبطلوا انتحال مبطل طغى
ورثة الرسل عليهم السلام ** كما به جاء الحديث بالتمام
فهم عن الارض يذيلون العمى ** دلائل الهدى كنجم فى السما
ولله دار القائل :
اهل الحديث هم اهل النبى وصحبه *** وان لم يصحبوا نفسه انفاسه صحبوا
* العلامات والقرائن التى يعرض بها الحديث الموضوع دون النظر الى سنده *
اولاً : مخالفة الحديث للأحاديث الصحاح ، مخالفة صريحة " بحيث يتعذر الجمع او الترجيح بينهما من كل وجه ، ولا يثبت النسخ .
قال ابن القيم فى بيان قرائن المروى : فى (( نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول )) (( ومنها مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصحيحة مناقضة بينة ، فكل حديث يشتمل على فساد ، او ظلم او عبث ن او مدح باطل او ذم حق ، او نحو ذلك فرسول الله - صلى الله عليه وسلم – منه برئ ، ومن هذا الباب احاديث مدح من اسمه محمد ، او أحمد ، وان كل من يسمى بهذه الأسماء ، ولا يدخل النار وهذا مناقض لما هو معلوم من دينه – صلى الله عليه وعلى اله وسلم – ان النار لا يجارمنها بالاسماء والالقاب ، وانما النجاة منها بالإيمان ، والاعمال الصالحة ))
قلت : وقد اكثر من استعمال هذه الطريقة الإمام ابو عبد الله الحسين بن ابراهيم الجورقانى ، قال فى كتابه (( الاباطيل )) ( 1 / 139 ) :
(( كل حديث يكون بخلاف السنة فهو متروك وقائله مهجور .....)) اهـ .
قال ابو عبد الله رضا الاقصرى : فى (( ارشاد الخليل )) ( ص 35 ) :
وهو منهج لا يخلو من نظر ، لذا اعترض عليه ، وتعرض له الحافظ ابن حجر – رحمه الله – فقال فى ( الاصابة ) ( 1 / 500 ) :
(( وقد اكثر الجوزقانى فى كتابه المذكور من الحكم ببطلان احاديث لمعارضة احاديث صحيحة لها مع امكان الجمع ، وهو عمل مردود ...... )) اهـ .
ثانيا : مناقضة الحديث للعقل الصريح او الحس والمشاهدة .
** ومثال ما ناقض العقل :
(( ما تدفع العقول صحته بموضوعها ، والادلة المنصوصة فيها نحو الاخبار عن قدم الاجسام ، وما اشبه ذلك )) انظر " النكت على ابن الصلاح " الحافظ ابن حجر ( جـ 2 ص 845 ) .
قال ابو بكر ابن الطيب الباقلانى – رحمه الله – كما فى (( تدريب الراوى ))،(1/246) :
(( أن يكون مخالفاً للعقل ، بحيث لا يقبل التأويل ، ويلتحق به ما يدفعه الحس ، والمشاهدة ، وان يكون منافياًًً لدلالة الكتاب القطعية ، او السنة المتواترة،او الإجماع القطعى ، أما المعارضة مع إمكان الجمع فلا ، ومنها ما يصرح بتكذيب رواة جمع المتواتر، أو يكون خبراً عن أمر جسيم تتوفر الدواعى على نقله لمحضر الجمع ثم لا ينقله منهم إلا واحد ، ومنها الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير ، أو الوعد العظيم على الفعل الحقير )) . ا هـ
وقال ابن الجوزى – رحمه الله – كما فى (( تدريب الراوى )) (1/276-277)
((ما احسن قول القائل : وإذا رأيت الحديث يباين المعقول ، أو يخالف المنقول ، أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع ، ومعنى مناقضته للأصول، أن يكون خارجاً عن دواوين الإسلام من المسانيد ، والكتب المشهورة )) . ا هـ
وقال البيهقى – رحمه الله - : (( فمن جاء بحديث لا يوجد عند جمعهم لم نقبله منه )) . اهـ
وقال السيوطى – رحمه الله - :
(( وأما الآن . فالعمدة على الكتب المدونة ، فمن جاء بحديث غير موجود فيها ، فهو رد عليه ، وإن كان من أتقى المتقين ، وإن كان فيها لم يتصور الرد وإن كان من أفسق الفاسقين )) . اهـ
** ومثال ما ناقض الحس :
(( الباذنجان شفاءً لكل داء )) ، قال ابن القيم (( قبح الله واضعه ، فإن هذا لو قاله بعضٌ جهلة االأطباء لسخر الناسٌ منه ، ولو اكل الباذنجان للحمى والسوداء الغالبة ، وكثير من الأمراض ، لم يزدها إلا شدةًً ، ولو أكله فقيرٌ ليستغنى لم يفده غنى ، او جاهل ليتعلم لم يفده علم ))
** ومثال ما ناقض العقل والحس معاً :
(( إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعاً ، وصلت عند المقامٍ ركعتين ))انظر (( الموضوعات)) لإبن الجوزى (جـ 1 ص 100 ).
ثالثاً : ركاكة اللفظ .
