إعلانات المنتدى


أثر القراءات على علم التفسير

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة التاسعة والتسعون

{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَلَمَآآتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ }


قال السمين الحلبى فى الدر المصون:


قوله: { لَمَآ آتَيْتُكُم } العامةُ: " لَما " بفتح اللام وتخفيف الميم، وحمزةُ وحده على كسر اللام، وسعيد بن جبير والحسن: لَمَّا بالفتح والتشديد.


فأمَّا قراءة العامة ففيها خمسة أوجه:

أحدُها:
أن تكون " ما " موصولةً بمعنى الذي وهي مفعولةٌ بفعل محذوف، وذلك الفعلُ هو جوابُ القسم، والتقدير: والله لَتُبَلِّغُنَّ ما آتيناكم من كتابٍ، قال هذا القائل: لأنَّ لام القسم إنما تقع على الفعل، فلما دَلَّت هذه اللامُ على الفعل حُذِف، ثم قال تعالى: " ثم جاءكم رسول وهو محمد صلى الله عليه سلم " قال: " وعلى هذا التقدير يستقيم النظم ". قلت: " وهذا الوجه لا ينبغي أن يجوزَ البتة، إذ يمتنع أن تقولَ في نظيرِه من الكلام: " واللهِ لزيداً " تريد: والله لتضرِبَنَّ زيداً.

الوجه الثاني:
ـ وهو قول أبي عليّ وغيره ـ أن تكونَ اللامُ في " لَما " جوابَ قوله: { مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } لأنه جارٍ مَجْرَى القسم، فهي لامُ الابتداء المُتَلَقَّى بها القسمُ، و " ما " مبتدأةٌ موصولة و " آتيناكم " صلتُها، والعائد محذوف تقديره: آتيناكموه، فَحُذِفَ لاستكمال شروطه، و " من كتاب " حال: إمَّا من الموصول وإمَّا من عائده، وقوله: { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ } عطفٌ على الصلة، وحينئذ فلا بُدَّ من رابطٍ يربطُ هذه الجملةَ بما قبلَها فإنَّ المعطوفَ على الصلة صلةٌ، واختلفوا في ذلك: فذهب بعضهم إلى أنه محذوفٌ تقديره: " ثم جاءكم رسول به " فَحُذِف " به " لطول الكلام ولدلالة المعنى عليه، وهذا لا يجوزُ؛ لأنه متى جُرَّ العائدُ لم يُحْذَفْ إلا بشروطٍ تقدَّمت، هي مفقودةٌ هنا، وزعم هؤلاء أن هذا مذهب سيبويه، وفيه ما قد عرفته، ومنهم مَنْ قال: الربطُ حصل هنا بالظاهر، لأن هذا الظاهر وهو قوله: " لِما معكم " صادقٌ على قوله: " لِما آتيناكم " فهو نظير: " أبو سعيد الذي رَوَيْتُ عن الخِدْريّ، والحَجَّاج الذي رأيتُ ابنُ يوسف " ، وقال:
1348ـ فيا رَبَّ ليلى أَنْتَ في كلِّ موطن وأنت الذي في رحمةِ اللهِ أَطْمَعُ
يريدون: عنه ورأيته وفي رحمته، وقد وَقَع ذلك في المبتدأ والخبر نحو قوله تعالى:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً }
[الكهف: 30] وهذا رأي أبي الحسن وتقدَّم فيه بحث. ومنهم مَنْ قال: إنَّ العائدَ يكون ضميرَ الاستقرارِ العامل في " مع " ، و " لتؤمِنُنَّ به " جوابُ قسمٍ مقدرٍ، وهذا القسمُ المقدَّرُ وجوابهُ خبرٌ للمبتدأ الذي هو " لَما آتيتكم " ، والهاء في به تعود على المبتدأ ولا تعودُ على " رسول " ، لئلا يلزَمَ خُلُوُّ الجملةِ/ الواقعةِ خبراً من رابطٍ يَرْبِطُها بالمبتدأ.

الثالث
: كما تقدم إلا أن اللام في " لما " لامُ التوطئة، لأنَّ أَخْذَ الميثاق في معنى الاستحلاف، وفي " لتؤمِنُنَّ به " لامٌ جوابِ القسم، هذا كلام الزمخشري ثم قال: " وما " تحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط، و " لتؤمِنُنَّ " سادٌّ مسدَّ جوابِ القسم والشرط جميعاً، وأن تكون بمعنى " الذي ". وهذا الذي قاله فيه نظرٌ من حيث إنَّ لام التوطئة إنما تكون مع أدوات الشرط، وتأتي غالباً مع " إنْ " ، أما مع الموصول فلا، فلو جَوَّز في اللام أن تكون موطئةً وأن تكونَ للابتداء، ثم ذكر في " ما " الوجهين لحَمَلْنَا كلَّ واحد على ما يليق به.

الرابع:
أن اللامَ هي الموطئة و " ما " بعدَها شرطيةٌ، ومحلها النصب على المفعول به بالفعل الذي بعدها وهو " آتيتكم " ، وهذا الفعلُ مستقبلٌ معنًى لكونِه في حَيِّز الشرط، ومَحلُّه الجزم والتقدير: والله لأَيَّ شيء آتيتُكم مِنْ كذا وكذا لتكونن كذا.


وقوله: { مِّن كِتَابٍ } كقوله:
{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ }
[البقرة: 106] وقد تقدَّم تقريرُه. وقوله: { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ } عطفٌ على الفعلِ قبلَه فيلزُم أَنْ يكون فيه رابطٌ يربطُه بما عُطِف عليه. و " لتؤمِنُنَّ " جوابٌ لقوله: { أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } ، وجوابُ الشرط محذوفٌ سَدَّ جوابُ القسم مَسَدَّه، والضميرُ في " به " عائدٌ على " رسول " ، كذا قال الشيخ، وفيه نظر لأنه عَوْدُه على اسمِ الشرط، ويَسْتَغني حينئذ عن تقديره رابطاً، وهذا كما تقدَّم في الوجهِ الثاني، ونظيرهُ هذا من الكلام أن تقول: " أَحْلِفُ باللهِ لأَيَّهم رأيتُ ثم ذهب إليه رجلٌ قُرَشي لأُحْسِنَنَّ إليه " تريدُ إلى الرجل، وهذا الوجهُ هو مذهبُ الكسائي.

وقال سأل سيبويه الخليلَ عن هذه الآية فأجابَ بأنَّ " ما " بمنزلة الذي، ودَخَلَتِ اللامُ على " ما " كما دخلت على " إنْ " حين قلت: واللهِ لَئِنْ فَعَلْتَ لأفعلنَّ، فاللامُ التي في " ما " كهذه التي في إنْ، واللام التي في الفعل كهذه التي في الفعل هنا " هذا نصٌّ الخليل. قال أبو علي: " لم يُرِد الخليل بقوله " إنها بمنزلة الذي " كونَها موصولةً بل أنها اسمٌ كما أن الذي اسم، وقرر أن تكونَ حرفاً كما جاءت حرفاً في قوله:
{ وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ }
[هود: 111]
{ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ }
[الزخرف: 35] وقال سيبويه: " ومثلُ ذلك:
{ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ }
[الأعراف: 18] إنما دَخَلَتْ اللامُ على نِيَّة اليمين ".

وإلى كونِها شرطيةً ذهب جماعةٌ كالمازني والزجَّاج والزمخشري والفارسي
، قال الشيخ: " وفيه حَدْسٌ لطيف، وحاصلُ ما ذكر أنهم إن أرادوا تفسيرَ المعنى فيمكن أن يُقال، وإنْ أرادوا تفسير الإِعراب فلا يَصِحُّ؛ لأنَّ كلاً منهما ـ أعني الشرط والقسم ـ يطلُب جواباً على حِدة، ولا يمكن أن يكونَ هذا محمولاً عليهما؛ لأنَّ الشرطَ يقتضيه على جهة العملِ فيكونُ في موضع جزم، والقسمُ يطلبُه من جهة التعلق المعنوي به من غير عمل فلا موضع له من الإِعراب، ومُحالٌ أن يكونَ الشيء له موضعٌ من الإِعراب ولا موضع له من الإِعراب " قلت: تقدَّم هذا الإِشكالُ والجوابُ عنه.

الخامس
: أنَّ أصلَها " لَمَّا " بتشديدِ الميم فخففت، وهذا قول ابن أبي إسحاق، وسيأتي توجيهُ قراءة التشديد فَتُعْرَفُ مِنْ ثَمَّة.

