- 27 أغسطس 2005
- 11,537
- 84
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
(بسم الل)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
::
هذه زاوية أسبوعية للشيخ عائض القرني تنشر كل جمعة في ملحق الرسالة بجريدة المدينة وسأوافيكم بمحتوياتها كل أسبوع إن شاء الله
من القـائل ؟
إعداد: د. عائض القرني
إِنَّما الدُنيا أَبو دُلَفٍ بَينَ مَغزاهُ وَمُحتَضَرِه
فَــإِذا وَلّى أَبـــو دُلَفٍ وَلَّتِ الدُنيــا عَلى أَثَرِه
أ.د. ظافر بن علي القرني
كلية الهندسة – جامعة الملك سعود، الرياض
ج: وصلني هذا السؤال على البريد الإلكتروني من الأستاذ الدكتور الأديب الشاعر ظافر بن علي القرني ولأنه من هذا الأديب البارع والشاعر المشهور فسوف أُفرده وحده بالإجابة، إجابة قرين لقرينه وزميل لزميله لا إجابة أستاذ لتلميذ ولا شيخ لطالب، وهو –حفظه الله- أشبه بقول أبي تمام:
وَتَراهُ يُصغي لِلحَديثِ بِسَمعِهِ
وَبِقَلبِـهِ وَلَعَـلَّـهُ أَدرى بِـهِ
وقول أبي الطيب:
مَلِكٌ مُنشِدُ القَريضِ لَدَيهِ
واضِعُ الثَوبِ في يَدَي بَزّازِ
أما البيتان المسئول عنهما فهما للشاعر الأعجوبة علي بن جبلة العُكَوَّك من قصيدة مدح بها الأمير أبا دُلُف فخلع قلبه وأصابته هذه القصيدة بنشوةٍ عارمة كادت تؤدي به إلى جلطة؛ لينقل بعدها إلى العناية المركزة! والقصيدة من حرِّ الكلام ودرِّ اللفظ وجوهر المعاني وأرقى النظم لمن عنده ذائقة جمالية وموهبة شاعرية، وقد حاول عدة من الشعراء معارضتها ولكن هيهات، وللأسف أن المأمون الخليفة العباسي أصابته غيرة قاتلة من هذه القصيدة العامرة الذائعة في أحد ولاته فاحتال حتى قتل الشاعر وقد ذكرتُ القصة في كتابي (قصائد قتلت أصحابها)، يقول العُكَوَّك في أول القصيدة:
ذادَ وِردَ الغَيِّ عَن صَدَرِهْ
وَارعَوى وَاللَهوُ مِن وَطَرِهْ
ثم أخذ يتدفق كأنه السيل الزاحف والريح الصرصر بمعانٍ مبتكرة ومدائح معتبرة وأوصاف محبَّرة، وإشراقات معطَّرة في كتب مسطَّرة وصحف منشَّرة، يقول فيها:
دَع جَـدا قَـحطانَ أَو مُضَرٍ في يَمـانيـهِ وَفي مُـضَـرِه
وَاِمتَــــدِح مِـن وائِـلٍ رَجُـلاً عَصَـرُ الآفـاقِ مـِن عَصَرِه
كُلُّ مَن في الأَرضِ مِن عَـرَبٍ بَيـنَ بـاديهِ إِلى حَـضــَـرِه
مُستَعـيـرٌ مِنـكَ مَـكرُمَـــــــةً يَكتَسيـها يـَومَ مُـفتَخَـرِه
وهي طويلة رائعة آسرة ساحرة فلما انتهى واستفاق أبو دُلُف من سكرة خمر المديح واستيقظ من صدمة هذا السحر الحلال، صاح لسان الحال: أصبحنا وأصبح الملك لله، وأعطى الشاعر على كل بيت مائة ألف درهم، وقد أسهب صاحب الأغاني في ترجمته للشاعر وذكره الذهبي في السِّيَر وقال: شعره كله نُخب وله ديوان مطبوع، ومن شعره الفريد في حُميد الطوسي:
لَولا حُمَيــــدٌ لَم يَكـــُن حَسَبٌ يُعَدُّ وَلا نَسَب
يا واحِدَ العَرَبِ الَّذي عَـزَّت بِعِزَّتِهِ العَرَب
ولما مات حُميد الطوسي رثاه بقصيدة منها :
أُصِبنا بِيَومٍ في حمَيدٍ لَوَ انَّهُ
أَصابَ عُروش الدَهرِ ظَلَّت تَضَعضَعُ
وَأَدَّبنا ما أَدَّبَ الناسَ قَبلَنا
وَلـكِنَّهُ لَـم يَبقَ لِلصَبـرِ مَوضِعُ
ومن جمالياته قوله:
بِأَبي مَن زارَني مُكتتِمـا
حَذِراً مِن كُلِّ واشٍ جَزِعا
رَكِبَ الأَهوالَ في زَورَتِهِ