أخرج الخطيب بإسناده عن الربيع بن خثيم في (( الكفاية )) (ص431) قال : (( إن من الحديث حديثاً له ضوء كضوء النهار نعرفه ، وإن من الحديث حديثاً له ظلمة كظلمة الليل ننكره )) .
والمرادُ بالركةَّ التى تدل على وضع الحديث : ((الضعف عن قوة فصاحته صلى الله عليه وسلم في اللفظ والمعنى معاًً )) انظر (( فتح المغيث)) ( جـ1 صـ 314 ).
وكان ابن الصلاح رحمه الله قد قرر فى المقدمة أنه : (( وضعت أحاديث يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها )) .
وقال الحافظ ابن حجرفى (( نكته )) على المقدمة ( جـ3 ص844) .
(( اعترض عليه بأن ركاكة اللفظ لا تدل على الوضع حيث جوزت الرواية بالمعنى . نعم ، إن صرح الراوي بأن هذا صيغة لفظ الحديث ، وكانت تخل بالفصاحة أو لا وجه لها في الإعراب ، دل على ذلك . والذي يظهر أن المؤلف لم يقصد أن ركاكة اللفظ وحده تدلُ كما تدلُ ركاكة المعنى ، بل ظاهر كلامه أن الذي يدل هو مجموع الأمرين : ركاكة اللفظ وركاكة المعنى معاً . لكن يرد عليه أنه ربما كان اللفظ فصيحاً والمعنى ركيكاً ، إلا أن ذلك يندرُ وجودهُ ، ولا يدل بمجرده على الوضع بخلاق اجتماعهما تبعا للقاضي أبى بكر الباقلانى )) .
وقال أيضاً ابن حجر العسقلانى . كما فى ((تدريب الراوي ) للسيوطى(1/276):
(( المدار في الركة على ركة المعنى ، فحيثما وجدت دل على الوضع ، وإن لم ينضم إليه ركة اللفظ لأن هذا الدين كله محاسن ، و الركة ترجع إلى الرداءة ، وأما ركة اللفظ ، فلا تدل على ذلك ، لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى فغير ألفاظه بغير فصيح ، نعم ، إن صرح بأنه لفظ النبى صلى الله عليه وسلم فكاذب ....)) اهـ .
والمراد بالركه فى المعنى : (( أن يكون مخالفأً للعقل ضرورة أو استدلالاً ، ولا يقبل تأويلاً بحال ، نحو الإخبار عن الجمع بين الضدين ، وعن نفى الصانع ، وقدم الأجسام ، وما أشبه ذلك ، لأنه لا يجوز أن يرد الشرعٌ بما ينافى مقتضى العقل )) . انظر فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للسخاوى ( جـ 1 صـ 315 ) .
رابعاً : أن يكون الحديث يشبه كلام الأطباء .
كحديث (( كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الدود )) .
رواه ابن عدى عن ابن عباس مرفوعاًً وفى إسناده عصمة بن محمد وهو كذاب .
وكحديث : (( الذي شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلة الولد ، فأمره أن يأكل البيض والبصل )) .
رواه ابن حبان عن ابن عمر مرفوعاًً وقال : موضوع بلا شك .
خامساً : أن يدعى على النبي صلى الله عليه وسلم انه فعل أمرًا ظاهراً بمحضر من الصحابة كلهم ، وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه .
كما يزعم أكذب الطوائف ( الرافضة ) : أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد على ابن أبى طالب رضى الله عنه بمحضر الصحابة كلهم ، وهم راجعون من حجه الوداع ، فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع ثم قال : هذا وصيي ، وأخي ، والخليفة من بعدى ، فاسمعوا له ، وأطيعوا ، ثم اتفق الكل على كتمان ذلك ، وتغييره ، ومخالفته – فلعنه الله على الكاذبين .
سادساً أن يشتمل الحديث على مجازفات فى الوعد والوعيد من أجل أفعال صغيرة.
كحديث : (( من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أُعطى ثواب سبعين نبياً )) ، قال ابن القيم عقبه . (( وكان هذا الكذاب الخبيث لم يعلم أن غير النبي لو صلى عمر نوح عليه السلام ، لم يُعط ثواب نبي واحدٍ ) .
سابعاً : سماجة الحديث ، وكونه مما يسخر منه :
كحديث : (( لو كان الأرز رجلاً لكان حليماً ، ما أكله جائع إلا أشبعه )) .
وكحديث : (( من أكل فولة بقشرها أخرج الله منه الداء مثلها )) .
ثامناً : مخالفه الحديث للثابت من التاريخ :
مثاله : ما ذكره الذهبي فى (( ميزان الاعتدال)) (جـ2 صـ 2439 ) :
((أن سهيل بن ذكوان أبا السندى ، قال : لقيت عائشة بواسط )) وفى التعليق عليه : وكذا يكون الكذبُ ، فقد ماتت عائشة قبل ان يخط الحجاج مدينه واسط بدهر .
تاسعاً : ومنها ان يروى المبتدع الداعي إلى بدعته حديثاً فى تأييدها .