وقرأ حمزة: " لِما " بكسرِ اللامِ خفيفةَ الميم أيضاً، وفيها أربعةُ أوجه،

أحدهما:
ـ وهو أغربُها ـ أن تكونَ اللام بمعنى " بعد " كقوله النابعة:
1349ـ تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها لستةِ أعوامٍ وذا العامُ سابعُ


يريد: فَعَرَفْتُها بعد ستة أعوام، وهذا منقولٌ عن صاحب النظم، ولا أدري ما حَمَله على ذلك؟ وكيف يَنْتظم هذا كلاماً، إذ يصير تقديرُه: وإذ أخذ اللهُ ميثاقَ النبيين بعدَما آتيناكم، ومَنِ المخاطبُ بذلك؟

الثاني: أن اللامَ للتعليل، وهذا الذي ينبغي ألاَّ يُحادَ عنه وهي متعلقة بـ " لتؤمِنُنَّ
" ، و " ما " حينئذٍ مصدريةٌ، قال الزمخشري: " ومعناه لأجلِ إيتائي إياكم بعضَ الكتابِ والحكمة، ثم لمجيء رسولٍ مصدِّقٍ لتؤمِنُنَّ به، على أنَّ " ما " مصدريةٌ، والفعلان معها أعني: " آتيناكم " و " جاءكم " في معنى المصدرين، واللامُ داخلةٌ للتعليل، والمعنى: أخَذَ الله ميثاقَهم لتؤمِنُنَّ بالرسول ولتنصُرُنَّه لأجل أن آتيتكم الحكمة، وأنَّ الرسول الذي أمركم بالإِيمان ونصرتِه موافقٌ لكم غيرُ مخالِفٍ. قال الشيخ: " ظاهر هذه التعليل الذي ذكره والتقدير الذي قدره أنه تعليلٌ للفعلِ المُقْسَم عليه، فإنْ عَنَى هذا الظاهرَ فهو مُخالِفٌ لظاهر الآية، لأنَّ ظاهرَ الآيةِ يقتضي أن يكونَ تعليلاً لأخْذِ الميثاق لا لمتعلَّقه وهو الإِيمان، فاللامُ متعلقةٌ بأخذ، وعلى ظاهر تقدير الزمخشري تكون متعلقةً بقوله: لتؤمِنُنَّ به " ، ويمتنع ذلك من حيث إنَّ اللام المتلقَّى بها القسمُ لا يعمل ما بعدَها فيما قبلها، تقول: والله لأضربَنَّ زيداً، ولا يجوزُ: والله زيداً لأضربنَّ، فعلى هذا لا يجوزُ أن تتعلق اللام في " لِما " بقوله: " لتؤمِننَّ ". وقد أجاز بعضُ النحويين في معمول الجواب ـ إذا كان ظرفاً أو مجروراً ـ تقدُّمَه، وجَعَلَ من ذلك:
1350ـ......................... ...... عَوْضُ لا نَتَفَرَّقُ
وقولَه تعالى:
{ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ }
[المؤمنون: 40] فعلى هذا يجوز أن تتعلق بقوله: " لَتُؤْمِنُنَّ " وفي هذ المسألةِ تفصيلٌ يُذْكَرُ في علم النحو، قلت: أمَّا تعلُّق اللامِ بلتؤمِنُنَّ من حيث المعنى فإنَّه أظهرُ مِنْ تعلُّقِها بأخذ، وهو واضحٌ فلم يَبْقَ إلاَّ ما ذَكَر مِنْ مَنْع تقديمِ معمولِ الجواب المقترنِ باللام عليه وقد عُرف، وقد يكون الزمخشري مِمَّن يرى جوازه.

والثالث:
أن تتعلَّقَ اللام بأخذ أي: لأجل إيتائي إياكم كيتَ وكيتَ أخذْتُ عليكم الميثاق، وفي الكلامِ حذفُ مضافٍ تقديرُه: لرعاية ما أتيتكم.

الرابع:
أن تتعلَّقَ بالميثاق لأنه مصدر، أي توثَّقْنا عليهم لذلك. هذه الأوجهُ بالنسبة إلى اللام،

وأمَّا [ما] ففيها ثلاثةُ أوجه،

أحدُها
: أَنْ تكونَ مصدرية وقد تقدَّم تحريرُه عند الزمخشري.

والثاني:
أنها موصولة بمعنى الذي وعائدُها محذوفٌ و " ثم جاءكم " عطف على الصلة، والرابط لها بالموصول: إمَّا محذوفٌ تقديره: " به " وهو رأيُ سيبويه، وإمَّا لقيامِ الظاهر مقامَ المضمرِ وهو رأيُ الأخفش، وإِمَّا ضميرُ الاستقرار الذي تضمَّنه " معكم " وقد تقدَّم تحقيق ذلك.

والثالث
: أنها نكرةٌ موصوفة، والجملةٌ بعدها صفتُها وعائدُها محذوف، و " ثم جاءكم " عطفٌ على الصفة، والكلامُ في الرابطِ كما تقدَّم فيها وهي صلة، إلا أنَّ إقامة الظاهر مُقام الضمير في الصفة ممتنع، لو قلت: " مررت برجلٍ قام أبو عبد الله " على أن يكون " قام أبو عبد الله " صفة لرجل، والرابطُ أبو عبد الله، إذ هو الرجل في المعنى لم يَجُز ذلك، وإن جاز في الصلة والخبر عند مَنْ يرى ذلك، فيتعيَّن عَوْدُ ضمير محذوف.

وجوابُ قوله: { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ } قوله: { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ } كما تقدم، والضمير فيه " به " عائدٌ على " رسول " ، ويجوز الفصلُ بين القسم والمقسم عليه بمثلِ هذا الجار والمجرور لو قلت " أقسمتُ للخير الذي بلغني عن عمرٍو لأحْسِنَنَّ إليه " جاز.

وقوله: { مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ }: إمَّا حالٌ من الموصول أو من عائده، وإمَّا بيانٌ له فامتنع في قراءةِ حمزة أن تكونَ " ما " شرطيةً كما امتنع في قراءة الجمهورِ أن تكونَ مصدريةً.

وأمَّا قراءةُ سعيد والحسن ففيها أوجه،


أحدها:
أَنَّ " لَمَّا " هنا ظرفيةٌ بمعنى حين فتكونُ ظرفية. ثم القائلُ بظرفيتها اختلف تقديرُه في جوابها، فذهب الزمخشري إلى أن الجوابَ مقدرٌ من جنس جواب القسم فقال: " لَمَّا " بالتشديد بمعنى حين، أي: حين آتيتكم بعض الكتاب والحكمة ثم جاءكم رسولٌ مصدِّق وَجَبَ عليكم الإِيمانُ به ونصرتُه ". وقال ابن عطية: " ويظهر أن " لمَّا " هذه الظرفيةُ أي: لَمَّا كنتم بهذه الحالِ رؤساءَ الناس وأماثِلَهم أخذ عليكم الميثاق، إذ على القادة يُؤْخَذ، فيجيء على هذا المعنى كالمعنى في قراءة حمزة " فقدَّر ابن عطية جوابَها من جنس ما سبقها، وهذا الذي ذهبا إليه مذهب مرجوح قال به الفارسي، والجمهور: سيبويه وأتباعُه على خلافه، وقد تقدم تحقيق هذا الخلاف فلا حاجة لذكره. وقال الزجاج: " أي لَمَّا آتاكم الكتاب والحكمة أخذ عليكم الميثاق، وتكون " لمَّا " تَؤُول إلى الجزاء كما تقول: لَمّا جِئْتني أكرمتُك " وهذه العبارةُ لا يؤخذ منها كونُ " لَمّا " ظرفيةً ولا غير ذلك، إلا أن فيها عاضداً لتقدير ابن عطية جوابَها من جنس ما تقدمها بخلاف تقدير الزمخشري.

الثاني
: أن " لَمَّا " حرفُ وجوبٍ لوجوبٍ، وقد تقدَّم دليله وأنه مذهب سيبويه، وجوابُها كما تقدَّم مِنْ تقديري ابن عطية والزمخشري. وفي قول ابن عطية: " فيجيء على المعنى كالمعنى في قراءة حمزة " نظر؛ إذ قراءة حمزة فيها تعليل وهذه القراءةُ لا تعليل فيها، اللهم إلا أن يقال: لَمَّا كانت " لَمَّا " تحتاجُ إلى جوابٍ أشبه ذلك العلةَ ومعلولَها، لأنك إذا قلت: " لَمَّا جِئْتَني أكرمتُك " في قوةِ: أكرمتُك لأجلِ مجيئي إليك، فهي من هذه الجهةِ كقراءة حمزة.

والثالث
: أنَّ الأصلَ: لَمِنْ ما فأدغمت النون في الميم لأنها تقاربُها، والإِدغامُ هنا واجب،/ ولما اجتمع ثلاثُ ميمات، ميمِ مِنْ، وميمِ " ما " والميمِ التي انقلبت من نون " من " لأجل الإِدغام فحصل ثقل في اللفظ.


قال الزمخشري: " فحذفوا إحداها ". قال الشيخ: " وفيه إبهامٌ " ، وقد عَيَّنها ابن عطية بأن المحذوفة هي الأولى، قلت: وفيه نظر، لأنَّ الثقلَ إنما حصل بما بعد الأولى، ولذلك كان الصحيح في نظائره إنما هو حَذْفُ الثواني نحو: " تَنَزَّل " و " تَذَكَّرون " ، وقد ذكر أبو البقاء أنّ المحذوفة هي الثانية، قال: " لضَعْفها بكونِها بدلاً وحصولِ التكرير بها ".

و " مِنْ " هذه التي في " لَمِنْ ما " زائدة في الواجب على رأي أبي الحسن الأخفش. وهذا تخريج أبي الفتح، وفيه نظرٌ بالنسبة إلى ادعائه زيادة " مِنْ " فإن التركيب يقلق على ذلك، ويبقى المعنى غيرَ ظاهر.

