رد: دورة رمضان في تفسير آخر أحزاب القرآن
[align=center]
[/align][align=center]
سورة الفجر
{ وَٱلْفَجْرِ }
قوله تعالى: { وَٱلْفَجْرِ } أقسم بالفجر و هو انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم.
{ وَلَيالٍ عَشْرٍ }
أي ليال عشر من ذي الحجة
{ وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ }
الشفع: الاثنان، والوتر: الفرد.
{ وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ }
قوله تعالى: { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } وهذا قسم خامس. وبعد ما أقسم بالليالي العشر على الخصوص، أقسم بالليل على العموم. ومعنى «يسرِي» أي يُسْرَى فيه.
{ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ }
والمعنى: بل في ذلك مَقْنَع لذي حِجر ومعنى { لِّذِى حِجْرٍ } أي لذي لُبّ وعقل
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تنظر يا محمد بعين قلبك، فترى كيف فعل ربك بعاد؟.
{ ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ }
أي لم يخلق مثل هذه القبيلة في البلاد: قوّة وشدّة، وعظم أجساد، وطول قامة
{ وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ }
ثمود: هم قوم صالح. و { جَابُواْ }: قطعوا. ومنه: فلان يجوب البلاد، أي يقطعها.
{ وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ }
أي الجنود والعساكر والجموع والجيوش التي تشدّ ملكه؛ قاله ابن عباس. وقيل: كان يعذب الناس بالأوتاد، ويشدهم بها إلى أن يموتوا؛ تجبراً منه وعُتُوّاً.
{ ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } *
{ فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } *
{ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ }
قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } يعني عاداً وثموداً وفرعون «طَغَوْا» أي تمرّدوا وعَتَوْا وتجاوزوا القدر في الظلم والعُدوان. { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } أي الجَوْر والأذى { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } أي أفرغ عليهم وألقَى؛{ سَوْطَ عَذَابٍ } أي نصِيب عذاب. ويقال: شِدّته؛ لأن السوط كان عندهم نهاية ما يُعَذَّب به.
{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ }
أي يَرْصُد عمل كل إنسان حتى يجازِيه به؛
{ فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ }
* { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ }
قوله تعالى: { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ } يعني الكافر. { إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ } أي امتحنه واختبره بالنعمة. { فَأَكْرَمَهُ } بالمال. { وَنَعَّمَهُ } بما أوسع عليه. { فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } فيفرح بذلك ولا يحمده. { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ } أي امتحنه بالفقر واختبره. { فَقَدَرَ } أي ضيق { عَلَيْهِ رِزْقَهُ } على مقدار البُلْغة. { فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ } أي أولاني هوانا. وهذه صفة الكافر الذي لا يؤمن بالبعث: وإنما الكرامة عنده والهوان بكثرة الحظ في الدنيا وقِلته. فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يكرمه الله بطاعته وتوفيقه، المؤدّي إلى حظ الآخرة، وإن وسَّع عليه في الدنيا حمِده وشكره.
{ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ }
قوله تعالى: { كَلاَّ } ردّ؛ أي ليس الأمر كما يُظَنّ، فليس الغِنى لفضله، ولا الفقر لهوانه،قوله تعالى: { بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } إخبار عن ما كانوا يصنعونه من منع اليتيم الميراث، وأكل ماله إسْرافاً وبِدَاراً أَنْ يَكْبُروا.
{ وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ }
{ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي لا يأمرون أهليهم بإطعام مسكين يجيئهم.
{ وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً } * { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً }
{ وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ } أي ميراث اليتامى. { أَكْلاً لَّمّاً } أي شديداً؛{ وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } أي كثيراً، حلاله وحرامه.
{ كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً }
قوله تعالى: { كَلاَّ } أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. فهو ردّ لانكبابهم على الدنيا، وجمعهم لها، فإن من فعل ذلك يندم يوم تُدَكّ الأرض، ولا ينفع الندم. والدّك: الكسر والدقّ؛ وقد تقدّم. أي زلزلت الأرض، وحُرِّكت تحريكاً بعد تحريك.
{ وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً }
{ وجاء ربك } اعلم أن هذه الآية من آيات الصفات التي سكت عنها وعن مثلها عامة السلف وبعض الخلف، فلم يتكلموا فيها وأجروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تأويل، وقالوا يلزمنا الإيمان بها وأجراؤها على ظاهرها،{ وَجَآءَ رَبُّكَ } يعني: لفصل القضاء بين خلقه،{ والملك صفاً صفاً } أي تنزل ملائكة كل سماء صفاً صفاً على حدة، فيصطفون صفاً بعد صف، محدقين بالجن والإنس،
{ وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ }
{ وجيء يومئذ } يعني يوم القيامة { بجهنم } قال ابن مسعود: في هذه الآية تقاد جهنم بسبعين ألف زمام، كل زمام بيد سبعين ألف ملك، لها تغيط وزفير { يومئذ } يعني يوم يجاء بجهنم { يتذكر الإنسان } أي يتعظ الكافر ويتوب. { وأنى له الذكرى } يعني أنه يظهر التوبة، ومن أين له التوبة.
{ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } *
{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } *
{ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ }
{ يقول يا ليتني قدمت لحياتي } أي قدمت الخير، والعمل الصالح لحياتي في الآخرة التي لا موت فيها. { فيومئذ لا يعذب عذابه أحد } أي لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله الكافر يومئذ. { ولا يوثق وثاقه أحد } يعني لا يبلغ أحد من الخلق كبلاغ الله في العذاب، والوثاق هو الأسر في السلاسل، والأغلال،
{ يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ }
أي المثبتة على الإيمان، والإيقان، المصدقة بما قال الله تعالى، الموقنة التي قد أيقنت بالله تعالى، وبأن الله ربها، وخضعت لأمره، وطاعته، وقيل المطمئنة المؤمنة، الموقنة، وقيل هي الراضية بقضاء الله، وقيل هي الآمنة من عذاب الله، وقيل هي المطمئنة بذكر الله؛
{ ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } * { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي }
وقال أبو صالح في قوله: { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } ، قال: هذا عند خروجها من الدنيا, فإذا كان يوم القيامة قيل: { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي * وَٱدْخُلِي جَنَّتِي }.[/align]
[align=center]
[/align]