كأحاديث خلق القرآن والإرجاء والقدر وغيرها . ومنهم أصحاب الأهواء والآراء التى لا دليل عليها من الكتاب والسنة ، وضعو أحاديث نصرة لأهوائهم وآرائهم ، كالخطابية ، والرافضة، وغيرها .
قال عبدالله بن يزيد المقرىء : (( ان رجلا ً من أهل البدع رجع عن بدعته ، فجعل يقول .انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه ! فإنا كنا إذا رأينا رأيا ً جعلنا له حديثا ً )) .
وقال حماد بن سلمة : (( أخبرنى شيخ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع الحديث )) .
عاشراً : أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه .
مثل هذا الحديث : (( إن الأرض على صخره ، والصخره على قرن ثور ، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة، فتحركت الأرض وهى الزلزلة )) . ا هـ .
وكحديث (( وضع الجزية عن أهل خيبر )) وهو حديث باطل موضوع ، وقد بين ابن القيم – رحمه الله – بطلانه من عشرة اوجه . أكتفى منها بأربعه فقط .
(1 ) : أن فيه شهادة سعد بن معاذ ، وسعد توفى قبل ذلك فى غزوه الخندق .
(2 ) : أن فيه( و كتب معاوية بن أبى سفيان) ، هكذا ، ومعاوية إنما اسلم زمن الفتح .
(3) : أن فيه ( وضع عنهم الكلف والسخر) ، . ولم يكن فى زمنه كلف ولا سخر ولا مكوس .
(4) : أن الجزيه لم تكن نزلت حينئذ ، ولا يعرفها الصحابة ، ولا العرب ، وإنما نزلت فى عام تبوك .
انظر( المنار المنيف ) (ص52 ).
حادى عشر : أن يكون الحديث باطلاً فى نفسه ن فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم .
كحديث : (( المجرة التى فى السماء من عرق الأفعى التى تحت العرش )) .
مقتبس من مقدمة كتابى (( تنبيه الأنام لكذب وبطلان كثير مما أشتهر على ألسنة العوام )) .
وكتبه / أبو الأشبال ناصر الهوارى السكندرى
العلامات والأمارا ت التى يعرف بها الحديث الموضوع .
ذكر علامات وامارات يعرف بها الحديث الموضوع بعضها ترجع إلي السند والأخرى إلي المتن .
للحديث الموضوع علامات يعرف بها ، نص عليها الأئمة بعضها ترجع إلي السند والأخرى إلي المتن .
أولا : ما يتعلق بالسند :
( ا ) : إقرار واضع الحديث بوضعه .
قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح – رحمه الله – في " مقدمته " ( ص 131، مع التقيد والإيضاح ) : "و إنما يعرف كون الحديث موضوعا باقرار واضعه ،أو ما يتنزل منزلة الإقرار" .
قلت : وقد استشكل الشيخ ابن دقيق العيد طريقة الإقرار بالوضع ، بجواز أن يكون المقر كاذباً في إقراره وعليه فلا يمكن الجزم بالوضع يقينا .
فقال في الاقتراح : " هذا كاف في رده ، لكن ليس بقاطع في كونه موضوعا ، لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه "
وقد فهم ابنُ الجزري رحمه الله من كلام ابن دقيق أنه لا يُعمل بالإقرار بالوضع ، فقال في منظومته المسماة (( بالهداية في علوم الرواية )) (ص56)
و يعرف الموضوعُ لا بأن يُقرّ ** بل من نبى ٍ الله سِـر
ولكن تعقبه ألحا فظ ابن حجر في (( شرح نخبة الفكر )) (ص78) :
مبينا مرادَ ابن دقيق العيد بقوله : " وقد فِهمَ من بعضهم انه لا يعمل بذلك الإقرار أصلاً وليس مراده ، وإنما نفى القطع بذلك ، ولا يلزم من نفى القطع نفى الحكم لأن الحكم يقع بالظن الغالب، وهو هنا كذلك ، ولولا ذلك لما ساغ قتل المقر بالقتل ، ولا رجٌم المعترف بالزنا لاحتمال أن يكونا كاذبين فيما اعترفا به " .
قلت : ومثال من حكم حفاظ الحديث على حديثه بالوضع ، لإقراره على نفسه بذلك :
(أ)– عمر بن صبح .
قال البخاري في (( التاريخ الأوسط )) :
( حدثني يحيى الأشكرى ، عن على بن جابر ، قال : سمعت عمر بن صبح يقول أنا وضعت خطبه النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ا هـ . [ من تهذيب التهذيب (7/1463]
قلت : عمر بن صبح الخراسانى ، قال فيه ابن حبان فى (( المجدوحين )) ، (2/88) : (( كان يضع الحديث على الثقات ، لا يحل كتابه حديثه إلا على جهة التعجب )) اهـ .
وقال فيه الدار قطنى وغيره : ((متروك )) ، وقال الازدى : (( كذاب)) ، وقال الذهبي : (( ليس بثقة ولا مأمون)) .
(ب)– محمد بن السائب الكلبي .