الرابع:
أنَّ الأصل أيضاً: لَمِنْ ما، فَفُعِل به ما تقدم من القلب والإِدغام ثم الحذفِ، إلا أن " مِنْ " ليست زائدةً بل هي تعليليَّةٌ، قال الزمخشري: " ومعناه لمِنْ أجل ما أتيتكم لتؤمنُنَّ به، وهذا نحو من قراءة حمزة في المعنى " قلت: وهذا الوجه أوجهُ ممَّا تقدَّمه لسلامته من ادِّعاء زيادة " مِنْ " ولوضوح معناه. قال الشيخ: " وهذا التوجيهُ في غاية البُعْد ويُنَزَّه كلامُ العرب أن يَأْتيَ فيه مثلُه فكيف في كتاب اللهِ عز وجل! وكان ابن جني كثيرَ التمحُّلِ في كلام العرب، ويلزم في " لَمّا " هذه على ما قرره الزمخشري أن تكونَ اللامُ في " لِمنْ ما آتيناكم " زائدةً، ولا تكونُ اللامَ الموطئة، لأنَّ الموطئةَ إنما تدخل على أدوات الشرط لا على حرف الجر، لو قلت: " أٌقسم بالله لمِنْ أجلك لأضربن زيداً " لم يَجُزْ، وإنما سُمِّيت موطئةً لأنها تُوَطِّىء ما يَصْلُح أن يكونَ جواباً للشرط للقسم، فيصيرُ جوابُ الشرط إذ ذاك محذوفاً لدلالةِ جواب القسم عليه " قلت: قد تقدَّم له هو أنَّ " ما " في هذه القراءة يجوز أن تكونَ موصولة بمعنى الذي، وأن اللام معها موطئةٌ للقسمِ، وقد حصر هنا أنها لا تدخل إلا على أدوات الشرط فأحدُ الأمرين لازمٌ له، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذه هو الإِشكالُ على مَنْ جَعَلَ " ما " موصولةً وجَعَلَ اللامَ موطئةً.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة المائة


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِبِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ
وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }


قال السمين الحلبى فى الدر المصون​
:

والجمهورُ على رفع الجلالة من " حَفِظ اللهُ ".

وفي " ما " على هذه القراءةِ ثلاثةُ أوجه،


أحدها​
: أنها مصدريةٌ والمعنى: بحِفْظِ الله إياهن أي: بتوفيقِه لهن أو بالوصية منه تعالى عليهن.


والثاني​
: أن تكونَ بمعنى الذي والعائد محذوف أي: بالذي حفظه الله لهنَّ مِنْ مهورِ أزوجِهِنَّ والنفقة عليهن قاله الزجاج.


والثالثُ​
: أن تكونَ " ما " نكرة موصوفةً، والعائد محذوف أيضاً كما تقرر في الموصولة بمعنى الذي.


وقرأ أبو جعفر بنصبِ الجلالة، وفي " ما " ثلاثةُ أوجهً​
أيضاً،


أحدُها​
: أنها بمعنى الذي،


والثاني​
: نكرة موصوفة، وفي " حَفِظ " ضميرٌ يعود على " ما " أي: بما حَفِظ من البر والطاعة. ولا بد من حذف مضافٍ تقديرُه: بما حفظ دينَ الله أو أَمْرَ الله، لأنَّ الذاتَ المقدسةَ لا يحفظها أحد.


والثالث:​
أن تكونَ " ما " مصدريةً، والمعنى بما حفظن الله في امتثال أمره، وساغَ عودُ الضميرِ مفرداً على جمعِ الإِناثِ لأنهن في معنى الجنس، كأنه قيل: مِمَّنْ صَلَحَ، فعادَ الضميرُ مفرداً بهذا الاعتبار، ورد الناسُ هذا الوجهَ بعدم مطابقة الضمير لما يعود عليه وهذا جوابه. وجعله ابن جني مثلَ قول الشاعر:
1578ـ...................... فإنَّ الحوادِثَ أودى بها
أي: أَوْدَيْنَ، وينبغي أن يقال: الأصلُ بما حَفِظَتِ اللهَ، والحوادث أَوْدَت؛ لأنها يجوز أن يعود الضمير على جمع الإِناث كعوده على الواحدة منهن، تقول: " النساءُ قامت " ، إلا أنَّه شَذَّ حذف تاء التأنيث من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث

 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الواحدة بعد المائة

{ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَٱلْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

انظر الجوهرة 235 من جواهر الضمائر هنا

http://www.mazameer.com/vb/showthread.php?t=171828&page=12&p=1795623#post1795623
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثانية بعد المائة



{ قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُوَأَنَّأَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله تعالى: { وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } قرأ الجمهورُ: " أَنَّ " مفتوحةَ الهمزة، وقرأ نعيم بن ميسرة بكسرها.

فأمَّا قراءةُ الجمهور فتحتمل " أنَّ " فيها أنْ تكونَ في محل رفع أو نصب أو جر،

فالرفعُ من وجه واحد وهو أن تكونَ مبتدأً والخبر محذوف. قال الزمخشري: " والخبر محذوف أي: فسقُكم ثابت معلومٌ عندكم، لأنكم علمتم أنَّا على الحق وأنتم على الباطل، إلا أنَّ حبَّ الرئاسة وجمع الأموال لا يَدَعُكم فتنصفوا " فقدَّر الخبر مؤخراً. قال الشيخ: " ولا ينبغي أن يُقَدَّر الخبرُ إلا مقدماً لأنه لا يُبْتَدَأ بـ " أَنَّ " على الأصحِّ إلا بعد " أمَا " انتهى. ويمكن أن يقال: يُغْتفر في الأمور التقديرية ما لايُغْتفر في اللفظية، لاسيما أن هذا جارٍ مَجْرى تفسير المعنى، والمرادُ إظهار ذلك الخبر كيف يُنْطَق به، إذ يقال إنه يرى جواز الابتداء بـ " أنَّ " مطلقاً، فحصل في تقدير الخبر وجهان بالنسبة إلى التقديم والتأخير.

وأمَّا النصبُ فمِنْ ستة أوجه،

أحدها: أن يُعْطَفُ على " أن آمَنَّا " ، واستُشْكل هذا التخريج من حيث إنه يصير التقديرُ: هل تكرهون إلا إيماننا وفسقَ أكثرهم، وهم لا يَعْترفون بأن أكثرَهم فاسقون حتى يكرهونه وأجيب عن ذلك، فأجاب الزمخشري وغيرُه بأنَّ المعنى: وما تنقمون منا إلا الجمعَ بين أيماننا وبين تَمَرُّدكم وخروجكم عن الإِيمان، كأنه قيل: وما تنكرون منا إلا مخالفَتكم حيث دَخَلْنا في دين الإِسلام وأنتم خارجون منه ".

ونقل الواحدي عن بعضهم أنَّ ذلك من باب المقابلة والازدواج، يعني أنه لَمَّا نقم اليهود عليهم الإِيمان بجميع الرسل وهو مما لا يُنْقَم ذكَرَ في مقابلته فِسْقَهم، وهو مِمَّا يُنْقِم، ومثلُ ذلك حسنٌ في الازدواج، يقول القائل: " هل تنقم مني إلا أني عَفَوْتُ عنك وأنك فاجر " فَيَحْسُن ذلك لإِتمامِ المعنى بالمقابلة. وقال أبو البقاء: " والمعنى على هذا: إنكم كرهتم إيماننا وامتناعكم، أي: كرهتم مخالفتَنا إياكم، وهذا كقولك للرجل: ما كرهتَ مني إلا أني مُحَبِّبٌ للناس وأنك مُبْغَضٌ " وإن كان لا يعترف بأنه مُبْغَض.
وقال ابن عطية: وأنَّ أكثركم فاسقون / هو عند اكثر المتأوِّلين معطوفٌ على قوله: { أَنْ آمَنَّا } فيدخُل كونُهم فاسقين فيما نَقَموه، وهذا لا يتِّجِهُ معناه " ثم قال بعد كلام: " وإنما يتجه على أن يكون معنى المحاورة: هل تَنْقِمون منا إلا مجموعَ هذه الحال من أنَّا مؤمنون وأنتم فاسقون، ويكون { وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } مِمَّا قَرَّره المخاطب لهم، وهذا كما تقولُ لِمَنْ يخاصِمُ: " هل تَنْقِم عليَّ إلا أن صدقتُ أنا وكَذَبْتَ أنت " وهو لا يُقِرُّ بأنه كاذب ولا يَنْقِم ذلك، لكن معنى كلامك: هل تَنْقِم إلا مجموعَ هذه الحال " وهذا هو مجموعُ ما أجاب به الزمخشري والواحدي.

الوجه الثاني من أوجه النصب: أن يكونَ معطوفاً على " أن آمنَّا " أيضاً، ولكنْ في الكلامِ مضافٌ محذوفٌ لصحةِ المعنى، تقديرُه: " واعتقادَ أن أكثركم فاسقون " وهو معنى واضح
، فإنَّ الكفار يِنقِمون اعتقاد المؤمنين انهم فاسقون،

الثالث: أنه منصوبٌ بفعل مقدَّر تقديرُه: هل تنقمون منا إلا إيمانا، ولا تنقمون فِسْقَ أكثركم.

الرابع: أنه منصوبٌ على المعية، وتكونُ الواوُ بمعنى " مع " تقديرُه: وما تَنْقِمون منا إلا الإِيمانَ مع أن أكثرَكم فاسقون. ذَكَر جميعَ هذه الأوجه أبو القاسم الزمخشري.

والخامس: أنه منصوبٌ عطفاً على " أنْ آمنَّا " و " أن آمنَّا " مفعولٌ من أجله فهو منصوب، فعَطَفَ هذا عليه، والأصلُ: " هل تَنْقِمون إلا لأجْلِ إيماننا، ولأجل أنَّ أكثرَهم فاسقون " ، فلمَّا حُذِف حرفُ الجر من " أن آمنَّا " بقي منصوباً على أحدِ الوجهين المشهورين، إلا أنه يقال هنا: النصبُ ممتنعٌ من حيث إنه فُقِد شرطٌ من المفعول له، وهو اتحاد الفاعلِ، والفاعلُ هنا مختلفٌ، فإنّ فاعل الانتقام غير فاعل الإِيمان، فينبغي أن يُقَدَّر هنا محلُّ " أن آمنَّا " جراً ليس إلا، بعد حذفِ حرفِ الجر، ولا يَجْري فيه الخلاف المشهورُ بين الخليل وسيبويه في محلِّ " أنْ " إذا حُذِف منها حرفُ الجر، لعدمِ اتحاد الفاعل. وأُجيب عن ذلك بأنَّا وإن اشترطنا اتحادَ الفاعلِ فإنَّا نجوِّزُ اعتقادَ النصبِ في " أَنْ " و " أَنَّ " إذا وقعا مفعولاً من أجله بعد حَذْفِ حرفِ الجر لا لكونِهما مفعولاً من أجله، بل من حيث اختصاصُهما من يحث هما بجواز حذف حرف الجر لطولِهما بالصلةِ، وفي هذه المسألةِ بخصوصِها خلافٌ مذكور في بابِه، ويدلُّ على ذلك ما نقلَه الواحدي عن صاحبِ " النظم " فإن صاحب " النظم " ذَكَر عن الزجاج معنًى، وهو: هل تكرهون إلا إيماننا وفسقَكم، أي: إنما كرهتم إيمانَنا وأنتم تعلمون أنَّا على حقٍّ لأنكم فسقتم بأنْ أقمتم على دينِكم، وهذا معنى قولِ الحسن، فعلى هذا يجب أن يكونَ موضعُ " أَنَّ " في قوله: { وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ } نصباً بإضمار اللام على تأويل " ولأنَّ أكثرَكم " والواوُ زائدةٌ، فقد صَرَّح صاحبُ " النظم " بما ذكرته.