ثُمَّ ما سَلَّـمَ حَتّى وَدَّعـا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
::
هذه زاوية أسبوعية للشيخ عائض القرني تنشر كل جمعة في ملحق الرسالة بجريدة المدينة وسأوافيكم بمحتوياتها كل أسبوع إن شاء الله
من القـائل ؟
إعداد: د. عائض القرني
إِنَّما الدُنيا أَبو دُلَفٍ بَينَ مَغزاهُ وَمُحتَضَرِه
فَــإِذا وَلّى أَبـــو دُلَفٍ وَلَّتِ الدُنيــا عَلى أَثَرِه
أ.د. ظافر بن علي القرني
كلية الهندسة – جامعة الملك سعود، الرياض
ج: وصلني هذا السؤال على البريد الإلكتروني من الأستاذ الدكتور الأديب الشاعر ظافر بن علي القرني ولأنه من هذا الأديب البارع والشاعر المشهور فسوف أُفرده وحده بالإجابة، إجابة قرين لقرينه وزميل لزميله لا إجابة أستاذ لتلميذ ولا شيخ لطالب، وهو –حفظه الله- أشبه بقول أبي تمام:
وَتَراهُ يُصغي لِلحَديثِ بِسَمعِهِ
وَبِقَلبِـهِ وَلَعَـلَّـهُ أَدرى بِـهِ
وقول أبي الطيب:
مَلِكٌ مُنشِدُ القَريضِ لَدَيهِ
واضِعُ الثَوبِ في يَدَي بَزّازِ
أما البيتان المسئول عنهما فهما للشاعر الأعجوبة علي بن جبلة العُكَوَّك من قصيدة مدح بها الأمير أبا دُلُف فخلع قلبه وأصابته هذه القصيدة بنشوةٍ عارمة كادت تؤدي به إلى جلطة؛ لينقل بعدها إلى العناية المركزة! والقصيدة من حرِّ الكلام ودرِّ اللفظ وجوهر المعاني وأرقى النظم لمن عنده ذائقة جمالية وموهبة شاعرية، وقد حاول عدة من الشعراء معارضتها ولكن هيهات، وللأسف أن المأمون الخليفة العباسي أصابته غيرة قاتلة من هذه القصيدة العامرة الذائعة في أحد ولاته فاحتال حتى قتل الشاعر وقد ذكرتُ القصة في كتابي (قصائد قتلت أصحابها)، يقول العُكَوَّك في أول القصيدة:
ذادَ وِردَ الغَيِّ عَن صَدَرِهْ
وَارعَوى وَاللَهوُ مِن وَطَرِهْ
ثم أخذ يتدفق كأنه السيل الزاحف والريح الصرصر بمعانٍ مبتكرة ومدائح معتبرة وأوصاف محبَّرة، وإشراقات معطَّرة في كتب مسطَّرة وصحف منشَّرة، يقول فيها:
دَع جَـدا قَـحطانَ أَو مُضَرٍ في يَمـانيـهِ وَفي مُـضَـرِه
وَاِمتَــــدِح مِـن وائِـلٍ رَجُـلاً عَصَـرُ الآفـاقِ مـِن عَصَرِه
كُلُّ مَن في الأَرضِ مِن عَـرَبٍ بَيـنَ بـاديهِ إِلى حَـضــَـرِه
مُستَعـيـرٌ مِنـكَ مَـكرُمَـــــــةً يَكتَسيـها يـَومَ مُـفتَخَـرِه
وهي طويلة رائعة آسرة ساحرة فلما انتهى واستفاق أبو دُلُف من سكرة خمر المديح واستيقظ من صدمة هذا السحر الحلال، صاح لسان الحال: أصبحنا وأصبح الملك لله، وأعطى الشاعر على كل بيت مائة ألف درهم، وقد أسهب صاحب الأغاني في ترجمته للشاعر وذكره الذهبي في السِّيَر وقال: شعره كله نُخب وله ديوان مطبوع، ومن شعره الفريد في حُميد الطوسي:
لَولا حُمَيــــدٌ لَم يَكـــُن حَسَبٌ يُعَدُّ وَلا نَسَب
يا واحِدَ العَرَبِ الَّذي عَـزَّت بِعِزَّتِهِ العَرَب
ولما مات حُميد الطوسي رثاه بقصيدة منها :
أُصِبنا بِيَومٍ في حمَيدٍ لَوَ انَّهُ
أَصابَ عُروش الدَهرِ ظَلَّت تَضَعضَعُ
وَأَدَّبنا ما أَدَّبَ الناسَ قَبلَنا
وَلـكِنَّهُ لَـم يَبقَ لِلصَبـرِ مَوضِعُ
ومن جمالياته قوله:
بِأَبي مَن زارَني مُكتتِمـا
حَذِراً مِن كُلِّ واشٍ جَزِعا
رَكِبَ الأَهوالَ في زَورَتِهِ
ثُمَّ ما سَلَّـمَ حَتّى وَدَّعـا