أخرج ابن حبان في (( المجروحين )) ( ج 2 ص 254 ) :
بإسناده عن سفيان الثوري ، قال : (( قال لي الكلبي : ما سمعته منى عن أبى صالح عن ابن عباس فهو كذب ))
(ج) – ميسره ابن عبد ربه :
روى ابن حبان في (( الضعفاء )) ، (1/64) ، عن ابن مهدى ، قال :
(( قلت لميسره ابن عبد ربه : من أين جئت بهذه الأحاديث [ من قرأ كذا فله كذا ؟ ] قال : وضعتها أرغب الناس فيها )) .
قلت : وميسره هذا ، قال فيه أبو زرعه: (( وضع في فضل قزوين أربعين حديثه ، وكان يقول : إني احتسب ذلك )) ، وقال أبو داود : (( أقر بوضع الحديث )) ، وقال البخاري : (( يُرمى بالكذب )) . انظر (( الميزان )) ( (4/230) .
· (2) ما يتنزل منزله الأقرار بالوضع .
وأما قول الشيخ أبى عمرو ابن الصلاح : (( أو ما يتنزل منزله إقراره )) .
فوضحه العرقي بقوله :
(( هو كأن يحدث بحديث عن شيخ ، ثم يسأل عن مولده ، فيذكر تاريخاً يٌعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ، ولا يوجد ذلك الحديث إلا عنده ، فهنا لم يعترف بوضعه ، ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزله إقراره بالوضع ، لأن ذلك الحديث لا يٌعرف إلا عند ذلك الشيخ ، ولا يٌعرف إلا برواية هذا الذي حدث به )) . انظر (( التقييد والإيضاح )9 ( ص 132 ) .
وتعقبه تلميذه ابنٌ حجر في هذا المثال معترضاًً بقوله :
(( الاحتمال يجري فيه ، فيجوز أن يكذب في تاريخ مولده ، بل يجوز أن يغلط والأولى أن يمثل لذلك بما رواه البيهقى في المدخل بسنده الصحيح انهم اختلفوا بحضور احمد ابن عبد الله ا لجويبارى في سماع الحسن من أبى هريرة رضى الله عنه ، فروى لهم حديثاُ بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم . قال : سمع الحسن من أبى هريرة رضى الله عنه )) . انظر (( النكت على ابن الصلاح )) ( ج 2 ص 842 ) .
قال أبو عبد الله رضا الأقصرى في (( إرشاد الخليل )) ( ص 18 ):
(( فهذا لم يعترف بوضعه ، لكن صنعه له في الحال ، ليرجح أحد القولين ، مع أن المستقر في الأذهان أن الحسن البصري لم يولد إلا بعد وفاة النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ ، فدل ذلك على كذبه ، ووضعه لهذا الحديث ، وإن لم يعترف هو بهذا ، واله أعلم )) ا هـ .
(3) قرائن حال الراوي .
( ا ) : ما يتعلق بالتاريخ .
كأن يروى الراوي عن شيخ أو مشايخ ، ويدعى السماع منهم ، أو اللقاء ، فإذا حوقق عن سماعه ، أو لقائه منهم يتبين كذبه لأن هذا الشيخ أو هؤلاء الشيوخ قد ماتوا قبل ادعائه ذلك بدهر .
مثاله : ما ذكره ابن حبان في (( المجروحين ( ج 3 ص 45 ) عن مأمون بن أحمد السلمي في دعواه السماع من هشام بن عمار ، قال ابن حبان : (( قلت له يوماّ : متى دخلت الشام ؟ فقال سنه خمسين ومائتين ، فقلت: فإن هشام بن عمار الذي نروى عنه مات فى سنه خمس و أربعين ومائتين – فقال هذا هشام بن عمار آخر )) .
مثال أخر : سهيل بن ذكوان أبو السندى :
قال الذهبي – رحمه الله – في (( الميزان )) . ( 2 /242) :
(( سهيل بن ذكوان – عن عائشة ، وزعم إنها كانت سوداء ، فكذبه يحيى ابن معين ))
وقال عباد بن العوام : قلت لسهيل بن ذكوان : أرأيت عائشة ؟ قال : نعم ، قلت : صفها لي قال : كانت إدماء ، قال عباد : كنا نتهمه بالكذب ، قد كانت عائشة بيضاء شقراء )) ا هـ .
وفى (( اللسان )) (3 / 142 ) : وقال ابن المدينى : حدثنا محمد بن الحسن الواسطى ، عن سهيل بن ذكوان ، قال : (( لقيت عائشة بواسط )) ، ا هـ .
وهكذا يكون الكذب ، فقد ماتت عائشة قبل أن يخطط الحجاج مدينة واسط بدهر ، ا هـ
( ب ) : أن يدعى سماع شيخ فيروى عنه حديثا ، أو أحاديثه فيسال هذا الشيخ عن ذلك ، فينفى ذلك جزماُ .
ومثاله :
قال عبد الله بن أحمد : (( قلت لأبى : ابن الحمانى حًدَّثَ عنك بحديث إسحاق الأزرق [أبردوا بالصلاة ] ، قال : كذب ما حدثته به ، قلت : حكوا عنه انه سمعه منك في المذاكرة على باب إسماعيل ، فقال : كذب ، إنما سمعه من إسحاق بعد ذلك ، أنا لا اعلم في تلك الأيام أن هذا الحديث غريب ، أى وقت التقينا على باب إسماعيل ؟ إنما كنا نتذاكر الفقه ؟ والأبواب
(ج ) : أن يلزق الراوي بشيخه أحاديث ليست من حديثه .