الوجه السادس: أنه في محلِّ نصبٍ على أنه مفعول من أجله لتنقِمون، والواوُ زائدةٌ كما تقدَّم تقريرُه. وهذا الوجه الخامس يحتاج إلى تقرير ليُفْهَم معناه، قال الشيخ بعد ذِكْرِ ما نَقَلْتُه من الأوجه المتقدمةِ عن الزمخشري: " ويظهرُ وجهٌ ثامن ولعله يكون الأرجحَ، وذلك، أن " نَقَم " أصلُه أن يتعدَّى بـ " على " تقول: " نَقَمت عليه " ثم تبني منه افْتَعَل إذ ذاك بـ " من " ويُضَمَّن معنى الإِصابة بالمكروه، قال تعالى:
{ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ }
[المائدة: 95]، ومناسَبَ التضمين فيها أنَّ مَنْ عاب على شخصٍ فِعْلَه فهو كارهٌ له، ومصيبُه عليه بالمكروه، فجاءت هنا فَعَل بمعنى افْتَعَل كقَدَرَ واقتدر، ولذلك عُدِّيت بـ " مِنْ " دون " على " التي أصلُها أن تتعدَّى بها، فصار المعنى: وما تنالون منا وما تصيبوننا بما نَكْرَهُ إلا أن آمنا، أي: إلاَّ لأنْ آمنَّا " فيكون " ان آمنَّا " مفعولاً من أجله، ويكون " وأنَّ أكثركم فاسقون " معطوفاً على هذه العلة، وهذا - والله أعلم - سببُ تعديتِه بـ " مِنْ " دون " على " انتهى ما قاله، ولم يُصَرِّحْ بكونِه حينئذ في محلِّ نصبٍ أو جر، إلاَّ أنَّ ظاهر حالِه أن يُعْتَقَد كونُه في محلِّ جرِّ، فإنه إنما ذُكِر أوجه الجر.

وأمَّا الجرُّ فمن ثلاثةِ أوجهٍ،

أحدُها: أنه عطفٌ على المؤمَنِ به، قال الزمخشري: " أي: وما تَنْقِمون منا إلا الإِيمانَ بالله وبما أُنْزِل، وبأن أكثركم فاسقون " وهذا معنى واضح، قال ابن عطية: " وهذا مستقيمُ المعنى
، لأنَّ إيمانَ المؤمنين بأنَّ أهلَ الكتابِ المستمرين على الكفر بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم فَسَقه هو مما ينقمونه "

الثاني: أنه مجرورٌ عطفاً على علةٍ محذوفةٍ تقديرها: ما تَنْقِمون منا إلا الإِيمان لقلة إنصافِكم وفسقِكم وإتباعِكم شهواتِكم، ويدلُّ عليه تفسيرُ الحسن البصري " بقسقِكم نَقَمتم علينا " ويُروى " لفسقهم نَقَموا علينا الإِيمان "

الثالث: أنه في محلِّ جرِّ عطفاً على محل " أنْ آمنَّا " إذا جعلناه مفعولاً من أجله، واعتقَدْنا أنَّ " أنَّ " في محل جر بعد حذف الحرف، وقد تقدَّم ما في ذلك في الوجه الخامس، فقد تحصَّل في قولِه تعالى: { وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } أحدَ عشرَ وجهاً، وجهان في حال الرفع بالنسبة إلى تقدير الخبر: هل يٌقَدَّرُ مُقدَّماً وجوباً أو جوازاً، وقد تقدَّم ما فيه، وستةُ أوجه في النصب، وثلاثةٌ في الجر.

وأمَّا قراءةُ ابن ميسرة فوجهها أنها على الاستئنافِ، أخبر أنَّ أكثرَهم فاسقون، ويجوز أن تكون منصوبة المحلِّ لعطفِها على معمول القول، أمرَ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقولَ لهم: هل تنقِمون إلى آخره، وأن يقول لهم: إنَّ أكثركم فاسقون، وهي قراءة جَلِيَّةٌ واضحة.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير


الجوهرة الثالثة بعد المائة

{ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قال الرازى فى تفسيره:

واختلف القراء في قوله { ليستبين } فقرأ نافع { لتستبين } بالتاء { وسبيل } بالنصب والمعنى لتستبين يا محمد سبيل هؤلاء المجرمين. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم { ليستبين } بالياء { مّن سَبِيلٍ } بالرفع والباقون بالتاء { وسبيل } بالرفع على تأنيث سبيل. وأهل الحجاز يؤنثون السبيل، وبنو تميم يذكرونه. وقد نطق القرآن بهما فقال سبحانه
{ وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً }
[الأعراف: 146] وقال
{ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا }
[إبراهيم: 3].

فإن قيل: لم قال { وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ } ولم يذكر سبيل المؤمنين.

قلنا: ذكر أحد القسمين يدل على الثاني. كقوله
{ سَرَابِيلَ تقيكم ٱلْحَرَّ }
[النحل: 81] ولم يذكر البرد. وأيضاً فالضدان إذا كانا بحيث لا يحصل بينهما واسطة، فمتى بانت خاصية أحد القسمين بانت خاصية القسم الآخر والحق والباطل لا واسطة بينهما، فمتى استبانت طريقة المجرمين فقد استبانت طريقة المحقين أيضاً لا محالة.

وقال ابن كثير فى تفسيره:

{ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي: ولتظهر طريق المجرمين المخالفين للرسل، وقرىء: (وليستبينَ سبيلَ المجرمين) أي: ولتستبين يا محمد أو يا مخاطب سبيل المجرمين،


 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الرابعة بعد المائة

{ وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

والجمهور على التشديد في " يُفْرِّطون " ومعناه لا يُقَصِّرون.

وقرأ عمرو بن عبيد والأعرج: " يُفْرِطون " مخففاً من أفرط، وفيها تأويلان

أحدهما: أنها بمعنى لا يجاوزون الحدَّ فيما أُمِروا به. قال الزمخشري: " فالتفريط: التواني والتأخير عن الحدِّ،و الإِفراط: مجاوزة الحدِّ أي: لا يُنْقصون ممَّا أمروا به ولا يَزيدون "

والثاني: أن معناه لا يتقدمون على أمر الله، وهذا يحتاج إلى نَقْلِ أنَّ أفرط بمعنى فَرَّط أي تَقَدَّم. وقال الجاحظ قريباً من هذا فإنه قال: " معنى لا يُفْرِطون: لا يَدَعون أحداً يفرُط عنهم أي: يَسْبقهم ويفوتهم " وقال أبو البقاء: " ويُقرأ بالتخفيف أي: لا يزيدون على ما أُمِروا به " وهو قريب مِمَّا تقدم.

{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله: { وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } قرأ نافع بكسرِ الراءِ اسمَ فاعلٍ مِنْ أَفْرَطَ إذا تجاوَزَ، فالمعنى: أنهم يتجاوزون الحَدَّ في معاصي الله تعالى. فأفْعَلَ هنا قاصرٌ.

والباقون بفتحها اسمَ مفعولٍ مِنْ أَفْرَطْتُه، وفيه معنيان،

أحدُهما: أنَّه مِنْ أَفْرطته خلفي، أي: تركتُه ونَسِيْتُه، حكى الفراء أنَّ العرب تقول: أَفْرِطْتُ منهم ناساً، أي: خَلَّفْتُهم، والمعنى: أنهم مَنْسِيًّون متروكون في النار.

والثاني: أنه مِنْ أَفْرَطْتُه، أي: قَدَّمْتُه إلى كذا، وهو منقولٌ بالهمزة مِنْ فَرَط إلى كذا، أي: تقدَّم إليه، كذا قال الشيخ، وأنشد للقطامي:
2989- واسْتَعْجَلُونْا وكانوا مِنْ صحابَتِنا كما تَعَجَّلَ فُرَّاطٌ لِوُرَّادِ
فَجَعَلَ " فَرَط " قاصراً و " أفرط " منقولاً. وقال الزمخشري: " بمعنى يتقدَّمون إلى النار، ويتعجَّلون إليها، مِنْ أَفْرَطْتُ فلاناً وفَرَطْتُه إذا قدَّمته إلى الماء " ، فجعل فَعَل وأفْعَل بمعنى، لا أن أَفْعل منقولٌ مِنْ فَعَل، والقولان محتملان، ومنه " الفَرَطُ " ، أي: المتقدم. قال عليه السلام: " أنا فَرَطُكم على الحوض " ، أي: سابِقُكم. ومنه " واجعله فَرَطاً وذُخْراً " ، أي: متقدِّماً بالشفاعةِ وتثقيلِ الموازين.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الخامسة بعد المائة

{ وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

وأمَّا القراءات التي في " دَرَسَتْ " فثلاث في المتواتر:

فقرأ ابن عامر " دَرَسَتْ " بزنة ضَرَبَتْ،

وابن كثير وأبو عمرو " دارَسْتَ " بزنة قابلْتَ أنت،

والباقون " درسْتَ " بزنة ضربْت أنت.

فأمَّا قراءة ابن عامر فمعناها بَلِيَتْ وقَدُمَتْ وتكرَّرَتْ على الأسماع يُشيرون إلى أنها من أحاديث الأولين كما قالوا أساطير الأولين.


وأمَّا قراءة ابن كثير أبي عمرو فمعناها دارسْتَ يا محمدُ غيرَك من أهل الأخبار الماضية والقرون الخالية حتى حفظتها فقلتَها، كما حَكى عنهم فقال:
{ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ }
[النحل: 103] وفي التفسير: أنهم كانوا يقولون: هو يدارس سَلْمَان وعَدَّاساً.

وأمَّا قراءة الباقين فمعناها حَفِظْتَ وأَتْقَنْتَ بالدرس أخبارَ الأولين كما حكى عنهم

{ وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }

[الفرقان: 5] أي تكرَّر عليها بالدَّرْس ليحفظها.

وقرئ هذا الحرف في الشاذ عشر قراءاتٍ أُخَرَ فاجتمع فيه ثلاثَ عشرةَ قراءة:

فقرأ ابن عباس بخلاف عنه وزيد بن علي والحسن البصري وقتادة " دُرِسَتْ " فعلاً ماضياً مبنياً للمفعول مسنداً لضمير الآيات، وفَسَّرها ابن جني والزمخشري بمعنيين، في أحدهما إشكال. قال أبو الفتح: " يُحتمل أن يراد عَفَتْ أو بَلِيَتْ ". وقال أبو القاسم: " بمعنى قُرِئت أو عُفِيَتْ ". قال الشيخ: " أما معنى قُرِئَتْ وبَلِيَتْ فظاهرٌ؛ لأن دَرَسَ بمعنى كرَّر القراءة متعدٍّ، وأمَّا " دَرَس " بمعنى بَلِي وانمحى فلا أحفظه متعدياً ولا وَجَدْنا فيمن وَقَفْنا على شعره من العرب إلا لازماً ". قلت: لا يحتاج هذا إلى استقراء فإن معناه [لا] يحتمل أن يكون متعدِّياً إذ حَدَثُه لا يتعدَّى فاعلُه فهو كقام وقعد، فكما أنَّا لا نحتاج في معرفة قصور قام وقعد إلى استقراء بل نَعْرِفُه بالمعنى فكذا هذا.


وقرئ " دَرَّسْتَ " فعلاً ماضياً مشدداً مبنياً للفاعل المخاطب، فيحتمل أن يكون للتكثير أي: دَرَّسْتَ الكتب الكثيرة كذبَّحْتُ الغنم وقَطَّعْتُ الأثواب، وأن تكون للتعدية، والمفعولان محذوفان أي: دَرَّسْتَ غيرَك الكتب وليس بظاهر، إذ التفسير على خلافه. وقُرِئ دُرِّسْتَ كالذي قبله إلا أنه مبني للمفعول أي: دَرَّسك غيرُك الكتبَ، فالتضعيف للتعدية لا غير. وقرئ " دُوْرِسْتَ " مسنداً لتاء المخاطب مِنْ دارَسَ كقاتل، إلا أنه بني للمفعول فقلبت ألفه الزائدة واواً، والمعنى: دارَسَكَ غيرك.

وقرئ " دارسَتْ " بتاء ساكنة للتأنيث لحقت آخر الفعل، وفي فاعله احتمالان، أحدهما: أنه ضمير الجماعة أُضْمِرَتْ وإن لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ لدلالة السياق عليها أي: دارستك الجماعة، يُشيرون لأبي فكيهة وسلمان، وقد تقدم ذلك في قراءة ابن كثير وأبي عمرو، والثاني: ضمير الإِناث على سبيل المبالغة أي: إن الآيات نفسها دارَسَتْكَ وإن كان المراد أهلها.

وقرئ " دَرُسَتْ " بفتح الدال وضم الراء مسنداً إلى ضمير الآيات وهو مبالغة في دَرَسَتْ بمعنى بَلِيَتْ وقَدُمَتْ وانمحت أي اشتد دُروسُها وبِلاها. وقرأ أُبَيّ/ " دَرَسَ " وفاعله ضمير النبي صلى الله عليه وسلم أو ضمير الكتاب بمعنى قرأه النبي وتلاه وكُرِّرَ عليه، أو بمعنى بلي الكتاب وامَّحى، وهكذا في مصحف عبد الله درس.

وقرأ الحسن في رواية " دَرَسْنَ " فعلاً ماضياً مسنداً لنون الإِناث هي ضمير الآيات، وكذا هي في بعض مصاحف ابن مسعود. وقرئ " دَرَّسْنَ " الذي قبله إلا أنه بالتشديد بمعنى اشتد دُروسها وبِلاها كما تقدَّم. وقرئ " دارسات " جمع دارسة بمعنى قديمات، أو بمعنى ذات دُروس نحو: عيشة راضية، وماء دافق، وارتفاعُها على خبر ابتداء مضمر أي: هنَّ دارسات، والجملة في محلّ نصب بالقول قبلها.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السادسة بعد المائة

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

وقرأ الأخوان: { فَارَقُوا }: من المفارقة وفيها وجهان أحدهما: أن فاعَلَ بمعنى فَعَّل نحو: ضاعَفْتُ الحساب وضعَّفْتُه. وقيل: هي من المفارقة، وهي التركُ والتخلِيَةُ ومَنْ فرَّق دينه فآمن ببعض وكفر ببعض فقد فارق الدين القيم. وقرأ الباقون فرَّقوا بالتشديد. وقرأ الأعمش وأبو صالح وإبراهيم فَرَقوا مخفف الراء. قال أبو البقاء: " وهو بمعنى المشدد، ويجوز أن يكون بمعنى فَصَلُوه عن الدين الحق " وقد تقدم معنى الشيع​
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السابعة بعد المائة​

{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

والجمهور على " مَلَكَيْن " بفتح اللام.

وقرأ ابن عباس والحسن والضحاك ويحيى بن أبي كثير والزهري وابن حكيم عن ابن كثير " مَلِكين "
بكسرها. قالوا: ويؤيِّد هذه القراءة قولُه في موضع آخر:
{ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ }
[طه: 120] والمُلك يناسِبُ المَلِك بالكسر.

{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }


قال السمين الحلبى فى الدر المصون


والجمهورُ على فَتْح لام " المَلَكَيْن " على أنَّهما من الملائكة، وقرأ ابن عباس وأبو الأسود والحسن بكَسْرها على أَنَّهما رَجُلانِ من الناسِ،
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثامنة بعد المائة​

{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

قال ابن الجوزى فى زاد المسير:

قوله تعالى: { وهو الذي يرسل الرياح } قرأ أبو عمرو، ونافع، وابن عامر، وعاصم: { الرياح } على الجمع. وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: «الريح» على التوحيد. وقد يأتي لفظ التوحيد، ويراد به الكثرة، كقولهم: كثر الدرهم في أيدي الناس، ومثله:
{ إن الإنسان لفي خسر }
[العصر: 2].

قوله تعالى: { نشراً } قرأ أبو عمرو، وابن كثير، ونافع، { نُشراً } بضم النون والشين، أرادوا جمع نشور، وهي الريح الطيبة الهبوب، تهب من كل ناحية وجانب. قال أبو عبيدة: النُشُر: المتفرقة من كل جانب. وقال أبو علي: يحتمل أن تكون النشور بمعنى المنشر، وبمعنى المنتشر، وبمعنى الناشر؛ يقال: أنشر الله الريح، مثل أحياها، فنشرت، أي: حييت. والدليل على أن إنشار الربح إحياؤها قولُ الفقعسي:
وهبَّتْ له رِيْحُ الجَنُوبِ وأُحْيِيَتْ
له رَيْدَةٌ يُحيي المِيَاهَ نَسِيْمُهَا
ويدل على ذلك أن الريح قد وصفت بالموت.

قال الشاعر:
إنِّي لأرْجُو أَنْ تَمُوْتَ الرِّيْحُ فَأقْعُدَ اليَوْمَ وَأسْتَرِيْحُ
والرَّيدة والريدانة: الريح.

وقرأ ابن عامر، وعبد الوارث، والحسن البصري: «نُشْراً» بالنون مضمومة وسكون الشين، وهي في معنى «نُشُراً» يقال: كُتُبْ وكُتْب، ورُسُل ورُسْل. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، والمفضل عن عاصم: «نَشْرا» بفتح النون وسكون الشين. قال الفراء: النَّشْر: الريح الطيبة الليَّنِّة التي تنشىء السحاب. وقال ابن الانباري: النَّشْر: المنتشرة الواسعة الهبوب. وقال أبو علي: يحتمل النَّشْر أن يكون خلاف الطيِّ، كأنها كانت بانقطاعها كالمطويَّة. ويحتمل أن يكون معناها ما قاله أبو عبيدة في النشر: أنها المتفرقة في الوجوه؛ ويحتمل أن يكون معناها: النشر الذي هو الحياة، كقول الشاعر:
[حتَّى يقولَ النَّاسُ ممَّا رَأَوْا] يا عَجَباً لِلْمِّيتِ النَّاشِرِ
قال: وهذا هو الوجه.

وقرأ أبو رجاء العطاردي، وإبراهيم النخعي، ومسروق، ومورِّق العجلي: «نَشَراً» بفتح النون والشين. قال ابن القاسم: وفي النَّشَر وجهان.