ومثاله :
محمد بن عبد الله بن القاسم ، أبو الحسين النحوي الرازى ، الملقب ب (( جراب الكذب )) ففي (( اللسان )) ، ( 5 / 229 – 230 ) :
(( قال الشيرازى في (( الألقاب )) : سمعت محمد بن عبد الواحد الخزاعى ، يقول : سمعت منه ، وكان يقعد بالري في زاوية تعرف ب (( زاوية الكذب )) فحدثنا في تلك البقعة في يوم جمعة ، فقال : حدثنا أبو حاتم ، قال : حدثنا شاذان ، وعفان ، وعارم ، وقالوا : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن انس رضى الله عنه – رفعه ، قال : يؤزن مداد العلماء ، ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على مداد الشهداء ، فعرضناه على شيخنا أبى على بن عبد الرحيم ، فقال : كذب ، فلم يكن عند أبى حاتم عن شاذان شئ ، ولكن قولوا : حدثنا جراب الكذاب ، في زاوية الكذب ، بحديث كذب )) هـ
( د ) : ومنها ما يتعلق بملابسات تحيط بظروف الرواية .
كما فعل سعد بن طريف الإسكاف عندما جاء ابنه يبكى من ضرب المعلم إياه فقال سعد : أما والله لاخزينهم ، حدثني عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((معلمو صبيانكم شراركم ، أقلهم رحمة ليتيم ، و اغلظهم على مسكين )).انظر((الفؤائد المجموعة )) ( ص 176 ) .
(ه) : ومنها أن تدل واقعة الرواية على التزلف للحكام ، ويكون الراوي معروفا بذلك.
كما فعل غياث بن إبراهيم فى إقحامه ما يتعلق بالحمام بين يدى المهدى ، وهو يطير الحمام فقال للمهدى بإسناده عن النبى صلى الله عليه وسلم : (( لا سبق الا فى نصلٍ أو خفٍ أو حافرٍ أو جناح )
فأقحم على الحديث قوله : (( او جناح )) ليدخل حمام المهدى فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم . انظر القصة بتمامها فى (( الموضوعات )) ( 1 / 42 – 3 / 188 ) .
( و ): ومنها ان يكون فى إسناد الحديث من قال فيه أئمة الجرح والتعديل : ( كذاب ) او( وضاع ) او ( دجال ) او ( يضع ) او ( من معادن الكذب ) او ( اليه المنتهى فى الكذب ) .
ومثال هؤلاء : عبد الكريم بن أبى العوجاء ،بيان بن سمعان النهدى ، محمد بن سعيد المصلوب ، غياث بن إبراهيم النخعى ، أحمد بن عبد الله الجويبارى ، مقاتل بن سليمان البلخى ، أبو عصمة نوح بن أبى مريم و غيرهم .
ثانيا : ما يتعلق بالمتن .
وقبل الخوض فى العلامات التى ذكرها اهل العلم كى يعرف بها الحديث الموضوع دون النظر فى سنده ، فلنقف وقفة نسال فيها انفسنا السؤال التالى : هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير ان ينظر فى سنده ؟ يجيبنا على هذا السؤال الامام ابن القيم – رحمه الله – فى (( المنار المنيف)) ( ص 25 – 26 ) قائلا :
(( فهذا سؤال عظيم القدر ، وانما يعلم ذلك من تضلع فى معرفة السنن الصحيحة ، واختلطت بلحمه ودمه ، وصار له فيها ملكة ، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والأثارومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه ، فيما يأمر به وينهى عنه ، ويخبر عنه ويدعو اليه ، ويحبه ويكرهه ، ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحد من اصحابه .
فمثل هذا : يعرف من احوال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وكلامه , وما يجوز ان يخبر به ومالا يجوز : ما لا يعرفه غيره . وهذا شأن كل متبع مع متبوعه ، فان للاخص به الحريص على تتبع اقواله ، وافعاله من العلم بها والتمييز بين ما يصح ان ينسب اليه ومالا يصح : ما ليس لمن لا يكون كذلك )) هـ .
وقال ابن دقيق العيد : (( كثيرا ًما يحكمون بالوضع بإعتبار امورٍ ترجع الى المروى ، والفاظ الحديث . وحاصله يرجع الى انه حصلت لهم لكثرة محاولة الفاظ النبى صلى الله عليه وسلم هيئة نفسانية ، وملكة قوية ، وعرفوا بها ما يجوز ان يكون من الفاظ النبوة ومالا يجوز ))
وقال ابن الجوزى : (( الحديث المنكر يقشعر منه جلد طالب العلم ، وينفر منه قلبه ))
وقال البلقينى – رحمه الله – فى (( محاسن الاصطلاح )) ( ص 215 ) :
(( وشاهد هذا أن انسانا" لو خدم انسانا سنين ، وعرف ما يحب ، وما يكره ، فادعى انسان انه كان يكره شيئاً يعلم ذلك انه يحبه ، فبمجرد سماعه يبادر الى تكذيبه )) .
وقال الحا فظ ابن حجر – رحمه الله – فى (( نزهة الناظر)) ( ص 118 / الحلبى ) :
(( وانما يقوم بذلك منهم من يكون اطلاعه تاما ، وذهنه ثاقبأً، وفهمه قوياً ، ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة )) هـ .
قال الإمام ابو عمرو ابن الصلاح – رحمه الله – فى مقدمته ، ( ص 47 ) : (( وقد يفهمون الوضع من قرينه حال الراوى ، او المروى ، فقد وضعت احاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة الفاظها ، ومعانيها ...... )) 1هـ .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – كما فى (( تدريب الراوى )) للسيوطى ، 0 1 / 276 ) : (( المدار فى الركة على ركة المعنى ، فحيثما وجدت دل على الوضع ، وان لم ينضم اليه ركة اللفظ ، لان هذا الدين كله محاسن ، والركة ترجع الى الرداءة ، وأما ركة اللفظ ، فلا تدل على ذلك ، لاحتمال ان يكون رواه بالمعنى فغير الفاظه بغير فصيح ، نعم ان صرح بانه لفظ النبى صلى الله عليه وسلم فكاذب ......)) اهـ .
فائدة : قال السخاوى فى (( فتح المغيث )) قال ابن دقيق العيد : قولهم (( فلان روى المناكير )) لا يقتضى بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير فى روايته وينتهى الى ان يقال فيه منكر الحديث ، لان منكر الحديث وصف فى الرجل يستحق به الترك بحديثه )) اهـ .
قال شيخنا : ابو محمد الالفى : حفظه الله : فى (( طوق الحمامة فى التداوى بالحجامة( ص 104 ) : (( ولعلك تدرك بشئ من حسن التأمل ، ولطافة الإدراك ، ان ثمة تناقضٍ واضح بين الزائف الدخيل والصحيح البين الصحة ، قما خرج من مشكاة النبوة ، فله نورا ًاجلى من ضوء الشمس فى وضح النهار ، وعليه رونق الهيبة والجلال ، فلقد أوتى صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم ، واختصر له الكلام اختصارا ، إذ هو ( وحى يوحى * علمه شديد القوى ) ، وإنه ( الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) وما كان عن كذب وافتعال ، وتخرص ٍ وافتراء، وتخليطٍ لا يصدر مثله عن مشكاة البيان والفصاحة ، (( الذى لا ينطق عن الهوى )) فلا يخفى على النقاد والعارفين من ائمة الشأن وجهابذته )) اهـ .
ولله در العلامة محمد على آدم الإثيوبى المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة ، حيث يقول فى منظومته (( تذكر الطالبين ببيان الوضع واصناف الوضاعين )) :
الحمد لله الذى قد يسرا** لحفظ دينه حماة كبرا
فقد نفو تحريف غال ٍ قد بغى ** وأبطلوا انتحال مبطل طغى
ورثة الرسل عليهم السلام ** كما به جاء الحديث بالتمام
فهم عن الارض يذيلون العمى ** دلائل الهدى كنجم فى السما
ولله دار القائل :
اهل الحديث هم اهل النبى وصحبه *** وان لم يصحبوا نفسه انفاسه صحبوا
* العلامات والقرائن التى يعرض بها الحديث الموضوع دون النظر الى سنده *
اولاً : مخالفة الحديث للأحاديث الصحاح ، مخالفة صريحة " بحيث يتعذر الجمع او الترجيح بينهما من كل وجه ، ولا يثبت النسخ .
قال ابن القيم فى بيان قرائن المروى : فى (( نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول )) (( ومنها مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصحيحة مناقضة بينة ، فكل حديث يشتمل على فساد ، او ظلم او عبث ن او مدح باطل او ذم حق ، او نحو ذلك فرسول الله - صلى الله عليه وسلم – منه برئ ، ومن هذا الباب احاديث مدح من اسمه محمد ، او أحمد ، وان كل من يسمى بهذه الأسماء ، ولا يدخل النار وهذا مناقض لما هو معلوم من دينه – صلى الله عليه وعلى اله وسلم – ان النار لا يجارمنها بالاسماء والالقاب ، وانما النجاة منها بالإيمان ، والاعمال الصالحة ))
قلت : وقد اكثر من استعمال هذه الطريقة الإمام ابو عبد الله الحسين بن ابراهيم الجورقانى ، قال فى كتابه (( الاباطيل )) ( 1 / 139 ) :
(( كل حديث يكون بخلاف السنة فهو متروك وقائله مهجور .....)) اهـ .
قال ابو عبد الله رضا الاقصرى : فى (( ارشاد الخليل )) ( ص 35 ) :
وهو منهج لا يخلو من نظر ، لذا اعترض عليه ، وتعرض له الحافظ ابن حجر – رحمه الله – فقال فى ( الاصابة ) ( 1 / 500 ) :
(( وقد اكثر الجوزقانى فى كتابه المذكور من الحكم ببطلان احاديث لمعارضة احاديث صحيحة لها مع امكان الجمع ، وهو عمل مردود ...... )) اهـ .
ثانيا : مناقضة الحديث للعقل الصريح او الحس والمشاهدة .
** ومثال ما ناقض العقل :
(( ما تدفع العقول صحته بموضوعها ، والادلة المنصوصة فيها نحو الاخبار عن قدم الاجسام ، وما اشبه ذلك )) انظر " النكت على ابن الصلاح " الحافظ ابن حجر ( جـ 2 ص 845 ) .
قال ابو بكر ابن الطيب الباقلانى – رحمه الله – كما فى (( تدريب الراوى ))،(1/246) :
(( أن يكون مخالفاً للعقل ، بحيث لا يقبل التأويل ، ويلتحق به ما يدفعه الحس ، والمشاهدة ، وان يكون منافياًًً لدلالة الكتاب القطعية ، او السنة المتواترة،او الإجماع القطعى ، أما المعارضة مع إمكان الجمع فلا ، ومنها ما يصرح بتكذيب رواة جمع المتواتر، أو يكون خبراً عن أمر جسيم تتوفر الدواعى على نقله لمحضر الجمع ثم لا ينقله منهم إلا واحد ، ومنها الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير ، أو الوعد العظيم على الفعل الحقير )) . ا هـ
وقال ابن الجوزى – رحمه الله – كما فى (( تدريب الراوى )) (1/276-277)
((ما احسن قول القائل : وإذا رأيت الحديث يباين المعقول ، أو يخالف المنقول ، أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع ، ومعنى مناقضته للأصول، أن يكون خارجاً عن دواوين الإسلام من المسانيد ، والكتب المشهورة )) . ا هـ
وقال البيهقى – رحمه الله - : (( فمن جاء بحديث لا يوجد عند جمعهم لم نقبله منه )) . اهـ
وقال السيوطى – رحمه الله - :
(( وأما الآن . فالعمدة على الكتب المدونة ، فمن جاء بحديث غير موجود فيها ، فهو رد عليه ، وإن كان من أتقى المتقين ، وإن كان فيها لم يتصور الرد وإن كان من أفسق الفاسقين )) . اهـ
** ومثال ما ناقض الحس :
(( الباذنجان شفاءً لكل داء )) ، قال ابن القيم (( قبح الله واضعه ، فإن هذا لو قاله بعضٌ جهلة االأطباء لسخر الناسٌ منه ، ولو اكل الباذنجان للحمى والسوداء الغالبة ، وكثير من الأمراض ، لم يزدها إلا شدةًً ، ولو أكله فقيرٌ ليستغنى لم يفده غنى ، او جاهل ليتعلم لم يفده علم ))
** ومثال ما ناقض العقل والحس معاً :
(( إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعاً ، وصلت عند المقامٍ ركعتين ))انظر (( الموضوعات)) لإبن الجوزى (جـ 1 ص 100 ).
ثالثاً : ركاكة اللفظ .
أخرج الخطيب بإسناده عن الربيع بن خثيم في (( الكفاية )) (ص431) قال : (( إن من الحديث حديثاً له ضوء كضوء النهار نعرفه ، وإن من الحديث حديثاً له ظلمة كظلمة الليل ننكره )) .
والمرادُ بالركةَّ التى تدل على وضع الحديث : ((الضعف عن قوة فصاحته صلى الله عليه وسلم في اللفظ والمعنى معاًً )) انظر (( فتح المغيث)) ( جـ1 صـ 314 ).
وكان ابن الصلاح رحمه الله قد قرر فى المقدمة أنه : (( وضعت أحاديث يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها )) .
وقال الحافظ ابن حجرفى (( نكته )) على المقدمة ( جـ3 ص844) .
(( اعترض عليه بأن ركاكة اللفظ لا تدل على الوضع حيث جوزت الرواية بالمعنى . نعم ، إن صرح الراوي بأن هذا صيغة لفظ الحديث ، وكانت تخل بالفصاحة أو لا وجه لها في الإعراب ، دل على ذلك . والذي يظهر أن المؤلف لم يقصد أن ركاكة اللفظ وحده تدلُ كما تدلُ ركاكة المعنى ، بل ظاهر كلامه أن الذي يدل هو مجموع الأمرين : ركاكة اللفظ وركاكة المعنى معاً . لكن يرد عليه أنه ربما كان اللفظ فصيحاً والمعنى ركيكاً ، إلا أن ذلك يندرُ وجودهُ ، ولا يدل بمجرده على الوضع بخلاق اجتماعهما تبعا للقاضي أبى بكر الباقلانى )) .
وقال أيضاً ابن حجر العسقلانى . كما فى ((تدريب الراوي ) للسيوطى(1/276):
(( المدار في الركة على ركة المعنى ، فحيثما وجدت دل على الوضع ، وإن لم ينضم إليه ركة اللفظ لأن هذا الدين كله محاسن ، و الركة ترجع إلى الرداءة ، وأما ركة اللفظ ، فلا تدل على ذلك ، لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى فغير ألفاظه بغير فصيح ، نعم ، إن صرح بأنه لفظ النبى صلى الله عليه وسلم فكاذب ....)) اهـ .
والمراد بالركه فى المعنى : (( أن يكون مخالفأً للعقل ضرورة أو استدلالاً ، ولا يقبل تأويلاً بحال ، نحو الإخبار عن الجمع بين الضدين ، وعن نفى الصانع ، وقدم الأجسام ، وما أشبه ذلك ، لأنه لا يجوز أن يرد الشرعٌ بما ينافى مقتضى العقل )) . انظر فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للسخاوى ( جـ 1 صـ 315 ) .
رابعاً : أن يكون الحديث يشبه كلام الأطباء .
كحديث (( كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الدود )) .
رواه ابن عدى عن ابن عباس مرفوعاًً وفى إسناده عصمة بن محمد وهو كذاب .
وكحديث : (( الذي شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلة الولد ، فأمره أن يأكل البيض والبصل )) .
رواه ابن حبان عن ابن عمر مرفوعاًً وقال : موضوع بلا شك .
خامساً : أن يدعى على النبي صلى الله عليه وسلم انه فعل أمرًا ظاهراً بمحضر من الصحابة كلهم ، وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه .
كما يزعم أكذب الطوائف ( الرافضة ) : أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد على ابن أبى طالب رضى الله عنه بمحضر الصحابة كلهم ، وهم راجعون من حجه الوداع ، فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع ثم قال : هذا وصيي ، وأخي ، والخليفة من بعدى ، فاسمعوا له ، وأطيعوا ، ثم اتفق الكل على كتمان ذلك ، وتغييره ، ومخالفته – فلعنه الله على الكاذبين .
سادساً أن يشتمل الحديث على مجازفات فى الوعد والوعيد من أجل أفعال صغيرة.
كحديث : (( من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أُعطى ثواب سبعين نبياً )) ، قال ابن القيم عقبه . (( وكان هذا الكذاب الخبيث لم يعلم أن غير النبي لو صلى عمر نوح عليه السلام ، لم يُعط ثواب نبي واحدٍ ) .
سابعاً : سماجة الحديث ، وكونه مما يسخر منه :
كحديث : (( لو كان الأرز رجلاً لكان حليماً ، ما أكله جائع إلا أشبعه )) .
وكحديث : (( من أكل فولة بقشرها أخرج الله منه الداء مثلها )) .
ثامناً : مخالفه الحديث للثابت من التاريخ :
مثاله : ما ذكره الذهبي فى (( ميزان الاعتدال)) (جـ2 صـ 2439 ) :
((أن سهيل بن ذكوان أبا السندى ، قال : لقيت عائشة بواسط )) وفى التعليق عليه : وكذا يكون الكذبُ ، فقد ماتت عائشة قبل ان يخط الحجاج مدينه واسط بدهر .
تاسعاً : ومنها ان يروى المبتدع الداعي إلى بدعته حديثاً فى تأييدها .
كأحاديث خلق القرآن والإرجاء والقدر وغيرها . ومنهم أصحاب الأهواء والآراء التى لا دليل عليها من الكتاب والسنة ، وضعو أحاديث نصرة لأهوائهم وآرائهم ، كالخطابية ، والرافضة، وغيرها .
قال عبدالله بن يزيد المقرىء : (( ان رجلا ً من أهل البدع رجع عن بدعته ، فجعل يقول .انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه ! فإنا كنا إذا رأينا رأيا ً جعلنا له حديثا ً )) .
وقال حماد بن سلمة : (( أخبرنى شيخ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع الحديث )) .
عاشراً : أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه .
مثل هذا الحديث : (( إن الأرض على صخره ، والصخره على قرن ثور ، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة، فتحركت الأرض وهى الزلزلة )) . ا هـ .
وكحديث (( وضع الجزية عن أهل خيبر )) وهو حديث باطل موضوع ، وقد بين ابن القيم – رحمه الله – بطلانه من عشرة اوجه . أكتفى منها بأربعه فقط .
(1 ) : أن فيه شهادة سعد بن معاذ ، وسعد توفى قبل ذلك فى غزوه الخندق .
(2 ) : أن فيه( و كتب معاوية بن أبى سفيان) ، هكذا ، ومعاوية إنما اسلم زمن الفتح .
(3) : أن فيه ( وضع عنهم الكلف والسخر) ، . ولم يكن فى زمنه كلف ولا سخر ولا مكوس .
(4) : أن الجزيه لم تكن نزلت حينئذ ، ولا يعرفها الصحابة ، ولا العرب ، وإنما نزلت فى عام تبوك .
انظر( المنار المنيف ) (ص52 ).
حادى عشر : أن يكون الحديث باطلاً فى نفسه ن فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم .
كحديث : (( المجرة التى فى السماء من عرق الأفعى التى تحت العرش )) .
مقتبس من مقدمة كتابى (( تنبيه الأنام لكذب وبطلان كثير مما أشتهر على ألسنة العوام )) .
وكتبه / أبو الأشبال ناصر الهوارى السكندرى