أحدهما: أن يكون جمعاً للنشور، كما قالوا: عَمود وَعَمد، وإهاب وأهَب.

والثاني: أن يكون جمعاً، واحده ناشر، يجري مجرى قوله: غائب وغَيَبٌ، وحافد وحَفَدٌ، وكل القرَّاء نوَّن الكلمة. وكذلك اختلافهم في [الفرقان: 48] و[النمل: 63].

هذه قراءات من قرأ بالنون. وقد قرأ آخرون بالباء، فقرأ عاصم إلا المفضل: «بُشْرى» بالباء المضمومة وسكون الشين مثل فُعْلى: قال ابن الانباري: وهي جمع بشيرة، وهي التي تبشِّر بالمطر، والأصل ضم الشين، إلا أنهم استثقلوا الضمتين. وقرأ ابن خثيم، وابن جذلم: مثله إلا أنهما نوَّنا الراء. وقرأ ابو الجوزاء، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: بضم الباء والشين، وهذا على أنها جمع بشيرة. والرحمة هاهنا: المطر؛ سماه رحمة لأنه كان بالرحمة. و«أقلّتِ» بمعنى: حملت. قال الزجاج: السحاب: جمع سحابة. قال ابن فارس: سمي السحابَ لانسحابه في الهواء.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة التاسعة بعد المائة​

{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله تعالى: { وَلاَ يَحْسَبَنَّ }: قرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم " يَحْسَبَنَّ " بياء الغيبة هنا، وفي النور في قوله " لا يَحْسَبَنَّ الذين كفروا معجزين [في الأرض] " كذلك خلا حَفْصاً. والباقون بتاء الخطاب.


وفي قراءة الغَيْبةِ تخريجاتٌ كثيرة سَبَقَ نظائرُها في أواخر آل عمران. ولا بد مِنْ ذكر ما ينبِّهك هنا على ما تقدَّم فمنها: أن الفعلَ مسندٌ إلى ضميرٍ يُفَسِّره السياق تقديره:
ولا يَحْسَبَنَّ هو أي قبيل المؤمنين أو الرسول أو حاسب، أو يكون الضمير عائداً على مَنْ خلفهم.​
وعلى هذه الأقوالِ فيجوزُ أن يكون " الذين كفروا " مفعولاً أولَ، و " سبقوا " جملة في محل نصب مفعولاً ثانياً.

وقيل: الفعلُ مسندٌ إلى " الذين كفروا
" ثم اختلفوا هؤلاء في المفعولين: فقال قوم: الأولُ محذوفٌ تقديره: ولا يَحْسَبَنَّهم الذين كفروا سبقوا، فـ " هم " مفعول أول، و " سَبَقوا " في محلِّ الثاني، أو يكون التقدير: لا يَحْسَبنَّ الذين كفروا أنفسَهم سَبَقوا، وهو في المعنى كالذي قبله. وقال قومٌ: بل " أن " الموصولة محذوفة، وهي وما في حيِّزها سادةٌ مَسَدَّ المفعولين، والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أنْ سبقوا، فحذفت " أن " الموصولة وبقيت صلتها كقوله
{ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ }
[الروم: 24]، أي: أن يريكم وقولهم: " تَسْمَعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أن تراه " وقوله:
2434ـ ألا أيُّهذا الزاجري أحضرُ الوغى ................
ويؤيد هذا الوجهَ قراءةُ عبد الله " أنهم سبقوا ". وقال قوم: " بل " سبقوا " في محلِّ نصبٍ على الحال، والسادُّ مَسَدَّ المفعولين " أنهم لا يعجزون " في قراءة مَنْ قرأ بفتح " أنهم " وهو ابن عامر، والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا سابقين أنهم لا يعجزون، وتكون " لا " مزيدةً ليصح المعنى ".

قال الزمخشري بعد ذِكْره هذه الأوجهَ: " وليست هذه القراءةُ التي تَفَرَّد بها حمزةُ بنيِّرة ". وقد رَدَّ عليه جماعةٌ هذا القولَ وقالوا: لم ينفرد بها حمزةُ بل وافقه عليها مِنْ قُرَّاء السبعةِ ابنُ عامر أسنُّ القراءِ وأعلاهم إسناداً، وعاصمٌ في رواية حفص، ثم هي قراءةُ أبي جعفر المدني شيخِ نافع وأبي عبد الرحمن السلمي وابن محيصن وعيسى والأعمش والحسن البصري وأبي رجاء وطلحة وابن أبي ليلى. وقد رَدَّ الشيخ عليه أيضاً أنَّ " لا يحسبَنَّ " واقع على " أنهم لا يُعْجِزون " وتكونُ " لا " صلة بأنه لا يتأتَّى على قراءة حمزة، فإنَّ حمزة يقرأ بكسر الهمزة يعني فكيف تلتئم قراءةُ حمزة على هذا التخريج؟ قلت: هو لم يلتزم التخريج على قراءةِ حمزة في الموضعين: أعني " لا يَحْسَبَنَّ " وقولهم " أنهم لا يعجزون " حتى نُلْزِمه ما ذكر.

وأمَّا قراءةُ الخطاب فواضحةٌ أي: لا تَحْسبَنَّ يا محمدُ أو يا سامعُ، و " الذين كفروا " مفعولٌ أولُ، والثاني " سبقوا " ،
وكان قد تقدَّم في آل عمران وجهٌ: أنه يجوز أن يكون الفاعلُ الموصولَ، وإنما أتى بتاءِ التأنيث لأنه بمعنى القوم كقوله:
{ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ }
[الشعراء: 105]، وتقدَّمَ لك فيه بحثٌ وهو عائدٌ ههنا.

وأمَّا قراءةُ الباقين في النور ففيها ما ذُكِر ههنا إلا الوجهَ الذي فيه تقديرُ " أنْ " الموصولة لتعذُّرِ ذلك، ولكن يَخْلُفُه وجهٌ آخر لا يتأتى ههنا: وهو أن يكون " الذين كفروا " فاعلاً، و " مُعْجزين " مفعول أول و " في الأرض " الثاني. أي: لا تَحْسَبوا أحداً يعجز الله في الأرض أي بقوته. وأمَّا قراءةُ الخطاب فواضحةٌ على ما قدَّمته لك.

وقرأ الأعمش: " ولا يَحْسَبَ الذين كفروا " بفتح الباء. وتخريجها أن الفعلَ مؤكَّد بنون التوكيد الخفيفة، فَحَذَفَها لالتقاء الساكنين، كما يُحْذَفُ له التنوين فهو كقول الآخر:
2435ـ لا تُهينَ الفقير عَلَّكَ أَنْ تَرْ كَعَ يوماً والدهرُ قد رفعهْ
أي: لا تهينَنَّ. ونقل بعضهم: " ولا تحسَبِ الذين " من غير توكيدٍ البتة. وهذه القراءةُ بكسرِ الباء على أصل التقاء الساكنين.

قولهم: { إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ } قرأ ابن عامر بالفتح، والباقون بالكسر.

فالفتح: إمَّا على حَذْفِ لام العلة، أي: لأنهم. واستبعد أبو عبيد وأبو حاتم قراءة ابن عامر. ووجهُ الاستبعادِ أنها تعليل للنهي أي: لا تَحْسَبَنَّهم فائتين لأنهم لا يُعْجزون، أي: لا يقع منك حسبانٌ لقولهم لأنهم لا يُعْجزون، وإمَّا على أنها بدلٌ من مفعول الحسبان.

وقال أبو البقاء: " إنه متعلقٌ بتحسب:/ إمَّا مفعولٌ أو بدلٌ من " سَبَقوا " ،
وعلى كلا الوجهين تكون " لا " زائدةً.​
وهو ضعيفٌ لوجهين: أحدهما: زيادة لا، والثاني: أن مفعول " حَسِب " إذا كان جملةً وكان مفعولاً ثانياً كانت " إنَّ " فيه مكسورة لأنه موضعُ ابتداء وخبر ".
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة العاشرة بعد المائة​

{ وَإِن نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ }

قال ابن الجوزى فى زاد المسير:

{ إنهم لا أَيْمان لهم } أي: لاعهود لهم صادقة
؛ هذا على قراءة من فتح الألف، وهم الأكثرون.

وقرأ ابن عامر: «لا إِيمان لهم» بالكسر؛ وفيها وجهان ذكرهما الزجاج.

أحدهما: أنه وصف لهم بالكفر ونفي الإيمان،

والثاني: لا أمان لهم، تقول: آمنته إيماناً، والمعنى: فقد بطل أمانكم لهم بنقضهم.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير


الجوهرة الحادية عشر بعد المائة
{ وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

وقرأ جمهور الناس: " خُلِّفوا " ، مبنياً للمفعول مشدداً مِنْ خلَّفه يُخَلِّفه. وقرأ أبو مالك كذلك إلا أنه خفف اللام.

وقرأ عكرمة وزر بن حبيش وعمر بن عبيد وعكرمة بن هارون المخزومي ومعاذ القارىء: " خَلَفوا " ، مبنياً للفاعل مخففاً مِنْ خَلَفَه، والمعنى: الذين خلفوا، أي: فَسَدوا، مِنْ خُلوف فم الصائم. ويجوز أن يكون المعنى: أنهم خلفوا الغازين في المدينة.

وقرأ أبو العالية وأبو الجوزاء كذلك إلا أنهم شدَّدا اللام. وقرأ أبو رزين وعلي ابن الحسين وابناه زيد ومحمد الباقر وابنه جعفر الصادق:
" خالفوا " ، بألف، أي: لم يوافقوا الغازين في الخروج. قال الباقر: " ولو خُلِّفوا لم يكن لهم

وقال القرطبي فى تفسيره



قوله تعالى: { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ } قيل: عن التوبة؛ عن مجاهد وأبي مالك. وقال قتادة: عن غزوة تبوك. وحُكي عن محمد بن زيد معنى «خُلِّفُوا» تُركوا؛ لأن معنى خلّفت فلاناً تركته وفارقته قاعداً عما نهضت فيه. وقرأ عكرمة بن خالد «خَلَفوا» أي أقاموا بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورُوي عن جعفر بن محمد أنه قرأ «خالفوا» وقيل: «خُلِّفُوا» أي أرجئوا وأُخّروا عن المنافقين فلم يُقض فيهم بشيء. وذلك أن المنافقين لم تقبل توبتهم، وٱعتذر أقوام فقبل عذرهم، وأخر النبيّ صلى الله عليه وسلم هؤلاء الثلاثة حتى نزل فيهم القرآن. وهذا هو الصحيح لما رواه مسلم والبخارِيّ وغيرهما. واللفظ لمسلم قال كعب: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أُولئك الذين قَبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم وٱستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى اللَّهُ فيه؛ فبذلك قال الله عز وجل: { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ } وليس الذي ذكر الله مما خُلِّفنا تَخَلُّفَنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له وٱعتذر إليه فَقبِل منه. وهذا الحديث فيه طول، هذا آخره.

 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثانية عشر بعد المائة​

{ قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله تعالى: { وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ }: أي:
ولا أَعْلمكم الله به،مِنْ دَرَيْتُ، أي: علمتُ. ويقال: دَرَيْتُ بكذا وأَدْرَيْتك بكذا، أي: أحطت به بطريق الدِّراية، وكذلك في " علمت به " فَتَضَمَّن العلمُ معنى الإِحاطة فتعَدَّى تَعْدِيَتَها.

وقرأ ابنُ كثير ـ بخلاف عن البزي ـ " ولأَدْراكم " بلام داخلة على " أَدْراكم " مثبتاً.
والمعنى:ولأُعْلِمَكم به من غير وساطتي: إمَّا بوساطة مَلَكٍ أو رسولٍ غيري من البشر، ولكنه خَصَّني بهذه الفضيلة
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثالثة عشر بعد المائة​

{ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ }

قال الالوسي فى تفسيره:

{ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ } تصريح بالمطلوب إثر تمهيد المقدمات. والفاء فصيحة أي إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين يريدان بكم ما يريدان
فأزمعوا كيدكم واجعلوه مجمعاً عليه بحيث لا يتخلف عنه منكم أحد وارموا عن قوس واحدة.​


وقرأ الزهري وابن محيصن وأبو عمرو ويعقوب في رواية وأبو حاتم { فَاجمعواْ } بوصل الهمزة وفتح الميم من الجمع، ويعضده قوله تعالى:
{ فَجَمَعَ كَيْدَهُ }
[طه: 60]


وفي الفرق بين جمع وأجمع كلام للعلماء.
قال ابن هشام: إن أجمع يتعلق بالمعاني فقط وجمع مشترك بين المعاني والذوات. وفي «عمدة الحفاظ»
حكاية القول بأن أجمع أكثر ما يقال في المعاني وجمع في الأعيان​
فيقال: أجمعت أمري وجمعت قومي وقد يقال بالعكس. وفي «المحكم» أنه يقال: جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعاً وأجمعه فلم يفرق بينهما، وقال الفراء: إذا أردت جمع المتفرق قلت: جمعت القوم فهم مجموعون وإذا أردت جمع المال قلت جمعت بالتشديد ويجوز تخفيفه والإجماع الإحكام والعزيمة على الشيء ويتعدى بنفسه وبعلى تقول: أجمعت الخروج وأجمعت على الخروج، وقال الأصمعي: يقال جمعت الشيء إذا جئت به من هنا ومن هنا وأجمعته إذا صيرته جميعاً، وقال أبو الهيثم: أجمع أمره أي جعله جميعاً وعزم عليه بعد ما كان متفرقاً وتفرقته أن يقول مرة أفعل كذا ومرة أفعل كذا والجمع أن يجمع شيئاً إلى شيء، وقال الفراء: في هذه الآية على القراءة الأولى أي لا تدعوا شيئاً من كيدكم إلا جئتم به.

وقال القرطبي فى تفسيره:

قوله تعالى: { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ } الإجماع الإحكام والعزم على الشيء. تقول: أجمعت الخروج وعلى الخروج أي عزمت. وقراءة كل الأمصار «فَأَجْمِعُوا»
إلا أبا عمرو فإنه قرأ «فَاجْمَعُوا» بالوصل وفتح الميم. واحتج بقوله: تعالى
{ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ }
[طه: 60].​


قال النحاس وفيما حُكي لي عن محمد بن يزيد أنه قال: يجب على أبي عمرو أن يقرأ بخلاف قراءته هذه، وهي القراءة التي عليها أكثر الناس.
قال: لأنه احتج بـ«ـجمع» وقوله عز وجل: «فجمع كيده» قد ثبت هذا فيبعد أن يكون بعده «فَاجْمَعُوا» ويقرب أن يكون بعده «فَأَجْمِعُوا» أي اعزموا وجدّوا؛ ولما تقدم ذلك وجب أن يكون هذا بخلاف معناه
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الرابعة عشر بعد المائة​

{ قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ }

قال القرطبي فى تفسيره:

قوله تعالى: { إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ } قرأ أبو عمرو «إِنَّ هَذَيْنِ لَسَاحِرَانِ». ورويت عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة؛ وكذلك قرأ الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النَّخَعيّ وغيرهم من التابعين؛ ومن القراء عيسى بن عمر وعاصم الجحدري؛ فيما ذكر النحاس. وهذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف.

وقرأ الزهريّ والخليل بن أحمد والمفضل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم في رواية حفص عنه «إِنْ هَذَانِ» بتخفيف «إن» «لساحران» وابن كثير يشدّد نون «هذانّ». وهذه القراءة سلمت من مخالفة المصحف ومن فساد الإعراب، ويكون معناها ما هذان إلا ساحران.

وقرأ المدنيون والكوفيون «إنَّ هَذَانِ» بتشديد «إنّ» «لساحران» فوافقوا المصحف وخالفوا الإعراب. قال النحاس: فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة عن الأئمة، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ «إِنْ هذانِ إِلاّ ساحِرَانِ» وقال الكسائي في قراءة عبد الله: «إِنْ هَذَانِ سَاحِرَانِ» بغير لام؛ وقال الفراء في حرف أبيّ «إِنْ ذَانِ إِلاَّ سَاحِرَانِ» فهذه ثلاث قراءات أخرى تحمل على التفسير لا أنها جائز أن يقرأ بها لمخالفتها المصحف.

قلت: وللعلماء في قراءة أهل المدينة والكوفة ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الردّ له
، والنحاس في إعرابه، والمهدوي في تفسيره، وغيرهم أدخل كلام بعضهم في بعض. وقد خطأهم قوم حتى قال أبو عمرو: إني لأستحي من الله تعالى أن أقرأ «إِنَّ هَذَانِ»: وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن قوله تعالى:
{ لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ }
[النساء: 162] ثم قال: «والمقِيمِين» وفي «المائدة»
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ والصَّابِئُونَ }
[البقرة: 62] و«إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ» فقالت: يا ابن أختيٰ هذا خطأ من الكاتب. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: في المصحف لحن وستقيمه العرب بألسنتهم. وقال أبان بن عثمان: قرأت هذه الآية عند أبي عثمان بن عفان، فقال: لحن وخطأ؛ فقال له قائل: ألا تغيِّروه؟ فقال: دَعُوه فإنه لا يحرّم حلالاً ولا يحلّل حراماً.

القول الأول من الأقوال الستة أَنها لغة بني الحرث بن كعب وزَبيد وخَثْعم وكنانة بن زيد يجعلون رفع الاثنين ونصبه وخفضه بالألف؛ يقولون: جاء الزيدان ورأيت الزيدان ومررت بالزيدان، ومنه قوله تعالى:

{ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ }
[يونس: 16] على ما تقدّم. وأنشد الفراء لرجل من بني أسد ـ قال: وما رأيت أفصح منه:
فأَطرقَ إطراقَ الشُّجاعِ ولو يَرَى مَساغاً لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا
ويقولون: كسرت يداه وركبت عَلاَه؛ بمعنى يديه وعليه؛ قال شاعرهم:
تَزوَّدَ مِنّا بين أُذْنَاه ضَرْبَةً دعته إلى هابِي التُّرابِ عَقِيم
وقال آخر:
طَارُوا عَلاَهُنَّ فَطِرْ عَلاَهَا
أي عليهنّ وعليها وقال آخر:
إنّ أَبَاهَا وأَبَا أباهَا قد بَلَغَا في المجدِ غايتاها
أي إن أبا أبيها وغايتيها. قال أبو جعفر النحاس: وهذا القول من أحسن ما حملت عليه الآية؛ إذ كانت هذه اللغة معروفة، وقد حكاها من يرتضى بعلمه وأمانته؛ منهم أبو زيد الأنصاري، وهو الذي يقول: إذا قال سيبويه حدّثني من أثق به فإنما يعنيني؛ وأبو الخطاب الأخفش وهو رئيس من رؤساء اللغة، والكسائي والفراء كلهم قالوا هذا على لغة بني الحارث بن كعب. وحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب أن هذه لغة بني كنانة. المهدوي: وحكى غيره أنها لغة لخثعم. قال النحاس ومن أبين ما في هذا قول سيبويه: واعلم أنك إذا ثنيت الواحد زدت عليه زائدتين، الأولى منهما حرف مدّ ولين وهو حرف الإعراب؛ قال أبو جعفر فقول سيبويه: وهو حرف الإعراب، يوجب أن الأصل ألا يتغير، فيكون «إِنَّ هَذَانِ» جاء على أصله ليعلم ذلك، وقد قال تعالى:
{ ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ }
[المجادلة: 19] ولم يقل استحاذ؛ فجاء هذا ليدل على الأصل، وكذلك { إِنْ هَـٰذَانِ } ولا يفكر في إنكار من أنكر هذه اللغة إذْ كان الأئمة قد رووها.

القول الثاني: أن يكون «إنّ» بمعنى نعم؛ كما حكى الكسائي عن عاصم قال: العرب تأتي بـ«ـإنّ» بمعنى نعم، وحكى سيبويه أن «إنّ» تأتي بمعنى أَجَلْ، وإلى هذا القول كان محمد بن يزيد، وإسماعيل بن إسحاق القاضي يذهبان؛ قال النحاس: ورأيت أبا إسحاق الزجاج وعلي بن سليمان يذهبان إليه. الزمخشري: وقد أعجب به أبو إسحاق. النحاس: وحدّثنا عليّ بن سليمان، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام النيسابوريّ، ثم لقيت عبد الله بن أحمد (هذا) فحدّثني، قال: حدّثني عمير بن المتوكل، قال: حدّثنا محمد بن موسى النوفلي من ولد حارث بن عبد المطلب، قال: حدّثنا عمرو بن جميع الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عليّ ـ وهو ابن الحسين ـ عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، قال: لا أحصي كم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على منبره: " إنَّ الحمدُ لله نحمده ونستعينه " ثم يقول: " أنا أفصح قريش كلها وأفصحها بعدي أبان بن سعيد بن العاص "

قال أبو محمد الخفاف قال عمير: إعرابه عند أهل العربية والنحو «إنَّ الحمد لله» بالنصب إلا أن العرب تجعل «إن» في معنى نعم، كأنه أراد صلى الله عليه وسلم نعم الحمد لله؛ وذلك أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح خطبها بنعم. وقال الشاعر في معنى نعم:
قالوا غَدَرْتَ فقلتُ إنّ وربَّمَا نَالَ العُلاَ وشَفَى الغَليلَ الغادِرُ
وقال عبد الله بن قيس الرُّقيات:
بَكَرَ العواذلُ في الصَّبا حِ يَلُمْنَني وأَلُومُهُنَّهْ
ويَقلْنَ شيبٌ قد عَلاَ كَ وقد كَبِرتَ فقلتُ إنَّهْ
فعلى هذا جائز أن يكون قول الله عز وجل: «إِنَّ هَذَانَ لَسَاحِرَانِ» بمعنى نعم ولا تنصب. قال النحاس: أنشدني داود بن الهيثم، قال أنشدني ثعلب:
ليت شعري هل للمحبِّ شفاء من جَوَى حبّهن إنَّ اللقاءُ
قال النحاس: وهذا قول حسن إلا أن فيه شيئاً لأنه إنما يقال: نعم زيد خارج، ولا تكاد تقع اللام هاهنا، وإن كان النحويون قد تكلموا في ذلك فقالوا: اللام ينوى بها التقديم؛ كما قال:
خالِي لأنتَ ومَنْ جريرٌ خالُه يَنلِ العَلاَء ويُكْرِم الأَخوالاَ
قال آخر:
أُمُّ الْحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ تَرْضَى من الشَّاةِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
أي لخالي ولأمّ الحليس؛ وقال الزجاج: والمعنى في الآية إن هذان لهما ساحران ثم حذف المبتدأ. المهدوي: وأنكره أبو عليّ وأبو الفتح بن جنيّ. قال أبو الفتح: «هما» المحذوف لم يحذف إلا بعد أن عُرِف، وإذا كان معروفاً فقد استغنى بمعرفته عن تأكيده باللام، ويقبح أن تحذف المؤكَّد وتترك المؤكِّد.

القول الثالث قاله الفراء أيضاً: وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل، فزدت عليها نوناً ولم أغيرها، كما قلت: «الذي» ثم زدت عليه نوناً فقلت: جاءني الذين عندك، ورأيت الذين عندك، ومررت بالذين عندك.

القول الرابع قاله بعض الكوفيين؛ قال: الألف في «هذان» مشبهة بالألف في يفعلان؛ فلم تغير.

القول الخامس: قال أبو إسحاق: النحويون القدماء يقولون الهاء هاهنا مضمرة، والمعنى: إنه هذان لساحران؛ قال ابن الأنباري: فأضمرت الهاء التي هي منصوب «إن» و«هذان» خبر «إن» و«ساحران» يرفعها «هما» المضمر (والتقدير) إنه هذان لهما ساحران. والأشبه عند أصحاب أهل هذا الجواب أن الهاء اسم «إن» و«هذان» رفع بالابتداء وما بعده خبر الابتداء.

القول السادس: قال أبو جعفر النحاس وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية، فقال: إن شئت أجبتك بجواب النحويين، وإن شئت أجبتك بقولي؛ فقلت: بقولك؛ فقال: سألني إسماعيل بن إسحاق عنها فقلت: القول عندي أنه لما كان يقال «هذا» في موضع الرفع والنصب والخفض على حال واحدة، وكانت التثنية يجب ألا يغير لها الواحد، أجريت التثنية مجرى الواحد؛ فقال: ما أحسن هذا لو تقدمك أحد بالقول به حتى يؤنس به؛ قال ابن كيسان: فقلت له: فيقول القاضي به حتى يؤنس به؛ فتبسم.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الخامسة عشر بعد المائة​

{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّٱقْضُوۤاْإِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله: { ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ } مفعول " اقضوا " محذوف، أي: اقضُوا إليَّ ذلك الأمر/ الذي تريدون إيقاعه كقوله:
{ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ }
[الحجر: 66] فعدَّاه لمفعولٍ صريح.
وقرأ السَّرِيُّ " ثم أفْضُوا " بقطع الهمزة والفاء، مِنْ أفضىٰ يُفْضي إذا انتهىٰ​

، يقال: أَفْضَيْتُ إليك، قال تعالىٰ:
{ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ }
[النساء: 21] فالمعنىٰ: ثم افضُوا إلى سِرِّكم، أي: انتهوا به إليَّ.
وقيل: معناه: أَسْرِعوا به إليَّ. وقيل: هو مِنْ أفضى، أي: خَرَج إلى الفضاء،​
أي: فأصحِروا به إليَّ، وأَبْرِزوه لي كقوله:
2615 ـ أبىٰ الضيمَ والنعمانُ يَحْرِقُ نابَه عليه فأَفْضَىٰ والسيوفُ مَعاقِلُهْ
ولامُ الفضاءِ واوٌ؛ لأنه مِنْ فَضَا يَفْضُو، أي: اتَّسَع. وقوله: " لا تُنْظِرون " ، أي: لا تُؤَخِّرون من النَّظِرة وهي التأخير.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السادسة عشر بعد المائة​

{ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى }

قال القرطبي فى تفسيره:

وقرأ الحسن وقتادة وعيسى بن عمر وابن محيصن وعاصم الجَحْدري وابن كثير فيما روى شبل عنه
«لاَ يُضِلُّ» بضم الياء على معنى لا يُضيعه ربّي ولا ينساه.​
قال ابن عرفة: الضلالة عند العرب سلوك سبيل غير القصد؛ يقال: ضلَّ عن الطريق، وأضل الشيء إذا أضاعه. ومنه قرأ من قرأ «لاَ يُضِلُّ رَبِّي» أي لا يُضيع؛ هذا مذهب العرب.

ملحوظة

ذكرنا الاية فى موضوع اثر الوقف فى كتاب الله على المعنى فليراجع
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السابعة عشر بعد المائة​

{ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله: { فَيَحِلُّ }: قرأ العامة " فيحِلُّ " بكسر الحاء، واللام من " يَحْلِلْ ". والكسائيُّ في آخرين بضمِّهما، وابن عتيبة وافق العامَّةَ في الحاء، والكسائيَّ في اللام.
فقراءةُ العامَّةِ مِنْ حَلَّ عليه كذا أي: وَجَبَ​
، مِنْ حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ أي: وَجَبَ قضاؤُه. ومنه قولُه:
{ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ }
[البقرة: 196] ومنه أيضاً
{ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }
[الزمر: 40].
وقراءةُ الكسائي مِنْ حَلَّ يَحُلُّ أي: نَزَل​
، ومنه
{ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ }
[الرعد: 31].


 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثامنة عشر بعد المائة
{ قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ }

قال القرطبي فى تفسيره:

{ قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } بفتح الميم، وهي قراءة نافع وعاصم وعيسى بن عمر. قال مجاهد والسدي: ومعناه بطاقتنا. ابن زيد: لم نملك أنفسنا أي كنا مضطرين.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «بِمِلْكِنَا» بكسر الميم. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم؛ لأنها اللغة العالية. وهو مصدر ملكت الشيء أملكه ملْكا. والمصدر مضاف إلى الفاعل والمفعول محذوف؛ كأنه قال:
بمِلْكنا الصواب بل أخطأنا فهو اعتراف منهم بالخطأ.

وقرأ حمزة والكسائي «بِمُلْكنا» بضم الميم والمعنى
بسلطاننا. أي لم يكن لنا مُلك فنخلف موعدك. ثم قيل قوله: «قَالُوا» عام يراد به الخاص؛ أي قال الذين ثبتوا على طاعة الله إلى أن يرجع إليهم من الطور: { مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } وكانوا اثني عشر ألفا، وكان جميع بني إسرائيل ستمائة ألف. { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ } بضم الحاء وتشديد الميم مكسورة؛ قرأه نافع وابن كثير وابن عامر وحفص ورويس.الباقون بفتح الحرفين خفيفة. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم؛ لأنهم حملوا حُلي القوم معهم وما حملوه كرهاً
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع